لفت انتباهي في الأونة الأخيرة زيارة وزير خارجية أوكرانيا الجديد أندريه سيبيغا – السفير السابق في تركيا – لسورية ، ولقائه رئيس هيئة تحرير الشام أحمد الشرع ، و اهتمامه أيضا بالشأن اللبناني ، فاعتقدت للوهلة الأولى بأن الحرب الأوكرانية مع روسيا ، و التي بدأت من طرف ” كييف ” العاصمة عام 2014 و بالتعاون مع حلف ” الناتو ” المعادي لروسيا ، و بجهد بريطاني و أمريكي و ألماني و غربي ،واستمرت ثماني سنوات بداية و راح ضحيتها أكثر من 14 الف قتيلا وسط المكون الأوكراني و الروسي المشترك و شرد غيرهم بهدف ضم الشرق الأوكراني قسرا ،ثم تواصلت أكثر من عامين 2022/2025 ، انتهت فعلا ،و بأن دولة ” كييف ” بعد خسران أوكرانيا و إلى الأبد أقاليم ( القرم ، و الدونباس – لوغانسك و دونيتسك – مخزون الفحم العالمي -، و زاباروجا و خيرسون ) ، و بعد تقدم روسيا عسكريا في ميادين القتال تجاه نهر الدنيبر مرورا بمدينتي خاركوف و أوديسا ، أصبحت عظمى وفقا لخطة النصر التي صممها الغرب لها وفشلت ، وليست روسيا الأتحادية العظمى المنتصرة بعد تحريكها لعمليتها العسكرية الخاصة بتاريخ 24 شباط 2022 وحتى الان وبتفوق ملاحظ ، والتي هي إستباقية ، و دفاعية ، و تحريرية ،و بأن نظام ” كييف ” بقيادة فلاديمير زيلينسكي ، الممثل الأن لغرب أوكرانيا ، و للتيار البنديري المتطرف ،و المرتهن لبلاده أوكرانيا حسب تصوره للولايات المتحدة الأمريكية و لبريطانيا و لعموم الغرب ، أصبح متفرغا لأنقاذ دول الشرق الشرق الأوسط ، ومنها سوريا و لبنان من الجوع و الفقر و البطالة و التشرد .
و كمحلل سياسي إقليمي و دولي ، و بتواضع ، أستطيع أن أشتم رائحة التوجيه الأمريكي خاصة لنظام ” كييف ” و عبر المنصات السياسية ، و اللوجستية للتحرك إلى الخارج ،و الاصطياد في المياه العكرة السورية و اللبنانية بداية بعد اندلاع الحدث السوري مؤخرا بتاريخ 8 ديسيمبر 2024 بوصول هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع – إلى دمشق و اسقاط نظام الأسد ،و الهدف المشترك الأمريكي و الغربي و الأوكراني الممثل للعاصمة ” كييف ” هو الأضرار بسمعة روسيا في سوريا تحديدا و في المنطقة ،و العمل معا على اقتلاع قاعديتها العسكريتين ” طرطوس و حميميم” المتواجدتين في الأراضي السورية منذ عامي 1971 و2015 بالأضافة إلى قوات ” فاغنر ” الأمنية العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الروسية إلى جانب الجيش الروسي ، و الأهم التحريض على اجتثاث الحضور الروسي بالكامل من الأراضي السورية على غرار ماجرى وسط العاصمة ” كييف ” بعد التخلص من الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يونوكوفيج عبر انقلاب ” كييف ” الدموي عام 2014 ،وبهدف تقريب ” الناتو ” من أوكرانيا .و تصريحات وزير خارجية غرب أوكرانيا – سيبيغا – في دمشق أكدت ذلك ،وطالبت أكثر بكشف ( جرائم روسيا ؟! ) في سوريا ، و التي منها قضية ( البراميل) المتفجرة ،التي ثبت بأنها مجرد خدعة إعلامية و سياسية نوضحهها هنا ، إلى جانب جرائم نظام بشار الأسد المتشعبة ، المالية ، و الأخلاقية ، و على مستوى السجون و التي هي حقيقة مقابل تزويد سوريا الحديثة بكميات كبيرة من القمح تبدأ ب 500 طن .
وتحركات أمريكا و نظام ” كييف ” تجاه سوريا و لبنان مستغربة حقا ، و تصدير الحرب الأوكرانية إلى المنطقة العربية مستغرب أيضا .
