عربي21:
2025-01-05@12:41:23 GMT

سوريا ما بعد الثورة وسؤال الخطاب

تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT

شكل سقوط نظام الأسد خلال أيام قليلة على يد الثوار السوريين تحولا استراتيجيا في الإقليم، نظرا للأهمية الجيوسياسية لسوريا، ما يفتح الباب لارتدادات وتداعيات واسعة النطاق لا تقتصر على المنطقة إنما تتعداها لتصيب جميع الأطراف الفاعلة في الساحة السورية منذ بداية اندلاع الثورة، ما يجعل مراقبة سلوك الإدارة السياسية الجديدة محط اهتمام وترقب دولي.



وتحاول الإدارة السورية الجديدة عقب سقوط نظام الأسد تبني خطاب تطميني يرسل رسائل إيجابية لكل الأطراف الدولية، سعيا منها لتجنب الوقوع في أي أزمات خارجية ولتحييد أي خصوم محتملين وللتركيز على الأولويات والتحديات الداخلية أمام التركة الثقيلة التي تركها النظام البائد، ما يتطلب العمل على إعادة بناء الدولة من جديد والحيلولة دون تقسيمها أو تعرضها للفشل وعودة الفوضى لها، ولمحاولة إعادة سوريا لفلك المدار الدولي وإلغاء العقوبات التي وجهت لها سابقا إلا أن هذا الخطاب أثار مجموعة من التساؤلات والإشكالات خاصة فيما يتعلق بالموقف من العدو الصهيوني والقضية الفلسطينية.

ما يستدعي التوقف عنده هو عدم إدراك هذا الخطاب طبيعة العدو الصهيوني؛ أنه كيان شهواني إذا رأى ضعفا تتزايد شهوته وأطماعه ليقتنص الفرصة، وهو الذي يشكل تهديدا لكل محيطه مهما كان هذا المحيط أليفا معه ليمنع مراكمة أي قوة قد تهدده مستقبلا؛ فكيف بسوريا ذات الإمكانات والعمق الاستراتيجي للأمة
إن هذه الرسائل الإيجابية المبالغ فيها أحيانا تفتح الباب للتشكك في هذا الخطاب من قبل المجتمع الدولي؛ نظرا للخلفية السلفية الجهادية لقيادة هيئة تحرير الشام التي تتصدر قيادة الحالة، حيث سينظر إليها في إطار المناورة السياسية والخداع أكثر من كونه نابعا عن قناعة راسخة، فهي ستحتاج تأكيدات بالممارسة العملية أكثر من مجرد التطمينات، إذ إن الكلمات لا تكفي وحدها لإرضاء المجتمع الدولي وتحييده عن التدخل أو العبث في سوريا، وحيث أن التحديات والتهديدات التي تقود لهذا النوع من الخطاب لا يمكن أن تصل لنهاية.

وفي ذات الوقت يثير هذا الخطاب مخاوف وقلق أصدقاء الثورة من الشعوب التي تعوّل على هذه الرقعة المحررة خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمة، وارتفع التوجس من التصريحات تجاه العدو الصهيوني الذي توغل في سوريا، وبتجنب الإعلان عن مواقف واضحة تجاه القضية الفلسطينية التي تتعرض لمحاولات تصفية وأمام يجري في غزة التي تتعرض لحرب إبادة جماعية غير مسبوقة، والخشية أن يتحول مثل هذا النوع من الخطاب لأصيل بدلا من خطاب مرحلي، وتدل على احتمالية تحقق ذلك كثير من التجارب حتى الإسلامية منها التي تحول لديها التكتيك لاستراتيجيا مع مرور الوقت، وتتزايد الخشية بقراءة تاريخ تحولات الحالة الناشئة بالتساؤل عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه وهل هنالك حدود للخطاب الذي يتم طرحه.

لا يمكن إهمال السياق والخلفيات الإسلامية لقادة الثورة، والتي شكل نجاحها في ظلال معركة طوفان الأقصى وكأحد تداعياتها؛ بارقة أمل لدى أبناء الأمة وأحرارها بما حققته هذه الرقعة المحررة بقوة السلاح لا بمنّة أحد، بل بإصرار وصبر أحرار الشعب السوري، فارتفعت سقوف التوقعات والأمنيات لتحمل سوريا الجديدة أعباء ثقيلة خاصة تجاه فلسطين وبيت المقدس
وما يستدعي التوقف عنده هو عدم إدراك هذا الخطاب طبيعة العدو الصهيوني؛ أنه كيان شهواني إذا رأى ضعفا تتزايد شهوته وأطماعه ليقتنص الفرصة، وهو الذي يشكل تهديدا لكل محيطه مهما كان هذا المحيط أليفا معه ليمنع مراكمة أي قوة قد تهدده مستقبلا؛ فكيف بسوريا ذات الإمكانات والعمق الاستراتيجي للأمة، وقد تجلت هذه الطبيعة حينما تصاعدت هجمات العدو وارتفعت شهوته ضد حزب الله حينما لم يَرد الحزب بشكل رادع على الضربات الكبيرة الأولى.

