تواصل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية حملتها ضد المقاومين في محيط مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، في ظل رفض السلطة مبادرات الحل المطروحة وتمسكها بخروج المقاتلين من المخيم أو تسليم سلاحهم.

ويرى الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن جزءا من المشكلة التي تعيشها الحالة الفلسطينية يعود إلى "استمرار البعض في التعلق بأوهام الحل الوسط مع الحركة الصهيونية، وإمكانية أن تكون واشنطن وسيطا بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

وشدد على ضرورة الانشغال بالملفات الوطنية الفلسطينية والحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، محذرا من حالة الاستقطاب الداخلي وتحول الانقسام السياسي إلى انقسام شعبي، خاصة في ظل أخطر وضع تعيشه القضية الفلسطينية منذ النكبة.

وأسفرت حملة السلطة الفلسطينية في مخيم جنين عن مقتل 11 شخصا على الأقل واعتقال العشرات حتى الآن، في ظل تمسكها بـ"إنهاء الحالة المسلحة" في المخيم.

وشدد البرغوثي -في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- على ضرورة حل الأزمة ونزع فتيلها في مخيم جنين في إطار داخلي دون تدخل خارجي، مؤكدا أن لا سبيل سوى بالحوار البنّاء والشراكة الوطنية وليس المواجهات "فالحلول العسكرية والأمنية لن تنجح".

إعلان

ووفق البرغوثي، فإن إسرائيل تواصل اقتحاماتها لمدن الضفة وقراها خلال أحداث جنين، كما أنه لا توجد منطقة غير مستباحة من جيش الاحتلال، مستهجنا "لوم الضحية وليس المجرم الذي يمارس القتل والتهجير والتدمير".

وفوجئت إسرائيل بالإصرار الذي أظهرته قوات الأمن الفلسطينية في جنين، إذ نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله إن "عملية جنين قد تكون نقطة تحول إذا نجحت، مما سيسمح باقتلاع المسلحين في أجزاء أخرى من الضفة الغربية".

قرار سياسي

بدوره، يعتقد نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة أن الحملة في مخيم جنين نابعة من قرار سياسي، معربا عن أمله في أن يخرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويتحدث بوضوح عما يريده من جراء الحملة الحالية ضد سلاح المقاومة.

ووفق خريشة، فإن من يراهن على الوعود الأميركية التي بيعت للفلسطينيين منذ عقود فهو واهم، مشيرا إلى أن الرهان على التسوية والمفاوضات "لم يعد مقبولا"، ونبّه إلى أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب هو عرّاب "صفقة القرن" في ولايته الرئاسية الأولى.

ورأى أن الاحتلال هو المستفيد الوحيد مما يجري في مخيم جنين، مشددا على ضرورة الوحدة لمواجهة الاحتلال ومخططاته لإفشالها مع وجود قيادة فلسطينية تعرف ما تريد وتخطط للمرحلة المقبلة.

ورفض خريشة الأوصاف التي تطلق على المسلحين بمخيم جنين، وقال إنهم مقاومون وليسوا خارجين عن القانون، مشددا على أن سلاح المقاومة هو سلاح شرعي، وأي سلاح يوجه للشعب الفلسطيني "لا يمكن أن يكون فلسطينيا".

واتهمت فصائل فلسطينية -بينها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين– أجهزة الأمن الفلسطينية بملاحقة المقاومين في جنين.

ولفت خريشة إلى أن كل الوساطات قوبلت بالقبول لدى مقاومي مخيم جنين، لكن لم يأتِ أي رد من الرئيس عباس "لذلك لم يكتب لها النجاح"، محذرا من خطورة خطاب الكراهية، الذي يتجذر مع استعادة روح الانقسام الداخلي الفلسطيني.

