بقلم : هادي جلو مرعي ..
ينزل الناس الى الشوارع على أصناف. فمنهم من يبحث عن فرصة حياة، ومنهم من يبحث عن وجود، ومنهم من يبحث عن التغيير، ومنهم من يبحث عن عمل، ومنهم من يبحث عن مستقبل، ومنهم من يشعر بالإحباط والكآبة، ويرى الأوضاع غير مواتية، ولابد من إحداث تغيير، ولو كان بسيطا ومتدرجا ليصل الى مبتغاه، ومنهم من يبحث عن وطن لأنه لايشعر أن الوطن الذي يعيش فيه هو الوطن المثالي واللائق للعيش.
من الناس من يبحث عن مكاسب، ولايهمه عدد الذين يسقطون صرعى، والذين يمرضون، والذين يعاقون، وهذا ديدن الحركات الثورية في العالم، وعبر التاريخ، فالناس ينزلون الى الشوارع على أصناف، بينما يتواجد في صفوفهم من يريد إنتهاز الفرصة حتى لو لبس ثياب العفة والطهارة والتواضع، وأقسم أنه إنما خرج طلبا للإصلاح، وليس المصالح، وللتغيير، وليس للإنتفاع منه بالقفز عليه، وتحييد الآخرين، فتجد إن قلة قليلة تستحوذ على المناصب والمنافع، بينما يعود الآلاف بخفي حنين، وقد خسروا الكثير، ولم يربحوا ولو القليل مماكانوا يتمنون.
أخطر الناس، وأسوأهم هم الباحثون عن المناصب والوظائف على حساب الدماء، وهم بلاضمير، ولاآحساس بمعاناة الآخرين، وتتجمد مشاعرهم عند مصالحهم، فلايعودوا يهتمون لشيء. فهم كذابون، بينما ينطقون بالصدق، وبعفوية بالغة، وهم خونة يظهرون الأمانة والحرص على مصالح الشعب، وهم يحملون في ادمغتهم مشاريع بعيدة عن وجدان الناس العاديين، ومصالحهم الحقيقية، وحاجاتهم في العيش الآمن، وبالكرامة، ويخدعون البسطاء بأنهم معهم يحملون همومهم ومعاناتهم، بينما لم يفعلوا شيئا في سبيل ذلك، وإنما كان هدفهم الوصول الى المبتغى بعد أن حيدوا ضمائرهم، وإنتبهوا فقط لما يطمحون إليه، ومايريدونه، وليذهب الشعب الى الجحيم.
وبينما يصيح البسطاء في الشوارع ويكتبون: نازل آخذ حقي.. ينادي هولاء في السر، بينما تنطبع على وجوههم إبتسامة صفراء: نازل آخذ منصب، وفرق كبير بين الحق والمنصب، لأن الحق هو الحق، والمنصب إنما يأتي بطرق مختلفة، بعضها ملتو، ومنها ماهو قانوني، ومنها مايأتي عن طريق الإنتماء الحزبي وإستغلال الظروف، وهي طريق بعيدة عن الحق في الغالب. هادي جلومرعي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
الاستجابة لله ورسوله
الاستجابة لله (عز وجل) صفة من صفات الأنبياء والمرسلين، والملائكة المقربين، والمؤمنين الصادقين، وهى دليل على صدق الإيمان، وقوة اليقين، يقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»، ويقول الحق سبحانه: «إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ».
والاستجابة لله ورسوله حياة للقلوب، إذ يقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ».
واستجابة المؤمنين لله ورسوله تكون استجابة تامة بسرعة الامتثال، والتسليم لأمر الله ورسوله، فى المكره والمنشط، واليسر والعسر، وبذلك يكون جزاؤهم عند الله عظيما، إذ يقول سبحانه: «الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ».
وأهل الاستجابة لله ورسوله هم أهل الإجابة، فمن استجاب لأوامر الله (عز وجل) ونواهيه فامتثل لما أمره الله به، وانتهى عما نهاه الله عنه، كان من عباد الله المخلصين الذين إذا دعوه أجابهم، وإذا سألوه أعطاهم، ولهم منه سبحانه وتعالى الحسنى وزيادة، إذ يقول الحق سبحانه: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ».
ويقول سبحانه: «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ»، ويقول سبحانه: «لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ».
وقد تحدث القرآن الكريم عن استجابة ربِّ العرش العظيم لأنبيائه ورسله وعباده الصالحين، إذ يقول سبحانه فى شأن نوح (عليه السلام): «وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ»، وفى شأن أيوب (عليه السلام): «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ».
وفى شأن يونس (عليه السلام)، يقول: «وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِى الْمُؤْمِنِينَ»، وفى شأن زكريا (عليه السلام): «وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِى فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ»، وفى شأن عباد الله الصالحين يقول سبحانه: «وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ».
على أن إجابة الدعاء والاستجابة له مقرونة بطاعة الله (عز وجل)، وأكل الحلال، إذ لما سأل سعد بن أبى وقاص (رضى الله عنه) سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «يا رسول الله ادع الله أن يجعلنى مُستجاب الدعوة، فقال له النبى (صلى الله عليه وسلم): «يَا سَعْدُ أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ».
وختاما نؤكد: أجب تُجب، استجب يُستجب لك، أعرض يُعرض عنك، فمن تعرف على الله (عز وجل) فى الرخاء كان الله فى عونه فى الرخاء، وعند الشدائد.
الأستاذ بجامعة الأزهر