ثورة سورية وتداعياتها الإستراتيجية على الأردن
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
#ثورة_سورية وتداعياتها الإستراتيجية على #الأردن د. #منذر_الحوارات
مرّ على سورية ثمانية أنظمة سياسية وخمسة انقلابات، وحالة متجددة من عدم الاستقرار، بينما تمكنت الملكية في الأردن من استيعاب التحولات في الداخل الأردني والإقليم وعلى الصعيد العالمي، واستطاعت دائماً استيعاب مجرى الأحداث والتكيف وفق معطيات كل مرحلة.
كان للأردن إشكالات كثيرة مع نظام حكم الأسد المنهار، لم تبتدئ مع موجات اللاجئين وعدم الاستقرار على الحدود بوجود المليشيات المختلفة وتزايد النشاط الإرهابي، ولا بعدم التعاون وتسهيل مهمة إقامة علاقات حسنة بين البلدين، بل بوجود مشروع إيراني يعتبر الأردن واحدًا من أهدافه المستقبلية في تخادم غير معلن مع الطموحات الإسرائيلية بدخول الأردن في حالة من عدم الاستقرار تسهّل مهمة الطرفين الإسرائيلي والإيراني. ومع انهيار النظام واستلام نظام جديد بقيادة أبو محمد الجولاني قائد هيئة تحرير الشام، أُزيح عن كاهل الأردن همّ هذا المشروع الإيراني الذي كان له مع الأردن حكاية في المستقبل القريب فيما لو استمرّ نظام بشار الأسد. بعد ذلك يمكن تعداد الكثير من المكاسب والمخاطر من تغيير النظام، والتي هي بدون شك دون هذا العبء الإستراتيجي والجيوسياسي الكبير. ومن الثابت أن يكون للأردن مكاسب كبيرة من زوال النظام السابق، تبتدئ من السيطرة على أمن الحدود وضبط تهريب السلاح والمخدرات، إضافة إلى أن الباب أصبح مفتوحًا أمام الأردن للإسهام في مشاريع إعادة الإعمار التي ستسمح بعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.
لكن في ظل حسابات المكاسب والمخاطر، ستبقى عودة سورية مستقرة هي المكسب الجيوسياسي الأهم للأردن، والذي ينبغي على الدولة الأردنية وضعه نصب عينيها، وألا يثنيها الخوف من صعود الإسلام السياسي على الاستقرار السياسي والاجتماعي في الأردن. ولأن الحالة في سورية ليست سوى ردة فعل على نظام طائفي ذي طبيعة منغلقة، فمن الطبيعي أن يكون البديل من جنس العمل، وهو هنا نظام ذو طبيعة سنية كرد فعل على ما تعرضت له هذه الأغلبية من اضطهاد وظلم. وهذه المرحلة في عمر الثورات الكبيرة مرحلية، سرعان ما تعدّل نفسها تبعاً لاحتياجات الشعوب ومصالحها. لذلك نجد هذه اللغة المنفتحة لقادة الثورة.
مقالات ذات صلة *الامتحانيون الجدد٢ 2025/01/02لكن جُل ما يجب أن يخشاه الأردن كدولة هو نشوب الصراع بين فلول النظام القديم والنظام الجديد، وكذلك هيمنة قوى إقليمية جديدة على الحكم في سورية تشغل مكان إيران وروسيا، وهو ما قد يشعل فتيل حرب أهلية جديدة تؤدي إلى حالة من الفوضى في سورية. بل على الأردن والدول العربية أن ينخرطوا بسرعة في عملية إعادة بناء مؤسسات الدولة السورية على أسس بيروقراطية محضة، والمساعدة في إقامة نظام سياسي مستقر ومقبول، وهذه ليست بالمهمة السهلة.
كل ذلك يُحتم على الأردن ألا ينأى بنفسه عما يحصل في سورية خشية الغرق في الأمواج المتلاطمة هناك، لأن انعكاسات دخول البلد في حالة من الفوضى تعتبر كارثية على الأردن أكثر من مخاوف وهواجس وقتية هنا أو هناك. بل بالعكس تمامًا، انغماس الأردن في إيجاد حل منفتح ومنطقي في سورية تقبله جميع مكونات الشعب السوري سينعكس إيجابياً على علاقة الأردن مع عموم السوريين.
لذلك فإن التغيير الأخير في سورية قد يمثل فرصة إستراتيجية للأردن، وإن حمل في طياته مخاطر كبيرة. وهو بحاجة إلى حذاقة وحذر في التخطيط، وتتجسد مكاسب الأردن من هذا التحول في الشجاعة والمرونة في التعامل مع هذا التغيير وحامليه.
ويجب أن يضع الجميع نصب أعينهم أن استقرار سورية هو أساس لا مناص منه لاستقرار المنطقة برمتها، ولا أعتقد أن إستراتيجية الدولة الأردنية تبتعد عن هذا الهدف أبداً.
