الجزيرة:
2025-01-05@15:29:35 GMT

المادة.. قمع النساء بين جشع الرأسمالية وقسوة الزمن

تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT

المادة.. قمع النساء بين جشع الرأسمالية وقسوة الزمن

يدخل المشاهد إلى الصالة المظلمة في دار العرض بعد أن يسلم أسلحته الدفاعية، ويستسلم تماما للشاشة، فإذا ما استشعر هجوما، لا يملك إلا أن يغمض عينيه، لكن الإصابة تصبح حتمية إذا كان ما يعرض على الشاشة يهدف إلى إلحاق الأذى بالمشاهد الذي لن يظل مغمض العينين طوال فترة عرض الفيلم.

ولعل احتمالات الإصابة برصاصات الشاشة التي تخترق العينين إلى الوجدان والمشاعر هي ما ينبغي أن تدعو صناع السينما، خاصة المخرجين، إلى مراعاة جمهورهم وعدم الإقدام على جريمة إيذاء الحواس، حتى لو كان الهدف نبيلا، مثل لفت الأنظار إلى توحش الرأسمالية، وتنميط الجمال، والسيطرة على أجساد النساء.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2فيلم "الهنا اللي أنا فيه".. محاولة ضعيفة لاقتناص ضحكات الجمهورlist 2 of 2عام التألق السينمائي.. أفضل الأفلام العربية في 2024end of list

تظهر بوضوح ظاهرة تجاوز الخط الفاصل بين الترفيه وإمتاع المشاهد وبين إلحاق الأذى بحواسه في أفلام الرعب، التي تستمد اسمها من عناصر الخوف والدماء والنيران. ومع ذلك، هناك نوع فرعي أكثر قسوة يُعرف بـ"الرعب الجسدي"، كما يتجلى في فيلم "المادة" (The Substance)، الذي يُعرض حاليا في كل من الولايات المتحدة وكندا.

يطرح الفيلم الذي أخرجته الناشطة النسوية والمخرجة كورالي فارغيت قضية القمع الذي تتعرض له النساء عبر تحديد معايير للجمال، والتمييز القاسي ضد من تظهر عليها أعراض كبر السن، خاصة حين يكون عملها بين أضواء العرض التلفزيونية والسينمائية.

Has anybody watched The Substance movie? ???????????? pic.twitter.com/cenMukw9DW

— Julie Hamill (@JulieHamill) December 28, 2024

إعلان

وتدور القصة حول سيدة مشهورة تقدم عرضا صباحيا لتمرينات رياضية للنساء على شاشة إحدى القنوات التلفزيونية، يدهمها الزمن، وتظهر على وجهها تجاعيده، وتتعرض نتيجة لذلك للضغط من قبل مدير إنتاج البرنامج وممثل المستثمرين في القناة. تعثر على إعلان غامض، يقدم لها عقارا عليها أن تتعاطاه، فتخرج من جسدها عبر قطع غائر بطول العمود الفقري نسخة منها أصغر سنا وأجمل، وطبقا لشروط العقار، ينبغي عليها أن تتعاطى 7 جرعات، وأن تعيش بنسختها الصغرى نهارا، أما ليلا، فتعود النسخة الكبرى. ويبدأ الصراع بين النسختين بسبب الطمع الذي يتملك الصغرى، فتقوم باستهلاك العقار، حتى تتحول النسخة الكبرى إلى مسخ مشوه لا يدرك حجم القبح الذي ابتلي به، في حين يواجهها الجمهور والمسؤولون في القناة بالنفور والطرد.

ديمي مور

تعد ديمي مور واحدة من أعلى ممثلات هوليود أجرا، لكنها لم تحصل على أي جائزة كبرى، ورغم ترشيحها للحصول على نحو 47 جائزة، بينها إيمي أوورد وغولدن غلوب، فإنها حصلت على 9 جوائز من مؤسسات ومهرجانات لا تعد ضمن الأعلى تقييما في عالم السينما. ديمي مور مرشحة عن دورها في فيلم "المادة" لعدد كبير من جوائز أفضل ممثلة، وذلك من مؤسسات نقدية ونسائية في الولايات المتحدة الأميركية.

ويعد دورها ديمي مور في فيلم "الشبح" (Ghost) عام 1990، هو الأنجح في مشوارها الفني، وقد حقق لها شهرة عالمية وعزز مكانتها بوصفها ممثلة رائدة في هوليود. وتبدو الممثلة التي تجاوز عمرها 60 عاما في حالة تألق وصفاء ذهني مكنها من النفاذ إلى جوهر أزمة البطلة، إذ تؤدي بشكل مذهل أمام المرآة، وتقدم ذلك الشعور المرير بالقهر المركب من قبل الزمن و الملامح التي ذبلت مع الزمن، والمنتجين أيضا، كما تجسد تلك الحالة التي تقترب من الجنون الكامل صراعا يدور بين نسختين من امرأة واحدة ، الأولى شابة تطمع في الحصول على الثروة والشهرة والمال دفعة واحدة ولو على حساب صحتها الجسدية والعقلية في المستقبل، والثانية امرأة ناضجة اختبرت الحياة، لذلك تسعى إلى التوازن في استهلاك جسدها الذي ينهار في النهاية نتيجة لعنة الشيخوخة ولعنة تحويل المرأة إلى سلعة في عالم رأسمالي متوحش.

