هل يبدأ تبادل الوفود بين مصر وسوريا قريباً؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
بعد أول زيارة لوفد رسمي من الإدارة السورية الجديدة إلى السعودية، تزامناً مع ترتيبات الجامعة العربية لإيفاد أول مبعوث لها إلى سوريا، بدأت التساؤلات تدور حول موقف الحكومة المصرية، وهل سترسل وفداً إلى دمشق للقاء الإدارة السورية الجديدة؟.
وكان وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي أجرى اتصالاً بنظيره السوري الجديد أسعد الشيباني، وتم الاتفاق على استمرار التواصل بين الجانبين، دون التطرّق إلى إجراء زيارات متبادلة بين الجانبين.دراسة جيدة للموقف وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير رخا أحمد حسن إن الجانب المصري مازال يدرس الموقف جيداً، نظراً لحساسية الوضع، والذي مازال يحمل الكثير من التشابكات السياسية، وفي ظل عدم الاتفاق على الخريطة السياسية داخل سوريا. وأوضح حسن لـ24 أن الجانب المصري يستمع جيداً لوجهات النظر من قبل الجانب السوري، من أجل التوصل إلى آلية يتم من خلالها التعامل، وبدء تعزيز العلاقات بين الجانبين، مشيراً إلى أن سوريا مهمة للغاية بالنسبة لمصر، لأنها استراتيجياً تعد من أهم دول المشرق العربي. وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أنه لا يوجد ما يدعو للعجلة، وهناك تواصل بالفعل بين الجانب المصري والإدارة السورية الجديدة، ومن المتوقع أن تجرى زيارة قريباً لسوريا أو العكس، بعد زيارة وفد سوري بارز إلى السعودية. وأشار حسن إلى أن الوفود الأجنبية والعربية، التي أجرت زيارات عديدة إلى سوريا، تحركت من دافع القلق، موضحاً أن مصر قد تشارك في إعادة الإعمار، وترتيبات الأمور خلال الفترة المقبلة.
#عاجل| #مصر.. السفارة السورية تقدّم عرضاً للراغبين في العودةhttps://t.co/htIQ4N3c8K
— 24.ae (@20fourMedia) January 2, 2025 انفتاح عربي وكشفت تقارير إعلامية عن اتجاه جامعة الدول العربية نحو إيفاد مبعوث خاص إلى دمشق بهدف استكشاف الأوضاع، وعقد لقاءات مع الإدارة الجديدة، وممثلي الأطياف الأخرى في البلاد. وأشارت تلك التقارير إلى أنه في ظل التطورات الأخيرة، هناك اتجاه داخل الجامعة العربية لإيفاد مبعوث خاص إلى دمشق، بهدف فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها. ومن بين أهداف الزيارة المعتزم تنفيذها العمل على تقديم قراءة أمينة بشأن الوضع في دمشق، وتصورات الإدارة الجديدة لعواصم عربية أخرى في شمال أفريقيا، خارج لجنة الاتصال المعنية بسوريا.المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية "تميم خلاف" عقب اتصال هاتفي بين وزير الخارجية السوري "أسعد الشيباني" ونظيره المصري "بدر عبد العاطي" مساء أمس الثلاثاء قال:
????"عبد العاطي" أكد وقوف مصر بشكل تام مع الشعب السوري ودعم تطلعاته المشروعة ودعا كافة الأطراف السورية إلى إعلاء المصلحة… pic.twitter.com/KAcypLdmAj
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الحرب في سوريا وزیر الخارجیة بین الجانب
إقرأ أيضاً:
العثمانية الجديدة على المحك السوري
أمضى الرئيس التركي رجب أردوغان سنواته العشر الأولى وهو ينتظر على أبواب الاتحاد الأوروبي، حتى حسم قناعته بأن لا مكان لتركيا في الاتحاد مهما فعلت وقدّمت من تنازلات لسبب بسيط غير قابل للتغيير، هو الديمغرافيا الإسلامية الكبيرة التي تمثلها تركيا، وفي عام 2010م عندما قرّر أردوغان الاستدارة نحو هوية تركيا الإسلامية كمدى حيويّ بديل، اختار شعار وزير خارجيته –آنذاك- أحمد داود أوغلو نزاعات صفر مع الجيران، وكان الانفتاح التركي السوري أبرز مؤشرات هذا التحول، لكن سرعان ما اختارت تركيا أردوغان التقاطع مع المشروع الأمريكي الأوروبي الذي استهدف سوريا والرئيس بشار الأسد، وتحوّلت إلى القاعدة الرئيسية لحرب رأى فيها أردوغان فرصة وحيدة وثمينة لاستعادة أمجاد العثمانية.
