شهدت قضية توقيف الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي, في لبنان, موجة واسعة من التضامن المحلي والدولي، حيث أعربت شخصيات بارزة ومنظمات حقوقية عن استنكارها للاعتقال، مع دعوات حثيثة للإفراج عنه ومنع ترحيله إلى مصر أو الإمارات.

وكانت السلطات اللبنانية قد أوقفت القرضاوي، وهو ابن العلامة الراحل يوسف القرضاوي، في 28 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بناءً على مذكرة تعاون أمني مع مصر، كما وردت تقارير عن طلب إماراتي بتسليمه بتهمة "زعزعة الأمن".



وعرف القرضاوي، بشعره ونشاطه السياسي ضد الأنظمة القمعية، فيما صدر ضدّه حكم غيابي بالسجن في مصر خلال عام 2017، وذلك في إطار اتهامات سياسية طالت العديد من معارضي النظام. وهو ما أثار، آنذاك، موجة استنكار دولية، خاصة وأن تسليمه لأي من البلدين قد يضعه في مواجهة خطر التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.


وتقدم النائب السابق في البرلمان المصري، حاتم عزام، بشكوى عاجلة، إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان، ڤولكر تورك، مطالبًا بالتدخل للإفراج عن القرضاوي استنادًا إلى التزامات لبنان الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب.

وأكد عزام، في شكواه، أن القضية تحمل أبعادًا سياسية واضحة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن الطلب الإماراتي، مثل سابقه المصري، يفتقر إلى أي أسس قانونية ويهدف إلى استهداف الشاعر بسبب مواقفه المعارضة.

تقدمت امس الاربعاء 1 يناير 2025 بطلب
عاجل مقدم إلي السيد ڤولكر تورك - المفوض السامي لشؤون حقوق الأمم المتحدة بچينيف للتدخل العاجل لدي السلطات اللبنانية بموجب توقيعها و التزامها بالاتفاقية الدولية للأمم المتحدة لمكافحة التعذيب لإطلاق سراح الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي و ذلك… pic.twitter.com/ORZIdVHeyV — Dr. Hatem Azzam (@hatemazzam) January 2, 2025
في السياق ذاته، أدانت منظمة "سيدار للدراسات القانونية" احتجاز القرضاوي، واصفة الإجراء بأنه "قمع عابر للحدود" يهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة. كما أصدرت المنصة العالمية للدفاع عن حقوق الإنسان، بيانًا، شديد اللّهجة استنكرت فيه الاعتقال، وطالبت السلطات اللبنانية بإطلاق سراح القرضاوي فورًا وضمان عودته الآمنة إلى تركيا.

يُعرب مركز سيدار للدارسات القانونية عن إدانته الشديدة لاحتجاز الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي من قبل السلطات اللبنانية منذ 28 ديسمبر 2024 بناءً على مذكرة تعاون أمني مع السلطات المصرية. هذا الإجراء يعد مثالًا صارخًا لممارسات القمع العابرة للحدود، ويهدد عبد الرحمن بخطر التعذيب — Cedar Centre for Legal Studies (@CedarCentreLS) January 2, 2025
على المستوى الإعلامي، أشار أسامة جاويش إلى وجود ضغوط تركية على لبنان لمنع تسليم القرضاوي، وهو ما يعكس تعقيدات القضية في ظل الصراعات الإقليمية والسياسية؛ فيما دعت عائلة القرضاوي الناشطين والصحفيين والمنظمات الحقوقية إلى التحرك لدعم جهود الإفراج عنه، مؤكدة أنه يواجه خطرًا حقيقيًا إذا تم تسليمه.

