بثينة تروس

عادةً ما يعلو صوت الجنرال ياسر العطا بعاطفته، ويظهر اهتمامه بتلميع أزرار بزته العسكرية بحثًا عن رضا فلول الإخوان المسلمين. وقد تزامن تهريجه الأخير مع تهديد المدعو (الانصرافي) من منصته على “تيك توك”، حيث زعم أن القوات المسلحة والجنرالات البرهان والعطا غير مؤهلين لقيادة المعارك العسكرية. وذلك لسماحهم لأبي عاقلة كيكل، قائد قوات درع السودان، الذي انسلخ من الدعم السريع، ورجع إلى صفوف الجيش بأنه ينسب الانتصارات الأخيرة في الجزيرة إلى قواته، بدلاً من نسبها إلى قوات العمل الخاصة وفرقة رجال حلفا والدينارية، التي هي جميعًا مليشيات استحدثت مؤخرًا من رحم الجيش لقتال مليشيات الدعم السريع.

وبنفس التهريج، وجه الانصرافي استجواباته المتكررة للجنرال ياسر العطا في صميم عمله العسكري، وبشكل مهين، عن مصير صناديق الدوشكا والمتحركات، حتى يُخيَّل للسامع أنه مجند تحت قيادته!

خطاب العطا، كعهده، متهافت يكثر فيه الهذيان، حيث يزعم بطولات متوهمة في زمن الحرب، مؤكدًا أنه بمناسبة استقلال البلاد. رغم أن الواقع يكشف أن السودان استبدل الاستعمار بحكامً مستعمرين من بني جلدته، ظلوا يسرقون دون خجل، يفسدون دون استغفار، يأكلون خيراته ولا يشبعون، ويدمرون ولا يعمرون. وفي غمرة انفعال الجنرال، وهو يتبع خطابات الإخوان المسلمين، تناسى أنه لم يتبقَّ هنالك شعب يخاطبه أو يهنئه، في ظل استمرار حربهم التي أسفرت بحسب آخر إحصائيات عن 130 ألف قتيل، منهم 19 ألفًا ضحية مباشرين، فضلًا عن 111 ألف ضحية نتيجة الجوع والأمراض. أما النازحون داخل السودان، فقد بلغ عددهم 14.8 مليون، بينما تجاوز عدد اللاجئين 3.3 مليون في دول الجوار. كما أن المواطنين في الداخل لا يستطيعون تحمل الفقر والظروف المعيشية الصعبة، ويقفون في صفوف “البليلة” طوال يومهم دون القدرة على الاستماع إلى خطابه الترفي هذا. بينما لا يزال آلاف السودانيين يهربون إلى الخارج بحثًا عن الأمان، تزداد العلاقات تعقيدًا مع دول الجوار، ومنها دولة الإمارات، التي استأسد العطا على حكامها متهمًا إياهم بالسعي لاحتلال بلادنا، على طريقة “أمريكا وروسيا قد دنا عذابها” علي أي حال ما هكذا تورد الإبل في السياسة ودهاليز مصالحها لو كانوا يعلمون!

ونؤكد أنه لا ينكر وطني مخلص حق بلاده في صيانة حدودها، واستقلالها، وصون أراضيها، وحمايتها من التدخلات الخارجية، مهما كانت أواصر العلائق والروابط عميقة وحميمية بين دول الجوار! ولكن نقول لهؤلاء الجنرالات المتشدقين بصون البلاد، هل لكم لسان صدق يُؤتمن؟ من الذي فرَّط في حماية البلاد؟ ومن الذي باعها رخيصة من أجل البقاء في السلطة؟ إلى متى سيظل الإخوان المسلمون يتكئون على ذاكرة الشعب السوداني المتسامحة، التي تُجَيَّش بالخطاب الحماسي الوطني والعاطفة الدينية؟ ألم يهدروا دماء أبناء الوطن، حين تحالفوا مع حكام الإمارات بنفس أدوات الخديعة التي وصلوا بها إلى سدة الحكم، وقت أن ادعوا أنهم تائبون توبة نصوحًا عن منهجهم في الإسلام السياسي، وأنهم يحاربون الإرهاب؟ ثم طلقوا علاقتهم مع إيران، وقايضوا دماء السودانيين بالأموال حين شاركوا في “عاصفة الحزم” ضد الحوثيين، وضعوا أيديهم في يد حكام الإمارات الذين يسبونهم اليوم. وقتها، أرسلوا 30 ألف مقاتل من الجيش السوداني بقيادة قوات الدعم السريع وقائدها حميدتي، وعرب الشتات.

