يبدو أن القوات المسلحة هي صمام أمان البلد أكثر مما نعتقد؛ فهي كذلك ليس في مواجهة خطر تمزيق السودان بالحرب وحسب، وإنما أيضا بعد الانتصار في الحرب، وهذا هو التحدي الأكبر.

بعد تحدي الجنجويد والمرتزقة وحربهم على الدولة فإن الخطر التالي مباشرة هو تعدد القوات التي تحمل السلاح. والتهديد لا يكمن بالضرورة في تمرد مشابه لتمرد الدعم السريع، ولكن في الصراعات التي يخلقها وجود هذه القوات.

التحدي أمام مؤسسة القوات المسلحة وأمام الشعب السوداني هو توحيد كل القوات التي تحمل السلاح في معركة الكرامة في جيش قومي مهني واحد.
هذه القضية تكاد تكون هي الأولوية الثانية بعد الانتصار في الحرب إن لم تكن الأول مشترك، أي بنفس الأهمية.

بدمج كل القوات التي تقاتل مع الجيش الآن في جيش واحد وفق رؤية وطنية متوافق عليها ستنتهي الكثير من المشاكل والمخاوف. سيكون لدينا مؤسسة جيش قوية تمثل كل الشعب، وبقدر ما ستكون تجسيدا للوحدة ستكون قوية لفرض هذه الوحدة أمنا واستقرارا في كل التراب السوداني.

ولكن قضية الجيش الواحد الذي يحتكر السلاح لا تنفصل عن باقي قضايا الحكم والدولة، لذلك لا بد من التوافق على رؤية وطنية شاملة بكل ما يعنيه الشمول من حيث المضمون ومن حيث المشاركة.

لقد نجح الجيش في التصدي لمحاولة المليشيا للسيطرة على السلطة كما نجح في منع تدميرها للدولة رغم الأضرار الكبيرة التي وقعت على البلد وعلى الناس. ولكن يجب أن يكون لدينا تعريف واضح محدد للانتصار في هذه الحرب. متى نقول أننا انتصرنا؟
هل عندما نشنق آخر جنجويدي بإمعاء آخر قحاتي؟

أم عندما ننجح في المحافظة على وحدة البلد وسلامة أرضها واستقلالها وسيادتها وضمان حرية شعبها في تقرير مصيره وصناعة مستقبله.

في رأيي أن مقياس الانتصار في الحرب هو إلى أين سيتجه السودان بعد نهاية الحرب؟ هل سيخرج دولة واحدة ذات سيادة بدستور محترم نظام حكم مستقر بجيش واحد بمؤسسات دولة من قضاء وخدمة مدنية مهنية ومحترمة أم سيستمر في نفس الفشل وربما ينحدر للأسوأ؟ هذا هو محدد الانتصار.

لذلك، بقدر ما نحرص على التصدي للحرب التي استهدفت كيان الدولة والتي ما تزال مستمرة و ما يزال الشعب السوداني يبذل دماءه وموارده وزمنه في ذلك، إلا أن امتلاك رؤية واضحة لماهية الانتصار الذي نبحث عنه، ومتى نقول أننا انتصرنا في الحرب هو أمر في غاية الأهمية. لماذا؟

لأن إمتلاك التصور الصحيح للانتصار يجعلك تتخذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح. إذا حصلت على هذا الانتصار عبر الحرب أو عبر التفاوض، فأنت تعرف ماذا تريد. ولأن تصورنا عن الانتصار لا ينفصل عن تصورنا لما يجب أن يكون عليه مستقبل البلد بعد هذا الانتصار وبموجب هذا الانتصار. بل إن تصورنا للانتصار المطلوب يحدد الطريقة التي نخوض بها حربنا الحالية أيضا.
ورغم كل سوء الحرب إلا أنها ليست أصعب شيء.
– ماذا؟ هل هناك ما هو أصعب الحرب؟
نعم؛ السياسة!

فنحن وصلنا إلى الحرب بسبب الفشل السياسي. وقد تنتصر عسكريا اليوم، ولكنك إذا فشلت سياسيا بعد ذلك فسوف تعود إلى دوامة الحرب مرة أخرى.
وحتى لا نفشل فيما هو أصعب فيجب أن نعرف ماذا نريد ومن الآن.

أقول هذا الكلام وأنا مدرك تماما أنه لم يكن ممكنا وأنه سيكون لغوا بلا أي معنى لولا الدماء التي سالت وتسيل في ميدان معارك الكرامة؛ فلولا هؤلاء الأبطال لما كنا نملك حتى رفاهية الفشل؛ لو انتصر الأعداء لكنا فقدنا كل شيء.

ولكن الأعداء لم ينتصروا، وذلك بفضل التضحيات التي لا ينبغي أن تُنسى، ولكن أيضا لا ينبغي أن تضيع بفشل آخر جديد بسبب غياب الرؤية. هذه مسئولية الجميع.

حليم غباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی الحرب

إقرأ أيضاً:

كأس الكونفدرالية: نهضة بركان يبحث عن الانتصار على الملعب المالي لضمان التأهل إلى الربع

يبحث نهضة بركان عن الانتصار على الملعب المالي، في المباراة التي ستجرى أطوارها بعد غد الأحد، على أرضية ملعب 26 مارس، بمدينة باماكو، بداية من الساعة الثامنة ليلا، لحساب الجولة الرابعة من دور مجموعات كأس الكونفدرالية الإفريقية.

ويتطلع الفريق البرتقالي إلى تحقيق النقاط الثلاث، وتجديد انتصاره على الملعب المالي، لضمان التأهل إلى ربع النهائي مبكرا، قبل جولتين من نهاية دور المجموعات، بعدما حصد العلامة الكاملة من مرحلة الذهاب « 9 نقاط »، بعد الفوز على كل الفرق المتواجدة معه في المجموعة بنتائج مختلفة، جعلته متصدرا بفارق خمس نقاط عن أقرب ملاحقيه.

وسيتمكن نهضة بركان من التأهل إلى قادم الأدوار حتى وإن عاد بالتعادل من باماكو، حيث تكفيه نقطة واحدة للتواجد في ربع النهائي، فيما الخسارة ستؤجل تأهله إلى المباراة الموالية، علما أنه انتصر في اللقاء الأول بهدفين نظيفين على لواندو سول الأنغولي، قبل أن يفوز على ستيلينبوش الجنوب إفريقي بثلاثة أهداف لهدف، وعلى الملعب المالي بهدف نظيف.

وفي السياق ذاته، استقرت لجنة التحكيم، التابعة للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، على اسم الحكم الإثيوبي باملاك تيسيما، لقيادة المواجهة المذكورة، بمساعدة مواطنيه سامويل تيميسغين، مساعدا أولا، وبيلاشيو تيغل، مساعدا ثانيا، فيما سيشغل تيوودروس مهمة الحكم الرابع.

ويتصدر حاليا نهضة بركان المجموعة الثانية بتسع نقاط، « العلامة الكاملة »، متبوعا بالملعب المالي في الوصافة بأربع نقاط، فيما يتواجد ستيلينبوش الجنوب إفريقي في الرتبة الثالثة بثلاث نقاط، بينما يتذيل لواندا سول الأنغولي الترتيب بنقطة واحدة فقط.

كلمات دلالية الملعب المالي ستيلينبوش الجنوب إفريقي كأس الكونفدرالية الإفريقية لواندا سول الأنغولي نهضة بركان

مقالات مشابهة

  • اليونيفيل: الجيش الإسرائيلي يتعمد تدمير ممتلكاتنا الأساسية
  • البطولة: الوداد البيضاوي يرتقي إلى المركز الخامس عقب الانتصار على المغرب التطواني
  • عن ترشيح قائد الجيش.. ماذا أعلنت مصادر القوات؟
  • كأس الكونفدرالية: نهضة بركان يبحث عن الانتصار على الملعب المالي لضمان التأهل إلى الربع
  • كل الناس مع دمج المليشيات داخل الجيش الواحد، ولكن
  • الجيش الروسي يكبد القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك
  • الجيش الروسي يكبد أوكرانيا خسائر فادحة في كورسك
  • الجيش الإسرائيلي يكشف عن معطيات جديدة حول قتلاه منذ بداية الحرب.. زيادة كبيرة في حالات الانتحار
  • الحرب الأوكرانية: كيف كانت في 2024 وإلى أين تتجه في 2025؟