في الوقت الذي يواصل فيه قادة الاحتلال الزعم المتكرر بأنهم "غيّروا" الشرق الأوسط، لكن القناعة السائدة في أوساطهم، وبعيدا عن هذه المفردات الشعبوية، أن هناك ضرورة، من أجل النظر إلى التغييرات الحاصلة في المنطقة ضمن سياق يحمل في طياته فرصا للاحتلال، لكنه في الوقت ذاته يحمل العديد من المخاطر، مما يستدعي مزيدا من اليقظة والحذر بعيدا عن الشعور بالزهوّ المضلل.



مائير بن شاحار، المحاضر الجامعي في الجامعة المفتوحة، أكد أنه "في بداية 2011، اندلع الربيع العربي في تونس، ووصل سوريا بعد ثلاثة أشهر، مرورا بمصر واليمن وليبيا، ومنذ ذلك الحين، تغيرت حدة الثورات، لكنها ظلت على حالها، ومؤخراً، أدرك الثوار السوريون نقاط ضعف نظام الأسد، أسفرت في النهاية عن انهياره المفاجئ، مما قد يفسر مخاوف الاحتلال بأن نجاح الثورة السورية قد يشجّع القوى المضطهدة في دول عربية أخرى، لاسيما المحيطة بالاحتلال مثل مصر والأردن".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الإسرائيليين يتذكرون جيدا أن العناصر التي شاركت في الربيع العربي ذات خصائص غربية، لكن هناك في الوقت ذاته قوى إسلامية تابعة للإخوان المسلمين، وفي حال اتبعت الأردن ومصر بالفعل المسار الذي رسمته الثورة السورية، وأكملتا دورة الربيع العربي، فسوف تحلّ حلقة الخنق السنّية حول إسرائيل محلّ حلقة النار الشيعية، وغني عن القول أن حماس، وهي الابنة الشرعية للإخوان المسلمين، ستجد أن من الأسهل والأكثر رغبة لها هو الانخراط في استكمال هذه الحلقة، وهذا خبر سيء للاحتلال".

وأشار أن "السياق الثاني لما حصل في سوريا هو خشية إسرائيل من تأثيره على تغيير الأنظمة في الشرق الأوسط في غضون سنوات قليلة قادمة، مما يجعل دورة التاريخ تعيد نفسها من جديد، كما حصل قبل أكثر من نصف قرن من الزمن، حين نجحت ثورة الضباط الأحرار المصرية 1952، وتولّي جمال عبد الناصر للسلطة، وتسببه بإدخال الشرق الأوسط في سباق تسلّح، وأنشأ المحور العربي ضد إسرائيل، وحاول ملك الأردن الملك عبد الله الجدّ إجراء محادثات متقدمة لتحقيق السلام مع إسرائيل، حتى اغتاله شاب فلسطيني في المسجد الأقصى في 1951، حتى جلب حفيده الملك الحسين السلام معها متأخراً أكثر من أربعين عاماً".



وزعم أن "نجاح الاحتلال في هذه السنة بتوجيه ضربات إلى حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والأسد في سوريا، لا يعني صعود أنظمة مؤيدة للاحتلال، على العكس من ذلك، فعندما تتزايد الصعوبات الداخلية والخارجية، فإن الأمر الضروري هو تعزيز الوحدة الوطنية والقومية، كما فعل عبد الناصر، والإشارة للعدو المشترك وهو الكيان الصهيوني".

وأوضح أن دولة الاحتلال "في عقودها الأولى تم اعتبارها فيلّا في الغابة، رغم أنها بدأت كخيمة في صحراء قاسية ومعادية، لكنها سرعان ما تحولت فيلّا، محاطة بأسوار طويلة، وخلال هذه الفترة فضّلت الاستيلاء على الأراضي العربية بديلا عن عقد السلام مع جيرانها العرب، ولكن بمرور الوقت تبين لها أن تكاليف صيانة الفيلّا مرتفعة للغاية، لأنه شمل تخصيص حصة ضخمة من الميزانية للحفاظ على جيش كبير تصل 30 بالمئة من ميزانية الدولة، كما عاش الإسرائيليون في مجتمع معبّأ عسكرياً في كل شيء".

وأكد أنه "عندما وصل الليكود إلى السلطة أواخر السبعينات، تخلى الاحتلال عن مفهوم الفيلّا وانتقل للحديث عن شقة في منزل مشترك مع باقي الجيران العرب، عقب اتفاق كامب ديفيد مع مصر، ثم مع الأردن، والفلسطينيون، والتطبيع مع عدد من الدول العربية، وأُعطي المتدينون إعفاء شاملا وسريعا من الخدمة العسكرية، وبدأ باقي الإسرائيليين يتمتعون بالاستثمارات في الأردن والإمارات، كما عقدنا اتفاقيات وتحالفات مع السلطة الفلسطينية والأردن ومصر وغيرها".

