بشير الديك.. رائد سينما الضوء الأحمر والغوص في ظلمات المجتمع
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
كتاباته لم تعرف القيود والالتزامات البالية، وضع السطور المظلمة نصب عينه، أخذ من الهوامش موضوعات رئيسية لا يستهان بها، هو السيناريست الكبير بشير الديك صاحب سينما الضعفاء الذين لم يجدون لهم صوت سوى مع قلمه.
فيلم سواق الأتوبيس: صراع الحفاظ على لقمة العيش وسمعة العائلةحرص بشير الديب في كتاباته فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد في فيلم سواق الأتوبيس يلقي الضوء على مواطن بسيط انخرط شبابه ووقته في العمل نهارا وليلًا مع محاولاته في الحفاظ على سمعة عمل والده التي ينهشها أبناؤه من ناحية والحفاظ على علاقته بأخوته .
وفي "موعد مع العشاء" وجد في الراحل أحمد زكي الفتى الذي راح ضحية حبه وكسره، وحبيبته هي الأخرى لم تبقى على قيد الحياة طويلا وانتقمت من حياتها وحياة من حارب حبيبها .
وكما هو الحال في "دعوني أنتقم، أشياء ضد القانون، الأقوياء، سأعود بلا دموع"، ولن ننسى قوة سينمائيته في اللعب مع الكبار والثنائية الفريدة بين كرم مطاوع وعادل إمام، وحماس الشباب والإصرار على النجاح وسط أمواج تحطيم أحلامهم في " النمر الأسود"
.
فيلم ضد الحكومة: نسيان الإنسيانة وحضور الضمير الغائبونجد في حكاية "ضد الحكومة"عندما يرتطم الإنسان بشهواته ونزواته الذي كان ذليل لها طوال سنوات حياته دون أن يشهر كان يستمد منها طاقته في البطش وأمواله المتراكمة، ليأتي حادث الأتوبيس ليبدل الإنسان الذي كان عليه لآخر حي بكل ماتحمله الكلمة معنى.
فيلم حسن اللول: سلاح الحب الذي يمحو فروق الطبقات الاجتماعيةوشخصية "حسن اللول" الشهم الجدع الذي يقف أمام الصعبة وسند لأهل منطقته، يلتقي بفتاة من خارج وسطه وطريقة حياته ليكشف ليها الحياة التي اختبأت تحت أموال والدها وسلطته ونفوذه، لترى جوانب منعشة أخرى للحياة معه، واشركه في السينايريو الكاتب صلاح متولي.
فيلم حد السيف: الشغف الذي حكم على صاحبة بالضياعوهل يعقل أن يأخذ الشغف وعشق الموسيقى وكيل وزارة إلى التهلكة بعد انكشاف أمره وسط زملاؤه في إحدى سهراته الليلة داخل أحد الملاهي الليلية في فيلم “حد السيف” مع الفنان الكبير محمود مرسي والفنانة نجوى فؤاد، حيث أخذ محمود مرسي من حبه لعزف آلة القانون وقت مستقطع من يومه في الليل بعد الانتهاء من عمله صباحًا كوكيل وزارة وحوله الحراس والسواقين الذين ينتظرون إشاره منه.
أفلام المخابرات المصرية والفترات التاريخية الخطرة لـ بشير الديك
ولن ننسى ثنائياته التي وضعته إسمه نقطة تحول هامة في السينما المصرية، حيث لم يتجرأ كاتب أو مخرج المساس من تلك القضايا أو التقرب منها مع الفنانة الكبير نادية الجندي "إمرأة هزت عرش مصر، مهمة في تل أبيب، الجاسوسة حكمت فهمي".
بشير الديك .. ركد القلم وظل البريق
بشير الديك قلم لن يتكرر حبره وفكره وجرأته وتحطيمه للخطوط الحمراء والبحث عن المهمشين الذين أنهكهتهم المشكلات والجري وراء سد حاجاتهم اليومية دون راحة، أخذ الديك ظلماتهم إلى ضوء السينما الصارخ ليضع لهم مكانة مستمرة في أعيننا وأفئدتنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بشير الديك أفلام بشير الديك فيلم ضد الحكومة وفاة بشير الديك بشیر الدیک
إقرأ أيضاً:
بشير الديك.. أشرف زكي أول الحاضرين لتقديم واجب العزاء
حرص نقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي على حضور عزاء السيناريست بشير الديك، بمسجد الشرطة في منطقة السادس من أكتوبر.
أشرف زكي عزاء بشير الديك
بدأ منذ قليل عزاء السيناريست الراحل بشير الديك بمسجد الشرطة في منطقة السادس من أكتوبر، حيث تجمع عدد من محبيه وزملائه في الوسط الفني لتقديم واجب العزاء، مما يعكس مكانة الفقيد الرفيعة في الوسط الفني.