إعلان

قدمت ديمي دورها بالتبادل مع الممثلة الشابة مارغريت كوالي، التي أصابتها عدوى مور، فأبدعت في تجسيد ذلك السعار الذي يصيب فتاة حرمت من جمالها، وفجأة استعادته ومعه المال والشهرة والمكانة.

ونجح الممثل الأميركي دينيس كويد في تجسيد شخصية المنتج الجشع الذي فقد إنسانيته في مهنة لا تعترف إلا بشروطها، وتستهلك النساء كما تستهلك المناديل الورقية، قدم كويد الشخصية تحت اسم "هارفي" ولعل التسمية لم تأت مصادفة، فالمنتج الأشهر والأكثر إجراما مع الممثلات في تاريخ هوليود في هوليود هو هارفي ونستين، وقد أدين بأكثر من حكم قضائي لسوء سلوكه مع الممثلات، ورفعت عليه أكثر من 200 دعوة قضائية بتهمة الإساءة إلى الممثلات.

رغم أن أغلب شخصيات تبدو أقرب إلى الكاريكاتير، فإن كاميرا المخرجة كورالي فارغيت راحت تنتقم من "هارفي" بالتركيز على أسلوبه المقزز في تناول الطعام، لنقل الشعور أنه أقرب إلى حيوان مفترس، واستخدام اللقطات المقربة جدا لملامح وجهه بشكل جعلها مخيفة ومزعجة أيضا.

الرعب والنقد الاجتماعي

لا يقدم أي مخرج أو سيناريست على صناعة الفيلم من دون أن يملك رؤية، ويحمل رسالة يهدف الفيلم إلى طرحها في الفضاء العام، وتتضمن الرسالة نقدا للواقع ومحاولة للهدم مقابل تصور لبناء مختلف، وهو أمر يحتاج إلى صياغة فنية خالصة، لكن الخطابية والمباشرة التي سادت في أغلب مساحات "المادة" صنعت حالة كاريكاتيرية، وقدمت صوتا زاعقا جعل من العمل أقرب إلى خطبة سياسية في ميكروفون خرب، فخرج الصوت مزعجا.

ورغم المباشرة في الطرح، وبلاغة الوقائع الدرامية في التعبير عن القضية المراد طرحها، لجأت المخرجة -دون حاجة حقيقية- إلى استخدام الرموز، خاصة في مشهد تحول شكل البطلة إلى مسخ شائه يشبه الوحوش، وإطلاقها شلالات من الدم على الحاضرين بمناسبة احتفال بداية العام الجديد، وهو مشهد يحمل دلالة تورط الجميع في دم المرأة أو الضحية، لكنه يحمل بالقدر نفسه من الرمزية إيذاء لمشاعر مشاهد استوعب وشعر بكل ما أراد المبدع تقديمه، وهو أيضا درس لكل صانع سينما، ليتدارك ثوريته وغضبه، ويصنع التوازن بين إيمانه بالقضية وطرق التعبير الفني عنها.

إعلان

ويتحقق "الأذى" منذ بداية العمل في التكرار الذي يقبض القلب لمشاهد الجسد المشقوق من الخلف بطول العمود الفقري، واستخلاص سائل النخاع الشوكي بشكل قاس مع التلوين المستمر لذلك السائل تعبيرا عن نضوبه، أو فساده، ثم التركيز على "الغرز" التي عالجت الشق الطولي في ظهر البطلة.

يطرق الفيلم أبوابا مغلقة لقضية كبرى هي القمع الرأسمالي للمرأة والرجل على السواء، المسخ الذي تحولت إليه البطلة، والمسخ الذي يرى الفيلم أنه صنعها، وهو المنتج "هارفي"، إذ إن كليهما منتج رأسمالي، يحول البشر إلى وحوش أو فرائس بهدف جمع الثروة من دون النظر إلى "الخسائر" الجانبية التي تؤدي بالروح البشرية إلى الانسحاق، لكنه لا يبدو عملا فنيا، بقدر ما يبدو صرخة تصم الآذان وتجرح الحواس، مما يجعل المشاهد يصمت ألما، وينصرف عن القضية نفسها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سينما دیمی مور

إقرأ أيضاً:

بين الإيمان والموضة.. كيف أعدن النساء الإيرانيات المحافظات صياغة قواعد الحجاب؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مع تزايد الطلب على خيارات أكثر أناقة، تسعى النساء الإيرانيات المحافظات إلى دمج الحجاب مع الأزياء العصرية، في مشهد يعكس تحولات اجتماعية وثقافية متنامية داخل الجمهورية الإسلامية.

