وَشِيْجَةُ المَدَنيين بالعَسْكَريين – مِنْ شَرَاكَة لمُنسَّقِيَّة
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
وَشِيْجَةُ المَدَنيين بالعَسْكَريين – مِنْ شَرَاكَة لمُنسَّقِيَّة
Civilian-Military Nexus – From Partnership to Coordination
بروفيسور مكي مدني الشبلي
المدير التنفيذي – مركز مأمون بحيري، الخرطوم
استحالة تحقيق انتقال سلمي واقعي بعد الحرب دون تنسيق (ليس شراكة) بين المدنيين والعسكريين:
شهدت الشراكة السابقة بين المدنيين والعسكريين توترات ومرارات غائرة خلال فترة المجلس العسكري الانتقالي التي تخللتها فاجعة فض اعتصام القيادة العامة في 3 يونيو 2019، وتواصلت هذه التوترات بعد توقيع الوثيقة الدستورية لتقاسم السلطة بين المؤسسة العسكرية وقوى الحرية والتغيير في 17 أغسطس 2019، وتواصل تردي العلاقات بين الطرفين بسبب انقلاب 25 ديسمبر 2021، وبلغ التوتر ذروته بعد حرب 15 أبريل 2023.
وعلى الرغم من هذه الظروف القاهرة التي تحتم التنسيق بين المدنيين والعسكريين لتحقيق الانتقال السلمي السلس، إلا أن التجربة السابقة تفرض تأطير هذا التنسيق بما يحقق سبل نجاحه لبلوغ الغايات المأمولة.
محددات الوئام بين المدنيين والعسكريين لإنهاء حرب السودان:
تحقيقاً لوشيجة فاعلة بين المدنيين والعسكريين (وليس شراكة) لإنهاء حرب السودان، يجب مراعاة توزيع متوازن للصلاحيات بين الطرفين، وتحديد واضح لأدوار كل طرف لتجنب التداخل والصراع، والتزام الشفافية والمساءلة، والتوافق على آليات واضحة للرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات من الطرفين، والإصلاح المؤسسي لمعالجة التشرذم البنيوي الذي شتت المدنيين والعسكريين على حد سواء، الأمر الذي يقتضي إعادة هيكلة القوات المسلحة بإدماج الدعم السريع والحركات المسلحة، وإعادة هيكلة المدنيين بإدماج الكتل المتناحرة في كيان مؤسسي مناهض للحرب ومؤازر للسلام وقادر على إدارة الدولة، وإنشاء قنوات اتصال دائمة بين المدنيين والعسكريين بعقد مؤتمرات وحوارات شاملة لمعالجة القضايا الخلافية لمعالجة جذور الحرب الاقتصادية والاجتماعية. وفوق كل ذلك يجب وضع جدول زمني واضح للانتقال إلى الحكم المدني الكامل يلزم العسكريين بالانسحاب التدريجي من السلطة تحت إشراف وسطاء دوليين وإقليميين لضمان تنفيذ الاتفاقيات، بحيث يلتزم الشركاء الإقليميين والدوليين بدعم الانتقال نحو الحكم المدني الديمقراطي سياساً واقتصادياً. ولا شك أن نجاح هذ التواؤم بين المدنيين والعسكرين الذي تفرضه أهوال الحرب يتطلب مرونة من الطرفين وإرادة حقيقية لتجاوز الخلافات. كما أن استمرار الوئام مرهون بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح قبل الانقلاب والحرب لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة التي قدم في سبيلها تضحيات جسيمة في ثورة ديسمبر الظافرة.