السيناريست بشير الديك، الذي رحل عن عالمنا بعد صراع طويل مع المرض، كان أحد أبرز الكتاب السينمائيين في تاريخ السينما المصرية.
وُلد بشير الديك في مدينة دمياط عام 1944، ودرس في كلية التجارة بجامعة القاهرة حيث حصل على شهادة بكالوريوس التجارة في عام 1966، رغم دراسته في مجال التجارة، لم يكن ذلك عائقًا أمام شغفه بالأدب والكتابة، حيث بدأ مسيرته الأدبية من خلال الكتابة للصحف والمجلات الأدبية، وشارك في العديد من الدورات الأدبية المختلفة.
كان أول عمل سينمائي له هو فيلم "مع سبق الإصرار"، الذي كتب له القصة والحوار وأخرجه المخرج أشرف فهمي في عام 1978، ورغم أن هذا كان بداية مشواره السينمائي، إلا أن الديك استطاع أن يثبت نفسه كأحد أبرز الكتاب الذين تركوا بصمة واضحة في السينما المصرية من خلال تعاونه مع المخرج عاطف الطيب.
تُعد شراكته مع عاطف الطيب من أهم فترات حياته المهنية، حيث قام بكتابة العديد من الأفلام التي حققت نجاحًا كبيرًا وحققت شهرة واسعة في السينما المصرية.
من أبرز هذه الأفلام: "سواق الأتوبيس"، "ضربة معلم"، "ضد الحكومة"، "ناجي العلي"، "ليلة ساخنة"، "شبكة الموت"، و"عصر القوة"، كانت أفلامه تتميز بموضوعات جريئة وواقعية تعكس قضايا اجتماعية وسياسية في المجتمع المصري، وهو ما جعله يكتسب احترام الجمهور والنقاد على حد سواء.
لقد ترك بشير الديك بصمة لا تُمحى في صناعة السينما المصرية، من خلال أفلامه التي تتسم بالعمق الفكري والقدرة على معالجة القضايا الاجتماعية والإنسانية بأسلوب مميز، وهو ما جعله واحدًا من أبرز السيناريستات في تاريخ الفن المصري.
عزاء بشير الديك.. وداعٌ لسيناريست ترك بصمة لا تُنسى في السينما المصريةبشير الديك محامي المهمشين في السينما المصرية
بين الواقعية والتجريب السينمائي، اهتم السيناريست الراحل بشير الديك في أفلامه بتناول قضايا الطبقة المهمشة وهمومها، سواء من الجانب الإنساني أو الإجتماعي، فدائمًا كان حريصًا على تسليط الضوء على مشاكل وهموم الإنسان المصري بأسلوب واقعي وبسيط.
سواق الأتوبيس
يتربع "سواق الأتوبيس" أحد أساطير بشير الديك في السينما، على عرش أفلامه التي سلط من خلالها الضوء على الطبقة المهمشة ومعاناتها في الحياة، بالتعوان مع الرائع عاطف الطيب، وفي الوقت نفسه رسمت طريق نجاح مشوار كبير للفنان القدير الراحل نور الشريف حيث كان الفليم بمثابة بمثابة ميلاد جديد له وعلامة فارقة في تاريخه الفني الحافل بالنجاحات المميزة.
سواق الأتوبيس
ولعلنا نتطرق إلى وصف بشير الديك للفنان نور الشريف في حوار تليفزيوني له حينما قال عنه إنه رجل سينما من الطراز الأول، وعندما تدخل معه فيلم تثق أنك ستنتهي منه في الموعد المتفق عليه، بفضل عمله بصورة كبيرة على الشكل الخارجي للشخصية، ولكن تلك العلاقة القوية بين الديك والشريف لم تبدأ فقط من هذا الفيلم وإنما منذ عام 1979 في أولى أفلامه "مع سبق الإصرار".
لقطات من تصوير فيلم سواق الأتوبيس
حصد فيلم سواق الأتوبيس الذي عرض في عام 1982، على إشادات كبيرة من جانب النقاد والجمهور نظرًا لتطرقه إلى تجسيد شخصية تبدو مهمشة في المجتمع وهو "سائق الأتوبيس" الذى حارب على الجبهة وعاد منتصرًا بعد حرب 1973 ليجد كل من حوله اغتنوا، مما يضعه في مأزق كبير مع والده الذى جسد دوره العبقري عماد حمدي بعدما بات مفلسًا ويضطر لبيع كل ما يملك، مع محاولات من الابن لحل تلك الأزمات ولكن دون جدوي خاصًة مع عدم مساندة شقيقاته له وأزواجهم.
النمر الأسود
ومن الأفلام أيضًا التي سلط خلالها بشير الديك الضوء على حياة المهمشين، فيلم "النمر الأسود" الذي جسد فيه ببراعة الإمبراطور الراحل أحمد زكي دور " محمد حسن " الذي يسافر إلى ألمانيا ليعمل خراطًا بأحد المصانع، يعاني منذ يومه الأول من متاعب كثيرة كاختلاف اللغة والثقافة والعنصرية.
