السويداء- في الوقت الذي كان فيه سكان السويداء يحتفلون برأس السنة الميلادية، كانت بعض الفصائل المحلية المسلحة تمنع رتلا عسكريا تابعا لإدارة العمليات العسكرية من دخول المحافظة.

وقد عاد الرتل أدراجه بلا اشتباك أو مواجهة، مما فتح بابا واسعا لتأويلات خلفية هذا المنع وسببه، وهل لدى السويداء مشروع بديل عن المشروع الوطني الجامع لكل السوريين؟

يرى مهند شهاب الدين، الناشط السياسي والمعتقل سابقا، أن دخول تلك القوات دون التنسيق الكافي بين حكومة تصريف الأعمال وغرفة العمليات المشتركة بالسويداء، والحراك الشعبي ممثلا باللجنة السياسية المنتخبة ديمقراطيا، يُحدث خللا في طريقة تطبيق مبدأ الشراكة الوطنية، ويفتح الباب أمام وقوع تجاوزات ربما يفتعلها فلول النظام السابق لإشعال صدام مسلح "مما قد يوصلنا إلى كارثة حقيقية".

بينما يعتبر عدنان أبو عاصي، الناشط السياسي وعضو حزب الشعب الديمقراطي، أن هذا المنع حدث بفعل التجاذبات والصراعات المحلية بين الفصائل المسلحة "التي لا تدين لمرجعية واحدة ولا تمتثل لقرار واحد، عدا عن أن المركز لم يكن موفقا باختيار التوقيت المناسب لدخول الرتل العسكري أراضي السويداء".

توقيت مفاجئ

بدوره، يقول شادي خويص من "ملتقى ساحة الكرامة" للجزيرة نت "كانت هناك مفاجأة بتوقيت دخول القافلة العسكرية القادمة من دمشق الذي حدث في وقت متأخر من ليلة رأس السنة، الأمر الذي جعل الفصائل المسلحة في السويداء ترتاب وتطلب منها العودة، أي أن غياب التنسيق المناسب والتوقيت الخاطئ أعطى هذه الفصائل ذريعة لرفض دخول القوات الحكومية".

إعلان

وحسب مجيب الصحناوي الناشط السياسي المستقل والمعتقل السابق، أثار توقيت دخول القوات القادمة من دمشق الريبة و"كأنها تدخل خلسة، وكان من الأجدر التنسيق بصورة أفضل مع القوى المحلية في السويداء".

وأضاف للجزيرة نت "بالمقابل، كانت طريقة تعامل الفصائل المحلية خاطئة حيث إن معظمها تندرج ضمن قوى الأمر الواقع، وهي من مخلفات نظام الاستبداد البائد، وغير مؤتمنة محليا على الأمن وتطبيق القانون باعتبارها أول من خرقه، وبالتالي تخاف من العقاب والمحاسبة".

أفاد مراسل السويداء 24 عن دخول رتل عسكري يضم عشرات السيارات لهيئة تحرير الشام وجهاز الأمن العام التابع لها إلى محافظة السويداء، ما أدى لاستنفار لفصائل غرفة العمليات المشتركة التي طالبت الرتل بالعودة إلى دمشق، حيث تجاوب المسؤول عن الرتل وعاد به إلى العاصمة بالفعل.

وأوضح مراسلنا… pic.twitter.com/tUSG81K2Lf

— السويداء 24 (@suwayda24) December 31, 2024

شراكة وتنسيق

ويؤكد الناشط شهاب الدين أن لدى العديد من القوى المدنية والسياسية الوطنية في السويداء خطابا سياسيا يريد سوريا واحدة، ونظاما جديدا لا يقصي أحدا، لكنه يضيف سببا جديدا للتخوف داخل السويداء من بعض ممارسات حكومة تصريف الأعمال بدمشق، أبرزها طريقة تشكيل وزارة الدفاع، وتعيين شخصيات توصف بأنها "مرتزقة".

وأكد الناشط ضرورة أن تكون للدولة اليد العليا وأن تفرض سلطة القانون، مع الحفاظ على مبدأ الشراكة الوطنية والتنسيق المسبق، ويتابع: "بعيدا عن مبدأ من يحرر يقرر، فإن السويداء جزء لا يتجزأ من مسيرة تحرير سوريا من طغمة الفساد والاستبداد".

وأوضح "لأن لنا تجربتنا الخاصة إداريا بين 2014 و2024، فإننا نعتبر أنفسنا شركاء في صناعة القرار وذلك بالاعتماد على دستور 1950، وقانون الإدارة المحلية وتعديلاته التي جرت خلال حكم النظام السابق، وهذا يشعرنا بالمسؤولية تجاه تنظيم وترتيب الشأن الإداري للوطن السوري الذي نريده دولة مواطنة للجميع بعيدا عن تغول السلاح والسلطة".

