في خطوة استثنائية ضمن سلسلة من المناقشات الداخلية، ناقشت إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، جو بايدن، خياراتها حول اتخاذ إجراءات ضد البرنامج النووي الإيراني، وذلك في إطار محاولة ردع إيران عن المضي قدمًا في تطوير سلاح نووي، هذا النقاش جاء في وقت حرج، حيث تقترب الإدارة الحالية من مغادرتها البيت الأبيض، مع تسارع البرنامج النووي الإيراني وتحذيرات مستمرة من إمكانية بلوغ طهران نقطة اللاعودة.

خلفية المشهد

حسب مصادر مطلعة على القضية، أُجري اجتماع سري في البيت الأبيض قبل بضعة أسابيع، حيث قدم مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، مجموعة من الخيارات العسكرية المحتملة على طاولة الرئيس بايدن.

والنقاش كان مركزًا على توجيه ضربة عسكرية أمريكية للمرافق النووية الإيرانية في حال أظهرت طهران تقدمًا كبيرًا نحو إنتاج قنبلة نووية قبل 20 يناير 2025.

وفي هذا السياق، يظهر تساؤل محوري حول مدى قدرة بايدن على اتخاذ قرار بشأن ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وهو القرار الذي قد يكون له تداعيات واسعة على الأمن الإقليمي والعلاقات الدولية بعد مغادرته لمنصبه.

كما يواجه الرئيس الأمريكي تحديًا كبيرًا في اتخاذ أي قرار عسكري قد يتسبب في تصعيد خطير في منطقة الشرق الأوسط.

توجيه الضربة

يعتقد البعض داخل إدارة بايدن أن اتخاذ قرار بتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران في تلك الفترة سيُعتبر مقامرة هائلة.

ففي الوقت الذي يسعى فيه بايدن إلى منع إيران من تطوير سلاح نووي، فإنه سيعبر عن استعداد غير مسبوق لتحمل مخاطر قد تجر الولايات المتحدة إلى صراع عسكري جديد، وهو ما قد يترك تحديات جمة لخليفته في البيت الأبيض.

وبالرغم من أن الاجتماع لم يشهد قرارًا حاسمًا بالموافقة على الضربة العسكرية، إلا أن المناقشات أظهرت التوجهات والسيناريوهات المتاحة في حال قدمت إيران خطوات ملموسة نحو تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية.

وعلى الرغم من أن بايدن لم يعط الضوء الأخضر للهجوم خلال هذا الاجتماع، إلا أن المصادر تشير إلى أنه قد يكون هناك تقييم مستمر حول كيفية الرد على أي تقدم نووي إيراني في المستقبل القريب.

خيارات الرد الأمريكي

في الوقت الذي تقترب فيه إيران من الوصول إلى مستوى "الدولة العتبة النووية"، حيث أصبح برنامجها النووي يقترب من إمكانية تطوير قنبلة نووية، تتزايد المخاوف من أن طهران قد تكون على بعد خطوات قليلة من تحقيق هذا الهدف.

ومع تصعيد تخصيب اليورانيوم إلى 60%، تقترب إيران بشكل سريع من النسبة التي يحتاجها إنتاج سلاح نووي، وهو أمر يجعل من الضروري للأجهزة الاستخباراتية الأمريكية أن تظل يقظة لمتابعة أي تطور.

من جانبها، كانت إسرائيل قد أطلقت تحذيرات مستمرة بشأن خطر وصول إيران إلى القنبلة النووية.

وتعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن إيران بحاجة إلى نحو عام كامل لتطوير جهاز تفجير نووي في حال اتخاذها قرارًا بتطوير السلاح النووي، وهو ما يعزز من أهمية الضغط الدولي والرد الأمريكي السريع في حال وصول إيران إلى مرحلة حرجة.

تصعيد الحرب بالوكالة وزيادة التوترات الإقليمية

وفي إطار تلك الديناميكيات، تبدي الإدارة الأمريكية قلقًا متزايدًا من تأثيرات الضغوط الإقليمية وتزايد الأنشطة العسكرية الإيرانية ووكلائها في المنطقة، والتي من شأنها أن تعزز من موقف إيران بشكل أكبر في هذا السياق.

