حقن هواء.. الجارديان تكشف تفاصيل أبشع جريمة قتل للأطفال في تاريخ بريطانيا
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
كشف تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية الضوء علي أبشع قضية قتل عمد في تاريخ بريطانيا الحديث، حيث أُدينت ممرضة لحديثي الولادة كمذنبة بقتل سبعة أطفال ومحاولة قتل ستة آخرين، مما يجعلها أسوأ قاتل متسلسل للأطفال في التاريخ البريطاني الحديث ويثير تساؤلات عاجلة حول ما إذا كان من الممكن إيقاف جرائمها.
وأُدينت لوسي ليتبي، 33 عامًا، بالقتل "بدم بارد" لخمسة أولاد مبتسرين وفتاتين حديثي الولادة في الوحدة التي كانت تعمل بها في مستشفى كونتيسة تشيستر في شمال غرب إنجلترا.
عندما أمر بإجراء تحقيق مستقل حول كيفية تمكن لوسي ليتبي من تنفيذ جريمتها المروعة، أخبر أحد المبلغين عن المخالفات صحيفة الجارديان أنه يعتقد أنه كان من الممكن إنقاذ الأطفال إذا تصرف المسؤولون التنفيذيون في المستشفى عاجلاً بشأن مخاوف بشأن الممرضة.
من جهته، قال الدكتور ستيفن بري، الذي كان أول من حذر المديرين التنفيذيين إلى علاقة ليتبي بحالات وفاة وانهيارات غير عادية، إنه شعر بأن الرؤساء كانوا "مهملين" من خلال إخفاقهم في الاتصال بالشرطة في وقت سابق.
وكانت ليتبي في منتصف العشرينات من عمرها عندما كانت تفترس أطفالًا ضعفاء للغاية بين يونيو 2015 ويونيو 2016، وغالبًا ما كانت تقتلهم بعد لحظات فقط من مغادرة والديهم أو الممرضات جانبهم. وتم الاتصال بالشرطة أخيرًا في عام 2017 وتم القبض عليها في عام 2018.
كان من بين ضحاياها شقيقان توأمان، قُتلا في غضون 24 ساعة من ولادتهم، وطفل رضيع يقل وزنه عن 1 كجم تم حقنه بالهواء قاتلاً، وفتاة ولدت قبل موعدها بعشرة أسابيع قُتلت في المحاولة الرابعة.
من المتوقع أن تصبح ليتبي ثالث امرأة على قيد الحياة في بريطانيا يتم الحكم عليها بالسجن مدى الحياة، مما يعني أنه لن يتم إطلاق سراحها من السجن، عندما يتم الحكم عليها يوم الاثنين المقبل.
وتعتقد الشرطة أن ليتبي ربما ألحقت الأذى بمزيد من الأطفال خلال مسيرتها المهنية التي استمرت ست سنوات كممرضة أطفال.
وطلب المحققون من المتخصصين فحص سجلات أكثر من 4000 طفل ولدوا في مستشفى ليفربول للنساء وكونتيسة تشيستر، المستشفيين اللتين عملت فيهما ليتبي بين عامي 2010 و 2016.
رفضت ليتبي العودة إلى المحكمة للاستماع إلى الأحكام اللاحقة، لكن في جلسة استماع سابقة للحكم، أحنت رأسها وبكت بينما بكت والدتها سوزان بصوت عالٍ وقالت: "لا يمكنك أن تكون جادًا. هذا لا يمكن أن يكون صحيحا".
استمعت المحاكمة إلى كيف قتلت ليتبي الأطفال حديثي الولادة عن طريق حقن الهواء في أجسادهم الصغيرة، أو في إحدى الحالات عن طريق دفع أنبوب أسفل حلق الرضيع. وحاولت قتل طفلين بجلد أكياس التغذية بالأنسولين.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
العاب أطفال غزة مستوحاة من الواقع الذي يعيشونه
يتسلى أطفال غزة في معسكر خيام النازحين بتأدية مشاهد القصف وترديد أغاني الحرب وقد تظل الصدمات والذكريات عالقة في أذهان الصغار لا سيما أولئك الذين فقدوا ذويهم أمام أعينهم
قال سليمان لمجموعة من الأطفال القريبين من عمره “ما رأيكم نلعب لعبة القصف”، وبصوت صاخب هتف جميعهم “هيا نلعب”، وركضوا سوياً نحو ساحة فارغة خلف خيام معسكر النازحين في محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة.
بدأ سليمان في توزيع الأدوار على أربعة أطفال تجمعوا حوله ويرغبون في اللعب معه، وأخذ يشرح لهم اللعبة “ورد وفداء وأية سيبنين بيتاً من التراب وسيمثلن أنهن أمهات فلسطينيات، أما سعيد سيمثل أنه جندي إسرائيلي، وأنا سأكون الطيار الذي يقود طائرة حربية”.
اعترض سعيد على السيناريو الذي وضعه صديقه سليمان وقال “لن أشارك بدور جندي، هذا شيء غير لطيف، لا أحب أن أكون كذلك”، صمت قليلاً وضع أصبع السبابة على فمه وقال “أممم ما رأيك أن أكون مقاتلاً فلسطينياً، هذا أفضل”.