وتبدأ يزدهر ربيع حياته بمجرد أن يتعرف على فتاة ألمانية " وفاء سالم" تعرف بعض العربية وتساعده على تعلم الألمانية، بينما يتعرف على مدرب الملاكمة اليوناني الذي يجيد العربية الذي جسده العظيم أحمد مظهر؛ فيساعده ويدعمه حتى يصبح بطلًا.
الحريف
يسعى الديك دائمًا إلى تجسيد واقع الحياة المصرية من خلال سرد حكايات حقيقية تخرج من رحم الواقع الذي نعيشه، بل وتعكس أيضًا ما وراء الكواليس، ومن بين تلك القصص شخصية "فارس" في فيلم "الحريف" إخراج المبدع محمد خان، التي جسدها الزعيم عادل إمام ببراعة وتميز على الرغم من اختلافه عن نوع الكوميديا الذب اعتاد على تقديمه خلال تلك الفترة.
ويروي الفيلم قصة فارس الذي يعمل بمصنع أحذية ويقيم بغرفةٍ على سطح أحد المنازل بعد ان انفصل عن زوجته بسبب اعتدائه عليها مرارًا بالضرب، ويهوى ممارسة كرة القدم "الشراب" في الشوارع والساحات الشعبية مقابل المراهنات، مما يعرضه للفصل من عمله لإهماله الشديد.
ضد الحكومة
ومن المستحيل أن نتحدث عن إنجازات بشير الديك الفنية وننسى واحدًا من روائعه الفنية وهو فيلم “ضد الحكومة” للمخرج المبدع عاطف الطيب، والإمبراطور أحمد زكي الذى ظهر فيه لأول مرة بشخصية مغايرة تمامًا عن بقية أدواره الفنية.
مشهد المحكمة من فيلم ضد الحكومة كلنا فاسدون لا أستثني أحد
ضد الحكومة
استلهم “الديك" فكرة الفيلم التي لازالت منذ العرض الأول للفيلم وحتى يومنا هذا تشعل ثورة كبرى كلما عٌرض مشهدًا واحدًا من أحداث الفيلم، من خلال مقالات الكاتب وجيه أبو ذكرى الذى كتب مقالات عن محامي التعويضات بجريدة "الأخبار"، ليقرر بعدها كتابة فيلم على نفس النهج.
فيلم ضد الحكومة
"ضد الحكومة" من روائع بشير الديك التي لا تًنسى
وتدور قصة الفيلم حول مصطفى خلف المحامي والذي يجسده "أحمد زكي"، الذي يتجه بعد فصله من النيابة العامة لسوء سلوكه، إلى المحاماة، ويتخصص في الدفاع عن المشبوهين والخارجين عن القانون مستغلًا براعته في الإلمام بثغرات القانون.
كما يبرز نشاطه في قضايا التعويضات مستغلًا أوجاع البشر في الكسب المادي، إلى أن يجد ابنه الوحيد ضحية حادث سير، فتنقلب الأمور ويتطهر مصطفى خلف المحامي من فساده ويطالب بمحاسبة الحكومة بأكملها".
مشهد المحاكمة في فيلم “ضد الحكومة” عن قصة حقيقية: كلنا فاسدون لا أستثني أحدًا
وفي حوار سابق للراحل بشير الديك، صرح بأن مشهد المحاكمة في فيلم “ضد الحكومة” كان مقتبسًا عن قصة حقيقية، وكذلك مشهد “حتة حشيش ملناش دعوة بيها”، مسنودًا أيضَا عن واقعة حقيقية، كان قد قرأها في أحد الصحف.
كما أشار إلى أن الراحل أحمد زكي أثناء تصوير هذا المشهد كان مرهقًا ومريضًا ويشعر بألم شديد في معدته، ولكن على الرغم من ذلك أصر على تصويره كاملًا، ليخرج المشهد بالصورة التي رأيناها ويكون واحدًا من أهم وأعظم مشاهد السينما المصرية.
فيلم “ضد الحكومة” يضم نخبة مميزة من نجوم ونجمات الفن وهم أحمد زكي، ولبلبة، وعفاف شعيب، وأبو بكر عزت، والمنتصر بالله، وأحمد خليل، ومحمد نجاتي.
وفاة ابن بشير الديك لحظة احتفاله بعيد ميلاده الـ14
ما لا يعرفه الكثيرون عن بشير الديك، هو فقدانه لإبنه "أحمد" بعمر 14 عامًا، والذي تأثر بموته جدًا، حيث راح ضحية حادث سيارة أليم في مشهد بالغ القسوة كاد أن يصيب "الديك" بالجنون على حد وصفه، حيث قال: "ابني مات اثناء الاحتفال بعيد ميلاده صدمة كبيرة غريبة لكن ربنا الحمد لله ساعدنى ان اجتاز هذه الأزمة".