لقيت نظرية العثمانية الجديدة عبر قيادة تركيا وقطر لتنظيم الإخوان المسلمين في المنطقة اهتماماً أمريكياً وأوروبياً، وقد ظهر مع الربيع العربي أن الإخوان المسلمين هم الجهة المهيأة لتسلم السلطة في كل من تونس ومصر، والاستعداد لتسلم سوريا وليبيا واليمن، ولفترة غير قصيرة سادت قراءات وضعت العثمانية في مستوى الاتحاد الأوروبي كمنظومة سياسية اقتصادية أمنية إقليمية مهيأة لاحتواء دول الشرق الإسلامية، بمثل ما قام الاتحاد الأوروبي باحتواء دول أوروبا الشرقية، ما يتيح الإطباق على روسيا عبر فكي كماشة أوروبي وعثماني من جهة، ومن جهة مقابلة محاصرة الصين بعالم إسلاميّ تقوده تركيا، وفي الطريق إلى ذلك محاصرة إيران داخل حدودها، وفي كل الأحوال بدت السيطرة على سوريا بيضة القبان في هذا المشروع.
نجحت تركيا بإدارة معركتها للظفر بسوريا، حيث تراجعت وتقدّمت بعناية، كي لا تخوض المعركة في غير أوانها من جهة، وكي لا تخسر أوراقها في التسويات والتنازلات من جهة مقابلة، وقد جاءت الفرصة أخيراً بعد حرب الطوفان التي أنهكت قوى المقاومة، وأصاب الوهن الكثير من مفاصل الحياة السورية بفعل العقوبات الأمريكية والضربات الإسرائيلية، وبقاء جبهتي شمال شرق وشمال غرب سوريا مفتوحتين، وجاءت الترتيبات الاستخبارية والعسكرية لتكمل ما أظهرته الظروف من فرصة، ورمت تركيا بثقلها للفوز بالجائزة الكبرى، وحساباتها أن ما يقدمه التغيير في سوريا لكل من واشنطن وتل أبيب سيكون كافياً لترك تركيا تدير سوريا منفردة، فالتغيير يُخرج إيران وحزب الله من سوريا، ويقطع طريق إمداد المقاومة ويضعف روسيا، وينهي الجيش السوري ومقدراته، وهذه المكاسب التي تفوق التصور يجب أن تتكفل بالحصول على وقف “إسرائيل” تدخلاتها ما دام السبب قد زال وهو وجود إيران وحزب الله، والحصول على رفع العقوبات الأمريكية ما دام السبب قد زال وهو النظام السابق، وفي الطريق حل المسألة الكردية شمال شرق سوريا وتمكين النظام الجديد من السيطرة على حقول النفط والغاز.
انتهت فترة الاختبار وسقط الرهان التركي، وها هي أنقرة وجهاً لوجه مع قرار إسرائيلي برفع وتيرة التصعيد وسقف المطالب والأهداف في وقت واحد، واصطفاف أمريكي وراء “إسرائيل” يترجمه التلكؤ في رفع العقوبات وإيجاد الحجج والذرائع لذلك، وما يجري في المسألة الكردية كافٍ لتفسير كل شيء، وخلال اليومين الأخيرين وصل سقف الأهداف الإسرائيلي إلى رسم خطوط حمراء أمام تركيا ورفض التسليم بالتعامل معها كدولة رعاية للنظام الجديد في دمشق، تجب مفاوضته ومراعاته في الحسابات الإسرائيلية حول سوريا، فقد قالت الغارات الأخيرة إن خط الانتشار العسكري التركي المسموح في سوريا هو الخط السابق لسقوط النظام، فلا وجود في حماة ولا في حمص وحكماً لا وجود في دمشق، وعلى تركيا إذا أرادت الدفاع عن مشروعها التاريخي الوليد أن تقاتل.
أنقرة في قلب أزمة سياسية داخلية عميقة، وانتكاسة مشروعها في سوريا كانت سبباً في تسريع الأزمة، ومعاهدة الدفاع السورية التركية صارت خطاً أحمر إسرائيلياً، ومثله نشر دفاعات جوية تركية في سوريا، ومثله الرهان على تحويل سوريا إلى قاعدة انطلاق العثمانية الجديدة، وبدون سوريا تفقد أوراق تركيا الإقليمية الكثير من أهميتها، من ليبيا إلى السودان والصومال وصولاً إلى اذربيجان، فهل تقاتل تركيا أم تتراجع؟
العثمانية الجديدة على المحكّ السوري بعد خمسة عشر عاماً من الاعتقاد بأن الذكاء التركي نجح بتجاوز كل المطبات والعقبات، حيث التراجع نهاية المشروع وربما معه النظام في تركيا، والمضي قدماً بقوة مخاطرة بمواجهة مكشوفة قد تقابل بضغط أمريكي شديد القسوة، والرهان على التوصل إلى تسوية، يعني فقط قبول الشروط الإسرائيلية التي لا تضمن أي حكومة في دمشق البقاء إذا قبلت بها، وفي طليعتها التوقيع على ضمّ الجولان لـ”إسرائيل” وإقامة منطقة أمنية إسرائيلية تمتدّ إلى أطراف دمشق، بما يعنيه كل ذلك من قبول تركي بدور حارس مصالح أمنية حدودية لـ”إسرائيل” وقد صار جاراً لها، وإنهاء اللعبة الإعلامية التي تتخذ من فلسطين عنواناً لمشروع العثمانية الجديدة، فالطريق مفتوح فقط لـ”ميني عثمانية” تخدم المشروع الإسرائيلي علناً كحال “ميني منظمة تحرير” فلسطينية تفعل الشيء نفسه.
* رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية