كيف تبحر أمريكا في حقل الألغام السوري؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
تناول أرييل كوهين، المدير الإداري لبرنامج الطاقة والنمو والأمن في المركز الدولي للضرائب والاستثمار، التحديات الجيوسياسية والإنسانية المعقدة التي تواجه سوريا في أعقاب انهيار نظام بشار الأسد.
هزيمة نظام الأسد تقدم فرصة نادرة لإعادة تأسيس الزعامة الأمريكية
وسلط كوهين، وهو زميل أول غير مقيم في المجلس الأطلسي، في مقاله بموقع "ناشونال إنترست"، الضوء على توازن القوى المتغير في المنطقة والدور الذي يجب أن تلعبه الولايات المتحدة وحلفائها لمنع المزيد من الفوضى وضمان الاستقرار ومواجهة التأثيرات المعادية.سقوط الأسد وتداعياته
وقال الباحث إن انهيار نظام الأسد البعثي، بعد حرب أهلية وحشية استمرت 13 عاماً، يمثل لحظة محورية لسوريا والشرق الأوسط بشكل عام. فهزيمة الأسد تُضعف موقف داعميه الرئيسيين، روسيا وإيران، إذ تُهدد هذه الهزيمةروسيا بفقدان قاعدتها البحرية الاستراتيجية في طرطوس وقاعدتها الجوية في حميميم، بينما يتراجع نفوذ إيران مع تعرّض وكلائها، وأبرزهم حزب الله، لانتكاسات.
وتؤدي الضربات الإسرائيلية، التي تستهدف قيادة حزب الله والأسلحة الثقيلة التابعة للأسد، إلى تقويض طموحات طهران الإقليمية.
“It’s OK — and frankly smart — to say one does not know exactly what happens next.”
@Mpolymer argues that the U.S. should engage early and boldly with Syria’s new transitional government.https://t.co/GSmL0weFLh
بالمقابل، تواجه الولايات المتحدة وإسرائيل والشعب السوري، نتائج غير مؤكدة مع قيادة "هيئة تحرير الشام" للإدارة الانتقالية في دمشق، وهي منظمة صنفتها الولايات المتحدة بأنها إرهابية.
المشاركة بين هيئة تحرير الشام وأمريكافي حين سعت قيادة "هيئة تحرير الشام" تحت قيادة أحمد الشرع المعروف باسم "الجولاني"، إلى إظهار البراغماتية، فإن جذورها الإرهابية ما زالت تثير الجدل، وعلى الرغم من هذه المخاوف، بدأت الولايات المتحدة حواراً مع "هيئة تحرير الشام".
وفي 15 ديسمبر (كانون الأول)، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن اتصال مباشر بين واشنطن وقادة "هيئة تحرير الشام".
والتقى وفد أمريكي بقيادة باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، مع الشرع، ويقال إن البيت الأبيض يدرس إلغاء تصنيف الهيئة كمنظمة الإرهابية الأجنبية.
ومع ذلك، فإن هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر، إذ ما يزال حكم هيئة تحرير الشام والتزامها بالتخلي عن التطرف تحت الاختبار.
التداعيات الجيوسياسيةيؤدي سقوط الأسد إلى تعطيل الديناميكيات الجيوسياسية القائمة منذ فترة طويلة في بلاد الشام. بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، فإن هذا يمثل فرصة لمواجهة الخصوم وإعادة تأكيد النفوذ في الشرق الأوسط.
“It’s OK — and frankly smart — to say one does not know exactly what happens next.”
@Mpolymer argues that the U.S. should engage early and boldly with Syria’s new transitional government.https://t.co/GSmL0weFLh
وشدد الكاتب على ضرورة أن تعمل واشنطن على ضمان انسحاب القوات الروسية وإغلاق المنشآت العسكرية الروسية في سوريا.
وقال إن منع إيران من إعادة إمداد حزب الله عبر الأراضي السورية يشكل أولوية حاسمة أخرى، حيث أن النفوذ الإيراني غير المنضبط قد يزعزع استقرار الدول المجاورة.
وتحركت إسرائيل بالفعل لتأمين حدودها الشمالية من خلال إنشاء منطقة عازلة على مرتفعات الجولان.
بالإضافة إلى ذلك، قامت القوات الإسرائيلية بتدمير مخزونات الأسد من الصواريخ والأسلحة الكيميائية والأسلحة الثقيلة الأخرى لمنع إساءة استخدامها من قبل الجماعات الجهادية أو بيعها من قبل هيئة تحرير الشام.
تحديات إعادة الإعماروأضاف الباحث: "ستتطلب إعادة إعمار سوريا استثمارات دولية كبيرة تقدر بمئات المليارات من الدولارات، ومع ذلك، فإن استمرار عدم الاستقرار أو إنشاء دولة قائمة على الشريعة من شأنه أن يردع المساعدات والاستثمار".
وشدد الكاتب على ضرورة أن تثبت الحكومة الانتقالية التزامها بالتعددية، خاصة حماية حقوق المرأة والأكراد والدروز والعلويين والمسيحيين، وبدون مثل هذه الضمانات، من غير المرجح أن يعود اللاجئون - المتناثرون حالياً في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا - مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا.
وأوضح الكاتب أن تصريحات الشرع بأن الانتخابات قد تستغرق ما يصل إلى أربع سنوات تثير مخاوف بشأن عدم الاستقرار المطول وإمكانية قيام العناصر المتطرفة بتعزيز سلطتها.
وقال الكاتب إنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين والعرب المعتدلين أن يواصلوا التأكيد بوضوح على أن أي سياسات تمييزية أو تحويلات قسرية ستؤدي إلى عزلة دبلوماسية ووقف المساعدات.