أيها الجنرالات، أنتم على دراية تامة بأن السودان بعد حربكم أصبح محل طمع جميع دول العالم، بما في ذلك دول الجوار الإقليمي! ليس فقط من أجل أراضيه الشاسعة الخصبة، الحبلى بالبترول، والغاز الطبيعي، والذهب، والمعادن، ومياهها العذبة، والثروة الحيوانية. ولكنهم طامعون أكثر في عمالتكم وارتزاقكم، وأنتم من أجل مطامعكم الشخصية تبيعون البلد بأجمعها لمن يدفع أكثر. فلقد نفضتم اليوم أيديكم عن الإمارات، ليس ثأرًا لأطماعهم، وخوفاً من احتلالهم، ولكن لأن ابنكم، قوات الدعم السريع، قد خرج عن طوعكم! وكيف تحدثوننا عن أنكم لا تقبلون الإهانة! وأنتم تضعون أيديكم مع الرئيس السيسي وسياسات مصر التي تنتهك سيادة السودان حرفيًا، باحتلال مناطق حيوية من حيث الموارد والموقع الجيوسياسي، مثل مثلث حلايب، أبو رماده، وشلاتين، التي تخطط مصر لإنشاء خزان فيها لتخزين مياه النيل التي عجزتم عن الاستفادة منها؟ بل إن مبلغ الإهانة أن مصر لا تسمح حتى بوضع لافتة في مطعم كتب عليها (حلايب سودانية)، حيث كان مصير صاحبها الاستتابة عن هذا القول وإغلاق محله.

أيها الجنرال المحتال، أنتم اليوم تقايضون روسيا السلاح والذخيرة مقابل مواقع عسكرية على سواحل البحر الأحمر. ووزير خارجيتكم علي يوسف، لا يرى مانعًا في إنشاء قواعد عسكرية روسية أو أمريكية أو فرنسية، بل وحتى عشرين قاعدة وفقًا لتصريحاته. إذًا، كيف تلومون الطامعين وأنتم البائعون؟ ولتعلموا أن الشعب السوداني جدير بحماية سيادته الوطنية لو عدتم إلى ثكناتكم.

الوسومبثينة تروس

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السریع دول الجوار

إقرأ أيضاً:

الحركة الشعبية شمال ترد على بياني الاتحاد الأوروبي ومجلس السلم الأفريقي

متابعات ــ تاق برس  أشادت الحركة الشعبية شمال – قيادة مالك عقار بالموقف القوي والصارم من مجلس السلم والأمن الأفريقي تجاه وحدة السودان وسلامة أراضيه ورفض الحكومة الموازية وتجاه عضوية مجلس السلم بعدم الاعتراف بها والتعامل معها.

وتمنت الحركة الشعبية شمال في بيان أصدرته اليوم “الأربعاء” موقف الاتحاد الأوروبي الرافض للحكومة الموازية والداعم لوحدة السودان وتمنت الحركة المزيد من التعاون بين الدولة والمؤسسات الدولية والإقليمية لتحقيق السلام في السودان بعد الموقف الموحد لكل المؤسسات الدولية والإقليمية تجاه وحدة السودان وسلامة أراضيه. وأكد الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية سعد محمد عبد الله أن البيان الصادر من مجلس السلم والأمن الأفريقي دليل على أن المجلس في ثوبه الجديد صحح مساره وأصبح يضع المصلحة العليا لدول القارة فوق المصالح الشخصية الضيقة، ولفت إلى أن الاتحاد الأوروبي تفهم خطورة تقسيم السودان واتخذ الموقف الصحيح من ما وصفها ل”حكومة الاستبداد” ووضع حدا لأطماع الدول الراغبة في الاستفادة من التقسيم لنهب ثروات السودان وتهجير شعبه. وشدد سعد على أهمية أن يتم اي حل للأزمة السودانية عبر الحكومة الرسمية المعترف بها من كل الجهات الدولية لأنها المسؤولة عن حماية الشعب السوداني والحفاظ على وحدة البلاد. الاتحاد الأوروبيالحركة الشعبية شمالمجلس السلم الأفريقي

مقالات مشابهة

  • الحركة الشعبية شمال ترد على بياني الاتحاد الأوروبي ومجلس السلم الأفريقي
  • السودان يكشف عن تحديات تواجه مكافحة المخدرات بعد سيطرة الدعم السريع على مناطق إنتاجها
  • السودان: الدعم السريع يقصف مدينة الأبيض لليوم السادس توالياً
  • البرهان ينفي إمكانية التفاوض مع الدعم السريع ويؤكد استمرار القتال لإنهاء التمرد
  • البرهاني ينفي إمكانية التفاوض مع الدعم السريع ويؤكد استمرار القتال لإنهاء التمرد
  • النوبة بكشفون سبب تحالف الحلو الدعم السريع
  • هل تلاحظون الصمت الذي ضرب على خيمة خالد سلك؟!
  • السودان.. مقتل وإصابة 30 مدنياً بقصف لقوات الدعم السريع استهدف مدينة إستراتيجية
  • خبير عسكري يرجح وجود ارتباطات خارجية لفلول النظام المخلوع بسوريا
  • الجيش يهاجم الدعم السريع بعدة جبهات ويسعى للسيطرة على مركز الخرطوم