في النهاية فإنه لا يمكن إهمال السياق والخلفيات الإسلامية لقادة الثورة، والتي شكل نجاحها في ظلال معركة طوفان الأقصى وكأحد تداعياتها؛ بارقة أمل لدى أبناء الأمة وأحرارها بما حققته هذه الرقعة المحررة بقوة السلاح لا بمنّة أحد، بل بإصرار وصبر أحرار الشعب السوري، فارتفعت سقوف التوقعات والأمنيات لتحمل سوريا الجديدة أعباء ثقيلة خاصة تجاه فلسطين وبيت المقدس التي لا يعقل أن تنفك عنها بأي شكل من الأشكال؛ ليس لأن فلسطين قطعة من بلاد الشام فقط لكن لأنها الميزان الذي يُقاس به أي مشروع وتحدد على أساسها المواقف، وعلى طريقها تخلد المشاريع وأصحابها في سجلات الشرف والمجد، فما هي بالعبء الزائد مهما ثقلت تكاليفها ولا هي بالهدف الثانوي أمام أي هدف آخر مهما عظم.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الثورة سوريا الفلسطينية سوريا احتلال فلسطين ثورة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العدو الصهیونی هذا الخطاب

إقرأ أيضاً:

شواهد مأزق العدوّ تتصادم مع تهديداته وتؤكّـد حتمية فشل مساعيه: اليمن العنيد الذي لا يُردَع

يمانيون../
استمرت أصداءُ المأزِقِ الصهيوني في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية بالتوسع، على الرغم من الجهود “الإسرائيلية” الحثيثة للتغطية على هذا المأزِق، من خلال التهديدات والتضليل الإعلامي ومساعي التحشيد العدواني، حَيثُ واصلت وسائلُ إعلام ومحللو جبهة العدوّ التأكيد على حقيقة استحالة ردع صنعاء ووقف عمليات الإسناد اليمنية المتصاعدة لغزة في ظل العجز الاستخباراتي والعملياتي للجيش الصهيوني، والفشل المتراكم والفاضح لشركائه الأمريكيين والغربيين، والتجارب الفاشلة للأدوات الإقليمية التي يتطلع إلى الاستعانة بها، والأهم من ذلك كله صلابة الموقف اليمني الصارم الذي لا يتزعزع أمام الضغوط.

وفي جديد هذه الأصداء، نشرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، الجمعة، تقريرًا تناولت فيه مأزق العدوّ، مؤكّـدة على أن “اليمن، العدوّ البعيد عن “إسرائيل”، أثبت أنه يشكل تهديدًا عنيدًا لها” حسب وصفها.

وَأَضَـافَ التقرير أن “تصعيدَ الهجمات الصاروخية من اليمن على “إسرائيل” يؤدي إلى هروب الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ في منتصف الليل، وإبعاد شركات الطيران الأجنبية، والحفاظ على ما يمكن أن يكون آخر جبهة رئيسية في حروب الشرق الأوسط”.

وذكرت الوكالة أن أحد المستوطنين الصهاينة يُدْعَى “يوني يوفيل” كان قد غادر مدينة حيفا شمال فلسطين المحتلّة أواخر العام الماضي لتجنب إطلاق الصواريخ من حزب الله، ثم أُصيبت شقته مؤخّرًا في منطقة يافا (تل أبيب) بأضرار بالغة؛ بسَببِ صاروخ يمني.

وأشَارَ التقرير إلى أنه برغم القصف “الإسرائيلي” المتكرّر على اليمن، والتهديد بقتل قيادات يمنية و”محاولة تحشيد العالم” ضد صنعاء، فَــإنَّ الهجمات اليمنية استمرت.

وأضاف: “في الأسابيع الأخيرة، ضربت الصواريخ والطائرات بدون طيار من اليمن “إسرائيل” كُـلّ يوم تقريبًا، بما في ذلك في وقت مبكر من صباح يوم الجمعة؛ مما أَدَّى إلى إطلاق صفارات الإنذار في مساحات واسعة من “إسرائيل”، وفي بعض الحالات، اخترقت هذه الصواريخ والطائرات نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي المتطور”.

