كييف- "أوكرانيا تستعد لاستئناف علاقتها الدبلوماسية مع سوريا"، تصريح يدلي به الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فيما يخص المشهد السوري الجديد، وقد لا يكون الأخير في هذا الصدد.

وما إن سقط النظام السوري وهرب رئيسه بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي حتى سارعت أوكرانيا إلى الترحيب بانتصار السوريين على "واحد من أعتى أنظمة وشخصيات القمع والاستبداد والفساد حول العالم".

وأصدرت وزارة الخارجية الأوكرانية بيانا عبّرت من خلاله عن استعداد كييف لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها بعد أن جُمدت في 2017 ثم قُطعت في 2022 على خلفية موقف نظام الأسد المؤيد لتدخّل روسيا وتحركاتها العسكرية في أوكرانيا.

وبعد ساعات فقط من البيان كان وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا على رأس وفد يزور دمشق ويلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ورئيس وزرائه محمد البشير، وآخرين.

ولأنه أول وزير خارجية يزور سوريا من دولة أوروبية، وقبل يومين فقط من عيد رأس السنة -الذي يعتبر الأكثر أهمية وشعبية في أوكرانيا- بدا الأمر وكأن كييف تستعجل إعادة تلك العلاقات أكثر بكثير من غيرها.

دعم ومطالب سياسية

ظاهر الأمر الذي تحدث عنه سيبيغا هو أن تعود سوريا إلى احترام القانون الدولي وتلغي اعتراف نظام الأسد بروسيّة شبه جزيرة القرم وبقية الأراضي الأوكرانية المحتلة، وأن تغير موقفها المؤيد للحرب الروسية المستمرة منذ 3 سنوات على أوكرانيا.

إعلان

و"قربان" هذا المطلب -إن صح التعبير- نصف مليون طن من القمح الأوكراني مساعدة "إنسانية" أقرها الرئيس زيلينسكي "دعما لسوريا وللشعب السوري".

أهداف لم تذكر

لكن الزيارة تخفي أهدافا ودوافع أخرى لم تُكشف للعلن، ولعلها الأهم بالنسبة لأوكرانيا وسوريا معا في فترة التحول هذه التي تشهدها الأخيرة.

وهذه الأسباب كشفها للجزيرة نت مؤسس لجنة العلاقات الأوكرانية السورية في العام 2002 الدبلوماسي السابق فولوديمير شوماكوف، وهي:

استقرار سوريا والأمن الغذائي: فأوكرانيا منذ بداية الحرب تسوّق نفسها على أنها ضامن موثوق للأمن الغذائي العالمي، بما تزرعه وتصنعه وتصدره من حبوب ومواد غذائية وحيوانية. وبحسب شوماكوف، أوكرانيا معنية باستقرار سوريا من جميع النواحي، وهذا على رأس أولوياتها، كما أنها تعتبر دمشق "بوابة الشام" الرئيسية بين دول المنطقة والعالم العربي. الحد من حجم النفوذ الروسي: من خلال مساعدة السوريين في معارك التحرير، وإقناعهم إضافة إلى العرب بفظاعة ما ارتكبه الروس في سوريا وليبيا والسودان ومالي. وفي هذا الصدد، لا يخفي شوماكوف أن بلاده تستغل كل فرصة ممكنة في هذا الإطار، ويرى أن الوزير سيبيغا أحسن باستعجال زيارة سوريا، لأنه عمل سفيرا في تركيا، ويعرف كثيرا عن شؤون المنطقة. تبادل المرتزقة: فقد أكد شوماكوف أن بلاده أسرت بعض جنود الأسد الذين جاؤوا للقتال إلى جانب الروس خلال سنوات الحرب الماضية، وتقدّر الاستخبارات العسكرية عددهم الإجمالي بنحو 300 جندي، لكنها لم تكشف عن عدد القتلى والجرحى و"المرتزقة الأسرى" بينهم. أوكرانيا بديل موثوق: وهذا يتعلق تحديدا بقدرة أوكرانيا على صيانة المعدات والآليات والطائرات العسكرية التي اشترتها سوريا من الاتحاد السوفياتي ثم من روسيا، وتعتبر أساسا لقدراتها العسكرية منذ عقود، حيث يرى شوماكوف أن "المدرسة العسكرية الأوكرانية والروسية كانت واحدة، وهي أفضل بديل بالنسبة لسوريا، حتى وإن ساهمت دول كتركيا وقطر بدعم تحول سوريا نحو سلاحها الخاص أو الغربي".
كما يعتقد الدبلوماسي أيضا في هذا الإطار أن بلاده بخبرتها وكفاءاتها مستعدة للتعاون مع السوريين في مجال سلاح المسيّرات الذي يلعب دورا أساسيا في رسم مسارات الحروب المعاصرة.ومع ذلك، تصطدم رغبة أوكرانيا هذه بـ"عدم وضوح أحمد الشرع فيما يتعلق بإخراج الروس من بلاده رغم ما فعلوه، واعتباره أن روسيا دولة كبيرة ومهمة لا يجب قطع العلاقات معها"، وفق شوماكوف. سوريا أرض عبور الغاز القطري: وذلك من خلال الحديث عن إحياء مشروع نقل الغاز القطري إلى أوروبا عبر سوريا الجديدة، الأمر الذي سيضمن استقرار نظام الطاقة في أوروبا، ويمكن أن تساهم فيه أوكرانيا بقوة، وفق الدبلوماسي السابق. إعلان الجاليات والتجارة والإعمار