إعلان

وخلص إلى أن إسرائيل تنظر بفرح وارتياح وإعجاب لما يجري في جنين، معتبرا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش هو الحاكم الفعلي للضفة الغربية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی مخیم جنین إلى أن

إقرأ أيضاً:

البيت الفلسطيني.. ماذا يحدث بين حماس وفتح؟

يُعد الوضع السياسي الفلسطيني في الوقت الراهن أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، إذ يواصل الانقسام بين حركتي "حماس" و"فتح" التفاقم، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي دخلت شهرها الثامن عشر. فقد أودت الحرب بحياة أكثر من 50 ألف فلسطيني، وأدت إلى إصابة أكثر من 113 ألف آخرين. وتستمر الحركتان في تبادل الاتهامات والتصريحات الحادة، مما يعمق الانقسام، ويؤثر على وحدة "البيت الفلسطيني".

تستمر الحركتان في تبادل الاتهامات والتصريحات الحادة، مما يعمق الانقسام، ويؤثر على وحدة "البيت الفلسطيني".جذور وأسباب الانقسام

التوتر بين حركتي "حماس" و"فتح" ليس جديدًا، بل هو نتاج تاريخ طويل من الاختلافات السياسية والإيديولوجية. وقد أرجع منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامي لحركة فتح، السبب الأساسي للانقسام إلى "فكر حركة حماس الذي نشأ بهدف مناكفة منظمة التحرير الفلسطينية"، مؤكدًا أن هذا الفكر "مبني على الاختلاف في البرامج". وأشار الجاغوب إلى أن حماس قد رفضت السلام مع إسرائيل منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، بينما سعت باقي الفصائل الفلسطينية إلى السلام.

من ناحية أخرى، ترى حماس أن حركة فتح "تستمر في تجاهل تطلعات الشعب الفلسطيني"، معتبرة أن الضغط الخارجي، وخاصة من الولايات المتحدة، هو من يقف وراء عرقلة أي اتفاق بين الحركتين.

هل نحن أقرب إلى الوحدة أم إلى الخلاف؟

ووفقًا للجاغوب، فإن الفجوة بين حماس وفتح تتسع، مشيرًا إلى أن العالم بأسره يدعو لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، لكن حماس وإسرائيل ترفضان هذا الحل، مما يعمق الهوة بين الطرفين. ويؤكد الجاغوب أن هجوم السابع من أكتوبر 2023 قد دمر الوضع الفلسطيني، ونقل المواجهة إلى الضفة الغربية.

من جانبها، أكدت حماس أنها تسعى لترتيب البيت الفلسطيني، مشيرة إلى ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل جميع الفصائل، وهو ما يقابل بتشكيك من قبل رئيس منتدى العلاقات الدولية شرحبيل الغريب، الذي يرى أن الوحدة الفلسطينية غير واردة في الوقت الحالي.

كيف تؤثر الوحدة الفلسطينية على الصراع مع إسرائيل؟

يرى شرحبيل الغريب أن وجود استراتيجية فلسطينية موحدة كان من شأنه أن يغير المعادلة السياسية والحقوقية، ويمنح الموقف الفلسطيني قوة أكبر في مواجهة إسرائيل. وفي هذه المرحلة الحرجة، يصبح من المهم جدًا أن يتوحد الفلسطينيون في مواجهة محاولات تصفية قضيتهم.

نشأة الحركتين: حماس وفتح

تأسست حركة فتح في أواخر خمسينيات القرن الماضي، وركزت على النضال المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، بينما ظهرت حركة حماس في عام 1987 بالتزامن مع الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وعلى الرغم من أن حماس لم تكن منضوية في منظمة التحرير الفلسطينية، إلا أنها كانت تسعى دائمًا إلى تمثيل الفلسطينيين، معلنةً أن مرجعيتها في العمل السياسي هي الإسلام.

الاختلافات الإيديولوجية

بينما تعتمد حركة حماس على فكر المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، تعتبر حركة فتح أن الحل السياسي هو السبيل لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ففي الوقت الذي تقر حركة فتح بمشروع السلام مع إسرائيل، ترفض حماس التنازل عن "فلسطين التاريخية"، متمسكة بحقها في المقاومة بكل أشكالها.

