قال تيم ليستر، المحلل في شبكة "سي إن إن" الأمريكية، في تحليله الأخير، إن تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان قد سيطر على أجزاء كبيرة من سوريا والعراق في وقت سابق، لا يزال يشكل تهديدا مقلقا رغم تراجع الخلافة التي أعلنها التنظيم لنفسه، لافتا إلى مخاوف الولايات المتحدة من الفراغ الأمني في سوريا.

وأضاف ليستر أن تنظيم الدولة الإسلامية لم يعد كيانا موحدا ومرتبطا كما كان في الماضي، بل أصبح شبكة غير مركزية تتوزع خلاياها على أكثر من 12 دولة حول العالم.

ورغم هذا التوزع، لا يزال التنظيم يحظى بقدرة كبيرة على التحفيز والدعم لعدد من الخلايا النائمة في أوروبا وروسيا، والتي قد تشن "هجمات إرهابية" مدمرة في أي وقت.

وأشار ليستر إلى الهجوم الذي وقع في موسكو في آذار /مارس 2024 والذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية، حيث أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 150 شخصًا وإصابة أكثر من 500 آخرين.

بحسب المحلل، فإن هذا الهجوم أعاد التنظيم إلى دائرة الضوء، وأكد على قدرته على تنفيذ عمليات عالية التأثير في مدن كبيرة، رغم تراجعه الميداني.


وأوضح المحلل أن تنظيم الدولة الإسلامية أصبح أكثر اعتمادا على تحفيز الهجمات التي يُنفذها أفراد متطرفون، بدلا من الاعتماد على هجمات منسقة وكبيرة كما كان الحال في ذروة قوته.

وفي هذا السياق، أشارت مساعدة العميل الخاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، أليثيا دنكان، إلى أن المشتبه به في هجوم نيو أورليانز كان قد نشر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل الهجوم مباشرة، تُظهر تأثره بمنظومة تنظيم الدولة الإسلامية.

واعتبر الكاتب أن هذا الحادث مثالا آخر على تهديد "الذئب المنفرد"، وهو أحد أساليب الهجوم التي تبناها تنظيم الدولة في السنوات الأخيرة، حيث يقوم الأفراد الذين استلهموا أيديولوجيته بتنفيذ هجمات منخفضة التقنية، مثل الطعن أو الدهس بالسيارات، وهي أساليب يصعب اكتشافها أو التصدي لها.

وكان قد تم تنفيذ مثل هذه الهجمات في عدة مدن حول العالم، مثل نيس وبرشلونة وبرلين ونيويورك، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، وفقا لما أورده التحليل.

وأشار ليستر أيضا إلى التحولات التي تشهدها المنطقة، حيث يرى المحللون أن الهجمات التي شنتها "الجماعات الإرهابية"، وعلى رأسها تنظيم الدولة، قد تزايدت بعد بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023.

وأوضح أن تنظيم الدولة دعا بشكل علني في عدة مناسبات إلى استهداف اليهود والمسيحيين، بالإضافة إلى حلفائهم من "المجرمين"، في خطوة تهدف إلى إشعال المزيد من الاضطرابات في الغرب.

لكن التهديد الأكبر الذي يواجهه العالم حاليًا يتمثل في الفراغ الأمني الذي تعاني منه سوريا بعد سنوات من الحرب والدمار، وهو ما يُشكل مصدر قلق كبير للولايات المتحدة والدول الغربية، وفقا للتحليل.

وأشار الكاتب إلى أنه بعد الانتصارات العسكرية ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، يرى المسؤولون الأمريكيون أن هناك خطرا حقيقيا من أن يؤدي هذا الفراغ إلى إعادة التنظيم وتجميع صفوفه مجددا، خاصة مع تزايد الهجمات في سوريا التي بلغت أرقاما قياسية في عام 2024.

وقال الجنرال إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، في وقت سابق من هذا العام إن تنظيم الدولة يمكن أن يستفيد من الوضع الأمني المتدهور في سوريا، مما يُتيح له فرصًا للانتشار والتوسع.

