شرح الشيخ أحمد الطلحي، الداعية الإسلامي، حديث سيّدنا الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، الذي سأل خاله هند بن أبي هالة، وكان وصافاً كيف يتعامل سيدنا النبي، في مجلسه ومع أصحابه.

وأشار الشيخ أحمد الطلحي، خلال فتوى له، اليوم الخميس، إلى ما وصفه هند بن أبي هالة قائلاً: "عندما كان النبي ﷺ يتكلم، كان جميع من في مجلسه يطّرقون رؤوسهم كأنما على رءوسهم الطير، احترامًا وتعظيمًا له، وعندما يسكت، يبدأ الصحابة بالكلام، ولكن دون التنازع أو التداخل في الحديث، لم يكن أحدهم يقطع حديث الآخر، بل كانوا ينصتون لبعضهم البعض حتى يفرغ كل متحدث من كلامه".

وأضاف أن هذه الأدبيات كانت جزءًا أساسيًا من تربية الصحابة في مجلس النبي ﷺ، حيث كانوا يتعلمون احترام الحديث والحديث بأسلوب مؤدب ومنظم، مشيرا إلى أن حديثهم في مجلس النبي ﷺ كان يسير وفق ترتيب معين، يبدأ من الأول فالأول، وهذا يعكس الاحترام الكبير الذي كان يتسم به الصحابة في حديثهم.

وأوضح: "كانت مجالس النبي ﷺ تمثل أعلى درجات الأدب والاحترام، حيث كان الصحابة لا يتنازعون أو يتحدثون في وقت واحد، وكانوا ينصتون بكل اهتمام لمن يتكلم حتى ينتهي من حديثه، وهذا من أجل أن يسود النظام والاحترام في مجالسهم".

وأضاف أن هذا الأسلوب يعكس قوة تأثير النبي ﷺ في تربية صحابته على أدب التعامل، وهو درس مهم يجب أن نتعلمه في حياتنا اليومية، مؤكدا أن مجالس النبي ﷺ كانت مكانًا للطاعة والانصات والتعلم، ويجب علينا أن نقتدي بهذه الأدبيات في تعاملنا مع بعضنا البعض ومع كلام رسول الله ﷺ، حتى نعيش حياة مليئة بالاحترام والالتزام بأخلاق الإسلام.

وأضاف أن هذه الصفات ليست محصورة في العهد النبوي فقط، بل هي دروس حياتية نستطيع تطبيقها في تعاملنا مع الآخرين في جميع المواقف.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مجالس النبي سيدنا النبي المزيد النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

اليمن يُغرد منفردًا

سبق وكتبت كثيرا عن اليمن الذي زرته عدة مرات خلال العقد الأول من هذا القرن، والتقيت بشعرائه ومثقفيه وتجولت في صنعاء التي أخذني هواها منذ أن زرتها في المرة الأولى، ربما كان ذلك في عام ٢٠٠٣، وفي كل مرة أتجول في شوارع صنعاء القديمة يزداد حبي لهذه المدينة العتيقة، التي عشقت تراثها المعماري، بيوتها وأبواب مبانيها وأشكال نوافذها شديدة الروعة والجمال، الناس في صنعاء القديمة يذكرونك بالنبت الأول للعروبة، الناس راضون مبتهجون، يلقون عليك نكاتهم المرحة، ولعل أهم ما لفت نظري في هذا الشعب الكريم هي لغته العربية ولهجته التي أعتقد أن معظمها يعود إلى عصر ما قبل الإسلام، لقد حافظ اليمنيون على ثقافتهم، وملبسهم، وعاداتهم، وغذائهم، بساطتهم التي تؤثرك ومحبتهم لكل ما هو قادم من أي قطر عربي.

