يمن مونيتور/ قسم الأخبار

قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، لا يسارع إلى أي مكان ويحاول أن يتعلم من الأخطاء التي حدثت في الربيع العربي.

وقالت الصحيفة، العبرية، إن ثورة الربيع العربي التي أسقطت نظام القذافي في ليبيا وعلي عبد الله صالح في اليمن، والحرب في العراق، التي أزاحت صدام حسين، علمت الشرع درسا مهما في التداعيات التي يمكن أن تكون للأنظمة التي تسمح للمليشيات بأن تأخذ لنفسها استقلالية وحرية عمل عسكرية.

وهو نفسه مثال واضح على التهديد الذي ينتظر النظام الذي لا يسيطر على جميع القوات المسلحة في الدولة. الشرع نجح في إدارة محافظة ادلب إدارة مستقلة تحت سيطرته بعد أن قام بإخضاع، الفصائل المسلحة التي تجمعت في هذه المحافظة أثناء الحرب الأهلية. والسؤال هو هل سيكون قادرا على شق طريق مختلفة في قيادة كل الدولة، بدون التدهور إلى مواجهات عنيفة.

الشرع، الذي حتى الآن لا يحمل منصبا رسميا، يحذر أيضا في معالجة عملاء نظام الأسد وبالأساس التعامل مع الأقلية العلوية. وخلافا للعراق، الذي بدأ فيه على الفور بعد الحرب تطهير قوات الأمن والأجهزة الحكومية من كل الذين كانوا أعضاء في حزب البعث، حتى لم يبق من سيدير الدولة، فإنه في سوريا هذه الأثناء الموظفون بقوا في أماكنهم، ولا توجد حملات ملاحقة ضد من يسمون “بقايا النظام السابق”. الطلب الوحيد من هذه الجهات هو تسليم سلاحهم لقوات الأمن، بدون تنازلات.

في محافظة اللاذقية التي يتركز فيها معظم السكان العلويين، والتي هرب إليها عدد من رجال الأسد، سجلت مواجهات بين قوات الأمن للشرع وبين المدنيين. من الجيش السوري لم يبق الكثير، ومعظم الضباط الكبار هربوا إلى العراق ودول أخرى.

وخلافا لمصر، حيث سارع هناك الجيش إلى إعطاء رعايته للثورة بعد إسقاط حسني مبارك، وفي نهاية المطاف سيطر على الحكم، فإنه في سوريا لا يوجد مثل هذا التهديد ولا حزب حاكم يجب مواجهته.

يوجد للعارضة في سوريا جيش خاص وحتى زعيم كاريزماتي، الذي سارع إلى نزع الزي العسكري وارتداء البدلة وربطة العنق. هذا مقابل معظم الدول التي مرت بانقلابات الربيع العربي بدون أن تولد قيادة سياسية جذابة.

الشرع لا يسارع إلى ترسيخ إجراءات ديمقراطية. صياغة دستور جديد ليس على رأس سلم أولوياته، وقد أعلن أن الانتخابات يمكن أن تجرى بعد أربع سنوات.

في هذه الاثناء شكل لجنة للأعداد لـ”حوار وطني” برئاسة مؤيد رسلان قبلاوي، الباحث المعروف في العلوم السياسية. في مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية شرح أن العملية فقط هي في بدايتها، وفي هذه الأثناء هو يقوم ببلورة الخطوط الرئيسية ويحدد الممثلين الذين ستتم دعوتهم.

حسب تقارير سابقة فإنه ستتم دعوة حوالي 1200 شخصية، إلى هذا المؤتمر والتي من شأنها أن تمثل الطوائف، الأديان، التنظيمات، المليشيات وجهات أخرى سيكون عليها تقديم الاقتراحات لصياغة الدستور الذي سيحدد طابع الدولة.

ولكن التوصية هي عدم حبس الأنفاس قبل عقد “الحوار الوطني”. فهذه الحوارات جرت في عدة دول بعد ثورة الربيع العربي، بما في ذلك في مصر، ولكن لم تخرج منها أي فائدة كبيرة.

الشرع أعلن أن الحكومة المؤقتة التي شكلها ستنتهي في شهر آذار/مارس المقبل، وبدلا منها سيتم تشكيل حكومة دائمة، ليس على أساس الانتخابات، وبالتأكيد ليس طبقا لدستور جديد، ويبدو أنه هو الذي سيقوم بتعيينها.

مقابل سلوكه المحسوب على المستوى السياسي فإنه تجاه الخارج يوجد الشرع في ذروة حملة سياسية كثيفة هدفها هو بناء غطاء حماية ودعم سياسي واقتصادي. ولكن مطلوب منه أكثر أن يغازل الشخص الذي يطلب وده. تركيا كانت الأولى التي هبطت في دمشق، وأقامت علاقات دبلوماسية مع النظام الجديد، ولكن في غرفة الانتظار للشرع يوجد الكثير من الزبائن.

