يمانيون:
2025-01-05@02:11:56 GMT

تل أبيب لم تعد آمنة

تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT

تل أبيب لم تعد آمنة

غيداء شمسان

لم تكن تل أبيب يوماً ما حصناً منيعاً، لكنها لطالما تَباهت بصورةٍ مزيفةٍ عن الأمن، مدينةً تُخفي خلف واجهاتها الراقية وحياةِ الترف قلقًا باطنيًا عميقًا لكن الهدوءَ الخدّاع انتهى ؛فمن جنوبِ الجنوب، من أرضِ اليمن، تحلّق المسيّرات وتصلُ الصواريخُ الفرط صوتية، مخترقةً سراب الأمن الذي بُني على رُكام الظلم والاحتلال.

كانت تل أبيب، لوقتٍ طويل، تمثلُ في مخيّلة الكثيرين واحةً من الأمن والهدوء وسط عاصفةِ الصراع في الشرق الأوسط مدينة تُضيءُ أنوارُها ليلاً، وتُزخر شوارعها بالحياة والنشاط، مدينة يُفترض أنها بعيدة عن مخالب الحرب لكن هذا السراب بدأَ يتلاشى، مُكشفاً عن واقعٍ مُرّ يهدد كيان العدو فلم تعد تل أبيب آمنةً، وليس هذا مجرد إحساس، بل هو واقع يؤكد نفسه يومًا بعد يوم.

لم تعد الأسوار الخرسانية والحواجز الأمنيةُ كافيةً لتوفيرِ الغطاء الآمن فالصواريخ تخترق الخطوط الدفاعيةَ، والطائراتُ المُسيّرة تحلق في سماء المدينة، مسجلةً خروقاتٍ للسّكينة التي كانت تُميّزها والقلق يتسلّل إلى القلوب، يحل محل الطمأنينة، ويحولُ الشعور بالأمان إلى سرابٍ يتلاشى معَ كل صافرة إنذار، لم تعد قوتهم العسكرية قادرة على حمايتهم من شبح المسيّرات اليمنية، فالصور الضبابية التي تصلُنا من المدينة، تظهر مدينةً تتخبطُ بين الواقع والخيال، مدينة تتذكر أول مرة يخترق فيها حصنُها المنيع والقلق يتسلل إلى القلوب، مستبدلاً الراحة بالخوف، ويحول الأحلام إلى كوابيس.

ولكنْ، ما يثير الذهول ليس مجرد وصولِ المسيّرات، بل هو القدرة على التحدّي، القدرةُ على اختراق مايدعونة بالأسطورة الآمنة، فالصواريخُ الفرط صوتية اليمنية، بِسرعتها ودقتها، تُمثل رمزا لعزيمةٍ لا تُقهر، و إرادةٍ تصر على كسر الحواجز إنها تشكل تحولاً استراتيجياً قوياً وتُحطم صورةَ الكيان الذي لطالما تباهى بقدراته العسكرية.

إن وصول المسيرات والصواريخ إلى تل أبيب ليس مجرد حدثٍ عسكري، بل هو رمزٌ لانتصار روحي انتصار يجسد معنى المُقاومة و التحدّي في وجه الظلم ؛إنّها تمثل انتصارًا لإرادة الشعوب المحتلة، إرادةٍ تصر على بناءِ مستقبل بلا خوف ولااستسلام.

تُشكل العمليات العسكرية، التي شهدتها تل أبيب في الأونة الأخيرة، دليلًا قويًا على انهيار الأمن، فلم تعد الجدران العالية والجيش الضخم كافيين لتوفير الحماية للسكان فالصواريخ والطائرات المسيرةُ تخترق الخطوط الدفاعية، وتخترق حدودَ الراحة و الاستقرار، مسجلةً خروقًا خطيرةً في أسوار ما كان يعتبرحصنًا منيعًا.

