2025.. هل يحمل الأمل لغزة أم يستمر العذاب؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
غزة- مراسل «عُمان» - بهاء طباسي: في قلب غزة، حيث لا تنتهي معاناة الشعب الفلسطيني من صراع طويل ومعقد، تتبدل السنوات ولا يتبدل الواقع.
ومع نهاية عام 2024، يستعد أهل غزة لاستقبال عام 2025، وهو عام يبدو وكأنه يحمل لهم المزيد من الأسئلة والتحديات، في ظل الوضع الذي لا يزال يشهد حربًا وحصارًا يعصف بحياة ملايين الفلسطينيين.
كيف يرى أهل غزة هذا العام الجديد؟ وكيف يخططون للمستقبل في وقت تتصاعد فيه العمليات العسكرية وتزداد فيه القيود السياسية والاقتصادية؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال شهادات ميدانية وآراء محللين سياسيين في هذا التقرير.
واقع غزة في ظل الحرب والحصار
عاشت غزة طوال السنوات الماضية تحت وطأة الحروب المتتالية والحصار الشامل. لم تتوقف العمليات العسكرية، ولا الحروب المدمرة، ولا حتى الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان. في ظل هذا الواقع المرير، يظل الشعب الفلسطيني في غزة يواجه صعوبات غير مسبوقة على جميع الأصعدة، بدءًا من الحياة اليومية تحت وابل من نيران وتهجير قسري وصولًا إلى الأوضاع الاقتصادية التي تتدهور بشكل مستمر.
يقول «عبدلله الخالدي»، وهو أحد سكان مدينة غزة: «في كل عام نأمل أن يأتي السلام، لكن مع الأسف، كل عام نمر بنفس المعاناة. الحروب لا تنتهي، والحصار يزداد قسوة. لا نعلم كيف ستكون الأيام القادمة؟ ولكننا لا نتوقف عن الأمل. مهما كانت الظروف، نواصل العيش، نواصل المقاومة».
أما «أم يوسف»، وهي امرأة مسنّة من مخيم جباليا في شمال غزة، فقالت: «ماذا ننتظر من العام الجديد؟ الحرب لم تتوقف، ونحن نعيش في ظروف صعبة جدًا داخل الخيام ومراكز الإيواء».
وتضيف بألم: «الكهرباء مقطوعة تماما، والمياه ملوثة، والمرض يهدد الجميع. لكن مع كل هذا، نحن هنا، نحن صامدون، ولن نسمح بأن ننهزم».
هذه الشهادات تمثل نبض الشارع الغزي الذي يسعى رغم القسوة إلى الاستمرار في الحياة وسط كل التحديات.
جيل يكبر وسط الدمار وانعدام مقومات الحياة
من الشمال إلى الجنوب، تختلف المشاهد ولكن تظل المعاناة واحدة. في مدينة رفح، الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، يقول «عادل سمارة»، وهو شاب في الثلاثينات من عمره: «الحصار لم يقتصر على الحدود فقط، بل دخل إلى داخل بيوتنا. دُمرت بالكامل. لا عمل، لا أمل. الجميع ينتظرون انتهاء المعركة، لكن المعركة لا تنتهي. في هذا العام، لا نعلم إن كنا سننجو أم لا، لكننا نعيش يومًا بيوم».
وفي مدينة خان يونس، وسط القطاع، تذكر «فاطمة بكري» وهي أم لثلاثة أطفال: «أطفالي يكبرون في بيئة مليئة بالدمار، لا مدارس، لا أمان، في بعض الأحيان، نعيش في خوف من القصف». وتضيف: «لكننا لا نستسلم، أعيادنا باتت أشبه بالأيام العادية، لأن الحرب أخذت منّا كل شيء».
وفي حديث مع «أبو محمد العمودي» من مخيم جباليا شمال غزة، الذي اضطر للنزوح بعد قصف منزله، قال: «لقد فقدنا كل شيء. الخيمة أصبحت بيتنا، ولكن البرد والريح يقطعان أجسادنا في هذا الشتاء القاسي. حتى مياه الأمطار التي تتساقط بكثرة تدخل إلى الخيمة وتغمر الأرض».
ويشير: «نحاول حماية الأطفال لكن الظروف أقوى منّا، لا أستطيع أن أصف لكم كيف نعيش، ولكننا صامدون، لأنه لا خيار لدينا».