ممثلون أوروبيون كبار صافحوا الزعيم الكاريزماتي، والإدارة الأمريكية أقامت حتى حوار تعارف معه، لكن المنافسين الأقوياء هم السعودية وقطر. فقد قامت بإرسال إرساليات مساعدات كبيرة، وهذه لم تكن الوجبة الأولى.

وهبط أمس في الرياض وزير خارجية الشرع أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرى، ورئيس المخابرات أنس الخطيب. الشرع أعلن في السابق بأنه “يتوقع أن يكون للسعودية دور كبير في مستقبل سوريا”. ولكن أيضا تم وعد قطر بـ “أفضلية خاصة”، وقبل ذلك حصلت تركيا على مكانة دولة مفضلة.

هذه الدول الثلاث تعتبر مؤيدة للغرب ولها علاقات قوية مع الولايات المتحدة، لكن كل واحدة منها توجد لها مصالح خاصة بها في سوريا. فتركيا التي تسيطر على مناطق في الدولة تسعى إلى التوصل إلى اتفاق يضمن حدودها الجنوبية وازاحة تهديد الأكراد والتحرر من ملايين اللاجئين السوريين الموجودين فيها.

وقطر التي عارضت استئناف علاقات الدول العربية مع نظام الأسد، ومثل تركيا أيدت بعض الفصائل التي تشكل هيئة تحرير الشام (منظمة الشرع)، تعتبر دمشق جزءا لا يتجزأ من فضاء نفوذها، واضافة إلى ذلك هي تريد أنبوب غاز يربط بينها وبين أوروبا عبر سوريا.

السعودية، التي تستأنف تدخلها في لبنان وتوثق علاقاتها مع العراق، تعتبر سوريا موقعا حيويا لصد نفوذ إيران وإضعاف قوة حزب الله في لبنان. إضافة إلى هذه الدول، فإن الدول الأوروبية التي تطمح إلى التخلص من ملايين اللاجئين السوريين تطمح إلى الفرص الاستثمارية التي تستدعيها سوريا. الشرع لم يكن يتوقع عناقا أكثر دفئا من ذلك.

سوريا المدمرة، وخزينتها فارغة والبنى التحتية فيها في كل المجالات تدمرت كليا، ومواطنوها يعيشون تحت خط الفقر، والملايين منهم مهجرون خارج البلاد أو داخلها، تحتاج عشرات مليارات الدولارات لإعادة الإعمار. ولكن المساعدات الضخمة والاستثمارات الأجنبية تأتي بشكل عام مع شروط وقواعد، تخلق الاعتماد وتملي الاستراتيجية. التحدي الكبير الذي يواجهه الشرع هو بناء سوريا كدولة لها أهمية استراتيجية وإقليمية وتجنب شرك العسل الذي سيحولها إلى دولة حماية.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي الشرع سوريا الجديدة ليبيا الربیع العربی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

مجلس وزراء الداخليَّة العرب يحتفل بالأسبوع العربي للتوعية بمخاطر الإرهاب

تحتفل الأمانةُ العامةُ لمجلس وزراء الداخليَّة العرب كلَّ عام بالأسبوع العربي للتوعية بمخاطر التطرف والإرهاب، استمرارا للمبادرة الرائدة للمجلس، وتشجيعا للجهود العربية الهادفة إلى تحصين المجتمع العربي من آفة التطرف والإرهاب، ورفع مستوى الوعي لدى أفراده منعا للإنخراط في أعمال قد تهدد الأمن الوطني والإقليمي، حيث يمثل هذا الأسبوع فرصة كبيرة لتعزيز جهود التوعية ومجابهة مخاطر التطرف والإرهاب وما ينتج عنها من تهديد للسلم المجتمعي، وتعد على أمن الفرد والمجتمع وسلب للحقوق والحريات، وما يترتب عليها من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.


ومما لا شك فيه أن خطر التطرف والإرهاب لا يقتصر على دولة أو منطقة بعينها، وإنما بات ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والأديان والثقافات، وهو ما يتوجب أن ينعكس على طبيعة الاستراتيجيات التي تتبناها الدول والأقاليم والعالم أجمع لمواجهتها في إطار مقاربة شاملة تضمن حماية حقوق الإنسان وأمن وسلامة المجتمعات. 