الخلاصة.. لم تعد تل أبيب ملاذًا آمناً، فَسَراب الأمنِ تَلاشى لكن هذا التّغيير ليس مجرد معادلةٍ عسكريةٍ، بل هو انعكاسٌ لحالة إقليمية أعمق، وَبرهانٌ على أنّ الظلمَ والاحتلال لا يُمكن أن يُحافظا على أمنهما، في حين تصر إرادة الشعوب على بناء مستقبلها بنفسها وهمسةُ المسيّرات والصواريخ اليمنية، تمثل بداية نهاية هذا السراب.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المسی رات تل أبیب لم تعد

إقرأ أيضاً:

"زنوبيا" تُحذف من المناهج السورية.. فهل كانت مجرد شخصية خيالية؟

أعلنت وزارة التربية والتعليم في سوريا عن تعديلات شاملة على المناهج الدراسية، شملت إزالة أي إشارة إلى رموز النظام السابق، بما في ذلك النشيد الوطني. ومن بين التغييرات المثيرة للجدل، جاء قرار حذف أي ذكر للملكة السورية زنوبيا وخولة بنت الأزور، بحجة أنهما "شخصيتان غير حقيقيتين"، وفقًا لتصريحات الوزارة.

اعلان

وفي محاولة لاحتواء هذا الجدل، أكد وزير التربية والتعليم السوري، نذير القادري، أن المناهج الدراسية ستبقى على وضعها الحالي حتى يتم تشكيل لجان مختصة لمراجعتها وإجراء التعديلات المطلوبة.

إلاّ أن الحديث عن إمكانية إجراء هذه التعديلات، أثار عاصفة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اعتبرها كثيرون إنكارًا للتاريخ وتشويهًا للحقائق.

ومن ضمن جملة التعديلات، يُعدّ قرار حذف الفصل المتعلق بالملكة زنوبيا من بين أكثر النقاط إثارة للجدل، مما يدفع للتساؤل: هل يمكن حقًا اعتبار زنوبيا شخصية خيالية؟

ماذا نعرف عن زنوبيا وهل هي حقيقية؟

ولدت زنوبيا حوالي عام 240 ميلادية في مدينة تدمر السورية، بحسب العديد من المصادر التاريخية. نشأت في بيئة ثقافية غنية، حيث تلقت تعليمها في الإسكندرية، ودرست تاريخ الإغريق والرومان. كانت سوريا آنذاك مقاطعة رومانية، وشكل هذا السياق جزءًا من حياتها السياسية لاحقًا.

تشير المصادر التاريخية إلى زنوبيا كواحدة من أعظم الملكات في التاريخ القديم، والتي كانت تتمتع بجمال لافت وذكاء استثنائي. وتوصف بأنها امرأة ذات قدرات مذهلة، استطاعت أن تحول تدمر إلى قوة عظمى في الشرق الأدنى، ولا تزال تُذكر كرمز للقيادة والشجاعة.

بحلول عام 258 ميلادية، تزوجت زنوبيا من لوكيوس سبتيموس أوديناثوس، المعروف باسم أُذينة، الحاكم الروماني لسوريا. أنجبت منه طفلين وعاشت معه في تدمر، المدينة التي كانت مركزًا تجاريًا مزدهرًا على طريق الحرير. كان أُذينة حاكمًا ذا نفوذ، وتشاركت معه زنوبيا في إدارة شؤون الحكم، مما ساهم في صقل فكرها السياسي وتطوير رؤيتها القيادية.

بعد اغتيال أُذينة وابنه في عام 266/267 ميلادية، أصبحت زنوبيا وصية على العرش. ومع وصولها إلى السلطة، تبنت سياسات زوجها لكنها وسعت نفوذها بجرأة. استغلت ضعف الإمبراطورية الرومانية الناتج عن انشغالها بغزوات في أوروبا، ونجحت في فرض سيطرتها على سوريا وشمال بلاد ما بين النهرين.

وتشير بعض الروايات إلى غزوها لمصر عام 270 ميلادية وضمها لاحقًا إلى مملكتها، مما جعل زنوبيا قائدة لمملكة شاسعة امتدت على مساحات واسعة من الشرق.

لكن هذا التوسع لم يدم طويلًا، وتختلف الروايات حول مصيرها، تقول بعض المصادر إن الإمبراطورية الرومانية أرسلت جيشًا بقيادة الإمبراطور أورليان الذي هزم زنوبيا في نفس العام. أُسرت زنوبيا واقتيدت إلى روما كجزء من موكب النصر الروماني. بينما تفيد روايات أخرى بأنها حاولت الفرار مع ابنها إلى بلاد فارس على ظهر جمل.