واستدرك بالقول أن "هجوم حماس في السابع من أكتوبر أعاد الاسرائيليين إلى عامي 1855 و1988، وباتوا يشككون في تجربة العيش مع الجيران العرب، بزعم أن بعضهم تسبّب في انهيار أرضية الشقة المشتركة، رغم أن التحليل التاريخي يجبر الاسرائيليين على التفكير مليًا في أهمية الإصرار على التطبيع معهم، في ضوء السوابق العنيفة التي تم تقديمها، لأن إعادة إنشاء الفيلّا في الغابة تتطلب عودة المجتمع الإسرائيلي بأكمله ليصبح معبّأً من جديد، ولن يكون مسموحا لأي يهودي بالتهرب من التعبئة الكاملة".

وزعم أن "هناك من الجيران العرب لا زال مهتماً بصيانة المنزل المشترك رغم هجوم حماس الأخير، وبعضهم أثرياء جدًا، ومستعدون لاستثمار أموال كثيرة في المبنى، لاسيما السعودية والأردن ودول الخليج، المهتمة بإنشاء محور معتدل، وعلى استعداد لدفع الرسوم الأساسية للاحتلال، بما فيها تأجيل إقامة الدولة الفلسطينية مستقبلاً، مع التحذير على أنه في غياب هذا التوجه، فسيجد الإسرائيليون أنفسهم يواصلون دفع أثمان باهظة، مقابل عيشهم في فيلا وسط غابة معادية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال سوريا غزة سوريا غزة الاحتلال الجولان صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفیل ا

إقرأ أيضاً:

تعنت إسرائيلي.. الجمود يسيطر على مفاوضات إطلاق النار في غزة.. وجيش الاحتلال يواصل إخلاء شمال القطاع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت صحيفة هآرتس العبرية، إنه لا يوجد اتفاق وقف إطلاق نار بغزة فى الأفق، وأن جيش الاحتلال مستمر فى إخلاء شمال غزة بسبب حالة الجمود.

ووفقا للصحيفة فإنه ورغم الاتصالات المكثفة التى جرت فى الأسابيع الأخيرة، إلا أن المحادثات بشأن صفقة المختطفين تعثرت من جديد وفرص التوصل إلى تسوية تبدو ضئيلة. ومن المحتمل أن تدخل رئيس الولايات المتحدة المنتخب دونالد ترامب وحده هو الذى سيتمكن بطريقة أو بأخرى من إخراج هذه العربة من الوحل الذى أحاط بتنصيبه فى ٢٠ يناير المقبل.

وبحسب الصحيفة فإنه دون اتفاق سوف يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلى بتوسيع هجماته إلى مناطق أخرى فى شمال قطاع غزة، بينما يقوم بشكل منهجى بتنفيذ "الجنرالات" بإزالة السكان الفلسطينيين من هناك، وشككت الصحيفة للغاية فى ما إذا كان هذا سيهزم حماس.

وذكرت الصحيفة، أن الخلافات بين إسرائيل وحركة حماس لا تزال قائمة، حيث تطالب حماس بالحصول على التزام واضح بالانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة، والذي سيتم دعمه بخرائط وجدول زمني صارم.

كما تسعى الحركة إلى صياغة اتفاقيات حول مفاتيح إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية فى الجولات القادمة من الصفقة.

فيما تطالب إسرائيل حماس بتزويدها بقائمة كاملة ومفصلة بأسماء جميع الأسرى وحالتهم أحياء كانوا أم أموات.

وبحسب الصحيفة، فإن نقطة الخلاف الأخرى هى رغبة الحكومة الإسرائيلية فى التوصل إلى صفقة جزئية فقط، يتم بموجبها إطلاق سراح الأسرى المدرجين فى القائمة "الإنسانية" فقط - النساء والمسنين والجرحى والمرضى - فى هذا الوقت".

كما أن هناك خلافًا حول تعريف المرضى والجرحى الذين قد يدخلون فى المرحلة الإنسانية. لأنه بعد عام وأربعة أشهر تقريبًا من الأسر، أصبحت حالة جميع الأسرى الإسرائيليين صعبة، ويبدو أنه من الممكن إدراجهم جميعًا فى القائمة"، وفقا للصحيفة.

وأوضحت الصحيفة أنه لإسرائيل مصلحة فى زيادة العدد قدر الإمكان، لأن إتمام المرحلة الثانية من الصفقة أصبح موضع شك".

ومن ناحية أخرى، فإن قيادة حماس فى قطاع غزة، بقيادة محمد السنوار وعز الدين حداد (التى تحدد فعليا مواقف حماس فى المفاوضات)، تسعى إلى إعادة عدد محدود فقط من المختطفين من أجل الحفاظ على الباقي. باعتبارها "شهادة تأمين" لنفسها، على افتراض استئناف القتال قريبًا".

وهذا الوضع، الذى تصفه الصحيفة بدقة، لم يتغير كثيرًا خلال العام الماضي. حماس، حتى بعد مقتل معظم كبار مسئوليها فى الاغتيالات الإسرائيلية، متمسكة بمطالبها الرئيسية: إنهاء الحرب، انسحاب إسرائيلى كامل، إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين. المسجون فى إسرائيل (بما فى ذلك العديد من كبار المسئولين الذين ترغب الحركة إطلاق سراحهم مثل مروان البرغوثي).

