يمانيون:
2025-01-05@02:05:10 GMT

أنصار الله.. القابضون على جمر المقاومة

تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT

أنصار الله.. القابضون على جمر المقاومة

السيد شبل

رغم التحدّيات التي تُحيق بمختلف ساحات محور المقاومة، فإنّ أحرار اليمن، مع كل اختبار، يؤكّدون أنهم الأكثر إخلاصاً لقضايا التحرير، والأشدّ إيماناً بإمكانية الانتصار على قوى الاستعمار.

ورغم الكلفة العالية التي يسددها اليمنيون من مواردهم المادية وصولاً إلى أرواحهم، فإنّهم ملتزمون بمبادئهم على نحوٍ استثنائي، ما سيدفع بتجربتهم إلى اللحاق بهذا النوع من التجارب الفريدة التي تعيش في ذاكرة البشر إلى الأبد.

في آخر تصريحاته، توعّد وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بتدمير البنية التحتية لحركة أنصار الله في اليمن و”قطع رؤوس قادتها”، معتبراً أنها لا تزال “آخر منظمة تستهدف إسرائيل”. ويبدو أن كاتس غارق في نشوة النصر، كما هي حال عموم وزراء حكومة نتنياهو، بالشكل الذي ساقه إلى الإقرار بضلوع “تل أبيب” في إسقاط نظام الأسد في سوريا، والاعتراف علناً للمرة الأولى باغتيال إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية، مع التذكير مجدداً بـ”نجاح” قواته في اغتيال السيد حسن في لبنان، والسنوار في قطاع غزة.

وجاء حديث كاتس بالتساوق مع التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد اليمن خلال الأيام الفائتة، إذ استهدفت الطائرات الإسرائيلية مواقع استراتيجية في اليمن، شملت مطارَ صنعاء الدولي، فيما استهدفت غارتان محطة كهرباء حِزّيَز المركزية، جنوبي العاصمة، بالإضافة إلى قصف ميناء رأس عيسى في الحديدة بمشاركة البوارج الأمريكية؛ وكان منسّق الأمم المتّحدة للمساعدات الإنسانية في اليمن، جوليان هارنيس، قد ندّد بهذا العدوان الذي حصل أثناء وجوده في مطار صنعاء، مشدّداً على أنّ المطار مرفق مدني، وليس عسكرياً، وتستخدمه الأمم المتحدة ولجان الصليب الأحمر لإيصال المساعدات.

اللافت أن ثبات صنعاء وعملياتها المتواصلة “انتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه ورداً على المجازر بحق الإخوة في قطاع غزة”، كما يؤكد دوماً العميد يحيى سريع، أجبرت واشنطن على النزول إلى الساحة بصورة فاضحة، وعدم الاكتفاء بدورها كداعم عسكري للاحتلال من خلف الستار. ففي الحالة اليمنية، تشن الترسانة العسكرية الأمريكية ذاتها غارات ضد مواقع عسكرية ومدنية يمنية، كما جرى مؤخراً في استهداف حديقة 21 سبتمبر ومقر الفرقة الأولى مدرع وورش لإنتاج الصواريخ، عبر غارة جوية مشتركة بين أمريكا وبريطانيا، وقد أدّت تلك الغارات إلى استشهاد ستة يمنيين بالإضافة إلى عدد من الجرحى.

لم تتأخر صنعاء يوماً عن تقديم الدعم لأهالي قطاع غزة، الذين يتعرضون لأبشع أنواع المجازر لأكثر من 14 شهراً، وبحسب إذاعة “جيش” الاحتلال فإن القوات اليمنية قد أطلقت نحو 20 صاروخاً وطائرة مسيرة تجاه عموم الأراضي المحتلة منذ بداية شهر ديسمبر الجاري، وقد تسببت في إصابة الملايين من المستوطنين بحالة من الهلع دفعتهم إلى الفرار بحثاً عن مأوى في منتصف الليل.

وكان الإسعاف الإسرائيلي قد كشف عن إصابة نحو 20 شخصاً بسبب التدافع، وهم في طريقهم إلى المنطقة المحمية إثر إطلاق صاروخ من اليمن، جاء كرد سريع على “ضربة الخميس” الإسرائيلية.

صمودٌ يمني مرتقب في إطار حرب استنزاف قد تطول!