وبحسب بعض المسؤولين، فقد تكون الضغوط العسكرية المستمرة على إيران ووكلائها في سوريا والعراق ولبنان جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تقليل القدرة الإيرانية على الرد الفعلي في حال شن ضربة عسكرية.

وبالرغم من أنه لم يتم اتخاذ أي قرارات نهائية حتى الآن، تشير التحليلات إلى أن بعض المستشارين داخل الإدارة الأمريكية يعتقدون أن الفرصة مواتية الآن لإضعاف قدرات إيران بشكل أكبر، في ضوء الأوضاع المتصاعدة في المنطقة.

استراتيجية التعامل مع إيران بعد بايدن

أثار سوليفان تساؤلات حول ما إذا كان على الولايات المتحدة تعديل سياستها تجاه إيران في ضوء التغيرات المستمرة في التصريحات الإيرانية.

فقد أشار إلى أن مسؤولين إيرانيين في الآونة الأخيرة أبدوا استعدادًا أكبر لتغيير نهجهم النووي، ما يفتح الباب أمام تحديات جديدة أمام واشنطن في كيفية التعامل مع إيران في المستقبل.

وقد تكون هذه الفترة التي تسبق تسليم السلطة فرصة لوضع الأسس الاستراتيجية التي يمكن أن يتبعها الرئيس المنتخب المقبل، دون أن تقع مسؤولية الأزمة النووية الإيرانية على عاتق إدارة بايدن.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اجتماع سري اتخاذ اجراءات إدارة الرئيس الأمريكي اسع استعداد ا استثنائية الأمن القومي الاستخبارات الاي البرنامج النووي الايراني البرنامج النووي الخيارات الحرب بالوكالة الخيارات العسكرية الرئيس بايدن الرئيس الأمريكي

إقرأ أيضاً:

سيناريوهات الحروب .. بين قداسة الشعارات ودنس التنفيذ !

بقلم : حسين الذكر ..