تمتلك سوريا في المقابل ،وحسب منصة ( ببيوليش ريفيو) ، 1,6 طن من القمح ،و مساحة سوريا أكثر من 185 كلم2 ، تشكل الأراضي الزراعية منها 6,5 مليون هكتار ، و المواطن السوري مهني و معطاء ،و قادر على انتاج مادة القمح من وسط بلاده بوفرة كبيرة ،وهو غير محتاج للتزود بها من الخارج ، اللهم إذا كان ذلك مؤقتا الان بسبب الفترة الانتقالية الحرجه من مرحلة نظام الأسد لمرحلة إعادة البناء و على مستوى الدستور و الانتخابات والتي تمتد حسب تصريح حديث للشرع زعيم هيئة تحرير الشام إلى 4 سنوات قادمة مع الحاجة للأنتقال أيضا من الثورة إلى الحياة المدنية ، وهاهو الشرع يلتقي بشرائح شبابية سورية مختلفة لكي يقنع الشارع السوري بتوجه نظام ” تحرير الشام ” تجاه الاستقرار وإعادة البناء وعدم الاصطدام مع الداخل خاصة و مع الخارج أيضا ،و ابعاد شبح الأرهاب الذي يلاحق نظام سوريا الجديد ، و الذي هو مجرد إشاعات و فوبيا مبرمجة من الإقليم و الخارج تلاحق كل قادم جديد ، حيث ثبت عدم ارتباط سلطة دمشق الحالية بتنظيم القاعدة و داعش الارهابي .
الجهود الروسية في إنقاذ سوريا كانت دائما ملاحظة منذ الزمن السوفيتي عبر إسناد نظام حافظ الأسد بالسلاح اللازم لتحرير الجولان – الهضبة العربية السورية عام 1973 و بالتعاون مع مصر و الأردن ، ولم تتدخل روسيا في تفاصيل سلوك الأسد الأب أنذاك ، ووقفت مع سوريا بشار الأسد وحمت نظامه من السقوط مبكرا ،و في عام 2015 أنقذت سوريا من السقوط المتجدد عبر سحب سلاحها الكيميائي بالتعاون مع أمريكيا ومن خلال جلسات ( جنيف ) ،ولم تستهدف روسيا المواطنين السوريين يوما ، لكن الأخطاء في المعارك تقع وتسجل على أنها مقصودة . وحاربت روسيا الأرهاب الذي غزا سوريا تزمنا مع ربيعها السوري و العربي ، و هو الذي قدم إليها من 80 دولة ، وتعداد سوريا إزداد و لم ينقص ، وهو الان تجاوز 29 مليون سوري ، و لم تتدخل روسيا في تفاصيل سلوك سوريا الأسد الأبن مجددا ، و قررت حمايته و أسرته عبر اللجوء الإنساني ،و أصبح المطلوب من روسيا اليوم الموازنة و الانتباه لقضايا الشعب السوري الذي تعرض لمظلمة كبيرة من قبل نظامه الهارب تجاهها وفي مقدمتها أمواله المنهوبة.
وروسيا هي من صممت في مجلس الأمن المادة 2245 الداعية لمرحلة إنتقالية في سوريا ،و لأنتخابات رئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة، ولتقريب المعارضة من سلطة دمشق ،وهو التوجه القانوني الذي رفضه بشار الأسد . وعاقبت الثورة السورية الحديثة حافظ الأسد على مجزرة حماة عام 1982 بتدمير ضريحه في القرداحة ،و عاقبت بشار الأسد على إهماله لسوريا و جيشها ونهبها ،وعلى توسيع رقع السجون وعنفها وفي مقدمتها ( صيدنايا ) بتحطيم تماثيله و تماثيل والده وبهدم نظامه . و من المتوقع أن يشكل تاريخ 20 يناير 2025 بقدوم دونالد ترمب إنقلابا في السياسة الأمريكية يلغي الحروب وفي مقدمتها الأوكرانية و في غزة ، و يذهب للسلام و التنمية الشاملة . وجهد تشاوري لمستشار ( الكرملين ) للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف مع القيادة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع أفضى إلى الإعلان عن علاقة ثابته لسوريا مع الدولة الروسية وصفت من قبل الشرع بأنها ستكون طويلة و استراتيجية ،وهو ما أعلنه سيرجي لافروف بعد ذلك لاحقا ، الأمر الذي يدحض توجه أمريكا – بايدن و ” كييف ” بتحريض سلطة دمشق الجديدة للتخلص من الحضور الروسي الهام لها .
ومقارنة بسيطة هنا لو احتاجت سوريا مجددا للسلاح الدفاعي ،والتي هي بحاجة إليه فعلا ، فإنها لن تجد غير روسيا مصدرا له ،وتلاشى الدور الايراني كما نلاحظ ،و المعروف هو بأن أمريكا تخشى تسليح سوريا لضمان أمن إسرائيل ،وستبقى إسرائيل تضغط بهذا الأتجاه.
د. حسام العتوم – وكالة عمون الإخبارية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: تحریر الشام بشار الأسد روسیا فی فی سوریا
إقرأ أيضاً:
تايمز: فيديو الجندي الأوكراني الذي شاهده الملايين وهو يلفظ أنفاسه
قالت صحيفة تايمز البريطانية إن الملايين من الناس شاهدوا الشهر الماضي، على منصات وسائل التواصل الاجتماعي جنديا أوكرانيا وهو يصارع سكرات الموت بعد اشتباكه مع أحد المقاتلين الروس.
