شاهد.. مسؤولون يعدّدون للجزيرة نت أبرز فرص الاستثمار في سوريا ما بعد الأسد
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
سوريا- أصبحت سوريا أرضا خصبة للاستثمارات الخارجية بعد سقوط نظام الأسد ومرور 14 عامًا من الحرب أدت إلى دمار معظم المدن وتراجع جميع المجالات الاقتصادية والاستثمارية، مما يفتح المجال أمام فرص الاستثمار الدولية الكبيرة.
وأعلن قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع -عقب اجتماع بين وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدولة بالخارجية القطرية محمد الخليفي- أن الدوحة أبدت اهتمامها بالاستثمار في قطاعات من بينها الطاقة في سوريا مستقبلًا.
وفي سوريا ما قبل سقوط نظام الأسد كانت ثمة حالتان للمناطق:
مناطق سيطرة النظام: تعيش حالة اقتصادية صعبة في ظل انهيار العملة المحلية (الليرة) والترهل في قطاعات الدولة الخدمية والاقتصادية والفقر ونقص حاد في الخدمات الأساسية من كهرباء وغاز ومحروقات، كما كان يعيش المواطن على ما يعرف بالبطاقة الذكية التي تحدد كميات معينة من استهلاكه الغذائي اليومي مثل الخبز. مناطق المعارضة: فيها عدد كبير من السكان الذين ما زالوا يعيشون في مخيمات النزوح من دون القدرة على العودة إلى منازلهم المدمرة بشكل كامل، وهم في انتظار إعادة الاعمار الذي يمكنهم من العودة.
ومن جانب آخر، تعيش قطاعات الدولة عجزًا وتأخرًا في جميع مجالات الطاقة والنفط والطيران وإعادة الإعمار حتى الخدمات الأساسية للمواطن من ماء وغذاء وإنترنت وكهرباء، نتيجة الترهل وضعف المؤسسات الاقتصادية والخدمية.
إعلانويقول مسؤول العلاقات العامة بوزارة الاقتصاد إياد نجار -للجزيرة نت- إن قطر على علاقة قوية مع دمشق بالإضافة لدعمها المستمر للشعب السوري خلال فترة الحرب وهي من الدول المتقدمة في مجال الاستثمارات والطاقة والطيران والغاز وغيرها من المجالات.
إياد نجار: نحن بصدد قديم دراسات موسعة عن المرافق التي تحتاج إلى استثمارات في سوريا
وأضاف "الفرص الاستثمارية كبيرة والباب مفتوح للاستثمار في جميع المرافق الحيوية من مطارات وموانئ وسكك حديدية لأنها جميعها إما متوقفة أو مترهلة أو قديمة وتحتاج إلى عمل استثماري ضخم وسريع لإنعاش هذه المرافق وانطلاقها بالعمل من جديد للنهوض بالواقع الاقتصادي والخدمي الذي سيعود على الشعب".
ولفت نجار إلى أن سوريا في هذا الوقت بيئة خصبة أمام الفرص الاستثمارية، وأن الحكومة بصدد تقديم دراسات موسعة عن المرافق التي تحتاج إلى استثمارات.
ونوه إلى أن حكومته تفتح الباب للجميع للاستثمار، وتتجه إلى تحرير السوق وتطبيق مفهوم السوق الحرة.
الاستثمار بقطاع النقل الجويتمتلك سوريا عددا من المطارات المدنية:
مطار دمشق الدولي: يبعد عن العاصمة ما يقارب 30 كيلومترا. مطار حلب الدولي: ثاني أكبر مطار دولي، وهو على بعد 10 كيلومترات من وسط المدينة. مطار حميميم (باسل سابقا): أصبح قاعدة جوية روسية عسكرية بعد التدخل الروسي عام 2015. مطار دير الزور الدولي: استخدم مدنيا وعسكريًا. مطار القامشلي الدولي: يقع في مدينة القامشلي (شرق) ويستقبل الرحلات من المطارات السورية.وتُعد بُنية المطارات السورية قديمة من حيث الطائرات الموجودة وهي من نوع إياتا آر بي، إيكاو إس واي آر بتاريخ منشأ 1946 وتحمل رمز "إس واي آر آي إيه إن إيه آي آر" وتعد أنظمة الملاحة الجوية والبنية التحتية والبرقيات والطائرات قديمة جدا.
