تعقيب على اشتباكات طرابلس الأخيرة
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
كما هو معلوم لكثيرين فإن الصدام المسلح الذي وقع بين اللواء 444 وجهاز الردع في ضوحي العاصمة الليبية طرابلس لم يكن مستبعدا، فقط لم يكن توقيته معلوما، لكن إرهاصاته سبقت، وكانت اشتباكات شهر نيسان / أبريل، والتدافع حول قضايا تتعلق بوزن وحضور كل منهما في العاصمة وضواحيها، مؤشرا على أن الحالة بينهما هي الخلاف القابل للاشتعال، وهذا ما وقع خلال الأيام الماضية.
وعن دوافع ومسببات النزاع الذي قاد إلى الأحداث الأخيرة، فإن العامل الخارجي في رأيي مرجوح وليس راجح، فالأقرب أن النزاع محلي ويتعلق بتطور العلاقة بين الـ 444 والردع، والتي هي علاقة بالأساس وطيدة كون الأول إبنا للثاني، إلا أنه ومع الأيام وتغير الظروف والأحوال ودخول عوامل أخرى على الخط استقل اللواء الذي كان كتيبة تابعة للردع، ونما بشكل سريع وصار له وزنه الكبير في المعادلة العسكرية والأمنية في العاصمة وضواحيها، فيما ظل الردع ينظر إليه كجزء من قوته فنشأ الخلاف وتحول إلى نزاع أو صراع.
وعن إدارة هذه الأزمة الجديدة المتجددة، ظهر أن السلطة التنفيذية المعنية بإدارة الملف العسكري والأمني كانت غائبة عن التطورات المتعلقة بالقوى النافذة في العاصمة وضواحيها، والمفترض أنها مدركة لاتجاه العلاقة بينها وأن هناك مؤشرات على قرب تفجر الوضع.
خلال الخمس سنوات الماضية شهدت الساحة العسكرية والأمنية في العاصمة تحولات جذرية نتيجتها كانت تعاظم قوة ونفوذ عدد محدود من التكتلات العسكرية والأمنية وضعف وتراجع الأخرى الأقل قوة ونفوذا. فقد تلاشت مجموعات مسلحة وخرجت أخرى من العاصمة بعد أحداث العام 2018م، وجاءت خطة "باولو سيرا" لترتيب الوضع العسكري والأمني في العاصمة وفقا للتطورات الجديدة معتمدا على القوى الأكبر والأكثر حضورا.
أحداث آب / أغسطس 2022م مثلت منعطفا آخر غيَّر من خارطة النفوذ العسكري والأمني في طرابلس ليتقلص عدد المجموعات المسلحة والكتائب لصالح تعاظم وتوسع الأقوى منها وهي جهاز الردع وجهاز دعم الاستقرار واللواء 444 وبعض المكونات العسكرية والأمنية الأخرى.
إلى أن يتعدل الوضع السياسي بتوافق له وزنه أو انتخابات تفرز سلطة تنفيذية كاملة الشرعية، فإن هناك حاجة ملحة للتفاهم بين فرعي السلطة التنفيذية، وهما المجلس الرئاسي والحكومة، على ترتيبات تنزع فتيل التأزيم بين الفواعل العسكرية والأمنية، وتملأ الفراغ الذي يمثل نقاط التماس في النفوذ والتموقعولأن الفراغ السياسي في ازدياد وليس العكس، ولأن الأزمة السياسية مستفحلة وتفسح المجال للتدافع العسكري والأمني بل وتغذيه أحيانا، شهدنا جولة من الصراع وربما لن يمضي وقت طويل حتى نشهد جولات أخرى. وعندما يكون هناك ضعف في القيادة السياسية المنوط بها إدارة الملف العسكري والأمني، يصبح الوضع العسكري والأمني خارج سلطتها وتتحكم فيه محركات أخرى أهمها رؤية القوى العسكرية والأمنية لنفسها وثقلها ودورها بعيدا عن أي تدبير سلطوي وتخطيط علوي، بل وفي غيابهما تماما.
نجحت السلطة التنفيذية في "احتواء النزاع"، ونقصد أنها نجحت في إيقاف المواجهات واحتواء أثارها المباشرة، وعادة ما تنجح السلطات التنفيذية والروافد الاجتماعية في احتواء النزاعات التي تتفجر بين الفينة والأخرى، لكنها تخفق في المرحلة التي تلي في إدارة النزاعات وهي "تحويل النزاع"، وهي المرحلة التي تعنى بمعالجة جذور الأزمة والأسباب الرئيسية للنزاع.
صحيح أن جذور الأزمة والأسباب الرئيسية للنزاع تعود في جزء مهم منها إلى الوضع السياسي الهش والذي من مظاهره نقص شرعية السلطة التنفيذية، غير أنه أمام الأخيرة هامش إذا تحركت فيه بكفأة ستنجح في التقليل من مساحة الاحتكاك والنزاع.
وإلى أن يتعدل الوضع السياسي بتوافق له وزنه أو انتخابات تفرز سلطة تنفيذية كاملة الشرعية، فإن هناك حاجة ملحة للتفاهم بين فرعي السلطة التنفيذية، وهما المجلس الرئاسي والحكومة، على ترتيبات تنزع فتيل التأزيم بين الفواعل العسكرية والأمنية، وتملأ الفراغ الذي يمثل نقاط التماس في النفوذ والتموقع، وهذا ممكن وسيكون له أثره الإيجابي في تأمين العاصمة من أي حوادث مروعة وكارثية كالتي شهدتها خلال الأيام القليلة الماضية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه طرابلس رأيي المواجهات ليبيا طرابلس امن مواجهات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العسکریة والأمنیة السلطة التنفیذیة العسکری والأمنی فی العاصمة
إقرأ أيضاً:
اشتباكات بأم درمان وعمليات تمشيط للجيش السوداني بالخرطوم
تتواصل الاشتباكات بين الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه، وقوات الدعم السريع، غربي وجنوبي مدينة أم درمان، ويتزامن ذلك مع عمليات تمشيط للجيش بمحلية جبل الأولياء جنوبي العاصمة الخرطوم.
وقالت مصادر بحكومة ولاية الخرطوم للجزيرة إن سلطات الولاية أجلت نحو 5 آلاف مواطن من سكان منطقة الجموعِية جنوبي مدينة أم درمان إلى شمال المدينة، على خلفية سلسلة من الهجمات شنتها قوات الدعم السريع في الأيام الماضية على المنطقة.
وفي مدينة الفاشر، قال إعلام الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني -في بيان- إن الطيران الحربي شن غارة على مواقع للدعم السريع بمحيط المدينة، وأوقع خسائر في الأرواح والعتاد بصفوفها.
وأفاد البيان بأن الجيش والقوات المتحالفة معه يواصلون عمليات تمشيط مكثفة داخل أحياء مدينة الفاشر لمنع تسلل ما وصفها بـ"العناصر التخريبية" إلى داخل المدينة.
كما ذكر الجيش بالفاشر أن قوات الدعم السريع تستهدف بعدد من الطائرات المسيرة مناطق متفرقة داخل المدينة.
من جهته، قال مصدر بسد مروي شمالي السودان للجزيرة إن قوات الدعم السريع استهدفت، لليوم الثاني، مدينة مروي بالمسيرات فجر اليوم، مما أدى إلى إصابة أحد محولات الكهرباء بسد مروي وانقطاع الكهرباء عن عدة ولايات في البلاد.
إعلانومنذ أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.