بعض الأسئلة تكون حاضرة في أذهان الناس دون غيرها من أسئلة أخرى أو مشاعر تضامنية خاصة عندما يحلّ البلاء بشخص قريب أو عزيز أو بعيد، أول ما يسأل عنه أهل الميت، كيف مات فلان؟
وبعد سماع الإجابة يقول البعض: «سبحان الله عرف كيف يموت؟ دلالة على أن الميت أحس بقرب الختام فعمل كذا وكذا، وبأنه كل ما كان يفكر فيه في تلك اللحظة هو الذهاب إلى الآخرة، بينما الواقع أن الشخص قبل أن يموت يعاني كثيرًا من سكرات الموت، وربما الأوجاع التي يحس بها هي التي تشغل كل شيء في تلك اللحظة، وهذا يقودنا نحو اللحظة الحاسمة التي يمرّ عليها الإنسان في وقت المغيب عن الدنيا، فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما حضرته الوفاة، كان بين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات، ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده».
عندما يحتضر الإنسان لا وقت للتفكير أو التأمل، يصبح الأمر عسيرًا جدًا، ربما قبل هذه المرحلة هناك وقت يفكر الإنسان ويتأمل كيف سيفارق أحبته وهو عاجز عن إنقاذ نفسه من ألم يمنعه من التنفس بحرية، أو يوقف ألمًا شديدًا في رأسه أو أي عضو يشكو منه.
أحيانا أحس بأن السائل يرتاح كثيرًا عندما يعرف تفاصيل اللحظات الأخيرة التي مرت على ذلك الميت، وكأن هذا الشيء هو الذي يريد معرفته أكثر من أي شيء يقدمه لأهل الميت من تضامن معهم ليخفف عنهم الشدة التي يعانون فيها بتلك اللحظة.
قد تسمع وأنت ما زلت في أرض المقبرة أشخاصًا يتحدثون بالباطل عن الهالك، وقد يمسون كرامته ومن معه من أهله دون مراعاة للمشاعر أو المكان الذي هم فيه، لا يحسنون صنعا ولا قولا، بل يزيدون من أشجان أقرباء الميت بحديث سخيف للغاية.
المكان والزمان له هيبته عند المقابر، أرض تذكرنا بمستقبل سيأتي علينا لا محالة، وهيبة ووقار يجب أن نعرف حدودها ونتعظ ونعتبر ممن فقدناهم من الوالدين والأخوة والأصحاب، بعد لحظات سينفضّ كلّ شيء والناس ستذهب إلى حال طريقها، لكن الغصّة والألم سيبقيان لأمد متفاوت تضجّ به الصدور الحزينة على من فقدوه.
معرفة النهايات أصبحت أكثر أهمية من معرفة الضروريات التي يجب على الإنسان الانقياد والعمل لها، النفس البشرية غالية جدا، ومرحلة العجز عن دفع الضر هو حال كل البشر، والعمل الصالح هو الذي يترك أثره بعد الرحيل.
الحياة والموت بيد الله تعالى، لكن ألم الفقد وقعه أليم، لنا أصدقاء وأخوة ترجلوا من على ظهر الدنيا مبكرًا، منحونا الكثير من الأمان وشاطرونا الرغبة في الحياة، ورحيلهم المفاجئ أحدث لنا وجعًا لا يمكن وصفه، وفاجعة كبيرة اعتصرت قلوبنا وأبكت عيوننا.
ماذا يعني أن ترحل مبكرا؟ ماذا يعني أن تذهب نحو البعيد؟ كل الأشياء والأمنيات والآمال لا تزال حاضرة في أذهاننا، سنذهب، سنعمل...، كلها أمنيات أصبحت الآن شيئًا من الماضي.
فاجعة الموت لمن عاش لحظاتها يعلم ما أرمي إليه، كل شيء يحتاج إلى وقت لاستيعاب أن جزءًا من جسدك سوف يتوقف عن العمل، وعليك أن تتعايش مع الوضع بالصبر ومرحلة الاستشفاء تحتاج إلى نزيف من الوقت حتى يلتئم جزء من الجرح الغائر.
لكل الذين فقدوا أحبتهم وأصحابهم وأقاربهم، يدركون بأن الحياة ليس لها أمان أو اطمئنان، فلا أحد يعلم من هو الشخص الذي نفقده تابعًا، هي أدوار تتوالى وأنفس تذهب إلى خالقها.
من الأشياء الصعبة أن تفقد عزيزًا عليك في غمضة عين، كيف تصدق أو تستوعب ذلك الحدث، ليس هناك سبب آخر سوى أن أيامه كانت معدودة في الحياة وانتهت، وكل ما عليك فعله أن تصمت قليلا لتستوعب ما حدث.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مراسل «القاهرة الإخبارية»: القوات الجوية الأوكرانية تعلن إسقاط مسيرات روسية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال غيث مناف، مراسل قناة «القاهرة الإخبارية» من كييف، إن هناك أحداثًا متسارعة في الداخل الأوكراني، حيث دوت صافرات الإنذار في معظم الأراضي الأوكرانية، بالإضافة إلى ضواحي العاصمة كييف.
وأضاف مناف، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنه تم الإعلان لاحقًا عن إسقاط مسيّرات من طراز "شاهد" بواسطة صاروخ باليستي، ولم تُسجل خسائر وفقًا للبيانات الصادرة عن سلاح الجو الأوكراني حتى هذه اللحظة.
وتابع، أنّ سلاح الجو الأوكراني أبلغ عن المسيرات التي اجتاحت الأراضي الأوكرانية بعد انتهاء حالة التأهب الجوي في تمام الساعة الثامنة صباحًا، حيث تم الإعلان عن إسقاط 42 مسيّرة باستخدام أنظمة الدفاع التقليدية.
وواصل، أنه جرى الإعلان عن إسقاط 24 مسيّرة بواسطة أنظمة الدفاع الإلكترونية، ولم تُسجل أي حالات أضرار مادية أو بشرية حتى هذه اللحظة. أما بخصوص إعلانهم عن فقدان إحدى تلك المسيرات وعدم إسقاطها حتى الساعة، فلم يتم الإفصاح عما إذا كانت القوات قد أسقطت المسيرة المتبقية أم لا.