وأكّـدت الوكالةُ أن تأثيرَ عملياتِ الإسناد اليمنية لا يقتصرُ على المستوى الأمني فقط، بل يشمل أَيْـضًا المستوى الاقتصادي، حَيثُ أوضحت أن “إطلاق الصواريخ من اليمن يشكِّل تهديدًا للاقتصاد الإسرائيلي، حَيثُ يمنع العديد من شركات الطيران الأجنبية من السفر إلى البلاد، كما يمنع من إنعاش صناعة السياحة المتضررة بشدة”.

وأضافت أن عمليات الإسناد اليمنية في البحر “أدت إلى إغلاق ميناء مدينة إيلات بالكامل تقريبًا، ودفعت السفن المتجهة إليه إلى اتِّخاذ طريق أطول وأكثر تكلفة حول أفريقيا إلى موانئ “إسرائيل” على البحر الأبيض المتوسط”.

وبحسب الوكالة فَــإنَّ تأثيرَ الضربات اليمنية والفشل في إيقافها أَو الحد مها يصل إلى أَيْـضًا إلى المستوى الاستراتيجي فيما يتعلق بمكانة وصورة الردع والتفوق الإسرائيليين في المنطقة، حَيثُ قال التقرير إنه: “بسبب فشل الضربات المضادة الإسرائيلية في ردع الحوثيين، فَــإنَّ هجماتِهم المُستمرّةَ تتحدَّى صورة إسرائيل كقوة عسكرية إقليمية” حسب وصف الوكالة.

وفي هذا السياق، نقلت الوكالةُ عن داني سيترينوفيتش، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث في تل أبيب قوله: إن اليمنيين “هم الوحيدون الذين ينشطون ضد إسرائيل حاليًا” معتبرًا أنهم “يشكّلون تحديا من نوع مختلف”.

وقالت الوكالة: إن المتحدثَ باسم جيش العدوّ الصهيوني، دانيال هاجاري “اعترف بأن المعركة ستكون معقدة، واعترف بأن النشاط الاستخباراتي الإسرائيلي في اليمن يمثل مشكلة وقال: إن الجيش يعمل على تحسين الأمر” بحسب ما نقل التقرير، وهو ما يعتبر تأكيدًا رسميًّا لما اكتظت به تقاريرُ وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث العبرية مؤخّرًا من تحليلات عن الصعوبات العملياتية والمعلوماتية التي تجعل الجبهة اليمنية مأزقًا صعبًا بالنسبة للعدو الذي لم يعد قادرًا على حتى الاستفادة من قدراته المتطورة.

وقد ذكرت الوكالة في هذا السياق أنه “على الرغم من القوة الجوية الإسرائيلية الهائلة، فقد واصل الحوثيون هجماتهم” في إشارة واضحة إلى عدم فاعلية الخيارات العسكرية للعدو برغم توفر الإمْكَانات.

وأوضحت الوكالة أن “اليمن لا تقع على حدود إسرائيل، ولا تستطيع إسرائيل بسهولةٍ أن تنفذ غزوًا بريًّا كما فعلت في غزة ولبنان لتفكيك البنية الأَسَاسية لأعدائها، ويتعين على إسرائيل أن تنظم مهامَّ جويةً معقدةً للطيران إلى اليمن، وهي مهام مكلفة ومحدودة في ما يمكن أن تحقّقه”.

وقالت إن “أسلحة الحوثيين وبنيتهم التحتية أقل انكشافًا بالنسبة لإسرائيل؛ مما يجعل ضرباتها المضادة أقل فعالية”.

ونقل تقرير الوكالة عن إيال بينكو، المسؤول الدفاعي الصهيوني السابق وكبير الباحثين في مركز “بيجين- السادات” الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية قوله: إن “كان لدى إسرائيل سنوات عديدة من المعرفة بأعدائها الآخرين، وكانت هناك معلومات استخباراتية وعنصر مهم للمناورة البرية، لكن في اليمن لا يمكن القيام بذلك، النطاق هنا مختلف”.

وَأَضَـافَ بينكو “إن الحوثيين تعلموا على مدى سنوات من القتال ضد التحالف الذي تقوده السعوديّة كيفية التعافي من الضربات الجوية”.

