بغداد اليوم - متابعة

تسعى وزيرة الخارجية الألمانية، بالتعاون مع نظيرها الفرنسي، إلى إرسال رسائل واضحة في سوريا، بعد مرور أربعة أسابيع على سقوط الأسد، يأتون بعروض ولكن أيضًا بمطالب.

ووصلت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك إلى سوريا، اليوم الجمعة (3 كانون الثاني 2025)، في زيارة مفاجئة، وقد هبطت السياسية المنتمية إلى حزب الخضر صباحًا على متن طائرة نقل من طراز A400M التابعة للقوات الجوية الألمانية في مطار العاصمة دمشق.

وتخطط بيربوك، بالتعاون مع نظيرها الفرنسي جان-نويل بارو، لعقد محادثات مع ممثلين عن الحكومة الانتقالية التي شكلها الشرع. الزعيم الفعلي أحمد الشرع هو قائد جماعة هيئة تحرير الشام (HTS). تم حل جماعات هيئة تحرير الشام ودمجها في القوات المسلحة السورية. وكان الشرع معروفًا سابقًا باسمه الحركي أبو محمد الجولاني.

بيربوك: بداية جديدة فقط إذا وفرت الأدارة حماية للجميع

صرحت بيربوك قبل مغادرتها أن سوريا، بعد عقود من القمع في عهد نظام الأسد وسنوات من الحرب الأهلية، تسير نحو بداية جديدة وتستمد الأمل في مستقبل أفضل. ومع ذلك، وضعت الوزيرة شروطًا للحكام الجدد بقيادة هيئة تحرير الشام، التي لا تزال مدرجة على قائمة الإرهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي.

وقالت بيربوك: “لا يمكن أن يكون هناك بداية جديدة إلا إذا وفرت الأدارة  السورية الجديدة الحرية لكل السوريين والسوريات، من نساء ورجال، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية، مكانًا في العملية السياسية، ومنحهم حقوقًا وحمايتهم”. وأكدت أن هذه الحقوق يجب ألا تُقوض عبر تأجيل الانتخابات لفترات طويلة أو من خلال خطوات نحو أسلمة النظام القضائي أو التعليمي.

وأضافت أنه حان الوقت أيضًا لروسيا لإخلاء قواعدها العسكرية في سوريا. وأشارت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعم الأسد الذي أطيح به في ديسمبر بشكل كبير، وساعد في تغطية جرائم النظام ودعمها. وقالت: “لن ينسى الشعب السوري القصف العنيف وانتهاكات حقوق الإنسان”.

طالبت بيربوك بضرورة إقامة العدالة وتجنب أي أعمال انتقامية ضد مجموعات سكانية معينة لتحقيق بداية جديدة. كما شددت على أنه يجب ألا يكون هناك مكان للتطرف والجماعات المتطرفة. وقالت بيربوك: “نحن نعلم من أين جاءت هيئة تحرير الشام أيديولوجيًا وما فعلته في الماضي”. لكنها أشارت إلى وجود رغبة في الاعتدال والتفاهم مع جهات فاعلة أخرى مهمة. ووصفت بدء المحادثات مع قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية بأنه إشارة مهمة في هذا الاتجاه.  وقد أعلن الشرع انفصاله عن القاعدة وتنظيم داعش.

بيربوك: سنحكم على هيئة تحرير الشام بأفعالها

وفي هذا السياق، قالت بيربوك: “سنستمر في الحكم على هيئة تحرير الشام بناءً على أفعالها. رغم كل الشكوك، لا ينبغي أن نفوت الفرصة لدعم الشعب السوري في هذه المرحلة الحاسمة”. وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية أن ألمانيا تعمل أيضًا على ضمان عدم تعرض العملية الداخلية في سوريا للتدخل الخارجي. وشددت على ضرورة احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها من قبل جميع الدول المجاورة، مشيرة بشكل خاص إلى تركيا وإسرائيل، اللتين تواجهان اتهامات بالسعي لتحقيق مصالحهما الخاصة في سوريا. كما أكدت مرة أخرى أن الوقت قد حان لروسيا لمغادرة قواعدها العسكرية في سوريا، مشيرة إلى أن موسكو كانت أحد أهم حلفاء الأسد لسنوات عديدة.

وعقب ما يقرب من 14 عاما من الحرب الأهلية، تعرضت سوريا للدمار والتلوث إلى حد كبير بالألغام الأرضية وغيرها من الذخائر. وتعاني البلاد الآن من نقص في القوة العاملة والعمال المهرة، إلى جانب انكماش الاقتصاد وفقدان العملة لأكثر من 90% من قيمتها منذ عام 2020. وقد انهارت الخدمات العامة. ويعتمد أكثر من 16 مليون شخص هناك على المساعدات الإنسانية. ومن المرجح أيضا أن تدور محادثات بيربوك في دمشق حول عودة اللاجئين السوريين من ألمانيا، وهو ما تؤيده الحكومة الانتقالية. ووفقا لوزارة الداخلية الألمانية، يعيش حاليا حوالي 975 ألف سوري في ألمانيا. وقد جاء معظمهم إلى البلاد منذ عام 2015 نتيجة للحرب الأهلية.

وفي السياق الألماني السوري قال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية يوم  03 / 01 / 2025 إن برلين تعتزم زيادة برنامج مالي للمواطنين السوريين الراغبين في العودة إلى بلدهم في أعقاب الإطاحة برئيس النظام السوري السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024.وأضاف المتحدث “نريد التوسع في البرنامج في المستقبل لمن يرغبون في الرحيل طوعا”، وذكر أن ألمانيا ستوفر نفقات سفر بقيمة 200 يورو (205 دولارات) وتكاليف بدء مشروع تجاري بقيمة ألف يورو لكل بالغ يرغب في مغادرة ألمانيا. وتابع: “أعتقد أن الوضع لا يزال غير واضح تماما بالنسبة لتحركات العودة بأعداد كبيرة”.