وفق تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز، نورا، وهي امرأة إيرانية في الثلاثين من عمرها نشأت في أسرة متدينة، كانت ترتدي الشادور الأسود منذ صغرها. لكنها الآن تتبنى أسلوبًا مختلفًا يمزج بين الإيمان والموضة. 

في إحدى فعاليات الأزياء التي أُقيمت في شمال طهران، ارتدت نورا قميصًا أبيض بأكمام طويلة تحت سترة بحرية طويلة ووشاحًا مزخرفًا يغطي شعرها بالكامل. تقول نورا: "نحن لا نزال نرتدي الحجاب، لكننا نفعل ذلك بروح الأناقة والموضة".

تحولات اجتماعية وأزياء مبتكرة

منذ الثورة الإسلامية عام 1979، كان الحجاب والمانتو الفضفاض جزءًا من القواعد الإلزامية للزي، لكن هذه المعايير شهدت تغيرات كبيرة خاصة بعد الاحتجاجات الجماهيرية في 2022. وفي الوقت الذي اختارت فيه بعض النساء التخلي عن الحجاب تمامًا، فإن المحافظات منهن لجأن إلى تبني خيارات ملونة وعصرية تتناسب مع قواعد الحجاب.

وفق التقرير، أدى الطلب المتزايد على أزياء أكثر تنوعًا إلى ازدهار صناعة الأزياء الإسلامية، مع مصممين وعرّافات موضة يلبون احتياجات النساء المحافظات الراغبات في أزياء أنيقة ومبتكرة. تقول مصممة الأزياء مهسا محموديان: "هناك طلب كبير على المعاطف القصيرة، التنانير الطويلة، والأقمشة المزخرفة بالألوان الزاهية".

استجابة السلطات وتحديات جديدة

رحبت السلطات الإيرانية بشكل محدود بهذا الاتجاه، حيث سُمح بإقامة عروض أزياء وأُطلقت مبادرات لتوسيع بعض الحريات الشخصية. لكن التشدد تجاه النساء اللواتي يتحدين الحجاب بشكل صريح لا يزال مستمرًا، مع تشديد العقوبات على مخالفات الحجاب وفرض قوانين جديدة، رغم معارضة الحكومة الإصلاحية بقيادة مسعود بزشكيان لتنفيذها خوفًا من تهديد الاستقرار الوطني.

تغيرات لا رجعة فيها؟

الحجاب كان دائمًا قضية رمزية في إيران، حيث تراوحت السياسات بين منعه تمامًا في عهد رضا شاه وتشجيع الموضة الغربية في عهد محمد رضا شاه، إلى فرضه إجباريًا بعد ثورة 1979.

لكن عالمة الاجتماع فاريبا نظري ترى أن التغيرات المجتمعية اليوم عميقة ولا يمكن التراجع عنها، قائلة: "إذا كان الافتراض أن المجتمع سيعود إلى ما قبل احتجاجات 2022، فأنا لا أعتقد أن هذا ممكن".

المرأة الإيرانية بين الحرية والالتزام

بالنسبة لنورا، احترام خيارات النساء في الملبس هو الأهم. تضيف: "نحن بحاجة إلى فهم المعايير الاجتماعية المتطورة. ارتداء الحجاب بأسلوب عصري يعكس توجهًا جديدًا نحو التنوع والاحترام داخل المجتمع الإيراني".

مقالات مشابهة

  • سامح قاسم يكتب: بين بحيرتين.. صراع الهوية والاغتراب في رواية أماني القصاص
  • تستطيع أن تسعدني حتى وأنا ميتة!
  • بين الإيمان والموضة.. كيف أعدن النساء الإيرانيات المحافظات صياغة قواعد الحجاب؟
  • قرار من المحكمة الدستورية في دعوى بطلان إلزام صاحب العمل بسداد القيمة الرأسمالية للمعاش
  • إعادة دعوى بطلان إلزم صاحب العمل بسداد القيمة الرأسمالية للمعاش إلى المفوضين
  • نقوش على جدار الزمن والرحلة …!!
  • اليوم.. الفصل في دستورية بطلان إلزام صاحب العمل بسداد القيمة الرأسمالية للمعاش للصندوق
  • غدًا ..الفصل في دستورية بطلان إلزام صاحب العمل بسداد القيمة الرأسمالية للمعاش للصندوق بالتأمين الاجتماعى
  • غدا الفصل في دستورية بطلان إلزام صاحب العمل بسداد القيمة الرأسمالية للمعاش للصندوق