وقد زادت العقوبات التي فرضت على سوريا خلال سنوات الحرب من تقييد حركة المطارات بشكل كبير.
ويقول مدير مطار دمشق الدولي المهندس أنيس فلوح -للجزيرة نت- إن أغلب القطاعات في المطارات السورية من الطائرات والبنية التحتية وبنية الاتصالات ونظام البرقيات والملاحة الجوية قديمة جدًا، وتحتاج إلى تطوير كبير حتى تصل إلى المستوى الحديث الموجود في المطارات العالمية.
إعلانوطالب فلوح بتطوير بنية المطارات المدنية وتحديث أنظمتها وطائراتها في ظل العروض المقدمة من الدول -وعلى رأسها قطر وتركيا- للمساعدة والتعاون في مجال الاستثمار بالمطارات لإنشاء جسر جوي مع دول العالم، ووصف ذلك بـ "بداية الغيث".
أنيس يلوح: عروض من قطر وتركيا ودول أخرى للتعاون في مجال الاستثمار بمطارات سوريا
وأضاف أن مطار دمشق الدولي يمتلك 3 طائرات، في حين تمتلك شركة أجنحة الشام الخاصة -وتتخذ من مطار دمشق الدولي مقرًا ومركزا لعملياتها- 5 طائرات منها طائرتان بالمطار وثلاث خارج المطار
ونوه فلوح إلى أن الاستثمار مفتوح في كل المجالات بداية من الطائرات إلى البنية التحتية وأنظمة الملاحة الجوية والاتصال، وتطويرها للأنظمة الحديثة لتصل لمصاف الدول العالمية بالإضافة لإنشاء مطارات جديدة.
الاستثمار بالطاقة والصناعة
شهد القطاع الصناعي السوري تراجعا كبيرا وصل به إلى حد الشلل خلال سنوات الحرب، وزاد من ذلك الضرائب الباهظة التي كانت تُفرض على الصناعة سواء تعلق الأمر باستيراد المواد الأولية أو التصدير مما دفع الكثير من الصناعيين إلى تحجيم صناعاتهم وخفض اليد العاملة.
وتراجعت الصادرات الصناعية السورية كما اندثرت العديد من الصناعات في البلاد نتيجة ارتفاع الإتاوات التي كانت تفرض من قبل جماعات مسلحة تتبع للنظام السابق، بالإضافة للقطع الكهربائي شبه الدائم وعدم توفر المحروقات اللازمة لتشغيل عجلة المصانع في مناطق سيطرة نظام الأسد سابقا.
ويقول أمين سر غرفة صناعة دمشق أيمن مولوي -للجزيرة نت- إن الصناعة السورية تحتاج للكهرباء والطاقة البديلة والوقود والغاز، بالإضافة إلى الكثير من المستلزمات لإعادة البناء كخطوة أولية حتى تنطلق الصناعة.
وأضاف أن سوريا تتميز بكثير من الصناعات بعضها قائم مثل صناعات الأثاث والحديد والسيراميك والألمنيوم والكابلات والغذائية، وبعضها الآخر غير قائم مثل الصناعات الإلكترونية.
أيمن مولوي: الصناعة السورية تحتاج للكهرباء والطاقة البديلة والوقود والغاز
ويقول محمد كامل سحار (صاحب مصنع في دمشق) إنه لتنفيذ استثمار يجب أن تتوفر أولا على الطاقة بأسعار منخفضة أو أقل ما يمكن أن تماثل الدول المجاورة.
إعلان
وأضاف أن مطالب الصناعيين -عقب عدة اجتماعات عقدت مع وزير الاقتصاد بحكومة تسير الأعمال- تركزت على خفض كلفة الطاقة ودعم الاستثمار والصناعة المحلية بالإضافة لتوفير المقومات والبنية التحتية، مشيرا إلى أن الحكومة "استمعت لمطالبنا وقدمت لنا الوعود بتسهيل كل هذه العقبات".