يجهل كثيرون حجم القدرات السياسية والعسكرية والتكنولوجية التي طوّرها “أنصار الله” وحلفاؤهم داخل اليمن على مدار الفترة الماضية، ولولا استعدادهم للتفاعل بإيجابية مع المستجدات الميدانية لما استطاعت قيادة العاصمة صنعاء مواجهة أعاصير متعددة، فالعديد من الجولات العسكرية التي خاضها اليمنيون سواء ضد خصومهم المحليين أو الإقليميين، بالإضافة إلى الصدامات المتكررة مع القوات الأمريكية التي احتشدت في مضيق باب المندب لإسقاطهم، جميعها أمور منحتهم الخبرات القتالية اللازمة كما حثّتهم على تطوير كفاءتهم في تصنيع ما يحتاجونه من صواريخ وأسلحة .

يحذّر اليوم الخبراء الإسرائيليون من الاستهانة بقدرات حكومة صنعاء والقوات المسلحة اليمنية، ويؤكدون فشل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية في التصدي أكثر من مرة للمسيّرات والصواريخ اليمنية، مشيرين في الآن ذاته إلى قدرة ساحة المقاومة اليمنية على الصمود لفترات طويلة وممتدة، ذلك بسبب توافر مخزون هائل من الأسلحة التي يمكن إنتاجها من دون تكلفة مرتفعة ما يجعلها متوافرة بسهولة.

في المقابل، فإن الغارات التي يشنها طيران الاحتلال تكلّف “إسرائيل” مبالغ ضخمة، خاصة في ظل الأوضاع الحالية، حيث يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من إغلاق المصانع وهروب رؤوس الأموال وخفض التصنيف من جانب وكالات الائتمان الدولية، حتى في ما يتعلق بتصدي الدفاعات الجوية للصواريخ اليمينة، فإن تكلفة كل عملية اعتراض تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات، وهو إرهاق كبير لميزانية “جيش” الاحتلال، خاصة مع صمود اليمنيين وإصرارهم على مواصلة عملياتهم.

من المؤكد أن “تل أبيب” لديها مخطط يضمن توجيه ضربة قاضية للساحة اليمنية، على أن يتم ذلك بالتعاون مع سلاح البحرية الأمريكي. في المقابل، يسعى اليمنيون بحكمتهم المتوارثة إلى تأمين جبهتهم الداخلية من جهة، وتجنّب اللكمة الإسرائيلية العنيفة من جهة أخرى، وذلك عبر إجبار العدو على خوض حرب استنزاف طويلة ومرهقة، يكون فيها “جيش” الاحتلال مضطراً إلى “السفر” نحو ألف ميل لخوض معارك ضد ساكني الجبال، الذين يصعُب الوصول إليهم وإعاقتهم.

في العموم، تواجه “إسرائيل” ثلاثة تحديات في ما يتعلق باليمن الأول، ما يمثله بقاء الساحة اليمنية مشتعلة من مصدر إلهام لجمهور المقاومة، الذي يشعر أنه يعيش أيامه الأصعب منذ اغتيال نصر الله ثم ما تلاه من أحداث وصولاً إلى سقوط النظام السوري، ويجد في استمرار إطلاق الصواريخ من اليمن تجاه “إسرائيل” ما يجعله متفائلاً بخصوص المستقبل وإمكانية استعادة زمام المبادرة، ومن ثمّ تحقيق النصر.

الثاني، عدم قدرة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على اختراق بيئة المقاومة في اليمن، لظروف متعددة تتعلّق، من ناحية، بمتانة البناء الأيديولوجيّ، ومن ناحية أخرى، بطبيعة البلاد الجغرافية والديمغرافية كذلك.

الثالث، حاجة الكيان الإسرائيلي إلى مشاركة أوروبية وأمريكية أوسع، لعدم قدرة “جيش” الاحتلال على تحمّل كلفة هذا النوع من العمليات البعيدة نوعياً من دون مساندة مباشرة من حلفائه، وهو أمر محل شك حالياً بالنظر إلى الظروف الدولية.

لا شك أن صنعاء تعي اليوم أنها تمثل الكثير بالنسبة إلى العرب والمسلمين، وعليها أن تحافظ على وجودها كساحة مقاومة داعمة للقضية الفلسطينية، لكن بكياسة وفطنة في الآن ذاته.

لقد ضرب أحرار اليمن نموذجاً لصمود طويل في وجه التحديات العسكرية والسياسية والاقتصادية، وفي مواجهة الظروف الصعبة التي تعيشها عموم المنطقة، ولا مفر من الاعتراف بأن إصرارهم على القتال، رغم الحصار والحرب المستمرة، ما يعكس عقيدة صلبة وإيماناً من مستوى آخر، لم يعد له مثيل في العالم، وجميع ما سبق يجعلهم بالفعل بارقة أمل للعديد من الأطراف التي تتشبث بخيارات المقاومة والصمود.