للحاصلين على الشهادة الإعدادية.. طريقة وخطوات التقديم الإلكترونى لمعهد معاونى الأمنرفع الحالة الأمنية للقصوى..كيف استعدت الداخلية لتأمين احتفالات عيد الميلاد؟


إن مواجهة الأفكار المتطرفة تحتاج إلى تضافر الجهود الرامية إلى تحصين مجتمعاتنا العربية، من خلال التعريف بالدعاية الإرهابية ومواجهة خطابات الجماعات الإرهابية، وإيجاد برامج وطنية وقائية،  وخطاب يتسم بالوسطية والإعتدال، بمشاركة كافة مؤسسات الدولة المعنية لنبذ الأفكار المتطرفة وخطابات الكراهية، إلى جانب تعزيز دور الأسرة في الأمن الفكري، وتوحيد الخطاب الديني والإعلامي والتعليمي لمحاربة تلك الأفكار، والتعامل مع هذه القضيَّة من منظور علمي منهجي بالتركيز على المنظومة الوقائيَّة المتمثلة في معالجة جذور التطرف والظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وما قد يتبع ذلك من عمليَّات الاستقطاب والتجنيد، وصولًا إلى المشاركة المجتمعيَّة الفاعلة؛ مما يُعدُّ فرصةً مهمةً لتشجيع المبادرات العربيَّة، ومـا ينبثق عنها من الاستراتيجيات والخـطط والبرامج الرامية إلى بنـاء مجتمعٍ عربي واعٍ ومهيأ للتصدي للدعايات المتطرفة، ومساهم في تجفيف منـابع التطرف والإرهـاب واجتثاث جذورهما.
يولي مجلس وزراء الداخلية العرب عناية فائقة لمواجهة مخاطر التطرف والإرهاب، انطلاقا من قيمه ومبادئه الرئيسة القائمة على تعزيز الأمن العربي المشترك وحماية المواطن العربي من مختلف المخاطر المحتملة، ومن هذا المنطلق ما فتئت الأمانة العامة للمجلس تعمل على تعزيز التعاون العربي والدولي في مواجهة التطرف والإرهاب ومنعهما ومكافحتهما، حيث يقوم مكتبها المتخصص بمكافحة الإرهاب وجرائم تقنية المعلومات بالتنسيق بين الدول الأعضاء بما يضمن  تنمية العمل العربي المشترك في شتى المجالات التي تتعلق بالتصدي للتطرف والإرهاب، من خلال تبني استراتيجيات وخطط تنفيذية وتشكيل فرق عمل متخصصة كان آخرها إنشاء فريق خبراء عرب معني برصد وتبادل المعلومات حول التهديدات الإرهابية وتحليلها، كما أن الأمانة العامة تحرص بصورة مستمرة على حث الدول الأعضاء على إيلاء مزيد من الاهتمام بالأجهزة المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب ودعمها وتطويرها، كما تقوم بإدراج موضوعي التطرف والإرهاب في طليعة الأولويات من خلال المؤتمرات والأنشطة التي تعقد في نطاقها، وخاصة على جدولي أعمال المؤتمر السنوي للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب في الدول العربية، والمؤتمر العربي لرؤساء أجهزة الإعلام الأمني، مما يساهم بصورة مستمرة في التعرف على أفضل الممارسات لمكافحة التطرف والإرهاب، والاستثمار الأمثل للإعلام ودوره الهام في هذا المجال، إلى جانب أنشطة متعددة وجهود كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.


إن مخاطر التطرف والإرهاب وانعكاساتهما الأمنية على الأفراد والمجتمعات لا يمكن مواجهتها بجهد فردي، الأمر الذي يتطلب تقاسم المسؤوليات بين كافة المؤسسات وتضافر الجهود على مختلف المستويات، لذا فإننا بهذه المناسبة نثمن الجهود الكبيرة التي يبذلها أصحاب السمو والمعالي وزراء الداخلية العرب في دعم الاستراتيجيات والاتفاقيات المعنية بهذا المجال، كما نهيب بالجميع إلى ضرورة الاحتفال بهذا الأسبوع المميز وتنظيم فعاليات على المستويين الوطني والعربي للتوعية بمخاطر التطرف والإرهاب، والعمل معا من أجل تعزيز الجهود الأمنية المبذولة في سبيل حفظ الأرواح والممتلكات، والحفاظ أمن واستقرار وسلامة مواطنينا ومجتمعاتنا.

مقالات مشابهة

  • مجلس وزراء الداخليَّة العرب يحتفل بالأسبوع العربي للتوعية بمخاطر الإرهاب
  • في عام 2025.. ما الدول الخمس التي يفضّل الأمريكيون الإقامة فيها؟
  • طريق الإصلاح في العالم العربي
  • نائب بالشيوخ: الشائعات من أخطر التحديات التي تواجه استقرار الدول
  • يديعوت أحرنوت: العديد من قادة الدول يتوددون لزعيم سوريا الجديد
  • عمرو أديب : كل الدول التي أرسلت مسؤولين لـ سوريا لها مصالح
  • اللقاء الذي شغل الرأي العام: أحمد الشرع ووزيرة الخارجية الألمانية في مشهد يثير التساؤلات (تفاصيل)
  • أستاذ علوم سياسية: العالم العربي لم يتعلم من دروس التاريخ
  • من المغرب إلى العراق.. أزمة شح المياه تتفاقم في العالم العربي