ودعا سحار الدول إلى الاستثمار بمجال الغاز الطبيعي في سوريا، وقال إن هذه الثروة الهامة كانت تستغل من قبل جهات أخرى، في إشارة إلى النظام السابق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مطار دمشق الدولی للجزیرة نت تحتاج إلى فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
لماذا تباينت علاقة موسكو وطهران مع سوريا الجديدة؟
مع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وتشكيل حكومة تسيير أعمال في سوريا برز تباين واضح في مواقف حليفي دمشق التقليدييْن، موسكو وطهران.
فقد سارعت روسيا إلى مد جسور التواصل مع السلطة الجديدة متبعة نهجا براغماتيا بدا واضحا في الرسائل الإيجابية وخطوات التقرب من الإدارة الجديدة في دمشق، في حين تبنت إيران موقفا أكثر تحفظا بدا أقرب إلى الانغلاق والحذر والتريث، وترافق ذلك مع وجود نبرة تهديد أحيانا تجاه الإدارة الجديدة في دمشق من قبل بعض المسؤولين الإيرانيين.
وكانت الإدارة السورية الجديدة وجهت رسائل إيجابية إلى كلتا الدولتين، مؤكدة ضرورة أن تكون العلاقة مع سوريا قائمة على أساس السيادة وعدم التدخل في شؤونها، وهي خطوة يرى مراقبون أنها تأتي في سياق نهج سياسي جديد تتبعه الإدارة الجديدة في دمشق يختلف عن نهج النظام المخلوع، إذ يقوم على الانفتاح والتواصل مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.
وتمتلك موسكو وطهران مصالح إستراتيجية في سوريا، لكن الانهيار السريع لنظام الأسد ألحق ضررا بالغا بتلك المصالح لفائدة جهات إقليمية، وهو ما يدفع كلتيهما إلى التحرك وتلافي المزيد من الخسائر.
ويثير التباين في موقف كل من الدولتين تساؤلات بشأن دوافع كل من موسكو وطهران، وأولوياتهما في المرحلة الجديدة، وحدود تأثيرهما على مستقبل سوريا بعد الأسد، وعن إمكانية إعادة نفوذهما في سوريا الجديدة.
بدت موسكو متقبلة للواقع الجديد في سوريا بعد سقوط النظام في ديسمبر/كانون الأول 2024، إذ حرصت على توجيه رسائل إيجابية عدة إلى الإدارة الجديدة عبر تصريحات وزيارات رسمية تكللت بزيارة ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي إلى سوريا على رأس وفد رفيع المستوى في يناير/كانون الثاني 2025 ولقائه الرئيس أحمد الشرع.
إعلانوخلال اللقاء أكد بوغدانوف حرص روسيا على تعزيز العلاقات التاريخية مع سوريا، واحترام سيادتها ووحدة أراضيها، والعمل على تحقيق الوفاق والسلم الاجتماعي.
وفي 12 فبراير/شباط الماضي أعلن الكرملين في بيان أن الرئيس فلاديمير بوتين أجرى محادثة هاتفية "بناءة" مع الشرع.
وذكر البيان أن الاتصال تخللته مشاورات شاملة بشأن الوضع الحالي في سوريا، وأن روسيا تدعم وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها.
وتعليقا على هذا الانفتاح الروسي، يشير الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش إلى أن موسكو تسعى للحفاظ على علاقة إيجابية مع الإدارة الجديدة في سوريا بمعزل عن التحولات التي طرأت على المشهد السوري بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، وذلك بسبب أهمية سوريا الإستراتيجية لروسيا على كافة المستويات.
ورغم صعوبة تحقيق ذلك في المستقبل القريب بسبب التدخل الروسي العسكري إلى جانب الأسد فإن الباحث علوش يعتقد في حديثه للجزيرة نت أن الخطوات والمبادرات الروسية تجاه الإدارة الجديدة في سوريا تعكس رغبة موسكو في فتح صفحة جديدة في العلاقة مع دمشق بعد هذا التحول.