وافق الأطفال على اللعبة، فانشغلت البنات في بناء بيت من الرمل، وأخذن بأيديهن يجمعن كومة من التراب ويصنعن منها ما يشبه منزلاً، وانهمكن في سرد تفاصيل الخوف بينهن من الجيش الإسرائيلي وما ينفذه من عمليات عسكرية في غزة.
فيما كان سليمان يرفع ذراعه الأيمن ويبسط يده كأنها طائرة ويحلق في الهواء، ويصدر بفمه صوتاً يشبه ضجيج محرك المقاتلات الحربية الإسرائيلية، ويقول ببراءة “سأدمر هذا المنزل على رؤوس ساكنيه”.
ما إن انتهت البنات من بناء منزلهن، حلق سليمان كأنه طائرة وأطلق شظية صاروخ إسرائيلي كان قد وجدها بالقرب من معسكر خيام النازحين، نحو البيت الرملي لتدميره، وأصدر صوت انفجار ضخم “بوووووف”، ثم ضحك بصوت عال.
وأخذت البنات الأطفال يبكين ويولولن على منزلهن، كأنهن أمهات حقاً، لكن بسرعة قطع هذا المشهد سعيد الذي وعدهن بإطلاق رشقة صاروخية صوب الطائرة إذا ما مرت من جديد.
ضحك الأطفال وضحكت أمهاتهن من خلفهن، إذ تجمعن للاطمئنان على صغارهن، وركض كل واحد منهم لحضن والدته. تقول الأم غدير عمار “ليس غريباً ما يفعله الأطفال، إنهم يحاكون واقع حياتهم، هذا ما يشاهدونه يومياً في غزة، وهذا ما يسمعون أهاليهم يتحدثون فيه”.
وتضيف “تأثر الأطفال بشكل كبير من واقع الحرب، هذه الألعاب لم تكن في قاموس تسلية ولهو الصغار، لكنهم ابتكروها حديثاً، إنه أمر محزن وسيئ أن تخزن ذكريات أليمة في عقل هؤلاء الأطفال، من حقهم أن يعيشوا بأمان، لكن لا حول لنا ولا قوة”.
أغاني المراجيح
اصطحبت الأم غدير جميع الأطفال، ومشت رويداً رويداً إلى أحد زوايا معسكر الخيام، صوب رجل جلب “المراجيح” لتسلية الصغار، وطلبت منهم عدم تكرار لعبة “القصف” والتركيز على ألعاب تناسب عمرهم وقضاء وقتهم على الأرجوحة.
أخبرت غدير صاحب اللعبة همساً ما كان يفعله الأطفال، وأوصته بأن يحرص على جعلهم يلعبون ألعاباً تناسب عمرهم، وبطبيعة الحال أبدى العم عاصف موافقته، لكنه أوضح للأم أنها حال كل الصغار في غزة الذين يؤدون مشهداً مصغراً عما يعيشوه.
على الأرجوحة البدائية والقديمة أخذ الأطفال يلهون وهم يحلقون في الهواء، ويرددون أغنية تقليدية “طيري وهدي يا حمامة، ع بلاد غزة يا حمامة، وغزة حزينة يا حمامة، وعلى عرق التينة يا حمامة، دمروا بيتنا يا حمامة، ونمنا في الشارع يا حمامة، ونفسنا تخلص الحرب يا حمامة”.
ضحك العم عاصف من غناء الأطفال، وقال “يبدو أنهم متأثرون كثيراً، لا مفر من ذلك، فهذا واقع سيئ يبشر بمستقبل صعب لهؤلاء الأطفال ومعنوياتهم حتماً محطمة”.
تقول متخصصة في الصحة النفسية للأطفال عبير جمعة “يعيش أطفال غزة في حالة من الرعب المستمر، ويعانون من أعراض الصدمة الشديدة، إضافة إلى خطر الموت والإصابة، وجميعهم يفقدون الأمان”.
وتضيف “بدأت تظهر على الأطفال أعراض صدمة خطيرة مثل التشنجات والتبول اللاإرادي والخوف والسلوك العدواني والعصبية والتشبث الشديد بوالديهم، هذا يعني وصولهم لمرحلة متأخرة من الصدمة النفسية الشديدة”.
وعن ألعاب الأطفال التي باتت تستوحى من واقع حياتهم، توضح جمعة أن ذاكرة الأطفال تحفظ أي شيء يمر على العين وتسمعه الأذن، ولذا فإن ما يعيشه الصغار يترجم عن طريق ألعابهم، وهذا أمر متوقع، ربما يحسب في إطار التفريغ النفسي، لكن من المؤكد يعد دليلاً على الجروح النفسية العميقة التي يعيشها القاصرون.
وتشير جمعة إلى أن ما شاهدته من ألعاب أطفال يؤكد لها أن التعافي من الصدمات والكوارث النفسية لدى الأطفال سيكون صعباً ويستغرق وقتاً طويلاً، وربما تظل بعض الذكريات عالقة في أذهان الصغار بخاصة الذين فقدوا ذويهم أمام أعينهم.