معرض «نزهة القناص» حيث يُحيي المحروس صاحب رواية «تغريبة القافر»
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
لا بد من دراسة الفلسفة، ليس من أجل الحصول على أجوبة محددة على الأسئلة التي تطرحها، ما دام من غير الممكن التيقنُ عمومًا من صحة أي أجوبة محددة، بل لا بد من دراستها من أجل الأسئلة نفسها؛ لأن هذه الأسئلة توسِّع مداركنا لكل ما هو ممكن، وتثري قدرتنا على التخيل الفكري، وتقلل من اليقين الجازم الذي يغلق العقل أمام التفكّر؛ بل والأهم من ذلك، لأن العقل يصير عظيمًا نظرًا لعظمة الكون الذي تتفكّر فيه الفلسفة.
أقام الكاتب والفوتوغرافي البحريني حسين المحروس معرضًا فوتوغرافيًا في سلطنة عُمان، بعنوان «نزهة القناص.. تحية لزهران القاسمي»، الذي جاء بتنظيم من «النادي الثقافي» في السلطنة، احتفاءً بالكاتب والروائي زهران الذي ظفر مؤخرًا بـ«الجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر)» عن روايته «تغريبة القافر»، ليجيء هذا المعرض مكملًا لمشهدية ثقافية، يعيد فيها المحروس سرد حكاية العلاقة بين الإنسان ومكانه، وانعكاسات هذا المكان على سيكولوجية وطبيعة الإنسان ذاته، ليتمثل هذه التبادلية من خلال هذا المعرض الذي افتتح في الـ7 من أغسطس 2023، ليستمر حتى الـ30 من ذات الشهر، في «صالة رواق الفنون».
هذا الاحتفاء من النادي، بالتعاون مع المحروس، تأكيدٌ على «إبداع الكاتب الذي أسهم من خلال أعماله الأدبية المتنوعة منذ بداية مسيرته في تأريخ المكان في عُمان وكشف ثرائه واستنطاق روحه، مقدّمًا دورًا حيًّا للأمكنة ذات الخصوصية العُمانية، بصياغة حديثة في نصوص إبداعية وصلت لآلاف القرّاء من داخل عُمان وخارجها»، كما جاء في كلمة النادي.
فالروائي زهران استطاع بكتاباته أن يأخذ القارئ إلى «قرى، وجبال، ووديان، ودروب، وأفلاج، وعيون، وأشجار.. لم تكن لتتشكل في هذه الصورة المتحركة، ولا أن تتخذ لها منفذا ثقافيا حضاريًا لولا حضورها في رواياته»، الأمر الذي جعله مستحقًا لهذا الاحتفاء، ليكون شكلًا من أشكال «تخليد الحكايات في صور تقدم سجلًا بصريًّا لأرض عُمان، وتكوينها الطبيعي الأخّاذ، وحضور الإنسان وقصصه فيها»، والذي عكسته عدسة المحروس، الذي تعود صداقته بزهران لعقد، إذ يقول في تصريحه لصحيفة عُمان: «أنا صديق زهران منذ 9 سنوات، ودائما ما كنت آتي إلى (دما والطائيين)، ولأن الكاميرا رفيقتي الدائمة، كنت أتنقل في مختلف الأماكن وأدوّن أسماءها، وألتقط الصور، أمتلك أرشيفًا ضخمًا لزهران القاسمي، ولعُمان أيضًا».
مضيفًا في شرح علاقة المعرض بالرواية الفائزة بـ(البوكر): «كنّا نمشي في أماكن روايات زهران ونصوصه. الأماكن الجغرافية قبل أن تدخل في مختبر الكاتب، تنفرد، تنفصل، تدب فيها حياة جديدة، يصبح مكانها لا يشبهه مكان؛ فتستحيل صورة أخرى»، شارحًا فكرة المعرض الذي جاء بغرض «أن نضع المكان الروائي إلى جوار المكان الجغرافي، في صور فوتوغرافية، ونترك للقارئ المجال لرؤية الأماكن التي قرأها في الروايات، هل هي ذاتها التي قام بتخيلها؟ وقمنا بإضافة الأسماء لمزيد من التعريف، وأضفنا نصوصًا أخرى إلى جوار اللوحات».
إلى جانب علاقة الصداقة، وإعادة تمثيل المكان فوتوغرافيا، فإن للمحروس اتصالًا مسبقًا مع الرواية، ذلك أنه مصمم ومصور غلافها، والذي يخبء حكايةٌ أخرى، تمتزج فيها روح البحرين بروح عُمان، إذ استوحى المحروس فكرة غلاف «تغريبة القافر»، من هذا المشهد الذي يصور فيه زهران ربط بطلة الرواية بين المغزل وعدتها: «عاد أهلها بعد حين ووجدوها على حالها، فاتحوها ثانية بأمر الزواج لكنّها تعذّرت بأنّ غزلها لم ينته بعد، أسمعوها كلامًا كثيرًا، لكنّها تجاهلت كلّ ما قالوه، وأشارت إلى مغزلها المعلّق أمامها وقد أخذ كثيرًا من ضوء بصرها من كثرة ما تنظر إليه: (من يقول ليّ المغزل خلصت، تكون عدتي خلصت وأكون أنا جاهزة».
قدح هذا المشهد فكرة لغلاف الرواية في ذهن المحروس، يقول: «طلبت من أبي النجار أن يصنع لي اثنين (مغزلين)، بعد أن اتفقت معه على شكلهما. بعد أيام كانت المغازل جاهزة، علقهما أبي على حبل في حديقة البيت، قلت: إذن يجب أن يكونا بهذا الشكل في الغلاف».
