إفادة صالح عبد القادر عن ثورة 1924
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
بقلم : تاج السر عثمان
١
أشرنا في دراسة سابقة بمناسبة الذكرى المئوية لثورة 1924 انها لعبت دورا كبيرا في تطور الحركة الوطنية السودانية حتى نيل الاستقلال الذي تم اعلانه رسميا في أول يناير ١٩٥٦.
ونتابع هنا بمناسبة الذكرى ال ٦٩ للاستقلال إفادة صالح عبد القادر عن ثورة 1924.
٢
روى صالح عبد القادر "من قيادات جمعية اللواء الأبيض" بعض تفاصيل مهمة عن ثورة 1924 لعبد الرحمن مختار ( رئيس تحرير جريدة الصحافة سابقا)، نعيد نشرها بمناسبة الذكرى المئوية لثورة 1924ما والذكرى ٦٩ للاستقلال في الآتي:
- كتب على عبد اللطيف أول عريضة سياسية منفردا و باجتهاده الشخصي سلمتها للأستاذ حسين شريف رئيس تحرير حضارة السودان لينشرها على مسؤوليته، لكن سلطات المخابرات علمت بها فداهمت دار الجريدة ووجدت العريضة فألقت القبض على على عبد اللطيف وطرده من الجيش، كما حُكم عليه بالسجن لمدة عام بسبب عريضة لم تُنشر ومطالب لم تُعرف للعامة.
- كانت مفاوضات 1922 بين سعد زغلول رئيس الحكومة المصرية والسير ماكدونالد رئيس الوزراء البريطاني عن الأوضاع في السودان، وبحث مستقبله السياسي (بدون أخذ رأي السودانيين).
برقية على عبد اللطيف بتوقيع صالح عبد القادر جاء فيها :
" نحن الموقعون على هذه البرقية باسم السودان قد أبت أنفسنا أن نكون بمنزلة البهائم يُقضى عليها، ولا يُؤخذ رأينا فيما يخص بلدنا ومستقبلنا".
٢
- عُقد الاجتماع التأسيسي لجمعية اللواء الأبيض في : 15 / 5 / 1924، وتم اختيار على عبد اللطيف رئيسا، صالح عبد القادر وكيلا، ومولانا زكى عبد السيد قاضى شرعي مدينة سنار سكرتيرا، وعضوية كل من الوكيل حسن صالح المطبعجى، وحسين محمد شريف ، وعبيد حاج الأمين، ووُضعت أول خطة لجذب الأعضاء فكان أن رشح كل من الحاضرين خمسة أصدقاء، وهكذا، وبعد أيام قليلة كان أعضاؤها يزيدون عن الخمسين شخصا من المدنيين والعسكريين. لكن ما أن مضى على تكوين الجمعية ستة أشهر بالتمام والكمال حتى تم تفجير الثورة.
- كان من أبرز المدنيين الذين سارعوا بالانضمام الى جمعية اللواء الأبيض: الأمين هساى، عبد الفتاح المغربي، حاج الشيخ عمر دفع الله، محمد المهدى الخليفة عبد الله التعايشى، والشيخ زكى عبد السيد قاضى شرعى سنار، ومحمد على سرالختم، الخ.
أما من العسكريين فكان أول من انضم للجمعية اليوزباشي عبد الله خليل، فأوكل إليه أمر الاتصال بالضباط في سرية تامة، فكان أول من جندهم عبد الفضيل الماظ.
- خلال الثورة كان على عبد اللطيف السجن.
٣
كما يقول صالح عبد القادر في حديثه لعبد الرحمن مختار:
- أن جمعية اللواء الأبيض عندما انضم إليها اليوزباشي عبد الله خليل اعتبرته مكسبا كبيرا، فاسندت اليه مهمة أمانة الصندوق وجمع التبرعات لرعاية أسر المعتقلين والمسجونين، وطلبوا اليه الا يحضر الاجتماعات مطلقا خوفا من الطرد والمحاكمة لأنه ضابط كبير، لذلك فقد اتفقت شهادات كل المعتقلين عند سؤالهم عن المشتركين من العسكريين على رأسهم اليوزباشي عبد الله خليل بأنه لا علاقة لهم به ، وقد بالغ بعض المقبوض عليهم، ومنهم صالح عبد القادر في أقوالهم وهم تحت الجلد المبرح بالسياط والتعذيب المتواصل فقالوا : إننا لا يمكن ولن نتشرف بانتماء عبد الله خليل لجمعيتنا الوطنية، لأنه جاسوسكم وعميلكم!!، كان هذا في محاكمة مفتوحة علنية مما جعل بعض الحاضرين يصبون لعناتهم على عبد الله خليل " الضحية" المسكين. المصيبة أن هذه التهمة التي كان يبررها خوف المعتقلين على عبد الله خليل لأنه كان يرعى أسرهم قد التصقت به حتى مات عام 1970 ( عبد الرحمن مختار خريف الفرح ، ص 43).