ومنذ انفجار صفقة الرهائن الأولى فى ديسمبر من العام الماضي، كانت هناك محاولات لتجاوز بؤر الجدل، ولكن فى كل مرة يتم إحراز تقدم حقيقي، يكون هناك تراجع فى النهاية.
وقالت الصحيفة إن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ليس مستعدًا لاتخاذ الخطوة الإضافية للتوصل إلى اتفاق، وذلك لمجموعة من الأسباب السياسية والشخصية والاستراتيجية.

ويسلط الجمود فى المفاوضات الضوء على الشكوك بشأن استمرار الحرب فى قطاع غزة. وفى نهاية يوليو الماضي، بعد إطلاق الصواريخ الذى أدى إلى مقتل ١٢ إسرائيليا فى بلدة مجدل شمس الدرزية فى هضبة الجولان المحتل، غيرت إسرائيل مسارها ونقلت مركز ثقل الحرب فى الشمال، إلى لبنان.

وفى بداية شهر أكتوبر بدأت مؤخرًا العملية الهجومية الرئيسية لجيش الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة، وهى عملية الفرقة ١٦٢ فى مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

ولا تزال هذه العملية، وهى الرابعة فى المخيم منذ بداية الحرب، مستمرة. وكانت النتائج هذه المرة أكثر تدميرًا وفتكا: فقد دمر جيش الإسرائيلى الاحتلال معظم منازل المخيم، وقُتل أكثر من ألفين فلسطينى فى المعارك.

وبينت الصحيفة: يستمر رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فى الادعاء بأن الضغط العسكري، الذى تصاعد إلى حد ما فى الأسبوع الأخير مع توسيع العملية إلى بلدة بيت حانون القريبة، يدفع المفاوضات نحو التوصل إلى اتفاق عمليًا ويبدو بالفعل أن هذا التحرك ناجم عن الجمود، فالمفاوضات عالقة، ولا يلوح فى الأفق وقف لإطلاق النار، وفى غياب التقدم فى الاتصالات، يستمر السحق فى جباليا".

وتابعت: من دون التوصل إلى اتفاق، فمن المرجح أن تتوسع العملية إلى مناطق أخرى فى شمال قطاع غزة، مع إزالة السكان المدنيين الفلسطينيين بشكل منهجى من المنطقة بأكملها. وتواصل هيئة الأركان نفى أنها تنفذ "خطة الأبطال" المتقاعدة، التى تحدثت عن إخلاء النصف الشمالى من القطاع بالكامل بالقوة. ومن الناحية العملية، يواصل الجيش التقدم هناك خطوة بخطوة".

وأكدت الصحيفة أن حماس تواصل السيطرة المدنية على معظم أنحاء قطاع غزة، لافته إلى أنه تسيطر على الإمدادات الإنسانية، وتجنى الأموال منها.

وأوضحت أن التعافى العسكرى للحركة محدود، وهى فى هذه المرحلة لا تستطيع أن تشكل خطرا حقيقيا على المستوطنات المحيطة بغزة، على الرغم من زيادة معينة فى إطلاق الصواريخ من شمال القطاع، مشيرة إلى أن معظم جهودها موجهة نحو تحصيل الثمن من قوات الاحتلال التى تناور فى جباليا، وأحيانا من قوات الاحتلال التى تحتل ممرى نتسريم وفيلادلفيا.

وختمت الصحيفة: فى ظل هذه الظروف، من الصعب أن نرى كيف ستنتهى الحرب فى أى وقت قريب. وقد تظل إسرائيل متجذرة فى وحل غزة لسنوات قادمة، دون أن يكون لها قرار حقيقي. يحتاج نتنياهو إلى استمرار الحرب - من أجل تبرير أفعاله حتى الآن، ومن أجل منع تشكيل لجنة تحقيق رسمية فى الإغفالات التى جعلت هجوم ٧ أكتوبر ممكن".
 

مقالات مشابهة

  • استعراض إسرائيلي لمؤشرات معاداة إيرلندا لسياسات الاحتلال ومناصرة الفلسطينيين
  • إصابة مستوطن إسرائيلي بإطلاق نار قرب رام الله وحماس تبارك
  • بالتفاصيل.. هذا ما جرى في إسرائيل قبل اغتيال نصرالله.. تقرير إسرائيلي يكشف
  • تصعيد إسرائيلي خطير ضد القطاع الحكومي في غزة.. على حافة الانهيار
  • تحريض إسرائيلي على توسيع العدوان في الضفة الغربية.. تحذير من سن قانون لضمها
  • إسرائيل تسلم حماس قائمة بـ34 محتجزًا
  • مدير مركز القدس: إسرائيل لا تريد مفاوضات مع حماس وتسعى لتدمير غزة
  • مدير مركز القدس: إسرائيل لا تريد مفاوضات مع حماس بل تسعى لتدمير غزة
  • تعنت إسرائيلي.. الجمود يسيطر على مفاوضات إطلاق النار في غزة.. وجيش الاحتلال يواصل إخلاء شمال القطاع