«لا طال بلح الشام ولا عنب اليمن»
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
«لا طال بلح الشام ولا عنب اليمن».. مثل عربي شهير، يُجسد حال مَن يخسر كل شيء، ويبدو وكأنه وُجد ليعبر عن الوضع العربي الراهن الذي فقد سوريا، ويقترب من خسارة اليمن السعيد.
بلح الشام
بلح الشام، رمز سوريا الحبيبة، أرض الخير والبركة، وأرض المحشر والمنشر، التي تظلها أجنحة الملائكة، أصبحت اليوم في مهب الريح.
تقسيم سوريا بات واقعًا مريرًا، شمالها تحت أطماع تركيا التي تراها ولاية عثمانية ضمن مخططات تاريخية لا تخفى على أحد، وجنوبها تحت هيمنة إسرائيلية بدعم أمريكي، حيث النفط والبعد الاستراتيجي عاملان رئيسيان في تحريك الأطماع.
سوريا، مهد الحضارة ومنارة الفكر العربي، تُعاني أزمة وجودية بعد عقد من الحرب.
الملايين هُجِّروا، ومدنها العريقة دُمِّرت، واقتصادها بات في حالة انهيار.
ومع رحيل النظام السابق، يلوح في الأفق مستقبل غامض تحت إدارة متهمة بتبني أفكار متطرفة، ما يثير القلق حول قدرة سوريا على النهوض كدولة مدنية موحدة.
موقع سوريا الجغرافي يجعلها محورًا استراتيجيًا للاستقرار أو الاضطراب في المنطقة، وتدخلات القوى الإقليمية والدولية جعلتها مسرحًا لتنافس مصالح متشابكة، ما يُنذر بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط على حساب وحدتها.
عنب اليمن
أما عنب اليمن، فهو رمز اليمن الذي انهكته الصراعات الداخلية والخارجية، فالحوثيون، بدعم إيراني، تمكنوا من السيطرة على مناطق حيوية، وجعلوا اليمن منصة لنفوذ فارسي.
وفي المقابل، تتزايد الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية على ممر باب المندب، أهم الطرق الموصلة إلى قناة السويس، والمدخل الجنوبي المهم لها، ومن خلاله يمكن السيطرة عليها وقتلها بالبطيء.
اليمن، مهد الحضارة العربية، يرزح تحت وطأة الفقر والجوع، وسط انقسامات داخلية وصراعات إقليمية، وهذا الوضع المأساوي يحول اليمن إلى ساحة لتصفية الحسابات، ما يهدد وحدة أراضيه ويزيد من معاناة شعبه.
ضياع سوريا واليمن ليس مجرد فقدان لدولتين عربيتين، بل هو خسارة ثقافية واستراتيجية للعالم العربي بأسره، فسوريا، برصيدها الحضاري، واليمن، بموقعه الجغرافي الحيوي، يشكلان ركيزتين أساسيتين للأمن القومي العربي.
واستمرارهما كليهما في دائرة الفوضى سيؤدي إلى موجات متزايدة من اللجوء، انتشار الجماعات المتطرفة، وزيادة التدخلات الخارجية.
لكن الأمل ما زال قائمًا.، فاستعادة سوريا واليمن للحاضنة العربية ليس مجرد ضرورة إنسانية، بل مسؤولية جماعية للحفاظ على الكرامة والهوية العربية، والدول العربية بحاجة إلى رؤية موحدة، تعزز العمل المشترك بعيدًا عن الخلافات الضيقة.
إن نجاح العرب في إعادة بناء سوريا واليمن سيشكل نقطة تحول، ليس فقط لهاتين الدولتين، بل للمنطقة بأسرها.
وسيصبح ذلك رمزًا لوحدة الصف العربي وقدرته على مواجهة الأطماع الإقليمية والدولية، وكما نهضت أمم أخرى من تحت الركام، فإن سوريا واليمن يمكن أن تعودا مركزين للإشعاع الحضاري والثقافي في المنطقة.
وعلى الدول العربية أن تدرك أن التحديات الراهنة تُحتم تجاوز الانقسامات والعمل على بناء مستقبل مشترك، وإعادة الإعمار والاستقرار ليست مسؤولية دولة واحدة، بل هي مشروع عربي شامل يعكس طموح أمة تستحق حياة أفضل.
الأمل في غد مشرق يبدأ بالعمل اليوم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الشام اليمن سوريا تركيا مخططات تاريخية هيمنة إسرائيلية اسرائيل النفط الحوثيون فارسي باب المندب قناة السويس التجارة العالمية سوریا والیمن
إقرأ أيضاً:
اليمن يترأس إجتماعاً طارئاً لمجلس جامعة الدول العربية بطلب من الأردن
ترأس القائم بأعمال مندوب اليمن الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير الدكتور علي موسى، اليوم، اجتماعاً طارئاً لمجلس جامعة الدول العربية في دورة غير عادية على مستوى المندوبين، بناء على طلب الأردن وبتنسيق مع مصر ودولة فلسطين وتأييد الدول العربية.
وناقش الإجتماع، بحضور الأمين العام المساعد للجامعة العربية، السفير حسام زكي، وكبار المسؤولين في جامعة الدول العربية، تداعيات تطبيق قرار الكنيست الإسرائيلي بحظر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة.
وصدر عن الاجتماع بيان، عبر عن الموقف العربي الجماعى الرافض للإجراءات الإسرائيلية غير القانونية والباطلة بحق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وادان البيان، تجاهل إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال ) دعوات ومطالبات المجتمع الدولي بوقف تطبيق القوانين الباطلة التي اقرها كنيست الاحتلال الإسرائيلي لحظر عمل وكالة (الأونروا) ونشاطاتها في الارض الفلسطينية المحتلة.
واكد البيان، أن كافة الإجراءات الإسرائيلية بحق مقرات وموجودات وكالة (الأونروا) في القدس الشرقية باطلة ولا ترتب أي أثر قانوني، وأن إسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال لا تمتلك شرعية أو سلطة اتخاذ أي إجراءات لمصادرة الممتلكات الخاصة أو العامة أو تغيير الطابع القانوني والإداري للأراضي المحتلة وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ولوائح لاهاي لعام 1970.
واشار البيان، الى ان (الأونروا) وكالة أممية تأسست بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 لعام 1949 بهدف تقديم الدعم الإنساني والتنموي للاجئين الفلسطينيين، وإن محاولات ثنيها عن أداء دورها وفق منطوق تكليفها الأممي يعد انتهاكاً جسيماً لقرار دولي يعكس التزام المجتمع الدولي بحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتقويض أسس حل الدولتين المتفق عليه دولياً، وتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة والتعويض بموجب قرارات الشرعية الدولية.
ولفت البيان، الى أن انهيار (الأونروا) سيقود لا محالة إلى تحميل الدول المضيفة في مناطق عمليات الأونروا الخمس مزيداً من الأعباء، ويعمق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية فيها، ويُضعف الثقة في المؤسسات التي أنشئت لحفظ السلم والأمن الدوليين.
وجدد البيان، استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة وفقاً للقانون الدولي، وتأكيد رفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، او ضم الأرض، او عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل او اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت اي ظروف ومبررات، بما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.