Relatedيهود سوريا يسعون لإعادة بناء الكنيس الأقدم في العالم بحي جوبر الدمشقي.. فهل يعودون بعد سقوط الأسد؟سوريا: تعيين ميساء صابرين كأول امرأة بمنصب حاكم المصرف المركزي.. فمن تكون؟سوريا: إدارة العمليات تضم لقواتها "جهاديين أجانب" وتمنحهم رتبا عسكرية رفيعة

وخلدت زنوبيا في العديد من الأعمال الأدبية والتاريخية. في رواية "أنا زنوبيا ملكة تدمر" للكاتب الفرنسي بيرنار سيميوت، يصور المؤلف قصتها بإبداع أدبي. أما المؤرخ الإنجليزي إدوارد غيبون، فقد وصفها في كتابه "اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها" بأنها "المرأة التي استطاعت بعبقريتها الفائقة أن تتجاوز القيود الاجتماعية والمناخية التي فرضت الخمول على جنسها في آسيا". 

في المحصلة، نرى بوضوح أن المصادر التاريخية تنظر إلى زنوبيا باعتبارها شخصية حقيقية تركت بصمة عميقة في تاريخ المنطقة، مستندة إلى الأدلة التي تعزز وجودها كملكة حكمت تدمر بذكاء وقوة. هذه التوثيقات التاريخية، إلى جانب إنجازاتها الملموسة، تجعل من الصعب إنكار حقيقة وجودها وتأثيرها العميق في تاريخ الشرق القديم.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سوريا تستقبل العام الجديد بالأمل.. احتفالات وتطلعات نحو الحرية والتغيير بعد سنوات من القمع بعد أربعة شهور من تنفيذها.. إسرائيل تكشف تفاصيل استهداف منشأة صواريخ إيرانية في سوريا مرهف ابو قصرة المكنى بأبو حسن الحموي أصبح وزيرا للدفاع في سوريا الجديدة.. ماذا نعرف عنه؟ سوريامدارس مدرسةتعليمتاريخروماهيئة تحرير الشام اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب في يومها الـ454: قتلى وجرحى في غزة وإسرائيل تعلن تدمير منظومة صاروخية في لبنان يعرض الآن Next زيلينسكي: أوكرانيا تستعد لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا يعرض الآن Next "من الشهادة في سبيل الوطن" إلى "في سبيل الله".. تعديلات تربوية تثير جدلا واسعا في سوريا يعرض الآن Next ثروات تعادل اقتصادات دول.. من تصدّر قائمة أغنى رجال العالم عام 2024؟ يعرض الآن Next لحماية الأطفال من إدمان الإنترنت.. اليونان تعزز الرقابة الأبوية والحكومية بتطبيق جديد اعلانالاكثر قراءة توقف صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا بعد انتهاء اتفاقية النقل ماذا نعرف عن هجوم نيو أورلينز الذي أسفر عن مقتل 15 شخصًا على الأقل وجرح العشرات؟ نازحو غزة يواجهون شتاءً قاسياً وسط نقص حاد في الاحتياجات الأساسية أبوظبي تحطم الأرقام القياسية في رأس السنة 53 دقيقة من الألعاب النارية المتواصلة في مشاهد بهية ساحرة دول لا تحتفل برأس السنة الليلة! تعرف عليها اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومرأس السنةالسنة الجديدة- احتفالاتسورياإسرائيلضحاياتحقيقغزةسباحةبشار الأسدأوروبامياه متجمدةنيويوركالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • رئيس الجمعية المصرية لجراحة القلب والصدر يعلن اعتزال الطب: نرفض الترهيب والعمل في بيئة غير آمنة
  • رئيس جامعة الأزهر: الاستغفار في القرآن ليس مجرد طلب للمغفرة
  • أضرار إبر التخسيس والتنحيف .. مخاطر صحية وبدائل آمنة
  • محافظ القليوبية: إنشاء 3 كباري مشاة بمحور العصار توفر طرق آمنة ومريحة للمواطنين
  • واشنطن تدرس حظر المسيّرات التجارية من الصين وروسيا
  • غارات جوية إسرائيلية تقتل 43 شخص على الأقل في غزة و”منطقة آمنة” من بين المناطق المستهدفة
  • لإجازة آمنة.. "الطرق" تدعو إلى الالتزام بقواعد السلامة المرورية
  • "زنوبيا" تُحذف من المناهج السورية.. فهل كانت مجرد شخصية خيالية؟
  • قوات الأمن في سوريا تبدأ عملية تمشيط في مدينة حمص
  • خاص 24.. أسلوب الكاتب يستحوذ على الإعجاب في 2024