وأضافت أن المفارقة تكمن في أن الفيديو الذي يصور تفاصيل مصرع الجندي دميترو ماسلوفسكي انتشر كالنار في الهشيم بعد أن التقطتها كاميرا القتيل المربوطة على جبهته، والتي استولى عليها الجندي الروسي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2العالم في حالة حرب.. هذه بؤر التوتر التي يتجاهلها الغربlist 2 of 2من قصص غزة.. وجدت زوجها تحت الأنقاض وكأنه يحمل طفلهما لكنه غير موجودend of listووصفت الصحيفة في تقريرها الفيديو بأنه عمل غير مسبوق إذ يُظهر كيف أن ماسلوفسكي اقترب من الجندي الروسي أندريه غريغورييف (35 عاما)، الذي ينتمي لعرقية ياقوت في جمهورية ساخا التابعة للاتحاد الروسي، واشتبكا في صراع بالأيدي.
هذا كل شيء يا أميوتضمن الفيديو آخر الكلمات التي نطق بها القتيل مودعا والدته وهو يدير وجهه نحو السماء قائلا: "هذا كل شيء يا أمي، وداعا". ثم التفت إلى خصمه الروسي موجها كلامه إليه: "دعني أرحل عن هذه الدنيا في سلام. لقد حطمتني. لا تلمسني، ابعد عني من فضلك، أريد أن أموت وحيدا".
والغريب أنه لم يكن أحد حتى ليلة 17 نوفمبر/تشرين الثاني، سوى الرقيب فاليري تيترين (37 عاما) وعدد قليل من الجنود الآخرين، يعرف كيف لقي ماسلوفسكي حتفه.
وفي منتصف تلك الليلة، خرجت دورية أوكرانية بحثا عن ماسلوفسكي (30 عاما)، واسمه الحركي "كوبرا". كان 3 من الأوكرانيين السبعة مصابين بجروح قبل الشروع في مهمة البحث عن رفيقهم. كانوا مضرجين بالدماء وجراحهم مضمدة جراء إصابتهم بالرصاص والشظايا في قتال اليوم السابق. ومع ذلك كانوا ملتزمين بالبحث.
إعلان صراع بالأيديكان ذلك أكثر من مجرد تكليف عسكري، بل كان مهمة شخصية، فالقتيل صديقهم، كما تروي التايمز.
وقد التقطت طائرة مسيّرة اللحظات الأخيرة لدميترو ماسلوفسكي في وقت سابق من اليوم، بينما كان يشتبك في صراع بالأيدي مع المقاتل الروسي وسط أنقاض قرية ترودوف، على بعد 48 كيلومترا غربي مدينة دونيتسك شرق أوكرانيا. وبعد 7 دقائق من القتال فارقت الروح جسد الجندي الأوكراني.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن تيترين القول "كان كوبرا صديقا جيدا وودودا ويحظى بإعجاب على نطاق واسع، وكان جنديا شديد الحماسة".
وتابع: "تلقينا أوامر بالبحث عن جثته وإعادتها إلى الوطن. كان نصف أفراد الدورية مصابين بالفعل قبل أن نبدأ العمل، لكن لم يكن أحد منا يرغب في ترك كوبرا هناك".
جروح بالغةونجح تيترين ودوريته في العثور على جثة صديقهم في وقت متأخر من تلك الليلة، ولفوها في بطانية وبدؤوا في نقلها إلى المواقع العسكرية التابعة للجيش الأوكراني.
وقال إن كوبرا كان مصابا بجروح بالغة، مضيفا "لم أستطع التعرف عليه بشكل صحيح في الظلام، حتى تحت ضوء القمر، إلى أن قمت بتفتيش معداته وفحص جهاز اللاسلكي الخاص به".
وأردف قائلا: "لو انتظر ماسلوفسكي 15 دقيقة أخرى، لربما كنا قد وصلنا وتعاملنا مع ذلك الروسي. لكن الحرب لا شأن لها بالانتظار".
واختتم الرقيب حديثه قائلا: "كانت مهمتنا الرئيسية هي إيقاف التسلل الروسي. وقد كان كوبرا يضع ذلك في الاعتبار حيث فعل كل شيء بشكل صحيح، وقاتل حتى النهاية".
بطل أوكرانياوطبقا للصحيفة، فقد رأى ماسلوفسكي النور في قرية يانيشيفكا، التي تبعد أكثر من 160 كيلومترا شمال مدينة أوديسا الواقعة جنوبي أوكرانيا على ساحل البحر الأسود. وهو أكبر 3 أطفال في الأسرة، وقد تربى في كنف والدته أولكساندرا وحدها، بعد أن غادر والده المنزل عندما كان في السادسة من عمره.
إعلانوقلَّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف قبل أسبوعين أولكساندرا، التي تعمل معلمة في مدرسة القرية، وسام "بطل أوكرانيا" بعد وفاة ابنها.
ودُفن ماسلوفسكي في يانيشيفكا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ولم يكن أهالي القرية يعرفون في ذلك الوقت سوى أنه قُتل في الحرب. ثم ظهر الفيديو في مطلع العام الجديد.