لغز إدارة الديون في الجامعات الأردنية: بين النجاح الباهر والإخفاق المدوي
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
#سواليف
لغز إدارة #الديون في #الجامعات_الأردنية: بين #النجاح_الباهر و #الإخفاق_المدوي
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
يا لها من مفارقة تُثير الدهشة وتطرح ألف سؤال! كيف استطاعت الجامعة الأردنية أن تحقق إنجازًا فريدًا بانخفاض مديونيتها من 27 مليون دينار إلى 3 ملايين فقط؟ هذا التحول المذهل يضعنا أمام معضلة لفهم السر الكامن وراء هذا النجاح: هل يعود ذلك إلى إدارة حكيمة ورؤية استراتيجية ثاقبة؟ أم أن هناك عوامل خفية وسرية ساهمت في تحقيق هذا الإنجاز؟ في المقابل، نجد جامعات أخرى قد غرقت في ديونها التي تتزايد بشكل مأساوي، دون أن يظهر أي أفق للحل.
ما يثير الأسف هو أن إدارات هذه الجامعات، بدلًا من مواجهة التحديات، تُغرق نفسها في مظاهر استعراضية. تجد رؤساء هذه الجامعات منشغلين بتوقيع مذكرات تعاون، واستقبال الوفود، وتنظيم احتفالات شكلية لا تُسمن ولا تُغني من جوع، ولا تعكس أي تحسن فعلي في أداء جامعاتهم. هذه “الإنجازات” الوهمية تُصدَّر لنا يوميًا عبر وسائل الإعلام، بينما الواقع يقول إن ديون هذه الجامعات تتضاعف ومستقبلها يزداد ظلامًا.
مقالات ذات صلة إلغاء قبول 30 طالبا جديدا تبيّن حصولهم على ثانويات عامة تركية “مزورة” 2025/01/03وفي وسط هذا العبث، نجد إدارات جامعية قد اختارت أن تتخذ مسارًا أكثر خطورة، وهو البحث عن حلول ترقيعية لأزمة المديونية على حساب الحقوق المكتسبة لأعضاء هيئة التدريس. من تقليص الميزانيات المخصصة للبحث العلمي، وتأخير صرف العلاوات، إلى فرض قيود مالية متزايدة، تسعى هذه الإدارات لتحميل الأكاديميين تكلفة إخفاقاتها الإدارية. بل أكثر من ذلك، فإن بعض هذه الإدارات تُشغل أعضاء هيئة التدريس بقضايا ثانوية، وتنظيم أنشطة لا طائل منها، لتحويل الأنظار عن الفشل الإداري والمالي الذي تعانيه.
وإذا أضفنا إلى هذه الممارسات العدائية تجاه الكفاءات الأكاديمية، نرى بيئة جامعية تُحارب المتميزين، وتُكرس الفساد عبر الواسطة والمحسوبية. تحت شعارات زائفة مثل “تمكين المرأة” و”تشجيع الشباب”، يتم تبرير تعيينات مشبوهة، وإقصاء الأكاديميين الأكفاء الذين كان بإمكانهم الإسهام في إنقاذ هذه الجامعات من أزماتها. هذا التوجه ليس سوى تعزيز للفساد المؤسسي على حساب بناء جامعات تكون منارات للعلم والمعرفة.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل نجد أن البحث العلمي، الذي يُفترض أن يكون قلب العمل الجامعي وروحه، يعاني من تهميش وإهمال متعمد. إدارات بعض الجامعات وضعت قيودًا وشروطًا تعجيزية على تعليمات البحث العلمي والمشاركة في المؤتمرات العلمية، مما أوجد بيئة مناهضة للابتكار والإبداع الأكاديمي. هذه البيئة العدائية جعلت من البحث العلمي عبئًا بدلًا من أن يكون محركًا للتنمية والتقدم. لا يمكن لأي جامعة أن تنهض أو تُحقق التميز إذا كانت ترى البحث العلمي كترفٍ يمكن الاستغناء عنه، وليس كضرورة أساسية لتطورها.
في المقابل، يأتي نجاح الجامعة الأردنية كضوء في نهاية النفق. هذا النجاح يضعنا أمام تساؤل مشروع: هل يعود ذلك إلى إدارة واعية تضع الأولويات الصحيحة؟ أم أن هناك أسرارًا لم تُكشف بعد؟ في جميع الأحوال، فإن هذا النموذج يثبت أن الإدارة الناجحة ليست مجرد شعارات أو صور في الإعلام، بل هي أفعال ملموسة تُحدث فرقًا حقيقيًا.