*كاتب مصري

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی الیمن

إقرأ أيضاً:

الكيان الإسرائيلي في مواجهة جغرافية المتاهة الأمنية في اليمن

يمانيون../
تدور خيارات الكيان الإسرائيلي مع اليمن في أتون حلقة مفرغة، ما دفع رئيس المخابرات الإسرائيلية الخارجية الموساد، ديفيد برنياع، إلى تقديم مقترح قصف إيران للضغط على اليمن لوقف هجماتها التي تكثّفت خلال الشهر الأخير من عام 2024 مستهدفة التجمّع الإسرائيلي الأكبر في “تل أبيب” ومحيطها في منطقة “غوش دان”، وهو ما تطلق عليه القوات المسلحة اليمنية اسم يافا تيمّناً بالمسمّى الفلسطيني الأصلي والتاريخي، في خطوة مبدئية لإعادة الصراع نحو مربّعه الأساس.

لماذا يعجز الإسرائيلي عن إخضاع اليمن، ذلك البلد الفقير البعيد المقسّم؟ وكيف استطاع اليمني الخارج لتوّه من حرب طويلة مع الجارة السعودية، أن يؤسّس قوّة عسكرية أطبقت على ميناء “إيلات” الإسرائيلي، وانتصرت على البوارج الحربية الأميركية البريطانية في صراع دمويّ متصاعد منذ أكثر من عام، نجحت خلاله في الأيام الماضية في إسقاط طائرة حربية أميركية من طراز F18؟

معادلة اليمن البسيطة، المتكئة على الجغرافيا وحرية الإرادة مع وضوح الرؤية والعناد الاستراتيجيّ، أفرغت بنك الأهداف الإسرائيلي من غايته، ولكن هل هناك بنك أهداف إسرائيلي في اليمن؟ وهل دار في خلد الإسرائيلي أنّ حركة أنصار الله التي أطلقها الشهيد المفكّر والقائد القرآني حسين بدر الدين الحوثي قبل عدة عقود، قد تحوّلت إلى خصم إسلامي كبير في مواجهة التوحّش الإسرائيلي؟

انشغل الإسرائيلي طوال العقدين الماضيين، في تعزيز رصيد بنك أهدافه ضدّ حزب الله، لما يمثّله حزب الله من خطر استراتيجي دائم وحاسم ضدّ “إسرائيل”، ودخل الحرب مع غزة وظلّ يتمهّل مع لبنان وهو يعدّ كامل عدّته ضدّ حزب الله، وكان ما كان، فإذا بـ “إسرائيل” تجد نفسها فجأة في مواجهة قوة صاعدة، معزّزة بمجاهيل الجغرافية الأمنية ما يكبح جماح التغوّل الإسرائيلي الذي لم يجد في اليمن إلّا الموانئ والمطارات ومحطات الكهرباء.

يعلم بقيّة عقلاء “تل أبيب” أنّ قوّة اليمن تعزّزت بعيداً عن هذه البنى التحتية التي ربما تنفع للضغط على دولة عصرية نفطية مثل إيران، أو بلد محدود الجغرافيا والاقتصاد مقسّم طائفياً مثل لبنان، لكنّ حكومة صنعاء بطبيعة تكوينها والحرب التي تجاوزتها وما زالت تخوضها، وإن بطريقة مختلفة عن السابق، قد تجاوزت أثر هذه المكوّنات وعملت لسنوات من دون مفاعيلها، فالشعب اليمني عبر حياته البسيطة لن يمثّل استهداف الكهرباء عنده عامل ضغط حاسماً بحال، كحال الإسرائيلي في بلد صناعي يعيش على الرفاهية، لذا بادر اليمن بالإعلان عن قاعدة كهرباء مقابل كهرباء، وقد استهدف محطة للكهرباء جنوب القدس.

عمل قادة حكومة صنعاء طوال عقد مضى من الزمن، في ظلّ تحدّيات أمنيّة جعلتهم يصنعون دولتهم في ضوء هذه التحدّيات، خاصة أنّ رئيس حكومة صنعاء السابق، الشهيد صالح الصمّاد، قضى بغارة سعودية مدعومة لوجستياً من جبروت الفضاء الأميركي، وهذا الأميركي لم ينجح طوال السنوات السابقة بما فيها سنة كاملة من المواجهة المحدودة، في أن يجمع معلومات أمنية أو يحبك حيلاً وألاعيب دموية ضدّ قادة أنصار الله، وبالتأكيد هو حاول ويحاول، وليس ثمّة فرق في النهاية بينه وبين الإسرائيلي الذي يظنّ أنّ منجزاته الأمنية في هذه الحرب، حقّقت النصر على محور المقاومة، ولكنّه يجد نفسه في حرج كبير أمام اليمن واستعصائه وديمومة فعله الاستراتيجي.

