عربي21:
2025-04-26@02:42:45 GMT

نتنياهو في انتظار بوش الأب

تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT

لم يحكم إسرائيل منذ نشأتها التي تقارب ثمانية عقود، سوى رؤساء حكومات ينتمون لحزبي العمل الذي صنف يساراً، والليكود الذي صنف يميناً، باستثناء محدود يؤكد القاعدة، وتتمثل في تولي الحكم من قبل أريئيل شارون الليكودي أصلاً، والذي انتقل للوسط بتأسيس كاديما، وخليفته اهود أولمرت، كذلك نفتالي بينيت اليميني أكثر من الليكود، والوسطي يائير لابيد في ولاية لم تكتمل.



ورغم أن الليكود حكم مدة أطول من العمل، تقترب من خمسة عقود، مقابل ثلاثة لخصمه، إلا أن عدد رؤساء الحكومات من حزب العمل، أكثر عدداً من رؤساء الحكومات الليكوديين، والسبب في ذلك يعود الى تولي بنيامين نتنياهو منصب رئاسة الوزراء أطول فترة تولاها رئيس حكومة سابق بمن فيهم ديفيد بن غوريون مؤسس الدولة، ومناحيم بيغن مؤسس اليمين الليكودي، وأول من تولى المنصب من اليمين الإسرائيلي.

ورغم أن شارون ظهر عنيفاً ومتطرفاً حين كان وزيراً للجيش في عهد اسحق شامير، رئيس الحكومة اليميني الثاني بعد مناحيم بيغن، كما أنه ظهر كذلك وهو زعيم للمعارضة، وتسبب في اندلاع المواجهة العسكرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي سميت بالانتفاضة الثانية عام 2000، حين اقتحم الحرم على طريقة إيتمار بن غفير حالياً، إلا أنه تحول نحو الوسط بعد أن أصبح رئيساً للوزراء، فيما مر أولمرت مروراً عابراً، وكذلك لفترة محدودة تسيبي ليفني.

وبذلك فإن التاريخ حين يسجل أهم رؤساء لحكومات إسرائيل، من المؤكد بأنه سيذكر بن غوريون كمؤسس للدولة، ثم مناحيم بيغن، وأخيراً بنيامين نتنياهو، وذلك رغم أن التاريخ سيضعه في خانة مجرمي الحرب العالميين، المدانين والهاربين من وجه العدالة، فيما تاريخ إسرائيل سيذكره، باعتباره مؤسس الدولة الإسرائيلية الثانية، هذا إن نجح في تحقيق ما ظلت المنطقة تذكره وتتناقله من تقديرات حول شعار امبراطوري لاهوتي يقول بدولة إسرائيل من الفرات الى النيل.

ولم يمكث نتنياهو في  مقر سكنه بحي رحافيا بالقدس الغربية، أطول فترة لرئيس وزراء عبثاً، بل لما تمتع به من دهاء، كذلك لأنه دخل من الباب المعاكس تماماً لحزب العمل، الذي أسس دولة إسرائيلية على الطريقة الغربية، بحيث ظل يتشدق بكونها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.

وكان أنصع دليل على أن إسرائيل التي أعلن عنها بن غوريون عام 1948، لا تمت لإسرائيل التوارتية بأية صلة، بل كانت «كياناً» أقامه الغرب في الشرق الأوسط لتحقيق أكثر من هدف، هو أنها أقيمت على الأرض التي منحت لها عبر قرار التقسيم، مضافاً لها أراضي احتلت في العام التالي، أي عام النكبة، وكانت تشمل الساحل الذي يربطها بالغرب عبر البحر، نظراً لأن ظهرها، بل حدودها الشرقية والشمالية والجنوبية مغلقة في وجهها، وصحراء النقب، أي دون القدس والضفة الفلسطينية، حيث يدعي اللاهوت التوراتي بقيام دولتي يهودا والسامرة عليها، قبل قرون بعيدة من السنين تقترب من ثلاثة آلاف عام.

وكان اتفاق أوسلو الذي ايده الغرب بشدة، بما فيه أميركا/الديمقراطيين، حيث جرت المحادثات التي أفضت اليه في العاصمة النرويجية، فيما تولت إدارة الرئيس بيل كلينتون حفل إعلانه في حديقة البيت الأبيض عام 1993، بمثابة نهاية الرحلة لحزب العمل واليسار الإسرائيلي، الذي رأى دولة إسرائيل عبر تلك الحدود، أي دولة ديمقراطية غربية، تعيش بأمن وسلام مع محيط عربي/إسلامي، تعتبر ملاذا لليهود الذين أفلتوا من المحرقة.

لكن اليمين الذي قاده نتنياهو منذ اللحظة التي اغتال فيها اليمين إسحق رابين، ووضع فيها حدا لزمن العمل، بدأ في التأسيس للدولة التوراتية منذ تلك اللحظة، وجعل من «المستوطنين» غير الشرعيين، المقيمين على أرض دولة فلسطين رافعته لإطلاق مشروع دولة إسرائيل الثانية، بوضع الحد أولا لقيام دولة فلسطين، ذلك أن حل الدولتين الذي ينسجم الى حدا ما مع قرار التقسيم، ومع إرادة المجتمع الدولي بما فيه الغرب الأوروبي وحتى أميركا الديمقراطيين، ينتهي بإقامة إسرائيل وفق صيغتها الأولى.