أسامة جاويش: ضغط تركي قوي على لبنان لتسليم عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى أنقرة! pic.twitter.com/XqcOX73Tsq — قنــــاة مكملين - الرسمية (@MekameleenMk) January 2, 2025
أفراد ومنظمات تعبر عن ادانتها الشديدة لاحتجاز الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي من قبل السلطات اللبنانية منذ ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٤ بناءً على مذكرة تعاون أمني مع السلطات المصرية. وتعتبر هذا الإجراء مثالًا صارخًا على ممارسات القمع العابرة للحدود، التي تُستخدم بشكل منهجي لإسكات الأصوات… pic.twitter.com/tHQg36fsNZ — Access Center for Human Rights (ACHR) (@ACHRights) January 2, 2025
إلى ذلك، تُبرز هذه القضية جانبًا يوصف بـ"الخطير" من استغلال التعاون الأمني الدولي لاستهداف المعارضين السياسيين، وهي ممارسة تتنافى مع القوانين الدولية. لبنان، بوصفه طرفًا في اتفاقية مناهضة التعذيب، مُلزم بعدم تسليم أي شخص إلى دولة قد يتعرض فيها لخطر التعذيب أو سوء المعاملة.

ومع وجود سجل موثق لانتهاكات حقوق الإنسان في السجون المصرية والإماراتية، فإن تسليم القرضاوي سيشكل انتهاكًا صارخًا لهذه الالتزامات. بحسب المنظمات الحقوقية.

نحن في المنصة العالمية للدفاع عن حقوق الإنسان في شبكة الرواد الإلكترونية نعبّر عن استنكارنا الشديد للاحتجاز التعسفي لابن الشيخ يوسف القرضاوي عبد الرحمن القرضاوي في لبنان.#الحرية_لعبد_الرحمن_القرضاوي#المنصة_العالمية_للدفاع_عن_حقوق_الإنسان#شبكة_الرواد_الإلكترونة pic.twitter.com/tFkeF9oS08 — محمد الصوفي (@MAlswfy5643) January 2, 2025
جراء ذلك، بات التضامن الدولي مع القرضاوي يعكس رفضًا واضحًا لهذه الممارسات، ويضع السلطات اللبنانية أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية. ومع تزايد الضغوط من شخصيات ومنظمات حقوقية، يبقى الأمل معقودًا على تدخل عاجل يضمن الإفراج عن القرضاوي وحمايته من أي مخاطر تهدد سلامته.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات عبد الرحمن يوسف القرضاوي التضامن ترحيله ترحيل القرضاوي تضامن عبد الرحمن يوسف المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطات اللبنانیة حقوق الإنسان pic twitter com

إقرأ أيضاً:

عبد الرحمن يوسف.. الشاعر الثائر بأمر الله

ليلة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2011 التي تمكن فيها المصريون من كسر حاجز الخوف، ووصلت مظاهراتهم إلى ميدان التحرير مؤذنة ببدء أيام ثورة يناير، كان الشاعر عبد الرحمن يوسف (القرضاوي) بين المتظاهرين الذين قرروا الاعتصام في الميدان ليلا. وقد أعد المعتصمون سريعا إذاعة بدائية عبر تجميع عدة مكبرات صوت، ورفعها على أحد أعمدة الميدان، وكان الصوت الأول الذي افتتحها هو عبد الرحمن يوسف (هنا إذاعة التغيير من ميدان التحرير).. كانت لحظة حالمة بالنسبة لكل المعتصمين، لكنها لم تستمر طويلا إذ سرعان ما تدخلت قوات الشرطة المصرية بعد منتصف الليل لفض الميدان بالقوة، وعبر إطلاق قنابل الغاز التي كان الكثيرون يستنشقونها لأول مرة، ولم يقووا على تحملها.

علاقة عبد الرحمن بثورة يناير لم تبدأ تلك الليلة، فهو شاعر الثورة الذي ساهم مع غيره من الشعراء والأدباء والكتاب في التمهيد لها، وقد كانت قصيدته في هجاء حسني مبارك عام 2007 بعنوان "الهاتك بأمر الله" إحدى القصائد الملهمة للثورة المصرية (النص في آخر المقال)، وقد شارك في تأسيس حركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير أيضا.