التنافس على تمثيل الشعب الفلسطيني

منذ تأسيسها، حملت حركة فتح شعار "التحرير الوطني"، في حين اعتمدت حماس على المقاومة المسلحة، مما أدى إلى توتر كبير بين الحركتين. في عام 1993، بعد توقيع اتفاق أوسلو، بدأت الخلافات تتسارع، حيث رفضت حماس الاتفاق واعتبرت أنه يقدم تنازلات غير مقبولة. ومع تصاعد التوتر بين الطرفين، شهدت غزة اشتباكات بين أنصار الحركتين في عام 1994.

وفي عام 2006، فازت حماس بالأغلبية في الانتخابات التشريعية، مما دفع فتح إلى رفض الانضمام للحكومة الجديدة، وهو ما أدى إلى تصاعد العنف بين الحركتين. وفي 2007، سيطرت حماس على غزة، بينما استمرت فتح في السيطرة على الضفة الغربية، مما أدى إلى حدوث انقسام سياسي عميق.

محاولات المصالحة 

حاولت العديد من الأطراف العربية والدولية التوسط بين الحركتين لإنهاء الانقسام، لكن محاولات المصالحة باءت بالفشل. ففي عام 2011، وقع اتفاق في القاهرة بين الحركتين لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكن لم يتم تنفيذ هذا الاتفاق. وفي عام 2014، تم تشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة رامي الحمد الله، لكن الاتفاقات كانت عرضة للفشل بسبب الاتهامات المتبادلة.

في عام 2017، تم توقيع اتفاق آخر بين الحركتين، ولكنه انهار مجددًا بسبب توترات أمنية بين السلطة الفلسطينية وحماس في قطاع غزة. كما استمرت الاتهامات المتبادلة بشأن الانتهاكات الأمنية والتنسيق مع إسرائيل.

الواقع الحالي والتحديات

في الوقت الراهن، يبقى التوتر بين حماس وفتح على أشده، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، حيث اتهمت حركة فتح حماس بمسؤوليتها عن تفاقم الوضع، فيما ردت حماس بتوجيه اللوم إلى السلطة الفلسطينية على مواقفها.

وفي يوليو 2024، تم الإعلان عن وثيقة جديدة تهدف إلى تحقيق وحدة وطنية شاملة، والمعروفة باتفاق "بكين"، لكن جددت المواجهات بين الطرفين، بما في ذلك العمليات الأمنية في مخيم جنين، التي كانت لها تأثيرات كبيرة على محاولات المصالحة.

الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس ما يزال يُعيق تحقيق الوحدة الوطنية، وهو أمر يعقد من قدرة الفلسطينيين على مواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي. في الوقت نفسه، يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية التوصل إلى حلول فعلية لهذه القضية التي تستمر في التسبب في معاناة كبيرة للشعب الفلسطيني.

 

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية تدين استخدام الاحتلال التجويع سلاحًا ضد سكان غزة
  • ماذا وراء إفراج دمشق عن مسؤولين بنظام الأسد؟
  • البيت الفلسطيني.. ماذا يحدث بين حماس وفتح؟
  • شاهد | السلطة الفلسطينية.. من عباس إلى الشيخ.. تبديل الأسماء تثبيت السلوك
  • تمهيد لخلافة عباس.. حماس تستنكر تعيين “الشيخ” نائباً للرئيس الفلسطيني  
  • حسن خريشة لـعربي21: هذا سر تمسك السلطة الفلسطينية بالاتفاقيات مع إسرائيل
  • ترحيب عربي.. تعيين «حسين الشيخ» نائباً لرئيس السلطة الفلسطينية
  • سياسات الاحتلال تجاه الضفة.. على ماذا تراهن السلطة؟
  • ترحيب عربي بتعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس السلطة الفلسطينية
  • ماذا سيفعل نزع سلاح حزب الله؟ الإجابة في تقرير