وثانياً، واصل اليمين بقيادة نتنياهو حربه ضد اليسار، حتى تآكل حزب العمل ومعه ميرتس، ولم تقم لهما قائمة حكم منذ تقدم هو خشبة المسرح السياسي، باستثناء ذلك الوقت المستقطع الذي كانت مدته عامين ونصف فقط حين حكم أهود باراك، كآخر رئيس حكومة من حزب العمل، وكان هو صقرياً في العمل، لدرجة أنه كان المصوت الوحيد من بين أعضاء الحزب ضد أوسلو، وشيئاً فشئياً انتقلت إسرائيل داخلياً كمجتمع من اليسار المدني الى اليمين المتطرف الذي يجمع بين المتدينين والمستوطنين.

وليس أدل على ذلك من توليفة الحكم الحالية، التي بالنتيجة، أغلقت الباب تماما أمام حل الدولتين، وسارت على طريق عكس الأغلبية الشعبية الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية أيا كانت طبيعتها بدافع عنصري، الى قرارات تشريعية، حتى صارت إسرائيل نفسها، تسير على طريق معاكس تماماً لإرادة المجتمع الدولي بأسره، وصولاً الى شن حرب الإبادة الجماعية، لتحقيق هدف طي صفحة دولة إسرائيل ذات الطابع الغربي، والإصرار على المضي قدما في إقامة إسرائيل الثانية، التي تضم رسميا كل أرض فلسطين التاريخية، أي التي تطوي صفحة قرار التقسيم وحل الدولتين.

ولم يتوقف الأمر عند هذه الحدود، بل إن حرب الإبادة أظهرت إصرار اليمين الإسرائيلي المتطرف على مواجهة كل العالم، وكل الشرق الأوسط وخوض حرب الإبادة ضد خمس جبهات إقليمية، بل وحتى ضد ما تبقى من تعبيرات لدولة إسرائيل الغربية، نقصد مظاهرات الاحتجاج على عدم عقد صفقة التبادل.

وكان واضحاً أن حرباً يقودها الثالوث: نتنياهو_بن غفير_سموتريتش، هي مقامرة كبرى، لأن الخصوم شملوا حتى من انضم اليهم في حكومة الحرب، أي بيني غانتس وغادي ايزنكوت، فضلا عن المعارضة بمن فيها افيغدور ليبرمان، وبالطبع يائير لابيد، وعائلات المحتجزين وغيرهم من سكان مدن الساحل العلماني حيث نشأت دولة إسرائيل الغرب وما زالت قائمة، لكن دون أن يكون لها تأثير في الحكم، بعد أن تحولت دفة الحكم لتحالف المتدينين اللاهوتيين مع المستوطنين المتطرفين، وليس أدل على هؤلاء من بتسئليل سموتريتش الذي يتولى ثالث أهم منصب في الحكومة، وهو مستوطن.

أكثر من ذلك فإن انهيار الشرق الأوسط خاصة بمكونه العربي، بعد تفكك العراق وسورية وليبيا واليمن، وإثقال كاهل مصر بالديون الخارجية، والملفات الأمنية إن كان في سيناء ومن ثم في غزة، أو ما يخص سد النهضة، وكذلك فشل السعودية في مواجهة اليمن، بل والأسوأ خروج دول الخليج عن طاعتها تباعاً، فقطر تمردت منذ وقت بقيادتها الربيع العربي دون السعودية، فيما الإمارات والبحرين ذهبتا أبعد من ذلك نحو إسرائيل عبر اتفاقيات أبراهام.
يظل رئيس الحكومة الإسرائيلي يتلاعب برئيسين أميركيين هما بايدن وترامب
ولم يبق في وجه إسرائيل سوى إيران، بعد أن تحجم الطموح التركي الذي انفلت من عقاله قبل عقدين من السنين بتولي حزب العدالة والتنمية التركي، بفشل الإخوان في تونس ومصر، ومن ثم في فشلهم في اليمن بعد فشلهم في إسقاط نظام الأسد لمدة 13 سنة، كل ذلك فتح شهية التطرف الإسرائيلي للتطلع لما هو أبعد من دولة اللاهوت في إقامتهم لإسرائيل الثانية، أي باتوا يتطلعون لإقامة دولة التلمود، أي الإمبراطورية الكبرى التي يمكنها أن تسيطر على الشرق الأوسط كله، وبه ربما على العالم بأسره.