ويتوافق الباحث بالشأن الروسي أسامة بشير مع رأي الباحث علوش في أن روسيا تحاول التقارب وبناء علاقات جديدة مع الإدارة الجديدة في سوريا بمختلف الطرق، وهذا ما بدا واضحا من خلال اللقاءات والتصريحات العلنية والسرية، وهو ما قابله الجانب السوري أيضا بتطمينات للطرف الروسي على لسان الرئيس أحمد الشرع.
لكن الباحث بشير يوضح في حديثه للجزيرة نت أن التواصل والرسائل الإيجابية بين الطرفين لم تتوج بتحقيق ما يريده الروس، وهو الإبقاء على قواعدهم في سوريا، إذ لا يزال موضوع وجود القواعد الروسية في سوريا ضبابيا.
وكان الشرع قد وجّه مع بداية عملية "ردع العدوان" -التي أطاحت بنظام الأسد- تطمينات بشأن الوجود العسكري الروسي في سوريا، وقال إن إدارته لا تريد لروسيا أن تخرج بطريقة لا تليق بتاريخ العلاقات بين البلدين، مضيفا أن روسيا هي ثاني أقوى دولة في العالم ولها أهمية كبيرة.
إعلان حذر إيرانيتبنت إيران موقفا حذرا من الإدارة السورية الجديدة، إذ لم تعلن عداء صريحا لهذه الإدارة، لكنها في الوقت نفسه لم تعترف بها رسميا أو تتعامل معها بشكل مباشر، ووجدت طهران نفسها أمام واقع جديد بعد سقوط نظام الأسد يهدد نفوذها الإستراتيجي في الإقليم.
وترافق هذا الموقف مع خطابات لبعض السياسيين الإيرانيين حملت في طياتها تهديدات واضحة لأي خطوات تمس مصالحها في سوريا، وهذا ما عبر عنه المرشد الأعلى علي خامنئي بالقول "إن الولايات المتحدة وإسرائيل خططتا لإسقاط الأسد وإخراج إيران من سوريا"، كما أكد على أن "الشباب السوريين سيستعيدون البلاد".
بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في لقاء مع شبكة صينية في 5 يناير/كانون الثاني الماضي إن إيران تتحلى بحسن النية وتسعى إلى تحقيق السلام في سوريا.
وفي أحدث التصريحات الإيرانية، أكد مجيد تخت روانجي مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية في تصريحات نقلتها وكالة "إرنا" الإيرانية في 20 فبراير/شباط الماضي أن إيران تأمل أن يسود الأمن في سوريا، وألا تتدخل الدول في شؤونها الداخلية.
هذه المواقف الإيرانية المعلنة يرى مراقبون أنها تشي باتباع إيران مسارين، الأول يحمل نوعا من التصعيد، والآخر يعتمد على الخطاب الدبلوماسي الناعم، لتحقيق أطماع ومكاسب إستراتيجية داخل سوريا.
ويعلق الباحث بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي على حالة الانقسام في الموقف الإيراني بالقول إن الإدارة السياسية في إيران منقسمة إلى قسمين بخصوص الواقع السوري الجديد، قسم يمثله خامنئي والحرس الثوري وقيادات أخرى.
ويضيف "هذا الجناح لم يتقبل ويستوعب ما حصل، فتصريحاته سلبية وتهديدية، ونسمع عن حشد وتحشيد للمليشيات التابعة له بالعراق، ونسمع تهديدا من مسؤولين إيرانيين بتشكيل مقاومة إسلامية في سوريا من فلول النظام ودعمها لإعادة سيطرته".
إعلانأما الجناح الآخر -بحسب حديث النعيمي للجزيرة نت- فهو الجناح الرئاسي الذي يتزعمه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، والذي يريد التعامل دبلوماسيا مع الإدارة الجديدة، ويحاول إيجاد مشتركات مع حكومة دمشق لتكون بوابة للعودة الإيرانية إلى الساحة السورية.