وأكد كوريلا في تصريحاته أن الولايات المتحدة لن تسمح لتنظيم الدولة بإعادة تشكيل صفوفه والاستفادة من الفوضى في سوريا. ومع ذلك، فإن المعطيات على الأرض تشير إلى أن الهجمات الإرهابية في سوريا تضاعفت ثلاث مرات في عام 2024 مقارنة بالعام السابق.

وقدرت تقارير محللين في مركز "صوفان" غير الربحي أن الهجمات التي شنها تنظيم الدولة في سوريا قد زادت بشكل ملحوظ من حيث تطور العمليات واتساع نطاقها الجغرافي.

وفي ظل هذه الظروف، يعرب المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم بشأن احتمال فرار أكثر من 8000 من عناصر التنظيم المحتجزين في سوريا، خاصة بعد تزايد الضغوط على القوات الكردية التي كانت تراقب وتؤمن السجون التي تحتجز فيها هذه العناصر، على حد قول الكاتب.

وحذر كوريلا من أن بعض مقاتلي التنظيم  قد يتمكنون من الهروب، مما يشكل تهديدا كبيرا ليس فقط لسوريا ولكن أيضا للدول المجاورة مثل تركيا، وحتى لأوروبا الغربية.


وأشار ليستر إلى أن تنظيم الدولة في فرعه في خراسان، المتمركز في أفغانستان، قد وسع نطاق عملياتها في السنوات الأخيرة ليشمل دولًا مثل روسيا وألمانيا، مما يعكس الطموحات العالمية لهذا التنظيم.

وأوضح أن تنظيم الدولة في خراسان، الذي استفاد من التوترات السياسية والصراعات في آسيا الوسطى، أصبح أكثر عدوانية في محاولة لتوسيع نفوذه، وقد تم الكشف عن مؤامرات في عدة دول أوروبية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك ألمانيا وسويسرا.

في الختام، أكد المحلل تيم ليستر أن القلق الأمريكي بشأن التهديد المستمر من تنظيم الدولة لا يقتصر على سوريا فقط، بل يمتد إلى جميع المناطق التي يظل التنظيم نشطا فيها. 

كما أن الصورة التي يسعى التنظيم لتقديمها كمنظمة قادرة على تنفيذ هجمات على مستوى عالمي لا تزال تروج وتدعم شبكاته في جميع أنحاء العالم، ما يفرض تحديات كبيرة على الأمن العالمي، حسب ليستر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية تنظيم الدولة سوريا الولايات المتحدة سوريا الولايات المتحدة دمشق تنظيم الدولة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تنظیم الدولة الإسلامیة تنظیم الدولة فی فی سوریا أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

فوضى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشفت عملية طوفان الأقصى التي نفذتها الفصائل الفلسطينية في السابع من أكتوبر عام 2023 عن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الحقيقية في التعامل مع منطقة الشرق الأوسط، إذ بات من الضروري التأكيد على أنه لا يوجد فارق حقيقي بين الديمقراطيين والجمهوريين، وأن سياسات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنطقة تتمحور حول حماية إسرائيل وتكثيف التموضع الأمريكي في جغرافيا الإقليم للهدف ذاته.

 بمجرد اندلاع شرارة الأحداث التي لا تزال تجري وقائعها، حرصت الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية التي يرأسها جو بايدن على التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ودعمت واشنطن حليفتها وذراعها في المنطقة بالأسلحة اللازمة لتدمير الأراضي الفلسطينية، إذ كشفت صحف إسرائيلية أبرزها "يديعوت أحرونوت" عن حجم الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، والذي بلغ قيمته نحو 22 مليار دولار، وهي الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في هجماتها ضد قطاع غزة ولبنان وسوريا.