وأكد كوهين أن الولايات المتحدة يجب أن تتعامل مع الفترة الانتقالية في سوريا بحذر وبصيرة استراتيجيين.
ورأى الكاتب أن رفع تصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية أجنبية قبل الأوان قد يشجع العناصر المتطرفة ويقوض مصداقية الولايات المتحدة.
وينبغي أن تشمل أولويات واشنطن ضمان حقوق الأقليات، ومنع عودة الحركات الإرهابية، وتعزيز الظروف للحكم الديمقراطي.
واختتم الكاتب مقاله بالقول إن هزيمة نظام الأسد تقدم فرصة نادرة لإعادة تأسيس الزعامة الأمريكية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الغاية يتطلب معالجة التوترات العرقية والطائفية المستمرة، وإعادة بناء البنية التحتية في سوريا، ومواجهة التأثيرات المعادية من روسيا وإيران. وقد يؤدي الفشل في إدارة هذه التحديات إلى صراع مطول ومعاناة إنسانية أكبر.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الولايات المتحدة لسوريا الأسد روسيا إيران حزب الله هيئة تحرير الشام الجولاني سقوط الأسد الحرب في سوريا روسيا إيران الولايات المتحدة إسرائيل وحزب الله هيئة تحرير الشام الجولاني الولایات المتحدة هیئة تحریر الشام الشرق الأوسط فی سوریا
إقرأ أيضاً:
الكشف عن فضائح فساد في تمويلات ضخمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن
رغم الأزمة الإنسانية والاقتصادية المتفاقمة، كشفت وثائق حديثة عن تلقي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) تمويلات ضخمة مخصصة لدعم مشاريع مختلفة في اليمن.
وبلغت هذه التمويلات أكثر من 270 مليون دولار، وفقًا للكشف الذي يوضح توزيعها بين مشاريع اقتصادية، ودعم سيادة القانون، والحد من النزاعات، وتمويل نزع الألغام.
وتلقت هذه المشاريع دعمًا من جهات مانحة متعددة، أبرزها الاتحاد الأوروبي، الحكومات البريطانية والهولندية والسويدية، الحكومة الألمانية، البنك الدولي، الصندوق الكويتي للتنمية، والحكومة اليابانية. ومع ذلك، لا يزال أثر هذه التمويلات على حياة اليمنيين محدودًا، حيث تتفاقم المعاناة الإنسانية مع استمرار تدهور الوضع المعيشي.
ومن بين المشاريع التي استحوذت على مبالغ كبيرة: السروة الاقتصادية، بتمويل 83 مليون دولار، موزعة على صنعاء، عدن، تعز، حضرموت، الحديدة، ومأرب، و مشروع الطوارئ لمكافحة الألغام، الذي حصل على 15.7 مليون دولار، في وقت تستمر فيه مليشيا الحوثي بزراعة الألغام على نطاق واسع، مما يثير تساؤلات حول مصير هذه الأموال.
إضافة إلى مشروع إعادة الإعمار والصمود الريفي، بتمويل 49 مليون دولار، دون وجود شفافية حول تنفيذ المشاريع والمستفيدين الحقيقيين، ومشروع دعم سبل العيش والحد من النزاع، بقيمة 23.3 مليون دولار، وهو من المشاريع التي تفتقر إلى آليات واضحة لقياس تأثيرها الفعلي على الأرض.
الفساد في المنح الإنسانية.. أين تذهب المليارات؟
على مدى سنوات الحرب، تلقت المنظمات الدولية وشركاؤها المحليون وأمراء الحرب في اليمن أكثر من 32 مليار دولار من المساعدات والتعهدات الدولية. ومع ذلك، لم تشهد البلاد تحسنًا حقيقيًا في الوضع الإنساني أو الاقتصادي، ما يؤكد أن جزءًا كبيرًا من هذه الأموال تم تبديده عبر الفساد، والإنفاق على مشاريع وهمية، أو نهبه من قبل أطراف الصراع.
تشير تقارير عدة إلى أن معظم هذه المبالغ تذهب إلى النفقات التشغيلية للمنظمات، ورواتب العاملين الدوليين والمحليين، بينما يحصل السكان المتضررون على نسبة ضئيلة من هذه المساعدات.
كما أن بعض المشاريع يتم تضخيم ميزانياتها أو الإعلان عنها أكثر من مرة دون تنفيذها فعليًا، مما يعكس فسادًا مستشريًا في آليات إدارة المنح الدولية في اليمن.
ملف نزع الألغام.. تمويل ضخم والنتيجة عكسية
يعد ملف نزع الألغام أحد أكثر الملفات المثيرة للجدل، حيث تُرصد له ملايين الدولارات سنويًا، في حين أن الألغام التي تزرعها المليشيات تزداد يومًا بعد يوم. وهذا يطرح تساؤلات خطيرة حول جدوى هذه المشاريع، وهل تذهب الأموال فعلًا لنزع الألغام أم أنها تصل إلى الجهات التي تقوم بزراعتها؟.
مستقبل اليمنيين بين الفساد ونهب المساعدات
رغم مليارات الدولارات التي تلقتها المنظمات الدولية تحت غطاء المساعدات الإنسانية، لا يزال اليمنيون يعانون من المجاعة والفقر وانعدام الخدمات الأساسية. ويزداد التساؤل حول ما إذا كانت هذه الأموال تذهب فعلًا إلى تحسين حياتهم، أم أنها تتحول إلى أرصدة شخصية، ومشاريع تشغيلية تستنزف الموارد، وتمويل غير مباشر لأطراف النزاع.