فُتن عبد الرحمن في 30 حزيران/ يونيو 2013 فانحاز لها، وكتب بعد 4 أيام من الانقلاب (يوم 7 تموز/ يوليو 2013) مقالا بعنوان "عفوا أبى الحبيب.. مرسى لا شرعية له"، لكنه سرعان ما راجع موقفه، وأعلن رفضه للانقلاب، وشارك في تحركات مناهضة له من قلب القاهرة، ومنها بيان القاهرة (حزيران/ يونيو 2014) الذي شارك فيه مع رموز وطنية مصرية أخرى مثل السفير الراحل إبراهيم يسري، والدكتور سيف الدين عبد الفتاح، حديثه أزعج عواصم تلك الثورة المضادة، التي ظنت أنها قد أخرست كل الأصوات بسيفها أو ذهبها. لم يكن عبد الرحمن حين تحدث يخشى سيفها، ولا يطمح في ذهبها، فقال ما رآه واجبا تجاه أشقائه السوريين. وترصدت له تلك العواصم في طريق عودته برا من سوريا إلى لبنانوالذي دعا إلى استعادة الثقة بين شركاء الثورة لاستكمال مسارها، ومواجهة الثورة المضادة عبر حراك شعبي. كما شارك عقب خروجه من مصر في التحركات الخارجية ضد نظام السيسي، ومن ذلك المشاركة في تأسيس الجبهة الوطنية المصرية، وبيان فبراير.. الخ.

تعامل عبد الرحمن مع الربيع العربي ككل لا يتجزأ، فساند كل ثورات موجته الأولى في سوريا، وليبيا، واليمن، ومن قبل ذلك تونس، كما ساند موجته الثانية، ولذا لم يكن غريبا أنه لم يستطع الصبر كثيرا حين انتصرت الثورة السورية بعد 13 عاما من الحراك الثوري والمواجهة المسلحة، ولم ينتظر حتى تستقر الأمور في سوريا، أو حتى تبدأ حركة الطيران، فسافر على الفور من تركيا إلى لبنان، ومنها إلى سوريا برا، ليعبر من فوق ترابها عن اعتزازه بتلك الثورة، وليحذرها من المؤامرات التي تنتظرها، والتي واجهت من قبل ثورته الأم في مصر.

لكن حديثه أزعج عواصم تلك الثورة المضادة، التي ظنت أنها قد أخرست كل الأصوات بسيفها أو ذهبها. لم يكن عبد الرحمن حين تحدث يخشى سيفها، ولا يطمح في ذهبها، فقال ما رآه واجبا تجاه أشقائه السوريين. وترصدت له تلك العواصم في طريق عودته برا من سوريا إلى لبنان، فألقت القبض عليه عبر وكلائها المحليين، بدعوى وجود مذكرات توقيف من الانتربول العربي بناء على طلب مصر والإمارات.

أمام الضغوط المصرية الإماراتية أحالته السلطات اللبنانية للتحقيق، وقدم محاميه دفوعا قوية ضد هذا التوقيف، الذي يخالف القانون اللبناني، كما يخالف المواثيق الدولية، لكن سلطة التحقيق رفعت الملف إلى مجلس الوزراء مصحوبا بتوصية بتسليمه للإمارات، رغم أنه لا يحمل جنسيتها ولم يرتكب جرما على أرضها، ولا يوجد اتفاقيات تبادل بين الدولتين، ومن المقرر أن يبت مجلس الوزراء اللبناني في طلب التسليم في جلسته المقبلة.