عموماً، هناك وضع جديد في سورية، أحببناه أم كرهناه لا يهم، لكن في كل الأحوال ينبغي علينا التعامل معه سواء كانت نتائجه سلبية أم إيجابية. ففي كلتا الحالتين يجب تخفيف وطأته أو تعظيم فوائده على الأردن وسورية معاً.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ثورة سورية الأردن على الأردن فی سوریة
إقرأ أيضاً:
الإستراتيجيةُ القرآنية لتحصين الجبهة الداخلية
محمد حسين فايع
من الأَسَاسيات التي يسعى العدوّ على إنجازها تجاه أي بلد؛ مِن أجلِ الهيمنة عليها وتطويع نظامه ومؤسّساته وشعبه وُصُـولًا إلى احتلاله والهيمنة على نظامه وتطويع واستعباد شعبه ونهب وتدمير كُـلّ مقوماته، هو العمل الاستخباراتي المكثّـف في مختلف المجالات وعلى كافة الأساليب والأدوات التي يتمكّن بها تحقيق اختراقات سياسية واقتصادية وإعلامية واجتماعية إلى اختراق الجبهة الداخلية العسكرية والأمنية لجميع قطاعاته ومنشآته بمختلف التخصصات؛ وُصُـولًا إلى تجنيد العملاء والجواسيس من داخل المؤسّسة الأمنية والعسكرية بالتزامن مع استخدام تقنيات الرصد والاتصالات وتقنيات المعلومات الأرضية منها والفضائية والافتراضية.
بإمْكَان لنظام وشعب أي بلد إفشال كُـلّ مخطّطات ومحاولات العدوّ تمامًا مهما بلغت إمْكَاناته وتكرّرت محاولاته، ويتحقّق ذلك فقط في حال عملت الجبهة الداخلية الرسمية والشعبيّة للبلد المستهدف على تفعيل إمْكَاناتها ومقوماتها وفق الاستراتيجية القرآنية في هذا المسار وبالتالي فَــإنَّ من أوليات وأَسَاسيات العمل على مسار مواجهة مخطّطات العدوّ الاستخباراتية هو الحرص على بناء وتفعيل مقومات الجبهة الداخلية التحصينية وفي هذا الإطار نشير إلى أبرز واهم المقومات التحصينية التي يجب توفرها والاستفادة منها وتفعيلها على مسار تحصين الجبهة الداخلية وذلك على النحو التالي.
أولًا: العمل ترسيخ الوعي الإيمَـاني القرآني الجمعي رسميًّا وشعبيًّا بأهميّة تبني منهجية العداء والبراء الذي يبدأ بمعرفة وتحديد من هو العدوّ وبأهميّة الوعي بالمنهجية القرآنية في الصراع معه.
ثانيًا: أن تكون الجبهة الداخلية الرسمية والشعبيّة على مستوىً عالٍ من الحضور واليقظة وعلى مستوى عال من العمل الموحد والمتضاعد والمتكامل على مسار تحصين الجبهة الداخلية عبر تطهير ساحاتها وقطاعاتها ومؤسّساتها الرسمية والشعبيّة من فيروسات عناصر وشبكات العمالة والتجسس وفي مختلف المجالات ومختلف التخصصات.
ثالثا: أن تكون هناك رقابة رسمية أمنية استخباراتية حاضرة ومُستمرّة وفاعلة على مختلف وسائل وأدوات الاتصالات وتقنية المعلومات، بالتزامن مع الحرص على بناء وتأهيل كادر واعٍ مبدع في هذا المجال والمتزامن أَيْـضًا مع العمل على ترسيخ الوعي الجمعي لدى المجتمع بخطورة الفوضى والانفلات غير المسؤول في استخدام وسائل الاتصالات بمختلف أنواعها ووسائلها وأدواتها.
رابعًا: أن يكون لدى الجبهة الداخلية لأي بلد مستهدف في جبهته الداخلية وعلى رأسها بلدنا اليمن مؤسّسة وأجهزة أمنية واستخباراتية تمتلك قيادة وجيشا من الكوادر الحاضرة المؤهلة والفعلة والمجندة بشلك منظم وواسع وبالشكل الذي يغطي ويشمل كُـلّ ساحات وقطاعات ومؤسّسات الجبهة الداخلية الرسمية والشعبيّة وفي مختلف مجالات الحياة ليتمكّن نظام وشعب البلد المستهدف في النتيجة من إفشال كُـلّ مخطّطات وقطع كُـلّ أذرعته الاستخباراتية من كُـلّ ساحات وقطاعات ومؤسّسات الجبهة الداخلية الرسمية منها والشعبيّة.
بناءً على توفير وبناء البنية الأمنية وتفعيل كُـلّ مقوماتها وفقًا للاستراتيجية والمنهجية القرآنية ما فَــإنَّ نظام وشعب أي بلد مستهدف سيتمكّن في النتيجة من تحصين جبهته الداخلية بالشكل الذي يجعل العدوّ بكل إمْكَاناته وبكل محاولاته مهما تكرّرت في حالة عمى وفشل وعجز تام عن تحقيق أي اختراق استخباراتي يذكر لأية مؤسّسة أَو قطاع رسمي أَو شعبي ذلك أن اعتماد المنهجية والاستراتيجية القرآنية على مسار المواجهة والصراع مع العدوّ ستكون نتائجها بأن يكون نظام وشعب أي بلد مستهدف جديرا بأن يحقّق الله له وعلى أيدي أبنائه النصر والغلبة على العدوّ مهما بلغت إمْكَاناته سواء على مسار تحصين جبهته الداخلية أَو على مسار مواجهة العدوّ داخليًّا وخارجيًّا وفي مختلف الساحات والمسارات وعلى مختلف مجالات المواجهة.؛ لأَنَّ ذلك في النتيجة وعدًا إلهيًّا لن يتخلف تحقيقه عن الواقع وقد وثقه الله كسُنة إلهية ثابته في كتابه القرآن الكريم بقوله جل شأنه {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) النساء