- خيبة صالح عبد القادر في عبد الرحمن عزام ( مندوب الوفد) وحافظ رمضان (حزب الأحرار).
٤
- مقتل السير لى ستاك في القاهرة يوم 25 / 11/ 1924 ، ومحاولة الصاق التهمة بعرفات محمد عبد الله وأحمد حسن مطر، وغيرهما الذين كانوا في القاهرة، ولكن فشلت المحاولة، كما ذكر صالح عبد القادر أن السير لى استاك قال وهو في حشرجة الموت " أنا لم يقتلني سوداني، وإنما قتلني مصريون".
- بعد 24 ساعة من إعلان موت الحاكم العام ستاك وهو يوم 26 / 11 / 1924 ، وجهت الحكومة البريطانية إنذارها لمصر ضمنته شروطا كثيرة على رأسها :
*خروج الجيش المصرى من السودان في اربع وعشرين ساعة.
*دفع فدية قدرها ¼ مليون جنية.
*زيادة مساحة الأرض المزروعة في مشروع الجزيرة.
* طرد المدرسين المصريين من السودان.
- رفض الإنذار البريطاني واندلاع المظاهرات والصدام المسلح الذي قاده: عبد الفضيل الماظ، ثابت عبد الرحيم، سيد فرح، سليمان محمد سليمان، وعلى البنا. الخ.
٥
- بعد هزيمة الثورة بدأت حملات التنكيل والتعذيب والتحقيق التي لم يُعرف لها مثيل الا في عهد هولاكو وجنكيز خان، وبدأ الأحرار يتساقطون واحدا تلو الآخر.
- موت على عبد اللطيف مختل العقل، موت عبيد حاج الأمين جريحا في منفاه بأحراش الجنوب، لدغه ثعبان وانقض عليه مراح من الأسود الضارية،
- مات القاضى زكى سرالختم وعلى فرغلى، وسرالختم..
رثاء صالح عبد القادر لهم بقوله :
غاب شيطانه فضاع بيانه
وعصاه القريض وهو بنائه
فرأى أن يحقق بالمع مصابا تنوعت الوانه
فبكى ما أراد ربك أن يبكى
فزادت لنوحه اشجانه
مصرع " للعبيد" مازال قريبا وما انطوت أحزانه.
"زكي" وقبله" فرغلى" ذاك أقدامه وهو اتزانه.
رحم الله بعد ذلك "سرالختم " من كان كلامه بنيانه
فرأيت العزاء في "عرفات" ورأى الله أن يكون مكانه.
٦
- هروب صالح للقاهرة وخيبة أمله في المصريين، وعاد للسودان وأودع السجن، ونظم قصيدته المشهورة التي عبرت عن سخطه على مصر ، ومنذ ذلك الوقت انضم صالح الي الجبهة الاستقلالية الانفصالية، وأصبح الكاتب والمتخصص في مهاجمة الوحدة وكل ما هو وحدوي.
وأخيرا ثورة 1924 شكلت النواة لتطور الحركة الوطنية التي استمرت بعد هزبمتها حتى انتزاع الاستقلال،وتحتاج ثورة 1924 لمزيد من التوثيق لها.
alsirbabo@yahoo.co.uk
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: على عبد اللطیف اللواء الأبیض عبد الله خلیل عبد الرحمن ثورة 1924
إقرأ أيضاً:
تصريحات البرهان حول «اللساتك» تثير غضب ثوار ديسمبر في السودان
في خطاب أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط السودانية أعلن قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أنه «لا مجد بعد اليوم للساتك» في إشارة رمزية إلى الأسلوب الذي اتبعه الثوار خلال ثورة ديسمبر المجيدة التي أطاحت بنظام البشير في أبريل 2019 إذ كان المحتجون يحرقون إطارات السيارات المعروفة محليا بـ « اللساتك » لمنع تقدم القوات الأمنية نحو مواقع التجمعات السلمية للمواكب.