وتأكيدا لهذا لاتجاه، يقول أستاذ العلاقات الدولية والمحلل في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني للجزيرة نت إن العديد من المسؤولين الإيرانيين العسكريين والسياسيين أعلنوا دعمهم سيادة سوريا وسلامة أراضيها، مؤكدا أن طهران تعتبر أن تفكك سوريا أو الدعوة إلى عدم الاستقرار فيها سيكون على حساب المنطقة بأسرها.
وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قد حذر إيران من "بث الفوضى" في سوريا، داعيا إياها إلى احترام إرادة الشعب وسيادة وسلامة البلاد.
وعلى الرغم من اتفاق كل من روسيا وإيران على دعم نظام الأسد المخلوع -مما ساهم في إطالة عمره كل هذه السنوات- فإن الدوافع والمصالح التي كانت تحرك كلا الطرفين كانت مختلفة، ففي الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى الحفاظ على نفوذها الجيوسياسي في الشرق الأوسط عبر سوريا تختلف في المقابل الأهداف الإيرانية في سوريا من حيث اعتبارها حلقة أساسية في سلسلة تربط إيران بلبنان عبر حزب الله، مما يساهم في ترسيخ محور النفوذ الشيعي في المنطقة.
وفي الوقت الذي أكدت فيه إيران مغادرة كافة المستشارين العسكريين والدبلوماسيين الإيرانيين سوريا بعد سقوط نظام الأسد نقلت موسكو كل قواتها من جميع أنحاء البلد إلى مركزها الرئيسي في قاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية، وحتى الآن لا توجد أي مؤشرات على أنها تستعد لإخلاء قاعدتيها في اللاذقية وطرطوس بشكل كامل.
اختلاف المصالح بين البلدين يوضحه الباحث محمود علوش بالقول إن سوريا تمثل أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة لروسيا على مستويات عدة، سواء على مستوى حدودها في الشرق الأوسط أو مستوى حدودها على المياه الدافئة بالبحر المتوسط، أو على مستوى وجودها في سوريا كقاعدة لوجستية لتعزيز حضورها في القارة الأفريقية.
إعلانأما الأهداف الإيرانية فذات بعد عقائدي، إذ كانت تستخدم سوريا ساحة لتوسيع نفوذها الإقليمي القائم على أبعاد دينية وطائفية، وباعتبار سوريا أيضا جزءا أساسيا مما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تتزعمه إيران.
ويتابع علوش "لذلك شكّل التحول السوري بالنسبة لإيران انتكاسة إستراتيجية لمشروعها في المنطقة، وأعتقد أن هذه الانتكاسة لا يمكن أن تتعافى منها إيران بعد الآن، لذلك قرأت إيران التحول في سوريا من منظور مختلف عن الذي قرأت به روسيا".
ويرى مراقبون أن سقوط نظام الأسد لا يؤثر على الوجود الإيراني في سوريا فقط، إذ سيؤدي إلى تداعيات كبيرة على جماعات، مثل الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله بلبنان، وأنصار الله في اليمن.
من جانبه، يرى الباحث أسامة بشير أن خروج روسيا بشكل نهائي من سوريا سيشكل لها نكسة كبيرة، وسيعتبر هزيمة لها أمام الشعب الروسي وأمام المجتمع الدولي، خاصة أوروبا التي تدعم أوكرانيا بالحرب ضد روسيا التي تدرك من جهة ثانية أن وجودها في سوريا غير مرحب به بسبب سياساتها الداعمة لنظام الأسد.
وعن السياسة التي تتبعها الدولتان بعد سقوط نظام الأسد، يقول بشير إن التدخل الروسي يُظهر درجة عالية من الإستراتيجية والبراغماتية، إذ يتمحور حول تأمين نقاط تموضع مهمة في البحر الأبيض المتوسط، في حين أن إيران تنتهج مسارا أكثر تحريضا في استغلال الفجوات الناشئة عن انهيار النظام لتحقيق توسع أيديولوجي وسياسي.