وثمة أسباب تدفع أوكرانيا إلى استعجال إعادة العلاقات وتطويرها وتتعلق بتاريخ هذه العلاقات، وحجم الفائدة التي كانت تعود على الجانبين.

وفي حديث للجزيرة نت لفت رئيس الجالية السورية في أوكرانيا الدكتور محمد زيدية إلى أن "كييف تحركت بإرادة حقيقية، ومباشرة في اليوم الثاني لسقوط النظام 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبعث مسؤولوها رسائل إلى المجتمع الدولي تدعو للاعتراف بالإدارة الجديدة لسوريا ودعمها".

وأضاف زيدية أن "نصف مليون طن من الحبوب الأوكرانية التي أعلنت عنها كييف ما هي إلا بداية شحنات مماثلة أخرى لدعم سوريا، وفي النهاية هي جزء بسيط من حجم تعاون اقتصادي كبير كان بين البلدين قبل 2014″.

وفيما يتعلق بالأسباب التي تدفع أوكرانيا إلى ذلك فقد حددها رئيس الجالية زيدية بالآتي:

الطلاب والجاليات: فالعلاقات قديمة وتعود إلى فترة الثمانينيات والتسعينيات عندما كانت أوكرانيا جزءا من الاتحاد السوفياتي، قبل أن تستقل في 1991.وثمة 6 آلاف سوري يعيشون في أوكرانيا ونحو 5 آلاف أوكراني يعيشون في سوريا، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن كل واحد منهم يملك عائلة فالرقم سيقدر بعشرات الآف حينها، بحسب زيدية.ونسبة كبيرة من السوريين في أوكرانيا كانت من فئة الطلاب قبل 2014 عندما كانت جامعاتها ومعاهدها قبلة رئيسية للطلاب السوريين الراغبين في إكمال مسيرتهم التعليمية، وهذا يعود بالنفع على تلك المؤسسات التعليمية واقتصاد أوكرانيا. التبادل التجاري: وهنا يشير زيدية إلى أن سوريا كانت وجهة رئيسية لبضائع أوكرانيا وموادها الخام قبل قطع العلاقات، كخام الحديد الذي يغذي معمل الحديد في مدينة حماة مثلا، كما ملأت بضائع سوريا الأسواق الأوكرانية، وتصدرت قائمة الدول العربية في عمليات التبادل التجاري مع أوكرانيا بحجم بلغ رسميا ملياري دولار في عام 2010. خدمة البنية التحتية: من خلال صيانة الجسور والطرق التي قام بعضها على أساس خبرات روسية وأوكرانية زمن الاتحاد السوفياتي، وأبرزها سد الفرات في محافظة الرقة، بحسب زيدية.وأضاف أن "ثمة شركات أوكرانية مهتمة بالمشاركة في عملية إعادة إعمار سوريا فعلا". علاج لوجع واحد: يقول رئيس الجالية إن "مسؤولين في أوكرانيا عبروا عن استعداد بلادهم دعم أي تحقيق وملاحقة لرموز نظام الأسد السابق وداعميهم الروس، وفي النهاية هذا علاج واحد لجرح مشترك بين الأوكرانيين والسوريين منذ سنين"، على حد تعبيره. إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی أوکرانیا من خلال فی هذا

