قالت دار الإفتاء المصرية إن الأحاديث الواردة في صيام شهر رجب وإن كانت ضعيفة إلا أنَّها ممَّا يُعْمَل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند جمهور الفقهاء، كما أنَّ الصيام في شهر رجب داخل في عموم الصوم التطوعي الذي رغب الشرع فيه.

ما ورد في صيام شهر رجب في السُنَّة


وأوضحت الإفتاء أن ما ورد في صيام شيء من شهر رجب من السُنَّة، هو ما رواه الإمام أبو داود عن مُجِيبَةَ الباهليَّة، عن أبيها، أو عمها، أنَّه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمَّ انطلق، فأتاه بعد سنة، وقد تغيَّرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: «وَمَنْ أَنْتَ؟» قال: أنا الباهلي، الذي جئتك عام الأول، قال: «فَمَا غَيَّرَكَ وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟»، قال: ما أكلت طعامًا إلا بليل منذ فارقتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لِمَ عَذَّبْتَ نَفْسَكَ؟»، ثم قال: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»، قال: زدني؛ فإن بي قوة، قال: «صُمْ يَوْمَيْنِ»، قال: زدني، قال: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، قال: زدني، قال: «صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ»، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها، ثم أرسلها.

ومنها ما رواه الإمام البيهقي في "فضائل الأوقات" عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهْرًا يُقَالُ لَهُ رَجَبٌ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمًا سَقَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ».

صحة الأحاديث الواردة في صيام شهر رجب
وأضافت الإفتاء أن هذه الأحاديث لا يصحُّ منها شيءٌ؛ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تبيين العجب" (ص: 11): [لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديثٌ صحيحٌ يصلح للحجة] اهـ.
وروى الإمام البيهقي عن أبي قلابة رضي الله عنه قال: "في الجنة قصر لصُوَّام رجب". قال الإمام أحمد: "وإن كان موقوفًا على أبي قلابة وهو من التابعين، فمثله لا يقول ذلك إلا عن بلاغ عمن فوقه ممن يأتيه الوحي، وبالله التوفيق".
وتلك الأحاديث الواردة في صومه أو صوم شيء منه وإن كانت ضعيفة فإنَّها ممَّا يُعْمَل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند عامة العلماء في مثل ذلك، كما نقله الإمام النووي وغيره؛ قال الإمام النووي في كتابه "الأذكار" (ص: 8، ط. دار الفكر): [قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا] اهـ.
وقال في "التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث" (ص: 48، ط. دار الكتاب العربي): [ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى، والأحكام؛ كالحلال والحرام وغيرهما، وذلك كالقصص، وفضائل الأعمال، والمواعظ، وغيرها مما لا تعلق له بالعقائد والأحكام، والله أعلم] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 54، ط. المكتبة الإسلامية): [تقرَّر أنَّ الحديثَ الضعيف والمرسل والمنقطع والمعضل والموقوف يعمل بها في فضائل الأعمال إجماعًا، ولا شكَّ أن صوم رجب من فضائل الأعمال فيُكْتَفَى فيه بالأحاديث الضعيفة ونحوها، ولا يُنْكِر ذلك إلا جاهل مغرور] اهـ.
ومنها ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».

وما رواه الإمام أحمد عن صدقة الدمشقي أن رجلًا جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن الصيام، فقال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الصِّيَامِ صِيَامَ أَخِي دَاوُدَ؛ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: شهر رجب صيام شهر رجب حكم صيام رجب صيام رجب رجب صلى الله علیه وآله وسلم فی صیام شهر رجب فضائل الأعمال رسول الله رضی الله

إقرأ أيضاً:

الصيام في شهر شعبان.. فضائل عظيمة وأحكام هامة يجب معرفتها

يُعد صيام شهر شعبان من أنواع صيام التطوع التي يُستحب للمسلم أداؤها تقربًا إلى الله عز وجل وطلبًا لمرضاته. 

ورغم أنه ليس فرضًا، إلا أن النبي ﷺ كان يُكثر من الصيام في هذا الشهر، كما جاء في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما صام النبي ﷺ شهرًا كاملًا قط إلا رمضان، وما كان يصوم من شهر أكثر مما كان يصوم من شعبان."

أيام يُكره أو يُحرم فيها الصيام

ورغم أن صيام التطوع جائز في أي وقت من السنة، إلا أن هناك أيامًا نُهي عن الصيام فيها، مثل:

1. يومي عيد الفطر وعيد الأضحى، حيث يحرم الصيام فيهما.


2. أيام التشريق الثلاثة (11، 12، 13 من ذي الحجة)، وهي الأيام التي تلي عيد الأضحى.