وبالعودة للمعرض، فإن عنوانه، ومضمونه، تمثيل للمكان وعلاقة زهران به، يقول المحروس في توصيف المكان: «قرية (مسّ) تتنفّس الصباح. خرجنا من باب لا يغلق. صرنا عند أوّل الجبال. هنا، تقاس المسافات الطويلة بعبارة (ما واجد)! بصوت التقليل والاستقواء على عبورها. في هذا المكان الوحيد بالذات، ليس عليك أن تحسن التصوير، لكن عليك أن تحسن المشي! الجبال لا تأبه بسقوطك! باهتزاز صورك، لكن بثبات نيّتك في قدميك! الجبال مشغولة برسوّها، بصمتها، بحوارات قممها، بسيرة عيون الوعول ساعة قنصها، وبأسرارها أيضًا».
ويتابع المحروس الحديث عن تلك اللحظات التي ولدت صور المعرض: «نزلت بكامرتي في (الجابية الطويلة) وظلال الجبال فيها، سكون الماء ورقته، سمك الصد، ونخلة وحيدة في جهة المصبّ تحرس الماء. أيّ مشهد هذا؟ تمثّلت أسيا بنت محمد في رواية (تغريبة القافر) متعبةً، تحمل طفل مريم (سالم)، تجلس به، تستريح (على رملة ناعمة بالقرب من حوض تتراقص في قعره أسماك الصد الصغيرة)، تغسل وجهها وتقلل من قلقها عمّا يقال عنه: (الصغار يسمعوا بو نعجز عن سمعه)، (أهل الأرض يكلموه)، (يكلموه أهل تحت). يفلت القافر الصغير من قبضتها، يضع أذنه على الأرض ويصرخ: (ماي.. ماي)، (باه، أسمع ماي في الأرض)»، هذه الاقتباسات التي طرأت على المحروس وهو يجوب المكان الذي صيره زهران نصًا، قدحت بسؤال العلاقة بين الأدب والفوتوغرافيا: «ماذا لو وضعت المكان في روايات زهران على المكان الجغرافيّ في صور؟ أخشى أن نتورط في تجاوز سؤال: لماذا نكتب الأدب؟ إلى سؤال لماذا نشاهد الأدب المصوّر؟ وهو في الأصل لماذا نصوّر، الذي يعني ببساطة وطأة الفراغ في نظرتنا إلى بطن التجارب نفسها».
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا تغریبة القافر
إقرأ أيضاً:
الزراعة: نسخة استثنائية من معرض زهور الربيع في دورته الـ 92
معرض زهور الربيع من أقدم وأهم المعارض في مصر والشرق الأوسط، حيث يجمع بين عشاق الزهور والنباتات في احتفالية زراعية سنوية.
يولى علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي اهتماما كبيرا بمعرض زهور الربيع في نسخته القادمة حتى يصبح معرضا دوليا ويعود إلى سابق عهده ويكون الملتقى الكبير لجميع منتجى ومصدري نباتات الزينة والزهور والأشجار في مصر ويسهم في نهضة هذا القطاع الحيوي والذي يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني من خلال فتح آفاق أكبر للتصدير وجلب العملة الأجنبية.
وفي هذا الصدد صرح د علاء عزوز رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بأن معرض زهور الربيع في نسخته القادمة ال 92 سوف يكون استثنائيا نظرا لاهتمام الوزير علاء فاروق، مشيرا إلى
أن معرض زهور الربيع من أقدم وأهم المعارض في مصر والشرق الأوسط، حيث يجمع بين عشاق الزهور والنباتات في احتفالية زراعية سنوية مليئة بالجمال والإبداع. وكان يُقام المعرض في حديقة الأورمان النباتية بالجيزة، ويعد فرصة رائعة للاطلاع على أحدث أنواع النباتات والزهور، إلى جانب التعرف على الابتكارات الحديثة في مجال الزراعة وتنسيق الحدائق.
وأضاف أن معرض زهور الربيع أقيم لأول مرة عام 1934، ليكون نافذة لعرض أندر وأجمل النباتات والزهور في مصر، ومنذ ذلك الوقت أصبح حدثًا سنويًا مميزًا يجذب الزوار من مختلف أنحاء البلاد، وحتى من خارج مصر.
وأضاف "عزوز" أن تاريخ المعرض يمتد لأكثر من 91 عامًا ، وكان الهدف منه الترويج للزهور والنباتات المحلية وتعريف الجمهور بأحدث التطورات في عالم البستنة. مع مرور الزمن، تطور المعرض ليشمل عروضًا من كبرى المشاتل والشركات الزراعية، بالإضافة إلى الندوات التثقيفية حول أساليب الزراعة الحديثة.
وأوضح رئيس قطاع الإرشاد الزراعي أن المعرض سوف يقام في المتحف الزراعي بالدقي، مشيرا إلى أنه تنفيذا لتوجيهات وزير الزراعة تم اعداد المتحف لاستقبال هذا الحدث الكبير من حيث أعمال التطوير والتجميل والتشجير وإزالة جميع المخلفات الزراعية حتى يتم تجهيز مساحة شاسعة من المتحف لاستقبال أكبر عدد من العارضين بالإضافة إلى انضمام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" ولأول مرة في تنظيم المعرض هذا العام وأيضا توجيه الدولة إلى سفارات الدول الأجنبية والعربية لحضور المعرض تمهيدا لمشاركتهم في نسخته ال 93 عام 2025