كنا نقرا الثورات في ريعان الشباب مع ضغط الواقع وتشويه الحقائق بما ينسجم مع تزيف التاريخ وننظر للثورة الفرنسية بقدسية كبقية الثورات المصاغة بعناية فائقة في بطون أمهات الكتب .. بعد عقود الاعتجان بمحن السياسة وتطور الوعي بعيدا عن ربقة الموروث والتسليم التحميري جعلني اعيد قراءة الكثير والفهم بشكل مختلف تماما عن صناعة الابطال وفرضهم قهرا .. كما رفضت قاطعا سذاجة الثورة تاكل أبنائها ومنها معاجز (النابليونية ) المزعومة التي كانت وسيلة مفتعلة لاعادة رسم خارطة العالم بصورة شبيهة لما يسمى اليوم بولادة شرق اوسطي جديد ..
بعد انتهاء مجلس عزاء الثورة الفرنسية وثوارها بمسرحية ما قبل نابليون وبعده تم إعادة تقسيم حصص المستعمرين وقد تحققت لبريطانيا السيادة المطلقة منذ منتصف القرن التاسع عشر المتمثلة بسيطرتها على البحار العالمية والتجارة الدولية وسيطرتها على النظام المصرفي العالمي والتحكم فيه . بعد 1860 ظهرت بوادر انتعاش اقتصادي الماني ملفت للنظر .. وبما ان الدول الاستعمارية لا تنام ولا تغفل عن مقود بقاع ( العالم النائم او المشغول بتطير الحمائم او تفسير قدسية الغمائم ) .. تحرك البريطانيون للتاكد من التقارير الألمانية وبعد 1870 ثبت ان المانيا مست اخطر مسالتين تعني البريطانيين حينها المتمثلة بالسيطرة على البحار والتجارة الدولية وكذا المصارف ومعايير القيمة للعملة في العالم ..
في ثمانينات القرن التاسع عشر نشرت دراسات عن اكتشاف واهمية النفط المستخدم بديل عن الفحم كمشغل اول للسفن الحربية والتجارية وما يعنيه ذلك بحرب الهيمنة الاستعمارية وسباق التسلح الذي لا تهاون ولا دين ولا عوطف فيه وقد زاد الطين بلة اعلان المانيا عن بدا مشروعها بسكة حديد (برلين بغداد) الذي زعزع الأوساط الاوربية عامة والبريطانية خاصة .
بهذه النقطة تحديدا بدا الثور البريطاني بقمة هيجانه وصرح كبير مستشاري القيادة الاستراتيجية البريطانية الجنرال لافان : ( ان نظرة فاحصة لخارطة العالم ترينا التهديد الخطير الذي يشكله خط سكك برلين بغداد لمصالح التاج البريطاني ومستقبله في العالم كله ) .. لتبدا الاستعدادات وتشكل اللجان وتتحرك الأجهزة السرية سيما بعد اكتشاف النفط بكميات هائلة في الخليج الفارسي والعراق الذي اصبح محط اهتمام العالم الاستعماري من جديد بعد اكتشاف النفط لتنطلق الضغوط البريطانية بمختلف الاساليب المتجذرة بعقلية الغاية تبرر الوسيلة ..
حتى قال المستشار الالماني الشهير بسمارك ردا على الإجراءات البريطانية : ( ان الشرط الوحيد الذي يمكن ان يحسن العلاقات البريطانية الألمانية هو لجم وكبح تطورنا الاقتصادي وذلك غير ممكن ) .. من هنا انطلقت شرارة التحضير للحرب العالمية الأولى واعادت تقسيم ثروات العالم بين المستعمرين وفقا لنتائج الحرب المتوقعة .
تحركت الدبلوماسية بعقد خارطة تحالفات تنسجم مع الواقع والمستقبل كما حركت الاستخبارات البريطانية خيوط حرب البلقان تلك المنطقة الرخوة ( اليونان وصربيا وبلغاريا ) كخط شروع للحرب الكونية .. ثم جردوا الدولة العثمانية من كل شيء كما تم تعيين الشاب ونستون تشرشل كقائد للبحرية البريطانية فيما تم ايهام العرب بمشروع الثورة العربية الكبرى في الحجاز ..
فيما كانت الدول العظمى وقياداتها الوطنية تبحث عن مصالح بلدانها لما بعد الحرب القادمة . اصبح أهالي بغداد في احد الأيام بداية القرن العشرين – كما يروي د علي الوردي – على اعلان الاحتفالات العامة في بغداد وقد ملات الزينة شوارع ومقرات الدوائر العثمانية فيما كبرت الجوامع واطلقت المدفعية وتعالت الاهازيج بجموع الأهالي الذين خرجوا احتفالا باستقبال بعض شعيرات مقدسة من راس احد الاولياء مرسلة هدية الى العراقيين بوقت كانت حالات الطوارئ العالمية قد أعلنت للشروع بالحرب التي مثل اغتيال وريث العرش النمساوي فردينيناد في 28-تموز-1914 إيذانا باشعال فتيلها بين القوى العظمى لتقسيم عالمنا العربي الذي ما زلنا نائمين حد الثمل فيه .

حسين الذكر

مقالات مشابهة

  • نتنياهو: اتفقنا على تصفية حماس ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي
  • إيران: مزاعم طلب تغيير الفتوى النووية لخامنئي سخيفة
  • إيران أمام خيار الصفقة أو المواجهة العسكرية.. هكذا لوّح ترامب بالتفاوض
  • ترامب يقول إنه يفضل التوصل إلى صفقة مع إيران تتعلق بالقضايا غير النووية
  • ترامب يقدم ثلاثة مكاسب استراتيجية لبوتين في الفترة الأخيرة
  • اللحظات الأخيرة لأسرى الاحتلال في نفق القسام.. وجهوا دعوة (شاهد)
  • الاحتلال يعذب الأسرى المحررين حتى اللحظات الأخيرة.. نقل 7 للمستشفى
  • سيناريوهات الحروب .. بين قداسة الشعارات ودنس التنفيذ !
  • صفقة بوبو.. كيف تحولت وجهة اللاعب من المصري إلى سيراميكا كليوباترا في اللحظات الأخيرة
  • الحصاد الختامي لبطولة الجمهورية للمصارعة نجاح تنظيمي وإثارة حتى اللحظات الأخيرة