من جهة أخرى، قالت «أم حسن العصار»، وهي امرأة مسنّة نازحة من منطقة شرق غزة: «في الخيمة، لا يوجد شيء، لا تدفئة، ولا غذاء كافٍ، الأمطار غمرت خيمتنا، ونحن نحاول إبقاءها جافة باستخدام الأغطية القديمة».
وتؤكد: «الوضع صعب جدًا، والمساعدات التي نحتاج إليها تأخرت كثيرًا. كلما ازدادت الرياح، تزداد معاناتنا».
وتذكر «هالة لافي» من مخيم الشاطئ غرب غزة، وهي شابة في العشرينات، قائلة: «أمي مريضة ولا أستطيع تأمين العلاج لها في هذا المكان، نحن نعيش في خيمة صغيرة لا تحمينا من البرد أو المطر، لا نعرف كيف سنظل على قيد الحياة في هذه الظروف».
وأضافت: «نحن نواجه صعوبة في تأمين احتياجاتنا الأساسية من الغذاء والدواء. الأطفال يتعرضون للمرض بشكل مستمر، ونحن عاجزون عن مساعدتهم».
تتوزع الشهادات لتظهر أن أهل غزة يعانون بشكل متشابه، رغم تفاوت الأماكن، في كل زاوية من القطاع، هناك أمل، ولكن هذا الأمل مكبل بالواقع الأليم. فالأحلام تصبح صعبة التحقيق في ظل الحصار والحروب المستمرة، لكن الناس يصرون على العيش في هذا الجحيم الذي لا ينتهي، ويواجهون الأزمات بكل صبر وإرادة.
العمليات العسكرية تحدد مستقبل الصراع في 2025
في هذا السياق، تحدث العديد من المحللين السياسيين عن المستقبل المظلم الذي ينتظر قطاع غزة في العام الجديد. يقول محمد شاهين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة: «لا أعتقد أن العام 2025 سيكون عامًا أفضل لأهل غزة. لا شيء ينذر بانتهاء الحرب في القريب العاجل، والأوضاع السياسية على الأرض تزداد تعقيدًا. الحصار مستمر، والعملية السياسية في حالة جمود، بينما تستمر الانتهاكات الإسرائيلية».
ويوضح المحلل السياسي الفلسطيني: «الوضع في غزة يتطلب تدخلاً دوليًا حقيقيًا، وهو أمر بعيد المنال في الوقت الحالي. الكل يتحدث عن حلول، ولكن لا أحد يقدم خطة عملية لإنهاء المعاناة. الشعوب في غزة تتطلع إلى الأمل، لكن الأمل يتلاشى مع كل قذيفة تصيب الأرض».
من جهة أخرى أشار محمد جودة، الباحث في الشؤون الفلسطينية، إلى أن عام 2025 سيكون عامًا مفصليًا في عملية المقاومة الفلسطينية.
وأضاف: «الظروف في غزة قد تدفع نحو انفجار جديد في أي لحظة. لا يمكن التنبؤ بما سيحدث، ولكن في ظل حالة الجمود السياسي، فإن التحركات العسكرية والميدانية هي التي ستحدد مصير الوضع في القطاع».
الجانب الاقتصادي
من الناحية الاقتصادية، تعتبر البطالة في غزة من أعلى المعدلات في العالم، حيث لا يجد الشباب فرصًا للعمل في ظل الحصار والدمار المستمر.
وفي الوقت نفسه، يواجه رجال الأعمال في غزة تحديات كبيرة في الاستيراد والتصدير، بسبب القيود المفروضة على المعابر التجارية. بينما ينفق أهل غزة معظم مواردهم على الغذاء والضروريات الحياتية، فإن أي تحسن في الظروف الاقتصادية يبدو بعيدًا.
الجانب الاجتماعي
على الرغم من الأزمات المستمرة، يظل سكان غزة صامدين في وجه التحديات اليومية. هناك العديد من المبادرات الشعبية التي تسعى لتحسين الوضع الاجتماعي، من خلال دعم الأسر الفقيرة والمحتاجين، وتنظيم الفعاليات المجتمعية التي تهدف إلى تخفيف بعض من الألم.
في النهاية، يظل عام 2025 عامًا مشبعًا بالأمل والقلق في غزة. مع استمرار الحرب والحصار، يبقى الشعب الفلسطيني في غزة يقاوم بصبر وشجاعة لا مثيل لها. لكن السؤال الأهم الذي يطرحه الجميع هو: هل سيستمر هذا الحال؟ وهل سيشهد العام القادم انفراجة في الأفق، أم أن الآلام ستستمر؟ تبقى الإجابة مفتوحة، ولكن يبقى أهل غزة دائمًا على أمل أن يأتي يوم يكون فيه السلام هو ما يرافقهم في حياتهم اليومية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أهل غزة فی غزة فی هذا عام 2025
إقرأ أيضاً:
شكراً وزارة الداخلية...ولكن؟!