مأزق المواءمة بين محاسبة العسكريين مرتكبي جرائم الحرب، وقبولهم بوقف القتال والخروج من السياسة:
يتطلب التوفيق بين محاسبة مرتكبي جرائم الحرب وقبول العسكريين بوقف القتال والخروج من السياسة في السودان نهجاً متوازناً يجمع بين العدالة والمصالحة والتسامي لضمان تحقيق السلام والاستقرار. ولتحقيق هذا التوازن الصعب ينبغي وضع آليات للمحاسبة التدريجية بإنشاء لجان تحقيق وطنية ودولية محايدة للتحقيق في جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية، بمشاركة بعثة تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وضمان توفير الدعم المالي والسياسي لهذه اللجان لتتمكن من أداء مهامها بفاعلية، مع التركيز على جمع الأدلة وتحديد المسؤولين الرئيسيين عن الجرائم، وتقديم ضمانات قانونية وسياسية للعسكريين الذين يوافقون على وقف القتال والخروج من السياسة، مثل العفو المحدود أو الحصانة المشروطة، شريطة تعاونهم مع آليات العدالة الانتقالية، وضرورة دمج القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والحركات المسلحة في جيش وطني موحد تحت قيادة مدنية، مع إصلاحات هيكلية ومشاركة إقليمية ودولية لضمان عدم تكرار التدخل العسكري في السياسة، واعتماد نموذج للعدالة الانتقالية يوازن بين المحاسبة والمصالحة الوطنية، بما يشمل تعويض الضحايا وإعادة تأهيل المجتمعات المتضررة من فظائع الحرب، وإنشاء مفوضيات مستقلة لمعالجة قضايا الانتهاكات السابقة، بما يضمن مشاركة المدنيين والعسكريين في صياغة مستقبل مشترك، وممارسة ضغوط دولية على الأطراف المتحاربة لوقف الأعمال العدائية، مع تقديم حوافز مثل رفع العقوبات أو المساعدات الاقتصادية مقابل الالتزام بالسلام وتسليم السلطة للمدنيين، ودعم جهود بناء السلام من خلال الوساطة الدولية والإقليمية، مثل الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، الإيقاد) لتسهيل تنفيذ الاتفاقات السياسية وضمان الالتزام بها، ووضع إطار زمني مُلزِم بتحديد جدول موقوت لتنفيذ الإصلاحات الأمنية والسياسية، بما يشمل خروج الجيش من السياسة خلال فترة انتقالية محددة لا تقل عن خمس سنوات تتيح بناء مؤسسات مدنية قوية ومستدامة.
إنشاء المجلس التنسيقي المدني العسكري:
شهدت الفترة التي أعقبت فض الاعتصام في يونيو 2019 تردي العلاقات بين المدنيين والعسكريين زاد من حدتها انقلاب ديسمبر 2021 وحرب أبريل 2023. وعليه فإن إنشاء مجلس تنسيقي بين المدنيين والعسكريين بعد وقف إطلاق النار سيساهم في خلق بيئة من الانفتاح والتعاون بينهما، مما يمهِّد الطريق لإعادة بناء الثقة تدريجياً بعد فترات الصراع والانقسام. ولبلوغ هذه الغاية تُوَكل للمجلس مهمة تعزيز التواصل والتفاهم المباشر بين الجانبين، والمساعدة في تبادل وجهات النظر، وتبادل المعلومات بشفافية ونظام، والعمل على وضع استراتيجيات وطنية مشتركة تراعي المصالح المدنية والعسكرية لتوحيد الرؤى وتحقيق التكامل بين الجانبين. كما يقوم المجلس بالمساعدة على تنفيذ برامج مشتركة مثل نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج للمقاتلين السابقين. ويمكن للمجلس أيضاً معالجة المظالم والشكاوى بإنشاء آلية لتلقي ومعالجة شكاوى المدنيين المتعلقة بسلوك القوات المسلحة والدعم السريع أثناء الحرب، والتحقيق في أي انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان من قبل أطراف الحرب ومحاسبة المسؤولين عنها. ويقوم المجلس التنسيقي أيضاً بإعداد برامج توعية للمجتمع المدني حول دور ومهام القوات المسلحة في وقت السلم. وعلى قدر كبير من الأهمية يقوم المجلس بوضع الأسس للإصلاح المؤسسي بالمساهمة في وضع استراتيجيات لإعادة هيكلة القوات المسلحة وإصلاح قطاع الأمن، وتعزيز الرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية من خلال الآليات الشفافة والمساءلة.