لهذا تحدث نتنياهو عن إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وهو في لحظة زهوه عقب اغتياله حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني آخر شهر أيلول الماضي أي قبل ثلاثة أشهر فقط، ولأنه واجه تحدياً حقيقياً في المواجهة العسكرية مع إيران وحلفائها، اضطر لعقد تحالف من تحت الطاولة مع تركيا، في مهمة اسقاط نظام الأسد، لتحقيق مصلحة مشتركة لكليهما معا، ونتنياهو يدرك جيدا بأن تركيا خصم أسهل له من إيران، تماما كما رأى شريكه في الصراع على المستوى الكوني جو بايدن بأن الحرب مع روسيا أسهل من الحرب مع الصين، فيما يرى ترامب العكس، وبذلك فإن إسرائيل تدير الصراع الإقليمي على طريقة إدارة أميركا للصراع الكوني.

وفي انتظار ترامب الذي هدد بحرق الشرق الأوسط في حال دخل البيت الأبيض وبقي المحتجزون بقبضة حماس، وقدم بذلك خدمة لنتنياهو ليفشل الصفقة، يظل رئيس الحكومة الإسرائيلي يتلاعب برئيسين أميركيين هما بايدن وترامب، وذلك على غير ما كان عليه الحال حين أجبر جورج بوش الأب اسحق شامير على المشاركة في مدريد، مع وفد فلسطيني/أردني، في محاولة أميركية للتوصل لحل الدولتين، ودون رئيس على شاكلة بوش الأب، أي دون ترامب على شاكلة بوش الأب، فإن أحداً ليس بمقدوره أن يوقف نتنياهو عن مواصلة السعي لإقامة دولة إسرائيل من الفرات الى النيل.

الأيام الفلسطينية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو غزة ترامب غزة نتنياهو الاحتلال ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط دولة إسرائیل حزب العمل بوش الأب

إقرأ أيضاً:

مسؤولون سابقون يهاجمون نتنياهو: تصرفاته تشبه الأنظمة الظلامية وتهدد ديمقراطية إسرائيل

القدس (CNN)-- قال مسؤولون سابقون كبار في أجهزة الأمن القومي الإسرائيلية في إعلان صحفي تم نشره، الجمعة، إن تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو "تشبه الأنظمة الظلامية" و"تشكل تهديدا للنظام الديمقراطي في إسرائيل".

ويشير الإعلان إلى إفادة خطية قدمها هذا الأسبوع رونين بار، رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشين بيت)- الذي صوتت حكومة نتنياهو على إقالته، يقول فيها إن نتنياهو طالب "بالولاء الشخصي" وأراد مراقبة المواطنين الإسرائيليين الذين شاركوا بالاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وكتب المسؤولون السابقون: "هذه التصرفات التي قام بها رئيس الوزراء، والتي تتعارض مع الدور القانوني للشين بيت، هي من سمات الأنظمة الظلامية وتمثل تهديدا خطيرا وملموسا للنظام الديمقراطي في إسرائيل. إن سلوك رئيس الوزراء يشكل انتهاكا واضحا لقسمه بالولاء لدولة إسرائيل وقوانينها".

ووصف مكتب رئيس الوزراء إفادة بار تحت القسم بأنها "إفادة كاذبة".

وجرى نشر الإعلان في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أبرز الصحف الإسرائيلية، وشارك فيه رؤساء سابقون للشرطة، ورؤساء سابقون للشين بيت، ومدراء لجهاز الموساد وآخرون. ومن أبرز الأسماء الموجودة في القائمة رئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، والرئيسان السابقان للموساد، تامير باردو وداني ياتوم.

وأعرب هؤلاء المسؤولون عن "ثقتهم الكاملة في إفادة" رونين بار، الذي أصبح هدفا لنتنياهو وحكومته اليمينية. وتصاعدت حدة التوتر في أعقاب ما بات يعرف بقضية "قطر غيت" في وقت سابق من هذا العام، والتي طالت 2 من المقربين من نتنياهو.

وقال نتنياهو الشهر الماضي إنه فقد الثقة في رونين بار، رغم أنه كان قد أشاد به في السابق. وفي 21 مارس/آذار الماضي، صوت مجلس الوزراء الإسرائيلي، بالإجماع على إقالته من منصبه، ليصبح بذلك أول رئيس للشين بيت يتم إقالته من قبل الحكومة على الإطلاق.

مقالات مشابهة

  • دولة إسلامية تستعد لاستقبال نتنياهو المتهم بارتكاب جرائم حرب في غزة
  • مسؤولون سابقون يهاجمون نتنياهو: تصرفاته تشبه الأنظمة الظلامية وتهدد ديمقراطية إسرائيل
  • استطلاع يظهر تدني ثقة الإسرائيليين في نتنياهو.. خارطة الأحزاب
  • رفض الجنائية الدولية تعليق أمر اعتقال نتنياهو وغالانت يغضب إسرائيل
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • انقسامات وخلافات داخل إسرائيل تهدد نتنياهو
  • صحف عالمية: نتنياهو دمّر إسرائيل وعهده المظلم يوشك على الانتهاء
  • نتنياهو يصر على إبادة غزة "ولو وقفت إسرائيل وحدها"
  • هذا هو البابا الفقير الذي تكرهه إسرائيل
  • اجتماع تنفيذيّة منظمة التحرير نهاية عبّاس؟ .. الهبّاش: “نتنياهو يستخدم وجود حماس لمنع إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