أبعاد زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى سوريا

زيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد هي خطوة دبلوماسية غير متوقعة، ولها أبعاد متعددة، منها السياسي والإنساني والجيوسياسي. فيما يلي تحليل لهذه الزيارة:

إعادة صياغة العلاقات مع سوريا: تهدف الزيارة إلى تمهيد الطريق أمام عودة العلاقات بين سوريا وأوروبا، لكنها مشروطة بإقامة نظام سياسي يحترم حقوق جميع السوريين، بما يشمل النساء والأقليات الدينية والعرقية. ألمانيا تسعى لضمان عدم تكرار تجربة النظام السابق من القمع واحتكار السلطة.

اختبار هيئة تحرير الشام : بالرغم من إدراجها على قائمة الإرهاب الأوروبية، يبدو أن هناك محاولة لفتح صفحة جديدة مع الجماعة، شريطة إثباتها التزامها بالاعتدال ونبذ التطرف. التحول المعلن لهيئة تحرير الشام من فصيل متشدد إلى قوة سياسية وعسكرية مندمجة مع الدولة السورية يثير تساؤلات حول صدقية هذا التغير واستمراريته.

رسالة إلى روسيا: دعوة ألمانيا لروسيا لسحب قواعدها العسكرية من سوريا هي إشارة واضحة إلى تقليص النفوذ الروسي الذي كان أحد الركائز الداعمة للأسد. يُظهر ذلك رغبة أوروبية في تقليل هيمنة موسكو على مستقبل سوريا السياسي والعسكري.

رسالة إلى تركيا وإسرائيل: الحديث عن احترام سيادة سوريا يلمح إلى انتقادات للتدخلات التركية والإسرائيلية في البلاد، خاصة مع اتهامات بمتابعة أجندات خاصة بهما على الأراضي السورية.

دعم الانتقال السياسي: الزيارة تشير إلى نية ألمانيا والاتحاد الأوروبي لعب دور محوري في إعادة الإعمار والانتقال السياسي. التركيز على العدالة الانتقالية والمصالحة المجتمعية يُظهر إدراكًا للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه سوريا بعد سنوات الحرب. حماية الأقليات والمرأة والتأكيد على شمولية العملية السياسية يعكس أهمية حقوق المرأة والأقليات في بناء سوريا المستقبل.

إن زيارة بيربوك هي خطوة جريئة تعكس رغبة أوروبية في إعادة تشكيل المشهد السوري بما يتماشى مع قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن نجاح هذه الخطوة يعتمد على التزام الأطراف المحلية والدولية بالمضي قدمًا نحو انتقال سياسي شامل ومستقر.

المصدر: المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: هیئة تحریر الشام بدایة جدیدة فی سوریا حقوق ا

إقرأ أيضاً:

أول تعليق من وزيرة الخارجية الألمانية على رفض أحمد الشرع مصافحتها

ردت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، يوم الجمعة على الجدل الذي أثير حول رفض رئيس الإدارة السورية الجديدة في دمشق أحمد الشرع مصافحتها.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية إنه مع وصولها إلى العاصمة دمشق كان واضحا أن لقاءها بالمسؤوليين السوريين الجدد سيخلوا من مصافحات اليد المعتادة في مثل هذه اللقاءات الدبلوماسية.

وأوضحت بيربوك "كان من الواضح لي أنه لن تكون هناك مصافحة عادية هنا"، وتابعت “أعتقد أن شركائي في الحوار أيضا كان ذلك واضحا لهم، إذ لم يمد وزير الخارجية الفرنسي أيضا يديه”، بحسب ما أورده موقع الحرة.

وشددت المسؤولة الألمانية أنها ونظيرها الفرنسي أوضحا للقادة الجدد أن قضية حقوق المرأة ليست مجرد قضية تتعلق بحقوق المرأة، "بل إن حقوق المرأة مؤشر على مدى حرية المجتمع".

وجاء تعليق الوزيرة الألمانية جاء بعد الجدل الذي أثاره مقطع فيديو يوثق لاستقبالها رفقة نظيرها الفرنسي، جان نويل بارو، من قبل قادة سوريا الجدد، حيث امتنع مسؤولون في الإدارة السورية الجديدة عن مصافحتها عند استقبالها، كما لم يصافحها قائد الإدارة الجديدة، أحمد الشرع.

مقالات مشابهة

  • صحيفة ألمانية: بيربوك سارعت إلى زيارة سوريا لإبعادها عن روسيا والصين
  • عدنان الروسان يكتب .. وزيرة الخارجية الألمانية لم تكن لائقة المظهر
  • بيربوك تؤكد دعم ألمانيا لعملية انتقال سلمي في سوريا وإعادة الإعمار
  • ألمانيا وفرنسا في زيارة تاريخية إلى سوريا: وزيرا الخارجية يتفقدان سجن صيدنايا سيء السمعة
  • أول تعليق من وزيرة الخارجية الألمانية على رفض أحمد الشرع مصافحتها
  • رفض الشرع مصافحة وزيرة الخارجية الألمانية تثير تفاعلا واسعا.. شاهد
  • وزيرة الخارجية الألمانية للشرع: أوروبا لن تمول إنشاء هياكل إسلامية في سوريا
  • ماذا قالت وزيرة الخارجية الألمانية بعد رؤيتها غرف التعذيب في سجن صيدنايا؟
  • وزيرة الخارجية الألمانية: تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا يتطلب ضمان حقوق كافة الفئات العرقية