وحتى يؤدي المجلس التنسيقي المدني العسكري مهامه بالشكل الأمثل تكون لائحته التنظيمية كالآتي:
اللائحة التنظيمية للمجلس التنسيقي المدني العسكري:
المادة الأولى: تشكيل المجلس:
يتكون المجلس التنسيقي من 50 عضواً موزعين كالآتي:
رئيس المجلس: شخصية مدنية وطنية مستقلة يتم التوافق عليها.
نائب الرئيس: شخصية من العسكريين المتقاعدين.
5 ممثلين للقوات المسلحة.
5 ممثلين لقوات الدعم السريع.
5 ممثلين للجان المقاومة.
5 ممثلين لقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي.
5 ممثلين للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان.
5 ممثلين للحركات المسلحة غير الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان.
3 ممثلين لقوى الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية.
5 شخصيات وطنية مستقلة يتم التوافق عليها.
2 ممثلَين لمنظمات المجتمع المدني.
3 ممثلين لتجمع المهنيين.
3 ممثلين للقطاع الخاص.
2 ممثلَين لمخرجات مؤتمر سلام شرق السودان.
ملاحظات هامة:
• يجب مراعاة تمثيل المرأة والشباب في تشكيل المجلس.
• ينبغي اختيار الأعضاء بناءً على الكفاءة والخبرة والقدرة على بناء الجسور بين الأطراف المختلفة.
• يمكن الاستعانة بخبراء فنيين في مجالات محددة كالاقتصاد والأمن كمستشارين للمجلس.
المادة الثانية: مهام المجلس
• تنسيق الجهود بين المكونين المدني والعسكري لإعادة بناء الثقة.
• وضع استراتيجيات لإصلاح قطاع الأمن وإعادة هيكلة القوات المسلحة.
• تعزيز الرقابة المدنية على المؤسسة العسكرية من خلال آليات شفافة.
• معالجة المظالم والشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.
• التنسيق لتنفيذ برامج مشتركة لخدمة المجتمع وإعادة الإعمار.
المادة الثالثة: اجتماعات المجلس
يجتمع المجلس مرة كل أسبوعين بشكل دوري.
يمكن عقد اجتماعات طارئة بناءً على طلب ثلث الأعضاء.
المادة الرابعة: آلية اتخاذ القرارات
تتخذ القرارات بالتوافق كلما أمكن ذلك.
في حال تعذر التوافق، يتم التصويت بأغلبية الثلثين.
المادة الخامسة: اللجان الفرعية
يشكل المجلس اللجان الفرعية التالية:
• لجنة الإصلاح المؤسسي في القوات المسلحة.
• لجنة الوئام الوطني.
• لجنة إعادة الإعمار والتنمية.
المادة السادسة: الشفافية والمساءلة
تنشر محاضر اجتماعات المجلس للمواطنين.
يقدم المجلس تقارير دورية للرأي العام حول أنشطته وإنجازاته.
المادة السابعة: مدة عمل المجلس
يعمل المجلس لمدة عامين قابلة للتجديد لعام إضافي بموافقة ثلثي الأعضاء
المادة التاسعة: تعديل اللائحة:
يمكن تعديل هذه اللائحة بموافقة ثلثي أعضاء المجلس.
وتهدف هذه اللائحة إلى تنظيم عمل المجلس التنسيقي بشكل يضمن الشفافية والفعالية في إعادة بناء الثقة بين المكونين المدني والعسكري لتحقيق السلام والتحول المدني الديمقراطي.