إقرأ أيضاً:

زيارة وفود أوروبية إلى دمشق تمهّد لعودة العلاقات مع سوريا (شاهد)

قال خليل هملو، مراسل قناة القاهرة الإخبارية في دمشق، إن العلاقات بين فرنسا وألمانيا وسوريا بدأت تعود إلى سابق عهدها، مشيرًا إلى أن أول الوفود التي وصلت إلى العاصمة السورية دمشق في الأسبوع الأول من سقوط نظام بشار الأسد كانت وفودًا ألمانية وبريطانية وفرنسية، حيث تلت هذه الزيارات لقاء القائم بالأعمال في السفارة الأوروبية بدمشق مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.

وزير خارجية فرنسا من دمشق: أمل في سوريا ذات سيادة مستقرة وهادئة عاجل.. غارات إسرائيلية تستهدف ريف حلب شمال سوريا  إعادة العلاقات السورية

وأوضح هملو، خلال مداخلة على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن هذه الزيارات واللقاءات تأتي في إطار رغبة أوروبا بشكل عام، وبشكل خاص فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في إعادة العلاقات السورية مع تلك الدول إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، مضيفًا أن هذه التطورات تُعد بداية مبشرة، حيث أن التصريحات التي أدلت بها وزيرة الخارجية الألمانية تشير إلى ضرورة عودة العلاقات مع سوريا، بينما اجتمع وزير الخارجية الفرنسي مع وفد من رجال الدين المسيحي وكنائس المشرق في دمشق.

القيادة السورية

وتابع هملو: "إلى الآن ننتظر نتائج اللقاءات، التي تُعد بمثابة جس نبض للاطلاع على الوضع في دمشق، وما إذا كانت الحوارات والتصريحات التي أدلت بها القيادة السورية تشير إلى مرحلة جديدة تتعلق بالأقليات والديانات الأخرى في سوريا".

حكومة سوريا وضعت على نفسها أعباء ليست من صلاحيات حكومة انتقالية

جدير بالذكر أن الدكتور شاهر الشاهر، أستاذ العلاقات الدولية، ‘ان الإدارة السورية الجديدة لديها تركة ثقيلة ولديها شعب يريد حل كثير من الملفات على كافة المستويات، موضحًا أن سوريا اليوم بحاجة إلى كل شئ وأمام الإدارة الجديدة العديد من الملفات الخارجية والداخلية، مشددًا على أنها حكومة مؤقتة في سوريا تركز على شيئين لتوفير الأمن للمواطنين وتوفير حاجاتهم اليومية.

وأشار «الشاهر»، خلال مداخلة عبر الإنترنت ببرنامج «منتصف النهار»، مع الإعلامية نهى درويش، عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، إلى أن الحكومة المؤقتة تعمل الآن وبشكل كبير على تأمين أكثر من الحاجة اليومية للمواطن السوري، كما أن الحكومة السورية المؤقتة وضعت على نفسها أعباء ليست من صلاحيات حكومة انتقالية، منوهًا بأن الحكومة تضع الأعباء على نفسها بعض طرح العديد من المشروعات لتنفيذها خلال الفترة المقبلة.

وشدد على أن الأمور الآن تسير بشكل جيد في الجانب الاقتصادي وهناك ارتياح من أداء الحكومة في هذا السياق، وهناك توفر في المواد الغذائية، ولكن هناك مخاوف فيما يتعلق بالشأن السياسي وخاصة موضوع الأقليات وموضوع المرأة.

مقالات مشابهة

  • من السعودية إلى سوريا.. إليكم عدد الطائرات الإغاثية التي وصلت دمشق للآن
  • زيارة وفود أوروبية إلى دمشق تمهّد لعودة العلاقات مع سوريا (شاهد)
  • زيارة وفود أوروبية إلى دمشق تمهّد لعودة العلاقات مع سوريا
  • العلاقات العراقية الإيرانية بعد زلزال سوريا
  • زيلينسكي يعلن استعداد أوكرانيا لاستئناف العلاقات مع سوريا
  • ‏زيلينسكي: أوكرانيا تستعد لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا
  • الرئيس الأوكراني: نستعد لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا
  • زيلينسكي: أوكرانيا تستعد لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا
  • مطران سوهاج: 25 يرتبط بعدد من المعاني الروحية التي تشير للبدايات الجديدة والبركات الإلهية