لقد أعلنت الإدارة الأمريكية الديمقراطية بمجرد بدء الأحداث أنها ملتزمة بحماية إسرائيل، وتوعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الشرق الأوسط بـ"الجحيم" إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى في غزة، وعلى ما يبدو أن جحيم بايدن الديمقراطي لا يختلف كثيرًا عن حجيم ترامب الجمهوري، بعدما بالغت واشنطن في توصيف حادث السابع من أكتوبر من أجل دعم إسرائيل في فرض واقع جديد يقوي من إسرائيل ويضعف من دول الشرق الأوسط.

لقد أمعنت واشنطن بزيادة تموضعها بوضع قواعد عسكرية لها في عدة مناطق بالإقليم تكون هدفها الرئيس حماية إسرائيل ومصالح الولايات المتحدة، وضمان وجودها في أكثر المناطق حيوية وخصوبة بالنفط والغاز، ذلك أن دول الخليج صاحبة الإنتاج الأكبر من النفط والعلاقات الأوثق مع الولايات المتحدة. غير أن هناك دولًا في الشرق الأوسط باتت تستخدمها واشنطن كـ"ساحات مواجهة" تنطلق منها النيران الأمريكية تجاه دول في الشرق الأوسط، وأبرز دليل على ذلك العراق الذى يحتوي على قاعدة عين الأسد الاستراتيجية المهمة بالنسبة لواشنطن والتى أنشئت فترة احتلال الجيش الأمريكى للعراق، والتي زارها ترامب سرًا في نهاية ديسمبر من العام 2018،  وقد فتحت القاعدة الأمريكية أجواءها أمام الطيران الإسرائيلي لقصف مواقع إيرانية في شهر أكتوبر من العام المنصرم 2024. 

وقبل تولي ترامب ولايته الأولى تحدث كثيرًا عن خطط لسحب القوات الأمريكية من العراق، لكنه بمجرد اعتلائه السلطة لم ينفذ وعوده، على الرغم من أنه أبرم اتفاقًا مع السلطات العراقية تقر بسحب واشنطن لجنودها هناك بحلول نهاية عام 2025، إلا أن تصريحات ترامب المتكررة عن ضرورة استمرار التواجد الأمريكي في العراق لمراقبة إيران حالت دون سحب القوات، فيما ينتظر العراق نهاية 2025، لكن يبدو أن الوعد لن ينفذ لأن ترامب بمنطق التاجر ورجل الأعمال طالب العراق بـ"دفع التكلفة" قبل الانسحاب، على اعتبار أن واشنطن أنفقت المليارات لإنشاء قواعدها العسكرية هناك، وإذا لم تدفع العراق تكلفة ذلك فسيتم فرض عقوبات عليها.

ويمعن ترامب في رسائله السلبية للعراق إذ هدد العراق بإقامة الحواجز التجارية مع الدول التي تسعى لإقامة شراكات معها وفي القلب منها الصين، خاصة بعدما بدأ العراق إجراءات تعزيز أصوله باليوان الصيني من خلال بنك التنمية السنغافوري لتمويل التجاره مع الصين بنحو 12 مليار دولار سنويًا. وقد كان هذا الخطاب هو نفس الخطاب الذي استخدمه مع دول تجمع "بريكس" – الذي يضم دولًا من الشرق الأوسط - بعدما حذر دول المنظمة من إنشاء عملة جديدة تنافس الدولار الأمريكي، إذ هدد دول المنظمة بفرض رسوم جمركية عليها بنسبة 100%.

إن منطقة الشرق الأوسط جاذبة لكل التوجهات السياسية والاستثمارية، والاستعمارية كذلك، وهو ما يحتم على دول المنطقة أن تفرق جيدًا بين السياسات الاستعمارية، والسياسات القائمة على الشراكات الاستثمارية كما في حالة الصين مثلا، والتي تعد منافسًا قويًا للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، لكنها ليست شريكًا استعماريًا، إذ تعمل على أن تكون شريكًا نزيهًا في الأوساط السياسية والاقتصادية في الشرق الأوسط، كما كانت شريكًا مهما في التوسط بين المملكة العربية السعودية وإيران لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في مارس من عام 2023، وهما دولتان بارزتان في الشرق الأوسط كانت تحرص الولايات المتحدة الأمريكية على توسيع الفجوة بينهما.