بغض النظر عن نوع القرار المرتقب لمجلس الوزراء اللبناني، فإن السلطات اللبنانية ارتكبت حماقة كبيرة بهذا التصرف، وأساءت إلى لبنان قبل غيره، فلبنان يفاخر بأنه الدولة العربية الأكثر تمتعا بالحرية، والأكثر احتراما لحقوق الإنسان. وقد نصت المادة 34 من قانون العقوبات اللبناني على منع تسليم معارضين للبلد طالب الاسترداد في حال وجود خوف من تعرضه لخطر أو تعذيب، وهو ما تكرر في اتفاقية الرياض للتعاون القضائي. وهذه الاتفاقية تنص في مادتها 41 على استثناء الجرائم ذات الطابع السياسي من التعاون القضائي بين الدول العربية، كما نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 14 على عدم تسليم الأشخاص إلى دول قد يتعرضون فيها للاضطهاد.

مع تصاعد التضامن الحقوقي والسياسي والإعلامي مع عبد الرحمن يوسف فإننا نتمنى على السلطات اللبنانية الاحتكام إلى القانون المحلي والدولي، وعدم الرضوخ للضغوط الإماراتية، والتي سيكون لها تأثيرات سلبية على الوضع اللبناني وسمعته في كل مكان.

نتمنى على السلطات اللبنانية الاحتكام إلى القانون المحلي والدولي، وعدم الرضوخ للضغوط الإماراتية، والتي سيكون لها تأثيرات سلبية على الوضع اللبناني وسمعته في كل مكان
فيما يلي قصيدة الشاعر عبد الرحمن يوسف في مواجهة حسني مبارك خلال معركة التعديلات الدستورية التي أراد بها فتح المجال أمام نجله عام 2007، وكانت القصيدة بعنوان "يا من لعرضي هتك":

يا لمن عرضي هتك .. فقدت شرعيتك
من ربع قرن كئيب لعنتها طلعتك
أموالنا لك حل .. فاملأ بها جعبتك
خلف الحراسة دوما مستعرضا قوتك
تبدي مظاهر عز .. تخفي بها ذلتك
سلاح جيشك درع .. تحمي به عصبتك
مع العدو كليل .. لكن بشعبي فتك
سواد قلبك بادي .. فاصبغ به شيبتك
يأتيك دعو عدوي .. فاصلب به قامتك
سجدت للغرب دوما .. مستبدلا قبلتك
بأدمعي ودمائي .. كتبتها قصتك
خذلت كل شريف .. حتى غدت لذتك
وكل أبناء شعبي .. قد شاهدت قسوتك
وكم منحت لصوصا .. يا قاسيا رحمتك
تعطي لنسلك أرضي .. ممارسا سلطتك
كأن أرض جدودي .. قد أصبحت ضيعتك
لا شك موتك يأتي .. مستأصلا شأفتك
يوم الحساب قريب .. ترى به خيبتك
يوم المنصة حق .. فخذ به عبرتك
هذي الجموع يقينا ما جددت بيعتك

x.com/kotbelaraby

مقالات مشابهة

  • عبد الرحمن يوسف.. الشاعر الثائر بأمر الله
  • محامي القرضاوي: لبنان يسرّع النظر في ملف تسليمه إلى الإمارات (شاهد)
  • تحركات دبلوماسية وحقوقية لمنع ترحيل “القرضاوي” إلى مصر أو الإمارات
  • إجراءات مريبة في لبنان | محامي “القرضاوي” يحذر من خطورة تسليمه للإمارات.. ماذا يحدث؟
  • إجراءات مريبة في لبنان | محامي القرضاوي يحذر من خطورة تسليمه للإمارات.. ماذا يحدث؟
  • لبنان يتسلّم ملفيّ استرداد من مصر والإمارات لنجل القرضاوي  
  • لماذا أوقف لبنان عبدالرحمن القرضاوي وما مصير قضيته؟
  • تطورات جديدة | أول رد من عبد الرحمن القرضاوي على اتهامات الإمارات.. و 5 مطالب للدفاع
  • لبنان يتسلّم ملف استرداد نجل القرضاوي من مصر والإمارات