وتعتبر مثل هذه التصريحات التي تذكر بالتجارب الفاشلة للتحالف السعوديّ الإماراتي وَأَيْـضًا تجربة القوات الأمريكية والغربية في البحر الأحمر، تأكيدات واضحة على حتمية فشل كُـلّ مساعي العدوّ الصهيوني للتحشيد ضد اليمن؛ فكل الأطراف التي يسعى الصهاينة للاستعانة بها قد فشلت بشكل ذريع في مواجهة اليمن، ولم تجد أية حلول لنفس المشاكل التي تعاني منها “إسرائيل” الآن.

وقد عبّر داني سيترينوفيتش، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي “الإسرائيلي” عن ذلك بوضوح، حَيثُ قال إنه “لا يوجد حَـلّ سريع، وحتى لو انتهت الحرب في غزة، فَــإنَّ هذا التهديد لن يختفي” وفقًا لما نقلت الوكالة.

وفي السياق نفسه نشر موقع “تايمز أوف إسرائيل” تقريرًا جديدًا، الجمعة، أكّـد فيه أن اليمنيين “أثبتوا أنهم ليسوا ضعفاء أمام إسرائيل” مُشيرًا إلى أن “عمليات إطلاق الصواريخ الليلية المتكرّرة أَدَّت إلى تسليط الضوء على الخطر القادم من اليمن”.

وأضاف: “ثمانيَ مرات خلال الأسبوعين الماضيين، بما في ذلك فجر الجمعة، اضطر ملايينُ الإسرائيليين إلى البحث عن ملجأ؛ بسَببِ هجمات الصواريخ الباليستية التي تطلق من اليمن، وعادة في منتصف الليل” مُشيرًا إلى أن هذه الهجمات تطلقها قوات تبعُدُ عن الكيان الصهيوني نحو ألفَي كيلو متر، وبرغم هذه المسافة فقد “تمكّنت من مضايقة إسرائيل من بعيد، وأثبتت مقاومتها العنيدة لمحاولات القمع الغربية”.

وقال التقرير: إن التهديد الذي يشكِّله اليمن لكيان العدوّ “يتفاقم؛ بسَببِ البُعد عن إسرائيل؛ مما يقيّد الضربات الجوية، والمعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية المحدودة عن الأهداف المحتملة”.

لكنه اعتبر أن العامِلَ الأهَمَّ في هذا التهديد هو العقيدة اليمنية الذي قال إنها “مزيجٌ متفجِّرٌ من معادَاة الصهيونية والحماسة الدينية، والاستعداد الذي لا مثيلَ له للاستشهاد والتضحية” حسب وصفه.

ونقل التقرير عن مايكل نايتس المحلل البارز في معهد واشنطن قوله: إن اليمنيين “عقائديون خالصون تمامًا عندما يتعلق الأمر بالاستعداد لقبول الشهادة” مُضيفًا أن “الطريقة الأكثر وضوحًا بالنسبة لإسرائيل لوقف هجمات الحوثيين هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة” حسب ما نقل الموقع.

واعتبر التقرير أن اليمنيين “يمثلون تحديًا مختلفًا تمامًا عن الجماعات الأُخرى التي تمكّنت إسرائيل من مواجهتها، وقد يكون من الصعب القضاءُ على قياداتهم” مُشيرًا إلى أنهم “يتبنون أيديولوجية صارمة، لا تتراجع أمام الضغوط العسكرية أَو الاقتصادية”.

المسيرة

مقالات مشابهة

  • شواهد مأزق العدوّ تتصادم مع تهديداته وتؤكّـد حتمية فشل مساعيه: اليمن العنيد الذي لا يُردَع
  • أحمد موسى: الخطاب المصري بشأن سوريا راقي ويحافظ على الهوية الوطنية السورية
  • العدو الصهيوني يتوغل في جنوب سوريا
  • قبائل وايلة بصعدة تعلن النفير العام والجاهزية لمواجهة العدو الأمريكي الصهيوني
  • توغل جديد لقوات العدو الصهيوني في جنوب سوريا
  • سوريا الجديدة.. من خطاب التخويف إلى مشروع وطن للجميع
  • قائد الثورة: من المؤسف أن تصنف دول عربية المقاومة الفلسطينية بالإرهاب وتتجاهل العدو الإسرائيلي وإجرامه الذي لا مثيل له
  • الحوثي: الموقف اليمني لن يتغير مهما اعتدى البريطاني والأمريكي
  • العدو الصهيوني ينتهك وقف إطلاق النار في لبنان بـ 4 خروقات