بعد المقال الذي نشرته بعنوان "خطف الأطفال حقيقة أم شائعة"، والذي تناول الظاهرة التي أثارت ضجة في الآونة الأخيرة حول ما يُشاع عن خطف الأطفال وتجارة الأعضاء، قامت وزارة الداخلية مشكورة بإصدار بيان رسمي نافيًا كل ما تردد من شائعات حول هذه القضية، مؤكدةً عدم وجود أية حالات لخطف الأطفال بغرض بيع الأعضاء في الفترة الأخيرة. وقد جاء البيان ليطمن المواطنين ويُبين لهم حقيقة ما يتم تداوله من فيديوهات مزيفة ومعلومات مغلوطة على منصات التواصل الاجتماعي.
نحن إذ نُقدر هذا البيان الذي أتى في وقت حساس للغاية، نجد أنه من الضروري التوقف عند بعض النقاط المهمة لفهم طبيعة الجرائم التي قد تحدث في الواقع وكيفية تمييزها عن الشائعات التي تروج على الإنترنت.
أبرز الأسباب التي ساهمت في نشر الشائعات هو انتشار بعض الفيديوهات المزيفة والمُلفقة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تُظهر أشخاصًا مجهولين يحاولون اختطاف أطفال في أماكن عامة أو نائية. هذا النوع من الفيديوهات يتم إنتاجه بغرض إثارة الرعب والفزع بين الناس، ولكن الغريب هو أن هذه الفيديوهات لا تحتوي على أية أدلة حقيقية تدعم صحة ما يتم عرضه، بل وغالبًا ما يتم تصويرها بشكل مبالغ فيه. هذه الفيديوهات جعلت العديد من الأسر في حالة من القلق المستمر.
وقد أكدت وزارة الداخلية أن هذه الفيديوهات ليست سوى محاولات تزييف تهدف إلى زعزعة الأمن النفسي للمواطنين، وطالبت جميع المواطنين بعدم الانسياق وراء هذه الشائعات والتأكد من صحة المعلومات قبل نشرها أو تداولها. وهذا ما نؤيده بشدة، حيث من المهم أن يكون لدى المواطن الوعي الكامل في التعامل مع المعلومات المتاحة على الإنترنت، خاصةً في ظل وجود منصات عديدة يمكن أن تكون ساحة لنشر الأخبار الكاذبة.
ولكن بعيدًا عن الشائعات والفيديوهات المزيفة، هناك بعض الحوادث الواقعية التي حدثت بالفعل ، والتي تتعلق بخطف الأطفال أو اختفائهم في ظروف غامضة. وأحد أبرز الأمثلة التي تم الحديث عنها في وسائل الإعلام مقتل طفل شبرا الخيمة وتفريغ احشائه بالكامل ، وعلى نفس المنوال، كانت حادثة مقتل الطفلة مكة" التي تم اختطافها وقتلها وتفريغ أحشائها بقرية "وردان " بمثابة صدمة ثانية للعامة، بعد أن تم العثور على جثتها في حالة مشابهة لما جرى مع طفل شبرا الخيمه.
وعلي الرغم من أنه لا توجد معلومات مؤكدة بعد عن وجود علاقة مباشرة بين جريمة الطفلة مكة وجريمة الطفل في شبرا الخيمة، فإن أسلوب الجريمتين يعكس تطوراً مقلقاً في نوعية الجرائم ضد الأطفال في البلاد . فوجود هذا النوع من التفريغ للأعضاء يعكس تحولات جديدة في أساليب الجريمة التي تستهدف الأطفال، وهو ما يستدعي تحقيقات موسعة تضمن الكشف عن حقيقة هذه الشبكات الإجرامية.
نعلم أن التحقيقات في قضية الطفلة "مكة "ما زالت جارية، ولكن هذه الجريمة لم تكن حادثة عابرة. العديد من الأسئلة بقيت دون إجابة: هل كان الخطف بدافع التجارة بالأعضاء؟ أم أن هناك دوافع أخرى لا نعلمها حتى الآن؟ ما هي الدوافع النفسية أو الاجتماعية التي قد تدفع شخصاً لارتكاب جريمة بهذا الحجم؟