لفت نظري ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي من محاولة البعض نزع ما تميز به اليمنيون باعتبارهم المؤسس الأول للعروبة، حينما راح البعض يشكك في هذه الحقيقة في محاولة لجعل المنبت الأول للعروبة في هذا القطر أو ذاك لأسباب سياسية خالصة، وهو قول يجافي الحقيقة ويخالف كل الثوابت، اليمنيون بنكاتهم وخفة ظلهم يسخرون من هذه المغالطات لكن دون تجاوز، صنعاء المدينة العربية المتفردة التي تحمل عبق التاريخ وتراث الأمة، وهو ما يميز شخصيتها، بل تكاد تكون هي المدينة التي لا تشبهها مدن أخرى، عربية كانت أو أجنبية، هي مدينة قادمة من عصور سحيقة بمساجدها العتيقة ومكتباتها وتراث مخطوطاتها المودع في كثير من المساجد القديمة، والتي هي في حاجة إلى دعم كبير لترميمها وفهرستها، والتعريف بكنوز ذخائرها، بل يوجد من بين مقتنياتها النسخة الأولى لمخطوطات القرآن الكريم، والكثير من المخطوطات في الفقه وتفاسير القرآن، وبعضها دواوين من شعر قدماء اليمنيين الذين أجادوا الشعر بالسليقة، وسجلوا الكثير من مظاهر الحياة الاجتماعية والفكرية، جميعها في حاجة إلى الدراسة والتحقيق والنشر، وهو تراث في مجمله يميز اليمن عن غيره من الأقطار العربية الأخرى.

اليمنيون منذ فترة مبكرة من التاريخ الإسلامي يحملون رسالة الإسلام إلى معظم بلاد العالم، فقد خرج اليمنيون إلى مشرق العالم تجارا ودعاة نشروا الإسلام في كل البلاد التي وصلوا إليها، وشاركهم العمانيون في هذه الميزة، فهم الذين فتحوا مصر تحت قيادة عمرو بن العاص وتجاوزوها إلى إفريقيا ثم إلى أوروبا حينما فتحوا الأندلس، بينما كانت أقطار عربية أخرى تعيش في غياهب الوثنية، لقد شارك كثير من العرب في فتح الأندلس، لكن قوام الجيش الفاتح كان من اليمنيين والعمانيين والأفارقة، جميعهم كانوا في طليعة القوى التي نشرت الإسلام وثقافته العربية والفكرية، ولعل ما خلفه العرب من تراث الأندلس وخصوصا في كتاباتهم التي كُتبت بلهجات يمنية لا يخطئ المحقق الحصيف في التعرف على جذورها ونشأتها اليمنية، لم يتنبه البعض إلى فضل اليمن على الثقافة العربية، وعلى نشر الإسلام، بل نلاحظ في التاريخ المعاصر أن البعض ولأسباب سياسيّة خالصة راح يتندر باليمنيين ويعيِّرهم بفقرهم، ولم يلتفتوا إلى أن ما أصاب اليمن عبر التاريخ الحديث والمعاصر كان بسبب حكامهم وفشل سياساتهم وانكفائهم على أنفسهم، وهو ما كان سببًا في الواقع المُعاش، لكن رغم كل ذلك فقد بقي اليمنيون في طليعة الشعوب التي تعتز بكرامتها والحفاظ على تراثها ونخوتها، فلم يستسلموا لأي معتد على بلادهم، بل هم الشعب العربي الوحيد الذي لم ينعم المحتل بالبقاء فيه، فقد هزموا العثمانيين ولم يهنأ الإنجليز بالسيطرة على شمال اليمن، بفضل شجاعتهم واعتزازهم بتاريخهم ونضالات أجدادهم، وبينما وقعت معظم البلاد العربية فريسة للاحتلال العثماني انتفض اليمنيون لمقاومة العثمانيين، الذين عجزوا عن السيطرة على اليمن، ولم تنطل عليهم فكرة الخلافة الإسلامية التي رفع العثمانيون شعارها، وتسجل الوثائق العثمانية والعربية ملاحم مشرفة لنضالات اليمنيين، وهو ما أدى إلى انسحاب العثمانيين من اليمن نهائيا.

رغم كل الظروف التي يعيشها اليمنيون إلا أنهم لم يقبلوا الضيم،بل قاوموا أعداءهم بكل بسالة، وقد أنزلوا الهزائم بكل الطامعين في أراضيهم، سواء من قوى إقليمية أو خارجية، وبينما كل أقطارنا العربية قد استسلمت لإرادة عدوهم (إسرائيل) ونزع العرب كل أسلحتهم، إلا أن اليمنيين فاجأوا العالم بمقدرتهم على إنزال ضربات موجعة بإسرائيل، رغم بعد المسافة وتواضع الإمكانات وتعرض اليمن لهجمات صاروخية بالطائرات الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية، لكن رغم كل ذلك بقي اليمن معادلة صعبة في الصراع العربي الإسرائيلي، وقد خلت الساحة من أي مواجهات عربية، بعدما تعرض له الفلسطينيون من عمليات تدمير وقتل واستشهاد عشرات الألوف سواء في غزة أو جنوب لبنان، وذهاب سوريا إلى طريق مكّن إسرائيل من احتلال أراضٍ سورية وسط صمت عربي مؤسف، لكن لم يستسلم اليمن بعد أن حمل على عاتقه مسؤولية المقاومة.