3. صيام يوم الجمعة منفردًا، وكذلك يوم السبت منفردًا دون أن يصوم يومًا قبله أو بعده.


4. يوم الشك، وهو اليوم الذي يُتمّم شهر شعبان (29 أو 30 شعبان)، خاصة إذا كان الصيام بنية الاحتياط لدخول رمضان.


5. صيام الدهر بالكامل دون فطر، لما فيه من مشقة وتكليف زائد.


6. صيام المرأة تطوعًا دون إذن زوجها إذا كان حاضرًا، وذلك حفاظًا على حقوق الزوج.

دعاء اليوم 4 من شعبان لمن ضاق عليه الحال.. ردد 7 كلماتهل التسبيحة في شعبان ورمضان خير من ألف بغيرهما؟

فضل الصيام في شهر شعبان

يمتاز شهر شعبان بميزة عظيمة، حيث تُرفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، ولذلك كان النبي ﷺ يحرص على الصيام فيه. فقد روى أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم." (رواه النسائي).

رفع الأعمال في شهر شعبان

المقصود برفع الأعمال هنا هو عرض أعمال العبد على الله عز وجل، سواء الأعمال القولية أو الفعلية، ويتم هذا الرفع سنويًا في شهر شعبان. كما أن الأعمال تُعرض أيضًا بشكل أسبوعي في يومي الإثنين والخميس، فقد قال النبي ﷺ: "تعرض الأعمال يومي الإثنين والخميس، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم." (رواه الترمذي).

أنواع صيام التطوع وأفضل الأيام للصيام

الصيام في الإسلام ينقسم إلى قسمين:

1. صيام الفرض، ويشمل صيام رمضان، بالإضافة إلى الكفارات والنذور.


2. صيام التطوع، وهو سنة يؤجر المسلم على فعله ولا يُعاقب على تركه، ومنه:

صيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وخاصة يوم عرفة لغير الحاج.

صيام ستة أيام من شوال، حيث قال النبي ﷺ: "من صام رمضان وأتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر." (رواه مسلم).

صيام الأشهر الحرم، وهي المحرّم، رجب، ذو القعدة، وذو الحجة.

صيام شهر شعبان، اقتداءً بالنبي ﷺ، حيث كان يكثر من الصيام فيه.

صيام الثلاثة أيام القمرية من كل شهر (13، 14، 15)، فقد قال النبي ﷺ: "صم من كل شهر ثلاثة أيام، فذلك صوم الدهر." (رواه البخاري).

صيام الإثنين والخميس، حيث ورد عن النبي ﷺ أنه كان يصومهما بانتظام.

صيام داوود، وهو أفضل أنواع الصيام، حيث يصوم المسلم يومًا ويفطر يومًا، كما جاء في الحديث: "أحب الصيام إلى الله صيام داوود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا." (رواه البخاري).

كيفية الاستعداد لشهر رمضان .. عليك بهذه الأمور في شعبانحكم صيام شهر شعبان كاملاً .. دار الإفتاء تجيب بالأدلة


حكم صيام شعبان لمن لم يصم قبله

يستطيع المسلم صيام أي عدد من الأيام في شعبان، حتى وإن لم يكن قد صام تطوعًا من قبل، وليس شرطًا أن يكون ملتزمًا بصيام التطوع طوال العام.

صيام الأيام البيض في شهر شعبان

تُعرف الأيام البيض بأنها الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري، وهي أيام يُستحب الصيام فيها، وقد كان النبي ﷺ يحرص عليها، كما يُطلق عليها أيضًا "الأيام البيض" في شوال، التي تشمل الستة أيام المستحبة بعد رمضان.

خاتمة

صيام التطوع عامة، وفي شهر شعبان خاصة، يُعد فرصة عظيمة لزيادة الأجر والاستعداد لشهر رمضان، كما أنه من السنن التي كان النبي ﷺ يداوم عليها. فمن استطاع أن يغتنم فضل هذا الشهر بالصيام والعبادة، فله أجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى.

مقالات مشابهة

  • المراد بقوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
  • علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
  • صيغة دعاء ليلة النصف من شعبان
  • فضائل شهر رمضان
  • هل يجوز صيام يوم 15 من شعبان منفردا؟ مسموح به في هذه الحالة
  • حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
  • قبل بدء شهر رمضان 2025.. خير الأعمال وأفضل العبادات
  • حكم من أكل أو شرب ناسيًا في صيام شهر شعبان .. عويضة عثمان يوضح
  • الصيام في شهر شعبان.. فضائل عظيمة وأحكام هامة يجب معرفتها
  • "فضائل شهر شعبان".. ضمن ندوات الأسبوع الثقافي بأوقاف الفيوم