التغيير – كمبالا
هذا التصريح الذي أتى في وقت يشهد فيه السودان حرباً دامية منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع و الذي اعتبره العديد من السودانيين استفزازاً صريحاً لثورتهم التي ما زالوا يرونها حية في الوجدان وفي الميدان رغم تعقيدات الحرب وانقسام الجغرافيا والسياسة.
و عقب الخطاب اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي موجة من الغضب والرفض عبر خلالها العديد من النشطاء والمواطنين عن استيائهم من محاولة تقزيم رمزية نضالهم السلمي ومقايضته بالبندقية التي يعتبرونها سببا في إراقة دماء السودانيين وتدمير البلاد بسبب الحرب الحالية.
و كتب أمجد جعفر أحد نشطاء ثورة ديسمبر معلقاً: “عندما يقال إن المجد للبندقية وليس للساتك فهذه ليست مجرد عبارة بل إعلان صريح لانحياز كامل للعنف على حساب إرادة الناس فالساتك لم تكن أداة تخريب بل كان رمزية واضحة لاحتجاج شعبي سلمي في وجه الاستبداد و دخان اللساتك لم يكن عبثا بل صوتا مبحوحا ينادي بالعدالة والحرية أما البندقية فمكانها الطبيعي هو حماية الوطن لا حكمه”.
و من جانبها اعتبرت مها سليمان أن ربط المجد بالبندقية هو انقلاب على الإرادة الوطنية، مضيفة بحدة “إن البندقية التي لا ترجع لنا حلايب وشلاتين وأبورماد لا تمثلهم كشعب سوداني حر لأن البندقية التي توجه ضد المدنيين ليست بندقية مجد بل أداة قمع وإذلال”.
و في السياق ذاته ذكرت آنان محمد بأن اللساتك كانت وسيلة للبقاء قائلة :”لو لا الساتك ما كنا قادرين نقول كلامنا ونوصل صوتنا و من متى كان المجد للحرب؟ المجد دائما للسلام”.
أما وضاح الصديق ذهب إلى أبعد من ذلك معتبرا أن البرهان يستلهم خطابه من الرئيس المعزول عمر البشير وقال “إن عبارة المجد للبندقية هي اقتباس مباشر من خطابات المعزول الجماهيرية و يبدو أن البرهان مفتون بذات الخطاب الرجولي الذي استخدمه البشير في لحظاته الأخيرة”.
و وصف نور بابكر خطاب البرهان بأنه «سقوط القناع » وكتب قائلا “البرهان لا يخشى البندقية فهي لعبته وأداته لكنه يخشى صوت الجماهير لذلك يسعى لطمس رموز المقاومة السلمية و لكننا نقول الساتك ستعود والهتاف سيعود والمجد للشهداء”.
و في حين نوه كباكا محمد على تبعات العسكرة قائلا “سبعون عاما ونحن نحمل السلاح في وجه بعض ولم نجني سوى التراجع والدمار والانقسام فالمجد لا يكون بالبندقية بل بالعدالة والتنمية والتعليم ونهضة المواطن”.
بينما قال محمد كاربينوا “إن البرهان الذي كان يناشد التفاوض أيام البدروم عاد اليوم ليمجد البندقية وهكذا دائما الطغاة يتحدثون عن الحرب وهم في مأمن بينما يدفع الشعب الثمن”.
و يرى مراقبون أن خطاب البرهان الأخير ليس فقط محاولة لتحوير سردية ثورة السودانين بل يعكس عمق الأزمة داخل المؤسسة العسكرية في السودان إذ تحاول استعادة زمام المبادرة في وقت يتسع فيه نطاق الحرب وتزداد فيه الضغوط الإقليمية والدولية.
و على الرغم من محاولات التشويه والتقليل من رموز الحراك السلمي يرى كثير من السودانيين أن ثورة ديسمبر لم تكن لحظة عابرة بل ميلادا لوعي جديد يصعب قمعه حتى في ظل الحرب.
الوسومالبرهان البندقية الثورة المجد للساتك