المشاريع المشتركة لإعادة الثقة بين المدنيين والعسكريين:
لقد خلَّفت الحرب المدمرة ضغائن غائرة في نفوس جميع السودانيين الذين قاسوا من ويلات جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والسلب والنهب والتطهير العرقي. وتحقيقاً لاستعادة الثقة المفقودة بين المدنيين والعسكريين في السودان يمكن للمجلس التنسيقي المدني العسكري التوصية بإطلاق مشاريع خدمية وتنموية مشتركة بين المدنيين والعسكريين تشمل البنية التحتية لخدمة المجتمع، مثل بناء الطرق والمدارس والمستشفيات التي دمرتها الحرب، وإطلاق حملات مشتركة لمكافحة الأوبئة والأمراض المتوطنة، وتنفيذ مشاريع زراعية وصناعية مشتركة لتعزيز الاقتصاد الوطني. كما تشمل المواءمة أيضاً مشاريع أمنية وإنسانية تتضمن إنشاء قوة مشتركة لحماية المدنيين، تضم عناصر من الجيش والشرطة والمجتمع المدني، وتشكيل لجان مشتركة لإدارة الأزمات والكوارث الطبيعية، وتنفيذ برامج مشتركة لنزع السلاح وإعادة الإدماج للمقاتلين السابقين. وفي الجانب السياسي والإداري يمكن تشكيل مجالس استشارية مشتركة لصياغة السياسات العامة، وإنشاء آليات مشتركة للرقابة على أداء المؤسسات الحكومية، وتنظيم ورش عمل وندوات مشتركة لمناقشة القضايا الوطنية الهامة. أما الجانب الاقتصادي فيشمل تحويل الشركات العسكرية إلى شركات مساهمة عامة يشارك فيها المدنيون، وإنشاء صناديق استثمار مشتركة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لفائدة المدنيين المتضررين، وتشكيل لجان مشتركة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية. أما المشاريع الثقافية والتعليمية المشتركة بين المدنيين والعسكريين لاستعادة الثقة المفقودة بينهما فتشمل برامج تبادل بين الجامعات المدنية والكليات العسكرية، وإقامة فعاليات ثقافية ورياضية مشتركة لتعزيز التواصل الاجتماعي، وإطلاق حملات توعية مشتركة حول أهمية الوحدة الوطنية والتعايش السلمي لرأب التصدع العميق الذي خلفته الحرب. وغني عن القول إن نجاح هذه المشاريع المشتركة يتطلب إرادة حقيقية من المدنيين والعسكريين للتغلب على الخلافات وبناء الثقة المتبادلة. كما أن استمرار هذه المشاريع مرهون بتحقيق نتائج ملموسة تعود بالنفع على المواطنين الذين روَّعتهم الحرب وتساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية في السودان.
melshibly@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المؤسسة العسکریة المجلس التنسیقی القوات المسلحة الدعم السریع جرائم الحرب فی السودان من السیاسة بناء الثقة
إقرأ أيضاً:
سودان أبو القدح
عندما كان نظام البشير و الكيزان من خلفه في السودان يحذر أو يتوعَّد أو يهدد بأن سُقوطه يعني أن يُستباح السودان علَّه كان صادق! لكنهم كانوا يخوِّفوننا من حملة السلاح من الحركات المسلحة التي كانوا في حرب معها. ليتجلى أن من إستباح السودان بعد سقوطهم كانت تلك المليشيات التي صنعوها هم و غرسوها فينا من الجنجويد!
فهل هذا يعني أن نظام البشير هم من إستباحنا!
و سؤال أن أين اختفى الثعلب الشيخ علي عثمان طه؟ أليس هو بمثابة كبير و مفتي و مرشد جماعة القصر ما بعد المفاصلة مع شيخهم الترابي؟
لماذا لم يظهر له أي تصريح أو تعليق أو حتى الشماتة فيما حدث و يحدث للسودان من استباحة؟!
حتى قائد جناح الصقور نافع لم نسمع له من إفادة؟
الحقيقة التي أضرَّت بسودان ما بعد الثورة و أصابته في مقتل كانت متمثلة في ضعف شخصية رئيس الوزراء المختار الدكتور حمدوك و تواجده بين خبث و دهاء أكثر قيادة قوى الحرية و التغيير من حوله. تلك القيادات المدنية التي حاولت التلاعب بالعسكر و زعيم الجنجويد في سبيل الإنتقام من الكيزان كلهم فتسببوا دون قصد أو تعمد منهم في إشعال فتيل الحرب بين الجيش و الدعم السريع!