وكانت إيران قد ساهمت في دعم نظام الأسد المخلوع بالمستشارين العسكريين والمليشيات المقاتلة من العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان برفقة أسلحتها وذخائرها، وتكفلت برواتب عناصرها، وتكبدت أكثر من 7 آلاف قتيل ومصاب إيراني في المعارك بحسب رئيس مؤسسة الشهيد الإيرانية أمير هاشمي، فضلا عن توفير دعم اقتصادي بعشرات مليارات الدولارات على صورة خطوط ائتمان ونفط.
إعلان مستقبل العلاقة مع سوريا الجديدةوبناء على اختلاف المصالح وعوامل النفوذ والتأثير لكلتا القوتين في سوريا يرى باحثون في العلاقات الدولية أن النفوذ والتأثير الروسي في سوريا سيتراجع مستقبلا لصالح انفتاح دمشق على العواصم الغربية إن بقي الانفتاح الغربي قائما تجاه استقرار سوريا ودعم إدارتها الجديدة.
في المقابل، لا يُتوقع أن تذهب الإدارة الجديدة إلى أي علاقة أو استجابة لمبادرات تدعو للانفتاح على طهران، إذ تحرص دمشق على عدم استفزاز الموقف الغربي والعربي، فضلا عن الضغط الذي تثيره ذاكرة الأحداث في سوريا بعد عام 2011 تجاه إيران والحرس الثوري الإيراني ودورهما في سوريا قبل سقوط نظام الأسد، وهذه الذاكرة ذاتها سيكون لها تأثيرها في فتور العلاقة مع روسيا أيضا، وذلك بحسب دراسة لمركز جسور للدراسات الإستراتيجية.
من ناحيته، لا يتوقع الباحث مصطفى النعيمي أن يتم فتح صفحة جديدة بين إيران والإدارة في دمشق، وذلك بسبب الرفض الشعبي المرتبط بالتدخل الإيراني في سوريا وما خلفه من إرث دموي، إضافة إلى جود تحركات وتهديدات لفصائل عراقية تابعة لإيران ضد الوضع السوري الجديد، وسط أخبار تفيد بتدريب مقاتلين من هذه الفصائل وضباط من فلول النظام بدعم إيراني.
وبناء عليه -يتابع النعيمي- فإن تواصل الإدارة السورية الجديدة مع طهران -إن حصل- سيكون مؤطرا ضمن ضوابط ومحددات أمنية، وسيقتصر على تمثيل دبلوماسي لإدارة المراقد الدينية وتنظيم زيارتها.
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قال في ديسمبر/كانون الأول الماضي إن بلاده لا يمكنها أن تبقى بمعزل عن إقامة علاقات مع دولة إقليمية كبيرة مثل إيران الحليف الكبير لنظام الأسد، لكنه اشترط أن تكون على أسس "السيادة" و"عدم التدخل في شؤون" سوريا.
أما بالنسبة لروسيا فيعتقد الباحث أسامة بشير أنه رغم الضغط الغربي فإن الإدارة في دمشق ستعمل على إعادة علاقاتها مع روسيا بشروط، على رأسها تسليم بشار الأسد ومن معه من كبار الضباط المتهمين بارتكاب مجازر حرب ضد الشعب السوري، وإعادة الأموال المنهوبة والذهب المهرّب إلى الحكومة السورية.
إعلانوبشأن إمكانية تنفيذ هذه الشروط، يعتقد الباحث بشير أن روسيا ربما توافق، لأن بقاء قواعدها في سوريا والبحث عن دور بمستقبلها وإعادة إعمارها يستحقان أن تعيد بشار ومن معه إضافة إلى أمواله لسوريا وأن تحول هزيمتها إلى نصر أمام أوروبا.
بالمقابل، تؤكد كثير من المصادر أن لدى الإدارة في دمشق مصلحة في الإبقاء على علاقة جيدة مع روسيا تحسبا من تراجع الدعم الغربي، والعودة إلى سياسة العقوبات في حال لم تلبِّ الإدارة السورية المتطلبات الغربية منها.