أعتقد أن الجغرافيا اليمنية تظل العامل الأهم الذي شكل تاريخها، فقد نزل الإسلام على الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة وأقيمت الدولة الإسلامية في المدينة، لكن حمل اليمنيون رسالة الإسلام إلى العالم شرقا وغربا، وجُيشت الجيوش التي جابت كل العالم لنشر الإسلام عقيدة وثقافة، وانسابت القبائل العربية التي تجاوزت الجزيرة العربية، لكي يصبح للعرب شخصيتهم المستقلة وتراثهم الفكري والديني، لذا سنظل مدينين لليمن الذي حمل إلينا العروبة لغة وثقافة وحضارة، مهما حاول البعض التقليل من فضل اليمن، وستبقى أقطارنا العربية تتحمل مسؤولية ما حل باليمن من أزمات كان في استطاعتها أن تأخذ بيد هذا البلد العربي العريق، وستبقى الشخصية اليمنية متفردة بوعيها وثقافتها واعتزازها بجذورها.

لعل إخواننا في اليمن في حاجة إلى مراجعة ثقافتهم التي سيطرت عليها التوجهات المذهبية التي أضرت اليمن، بل أضرت الكثير من البلدان العربية، فنحن في حاجة إلى إسلام حقيقي بلا مذاهب ولا أيديولوجيات، بل إلى الإسلام بمعناه الإنساني، استنادا إلى القاعدة الشرعية الثابتة التي تقول بإعلاء المصلحة، مصلحة الناس ومصلحة الأوطان، لعلنا لو تخلصنا من مذهبياتنا الضيقة خدمة لعقيدتنا وشعوبنا وأوطاننا لكان ذلك في مصلحة العرب.

الملاحظ أن كثيرا من أقطارنا العربية وساستنا فرحون لما يتعرض له اليمن من ضربات تطال المنازل والشعب اليمني، بل ويسعى البعض إلى استعداء العالم على هذا البلد العربي الأصيل، لأسباب مذهبية مقيتة، فالعدو الحقيقي هو إسرائيل التي تحتل أرضنا وتهدد وجودنا، لذا فمن العار أن نغضّ الطرف عن العدو الحقيقي وأن نذهب بعيدا لكي نلقي باللائمة على أية قوى أخرى، في محاولة لإيجاد مبررات لهزائمنا وضعفنا وتراجع دورنا عن نصرة فلسطين، لعل كل هذا يقضي بضرورة أن يسرع اليمنيون بالحوار مع بعضهم، لكي يعود اليمن إلى وحدته الطبيعية، وهي مهمة أراها ضرورية قبل أن يفكر اليمنيون في فتح جبهات مع إسرائيل.

لعل الدرس الذي يستوجب العناية من كل الساسة اليمنيين هو الدعوة إلى الوحدة، فلن يتمكن هذا البلد الكبير من استعادة مكانته إلا بعودة وحدته، والطريق نحو الوحدة شاق وصعب ولكن ليس مستحيلا إذا تخلص القادة اليمنيون من مذهبيتهم وقبليتهم وهي مهمة صعبة، لكن الأصعب منها هي التحديات التي تهدد اليمن في وجوده بل ربما تهدد العرب جميعا.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

مقالات مشابهة

  • اليمن يُغرد منفردًا
  • كانت بنتي .. إيناس مكي تروي كواليس وفاة والدتها
  • الأورطة الشرقية: تسليحنا وتدريبنا ومؤننا من إريتريا.. وجميع قواتنا اندمجت في الجيش وتحصّلت على نمر عسكرية
  • 3 شهداء جراء قصف للاحتلال الإسرائيلي على منزلًا في شارع الصحابة بمدينة غزة
  • "صورة البطل في الأدب الشعبي".. لقاء لقصور ثقافة المنيا
  • قصور الثقافة تواصل تلقي مشاركات ورشة "ابدأ حلمك" المجانية بالإسماعيلية
  • السجيني: 80% من المحال العامة كانت دون رخصة تشغيل حتى صدور قانون 154 عام 2019
  • مخلفات مجلس إدارة الأندية
  • وكيل الشرقية: توفير كافة أوجه الدعم لمراكز الشباب ورؤساء مجالس الإدارات