إن سياسات واشنطن في تأجيج الصراعات بين دول الشرق الأوسط لا يستفيد منه إلا الولايات المتحدة الأمريكية من عدة جوانب أبرزها تعزيز صادرات الولايات المتحدة من السلاح لدول الشرق الأوسط، فقد نمت صادرات السلاح الأمريكي للمملكة العربية السعودية وقطر والبحرين بنسبة 17% بين أعوام 2014 – 2018 و 2019 – 2023، طبقًا لبيانات صادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام. وطبقًا لتقديرات نفس المعهد فقد حصلت دول الشرق الأوسط على نصيب الأسد من صادرات الولايات المتحدة من السلاح بنسبة 38٪، ما يعني أن زيادة حدة الصراعات في الإقليم يصب في المصلحة المالية للولايات المتحدة بشكل أساسي، ولذلك لم تكن هناك مبادرات جادة لوقف الحرب في مناطق اليمن الشمالي.

إن منطقة الشرق الأوسط تنظر بعين الريبة إلى الحقبة الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي توعدها بالجحيم، ويتوعد إسرائيل بزيادة رقعتها الجغرافية على حساب الأراضي الفلسطينية، كما يتوعد المنطقة بمزيد من الاستنزاف المادي بحجة حماية الولايات المتحدة الأمريكية لدول المنطقة... وهو ما يستوجب معه اليقظة التامة بين من يمد يده لوأد الصراعات في المنطقة وبين من يرغب في تمزيق المنطقة وقطع نقاط الاتصال بين عناصر بوصلة منطقة الشرق الأوسط شمالًا وجنوبًا شرقًا وغربًا. إن التمييز الأكبر لنا يجب أن يكون بين من يريد شراكات استثمارية ومن يريد تموضعات من نوع آخر على حساب علاقات دول الإقليم. 

لقد أدركت الولايات المتحدة الأمريكية – بعد انتهاء الاستعمار القديم – أهمية منطقة الشرق الأوسط، التي تنافس عليها المستعمرين منذ قديم الأزل بصفتها المنطقة صاحبة الموقع المتميز الرابط بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، بجانب كونها ممرًا لحركة التجارة العالمية عبر البحر الأحمر وقناة السويس والمضائق المائية الاستراتيجية، علاوة على كون المنطقة أهم مصدر للطاقة، وسوقًا واعدة ينطلق منها النفط والغاز إلى الأسواق العالمية. ولذلك كان دأب الولايات المتحدة الأمريكية بشكل عام وسياسات ترامب بشكل خاص الإمساك بتلابيب المنطقة ورسم السياسات العامة لدول الإقليم، والضغط عليها من أجل قبول إسرائيل التوسعية في المنطقة، على حساب علاقات دول الإقليم وبعضها، وهو ما يجب أن تنتبه له دول الإقليم وصناعة القرار فيها، خاصة مع صعود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي يتعامل مع المنطقة بمنطق "رجل الأعمال" الذي يرغب في تحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب الآخرين مهما كانت الظروف والتداعيات.

مقالات مشابهة

  • الدفاع المدني بغزة: الاحتلال شن أكثر من 30 غارة على المواطنين بشكل مباشر
  • محمد عبد الحفيظ: الولايات المتحدة تسعى لإخراج الروس والإيرانيين من سوريا
  • فوضى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
  • بايدن يمنح ميسي أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة
  • رداً على هجوم التنظيم..غارة أمريكية على داعش في الصومال
  • المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه : “حكومات ديموقراطية” هذا ما تخشاه تل أبيب في سوريا والعالم العربي
  • قلق امريكي من الفراغ الأمني في سوريا واستعادة داعش موطئ قدم بالعراق
  • تحليل.. الفراغ الأمني بسوريا وما يقلق أمريكا من داعش إلى الذئاب المنفردة
  • الولايات المتحدة تبدأ بإنشاء قاعدة عسكرية في كوباني شمال سوريا