نجح اليمنيون في إسقاط 13 طائرة تجسّس أميركية من طراز ثقيل MQ9 خلال عام 2024، ما يشير إلى تصاعد محاولات التجسّس الأميركية ضدّ اليمن، وفي الوقت ذاته إلى قدرات اليمن المتنامية في التصدّي لعمليات التجسّس، خاصة أنّ حكومة صنعاء اعتقلت عشرات الخلايا من العملاء اليمنيين، الذي عملوا لصالح المخابرات الأميركية والإسرائيلية، بهدف جمع المعلومات وتنفيذ عمليات تخريب وقتل في اليمن.

كثر الجدل في دوائر صنع القرار الإسرائيلي حول أزمة التصدّي لليمن، وهو ما انعكس على وسائل الإعلام والرأي العامّ الإسرائيلي، وتردّدت قوائم اغتيالات إسرائيلية بحقّ قادة في أنصار الله بحسب صحيفة يديعوت أحرنوت، وسبق لوزير الحرب السابق والزعيم المعارض ليبرمان، أن طالب منذ بداية الحرب باغتيال السيد عبد الملك الحوثي، ما يشبه المزايدة السياسية مع نتنياهو وكلاهما يعي العجز حالياً عن القدرة على تنفيذ هكذا اغتيالات في عمق اليمن المزنّر بالجبال الشاهقة والوديان البعيدة والصحاري الواسعة.

أطلق اليمنيون نحو 400 صاروخ باليستي وطائرة مسيّرة، ضدّ الكيان الإسرائيلي منذ بدء الإسناد اليمنيّ لغزة في مواجهة حرب الإبادة، وخلال الشهر الأخير من عام 2024 تصاعدت هذه الهجمات، رغم وقف إطلاق النار الهشّ مع لبنان، وتراجع القصف العراقي لـ “إسرائيل”، وغياب التصعيد بين إيران و”إسرائيل”، على الأقلّ خلال الأسابيع الماضية، حتى أصبح القصف اليمني لـ “تل أبيب” شبه يومي، ما تجاوز العشرين صاروخاً باليستياً وطائرة مسيّرة، وقد تسبّب هذا القصف بعشرات الإصابات من الإسرائيليين بعضهم أصيب بجراح مباشرة من الشظايا، وكثير منهم بسبب التدافع هلعاً مع انطلاق صفّارات الإنذار، حيث اندفع ملايين الإسرائيليون إلى الملاجئ على مدار عدة ليالٍ متقطّعة.

دفعت أجواء الهلع والمكوث في الملاجئ التي تسبّبت بها الصواريخ اليمنية، للبحث عن حلول إسرائيلية رادعة مع عدو تخرج جماهيره المليونية كلّ جمعة، منذ بدء الحرب لتحتشد بالساحات العامة في العاصمة وكلّ مناطق سيطرة أنصار الله، من دون ملل أو كلل، بل يدفعهم القصف الإسرائيلي لحماسة الردّ وكثافة القصف، ولعلّ ذلك يساهم مع عوامل أخرى ضاغطة للنزول الإسرائيلي عن شجرة الحرب ضدّ غزة، والدخول في صفقة حقيقية لاحتواء موجة الحرب المجنونة ضدّ الشعب الفلسطيني المظلوم.

الميادين محمد جرادات

مقالات مشابهة

  • الكيان الإسرائيلي في مواجهة جغرافية المتاهة الأمنية في اليمن
  • العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان ودور المقاومة في مواجهة التحديات (قراءة تحليلية)
  • الشيخ قاسم: تحية لليمن الفقير بإمكاناته الغني بشعبه وقيادته الذي يواجه الإسرائيلي والأمريكي
  • حزب الله: العدوان الإسرائيلي على لبنان انتهى بالفشل الذريع
  • حزب الله: المقاومة قوية ورادعة ومؤثرة وتعطل أهداف العدو رغم التدمير الإسرائيلي والعدوان
  • بعد رفض صنعاء عرضاً امريكياً.. الاحتلال الإسرائيلي يطرق باب وساطة غربية جديدة
  • اليمن.. «سنتكوم» تقصف مواقع لجماعة «أنصار الله» بصواريخ «توماهوك»
  • إسرائيل: إدارة بايدن أبلغت إسرائيل عزمها تكثيف ضرباتها في اليمن
  • مظاهرة مليونية في صنعاء دعماً للمقاومة الفلسطينية وتأييداً للعمليات العسكرية اليمنية 
  • اليمن تضرب محطة كهرباء الكيان الصهيوني بصاروخ باليستي فرط صوتي