عندما تفكر في أن قيادة الجيش قبل البرهان سمحت للدعم أن يتمدد و جاء عبد الفتاح فاتحاً لها البلاد كلها و رافعاً من قدر زعيمها ثم نتذكر تصريحات البرهان و من معه من قادة الجيش كباشي و العطا و الحسين و إبراهيم و غيرهم في المدح و الثناء بل التغزل في حميدتي و قبلهم البشير فعلها و هو يعلن أنه هو حمياته الخاصه نستغرب أن كيف إنقلبت المحبة بينهم إلى حرب الخاسر فيها هو السودان و شعبه أولاً و أخيراً!
الإستغراب الذي يجعلك زاهداً في أن تصدق حقيقة أن الحق هو الذي اختلفوا جميعاً عليه!
فهم شركاء كانوا من قبل جميعاً في السلطة ثم اختلفوا على السلطة ليتقاتوا فيها! و إن ظن البعض أن المشكلة كانت في فترة دمج المليشيات في الجيش و مصير زعيمها فهل كان الأمر يستحق و يستدعي إشعال الحرب في السودان و استباحة أهله و تعريضه للتمزق و التقسَّم؟!
و طول فترة الحرب نفسها و ما أحدثته قيادات الفرق و المناطق من انسحابات و تسليم بلا دفاع عنها في أولها و تفرج باقي القطاعات و الولايات على سقوط الولايات جاراتها و اشتعال الحرب و العدوان و التقتيل و هتك الأعراض و السرقة على أهلهم فيها بينما ظلوا يُعلنون جاهزيتهم لصد أي عدوان عليهم و عليهم فقط!
و لماذا يساند و يدعم شيطان العرب ابن زايد أبو ظبي مليشيات التتار و الجنجويد في حربها على السودان؟
ماذا يريد هذا العاهر من شعب السودان؟
و أي جبروت يعيشه هذا الواهم يجعله يتدخل بأموال شعبه يصرفها يشتري بها الذمم الرخيصة و الأنظمة الأرخص من دول و مجالس و تنظيمات و هيئات يجعلها ضد السودان؟!
و لماذا قادة الجيش و هم من بعدها ظلوا يؤكدون أن السودان يخوض حرباً عليه من جهات عدة إقليمية و دولية لماذا لم يردوا الصاع صاعين على تلك الجهات و الدول؟! نعم لماذا لم يشعلوا الحرب عليهم أيضاً و ينقلوها لتشملهم و ليذوقوا نيرانها و معنى أن تتعرض الشعوب المسالمة للغدر و الإستباحة؟!
لماذا استرخص قادة حركات قحت و تقدم و قادة الجيش أن يستباح السودان دماء و أرواح و أعراض و أموال و أرض شعبه بواسطة مليشيات من جنجويد كلهم شاركوا في صناعتها و تمجيدها و مصافحتها و الجلوس معها و الأكل بل و النوم معها!
لماذا يريدون منا جميعاً من كيزان و قحت و جنجويد و دعامة و قيادة جيش أن نصدق أنهم هم وحدهم من يخافون على السودان و شعبه و يعرفون حريصون على مصلحته؟!
إذا من الذي استباح السودان إذاً!
****
(مع نفسك)
و الرجال مواقف؛ نعم الرجال.
و المقاومة في غزة تضرب للبشرية و الإنسانية و التاريخ أنموذج الرجولة الحق و البسالة و التضحية.
غزة العزة و فلسطين التي نحبها لأنها فلسطين الحياة.
و يا شعب فلسطين الأبي العزيز الكريم الثابت الصامد نشتاقكم في الله.
*
يومها و طوال أيام حرب التطهير في غزة و لأهلها تجلت للعالم عورات الصهاينة من غرب و عجم و عرب بأفعالهم قبل أقوالهم. من غلق للحدود لخنق غزة و إسقاط للمعونات من الجو و إطلاق التصاريح من تنديد و لطم و شجب و قهر لشعوبهم و منع للتظاهر أو حتى حمل الأعلام أو لبسها.