إن مستقبل التعليم العالي في الأردن يقف عند مفترق طرق. إذا استمرت بعض الجامعات في السير على نهج الاستعراض الإعلامي، والانشغال بالصغائر، وتهميش البحث العلمي، ومحاربة الكفاءات، فلن يكون هناك أمل في تحسين أوضاعها. الحل يبدأ من الاعتراف بأن الإدارة الجامعية هي مسؤولية كبيرة تتطلب الشفافية، والكفاءة، والالتزام الحقيقي بخدمة الجامعة والمجتمع، وليس البحث عن الأضواء والاحتفالات الفارغة.
الوقت قد حان لمساءلة إدارات الجامعات التي جعلت من الفشل عنوانًا، ولإعادة توجيه المسار نحو بناء جامعات تُسهم في التنمية الوطنية وتُحقق رسالتها الحقيقية في خدمة العلم والمجتمع.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الديون الجامعات الأردنية النجاح الباهر هذه الجامعات البحث العلمی
إقرأ أيضاً:
توقيع مذكرة تفاهم بين أكاديمية البحث العلمي وبحوث علوم التراث الأوروبية
نظمت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، اليوم، بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، المؤتمر الدولي "ربط علوم التراث بتراث العلوم" بالشراكة مع مؤسسات وطنية ودولية رائدة، والذي تستمر فعالياته في الفترة 6-9 إبريل 2025.
توقيع مذكرة تفاهم بين أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا (مصر) والبنية التحتية الأوروبيةوتم خلال افتتاح المؤتمر توقيع مذكرة تفاهم بين أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا (مصر) والبنية التحتية الأوروبية لبحوث علوم التراث (E-RIHS) كخطوة محورية لمصر لعضوية مصر من خلال إنشاء اللجنة المصرية الوطنية للبنية التحتية الأوروبية لأبحاث علوم التراث (E-RIHS مصر). لتعزير الشراكات البحثية والأكاديمية في مجال علوم التراث كأحد العلوم البينية الحديثة والتي ستساعد الباحثين والعاملين في مؤسسات التراث في إجراء البحوث المتقدمة باستخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة ورفع كفاءتهم من خلال البرامج التدريبية المشتركة.
يأتي المؤتمر في إطار التعاون العلمي بين قطاع البحث الأكاديمي بالمكتبة والشبكة القومية لمتاحف ومراكز العلوم (Sci-Her)، بجامعة عين شمس بالتعاون مع البنية التحتية الأوروبية لبحوث علوم التراث (E-RIHS)، والتحالف الأوروبي لبحوث التراث الثقافي في (ARCHE)، والسحابة الرقمية الأوروبية لعلوم التراث (ECHOES)، بالاتحاد الأوروبي، واللجنة الوطنية السلوفينية للبنية التحتية الأوروبية لعلوم التراث (E-RIHS.si)، والمنصة السلوفينية-المصرية لعلوم التراث (SloveNile)، وجامعة سنجور، وكرسي اليونسكو للعلوم والتكنولوجيا من أجل التراث الثقافي، بجامعة القاهرة.
سيتيح هذا المؤتمر فرصة للمؤسسات الوطنية والعربية والأفريقية المعنية بالتراث الثقافي للتعاون مع نظرائهم من خلال المبادرات البحثية الكبرى في الاتحاد الأوروبي والبُنى التحتية المعنية بالتراث الثقافي، بهدف تعزيز الحوار في مجال حفظ ودراسة التراث الثقافي، وبناء شراكة استراتيجية مستدامة في مجال علوم التراث.كما يهدف المؤتمر إلى استعراض ومناقشة تاريخ وتراث العلوم في الحضارات المصرية، بدءًا من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، بالإضافة إلى تسليط الضوء على دور البُنى التحتية البحثية والابتكارات العلمية في مجال إدارة التراث الثقافي. وسيُبرز المؤتمر أهمية التعاون الوطني والإقليمي والدولي في كيفية حفظ واستدامة التراث الثقافي. والجدير بالذكر أنه تم دعوة عدد من مؤسسات التراث الدولية مثل منظمة الإيكروم والإيسسكو ونخبة من العلماء المصريين والأجانب لجلسات المؤتمر، وسيتم خلال المؤتمر مناقشة ما يقرب من أربعين ورقة بحثية، تتناول مختلف مجالات علوم التراث وتراث العلوم، مع التركيز على ربطها بالماضي من خلال استكشاف التطورات العلمية والتقنيات الحديثة المستخدمة في دراسة وصون التراث الثقافي. وعلى هامش المؤتمر، سيتم عقد ورشة عمل من تنظيم متحف ومركز المخطوطات بقطاع التواصل الثقافي، والبنية التحتية الأوروبية للبحث في علوم التراث-اللجنة السلوفينية (E-RIHS Si)، والشبكة القومية لمتاحف ومراكز العلوم Sci-Her بجامعة عين شمس، والمنصة السلوفينية-المصرية لعلوم التراث(SloveNile) ، وهي ورشة متخصصة للمرممين المختصين بصيانة التراث الأرشيفي.