و منهم من كان يسدد عن طيب خاطر فواتيرها الحرب و يرسل الدعم بضائع و سلاحاً إلى حليفه الغاصب القاتل الصهيون.
كان أكثرهم ينتظر سقوط المقاومة في غزة و هم من حمقهم أو خبثهم أو هو جهلهم أو سوء عملهم و نياتهم لا يعلمون أن المقاومة هناك هي الحياة.
و يعيش الشهداء و تنتصر المقاومة.
*
الخيانة لا تصنع منك بطل و لا رجل. و العرب الأنظمة فيها من الخونة طوال التاريخ ما يضحك و يبكيك و يفجعك!
أنصاف رجال و أشباههم تبيع أعراض أهلها و شعوبها و أوطانها في سبيل كراسي الحكم و عروش السلطة. بل و تبيع نفسها إن تطلب منها أو إشترط عليها أو توجب!
أنظمة من الكرتون تنتفخ فيها السلطة بالبطش و القهر و الطغيان حتى من الفجر تتفجر!
أتعرفون كيف تميزون الخونة من بيننا؟
نعم من عجزوا عن إنقاذ إخوتنا و أهلنا في الإسلام و في العروبة و في الإنسانية في كل مكان و إن كان خلف حدودهم و جوارها و حتى داخلها و إن كانوا من لحمهم و دمهم!
لن تخلدك في الحياة خيانتك. ستموت حتماً و إن هربت منا فهناك الحساب يا الضعيف ينتظرك.
و في فلسطين “منظمة” لحركة تحكم و على زعاماتها قبل زعاماتنا صهاينة خونة!
*
و نكتب أن استباحة السودان ما كانت لتحدث لو لم يك في السودان الخونة.
و نرسل التعليقات هنا و هناك نسجلها رسائل من كتابات و قصاصات و خواطر سنوات لنا كنا نحذر! تعبنا.
و جموع كانت ترد بسباب و التشكيك و الجدل و الشتائم. و صدقت “مدننا” فماذا نحن من الكتابة إستفدنا!
لأنا في زمن لا يرى و يسمع و يحترم إلا القوة. و القوة مال أو جاه أو سلطة من سلاح و جماعه.
و التاريخ شاهد على أن كل من وثق في من لا أصل له و لا فصل غدر به و استباحه و خانه!
قادة الجيش الذين سلموا أمانة السودان و أهلهم لصعاليك مليشيات الجنجويد بعد أن كبرهم قائد الجيش الساقط عمر البشير فتمرد قطاع الطرق طمعاً من زعيمهم في السلطة و بتحريض من شيطان العرب و تحريش من بعض قاصري العقل و النظر و النخوة من جموع قحت و استباحوا دماء و أعراض أهل السودان لأنهم مقاطيع أصل لا نسب و لا أم و أخت لا أهل و لا بلد لهم.
القادة الذين تهاونوا من قبل في قلع جذور تلك المليشيات المغروسة في أرض السودان كالسرطان كرهاً و غصباً. و الذين تأخروا عن إطلاق لجام قوات الشعب السودانية المسلحة و أسودها لتفترس المطاليق الرعاع أولئك. ثم يتنادون بيننا أن الحرب فرضت عليهم فرضاً و غدراً! نفس القادة الذين تعاجزوا عن الرد على داعمي التمرد و في أرضهم و عند أهلهم و العين بالعين و الدم بالدم و “العرض” و في القصاص حياة.
لكن الله سبحانه موجود و بعونه السودان ينتصر.
*
مرارات كثيرة كتبنا عنها و شاركنا بها و سجلناها هنا و هناك في صحيفة “الراكوبة” و “سودانايل” و موقع “سودانيز أونلاين” و تواجد كان يغلق في كل مرة في تويتر!
كلمة حق و شهادة في الله كانت ؛
لكن… الحمد لله على كل حال.
فالإسلام يعود غريباً؛
و طوبى للغرباء.
mhmh18@windowslive.com
محمد حسن مصطفى