إعلان

من جهته، يريد الناشط الصحناوي سوريا واحدة أرضا وشعبا، ويرفض أي طروحات أخرى تحمل في طياتها "حالة انفصالية بما تتضمنه من لامركزية إدارية أو فدرالية أو إدارة ذاتية أو غيرها"، لكنه ينتقد اقتراب حكومة تصريف الأعمال من مسائل جوهرية كتعديل المناهج الدراسية.

ويقول: "هناك عدم ارتياح لدى الوطنيين السوريين بصورة عامة، وأحرار السويداء بصورة خاصة، من الإجراءات التي تتخذها الحكومة المؤقتة بهذا الشأن وفرض التربية الإسلامية في الجامعة، وتغيير مصطلحات كثيرة توحي بأن الدولة تتجه نحو أسلمة المجتمع، علما أنها ليست من اختصاصها، ويُفترض بها أن تكون حكومة تسيير أعمال ليس أكثر ريثما تتشكل الحكومة الجديدة وتضع دستورا للبلاد".

خصوصية السويداء

أما الناشط أبو عاصي فيرى أن هنالك خصوصية في السويداء تتعلق بطبيعة المجتمع المنفتح للسكان المحليين تجعلهم متوجسين من أي حالة سياسية ناشئة في حكم سوريا، و"قادمة من منابت عقائدية متشددة مثل هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى حدوث تدخلات دولية على الصعيد المحلي تميل باتجاه تحفيز مفاهيم الفدرالية واللامركزية".

ويتابع "لكن مجمل القوى الوطنية في السويداء تنظر إلى دمشق على أنها عاصمتها وبوابتها، وعقدت مؤتمرا في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي تحت شعار "معا لبناء دولة المواطنة، نحو سوريا واحدة موحدة، الجميع فيها رابحون".

وأكد أن "هذه القوى لا تساوم على مكانة السويداء بالنسبة لسوريا ككل، لكننا نعتب على الحكومة المؤقتة وعلى إدارة العمليات العسكرية أنها لم تتواصل مع القوى السياسية والمدنية في السويداء التي تحمل -في خطابها- المشروع الوطني العام، وهذا التجاهل يُعتبر من نقاط ضعف الأداء العام للإدارة الانتقالية بدمشق".

خريطة توضح موقع السويداء في سوريا (الجزيرة)

 

وهذا ما يذهب إليه خويص ويقول: "لن نرضى أن تكون للسويداء خصوصية في التعامل من قبل السلطة السياسية الناشئة بعد سقوط نظام الأسد، فهي جزء من سوريا، ويجب أن تعاملها السلطة مثل باقي المحافظات، مع التحفظ على ممارسات مغلوطة عدة شاهدناها لعناصر إدارة العمليات العسكرية، ونعتبرها شخصية لا تعكس الخط السياسي للإدارة الانتقالية، فسلوكها المنضبط والمطمئن هو ما ينتظره السوريون جميعا".

إعلان

وأضاف "كنا نتمنى أن يكون هناك إعلان دستوري من قبل الإدارة المؤقتة للبلاد وعدم الاكتفاء بالدعوة لمؤتمر حوار وطني، والغالب في الخطاب السياسي للسويداء يتجه نحو اليقين بسوريا موحدة أرضا وشعبا".

وأكد أن "هذا ينفي تهمة اعتماد خطاب يريد انفصالها أو أن تُدار ذاتيا، مما يفرض على الحكومة المؤقتة عدم الاكتفاء بالتواصل مع عدد محدد من المرجعيات الدينية والعسكرية المحلية، وإنما الانفتاح والتحاور مع كامل المشهد السياسي في المحافظة".

وتواصلت "الجزيرة نت" مع مسؤولين في الحكومة المؤقتة لعرض وجهة نظرها في الموضوع لكنهم فضلوا عدم التعليق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحکومة المؤقتة فی السویداء

إقرأ أيضاً:

خبراء يكشفون لـ "الفجر".. ماذا وراء الانهيار الأخير للعملة اليمنية؟

تواصل العملة اليمنية تراجعها  بشكل غير مسبوق،أمام العملات الأجنبية، مسجلة 2200 ريال مقابل الدولار الأمريكي الواحد، حيث يعد هذا التراجع الكبير في السوق المحلية هو أدنى مستوى للريال اليمني ولأول مرة في تاريخه.

يأتي ذلك في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد إثر حرب مليشيات الحوثي الإرهابية منذ 10 سنوات، إذ أدى تراجع سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، والذي فاقم من تآكل القدرة الشرائية للمواطنين.

كما يأتي الانهيار الجديد رغم معاودة البنك المركزي اليمني في عدن خلال الأيام الماضية، فتح المزادات الخاصة في بيع عملة أجنبية بهدف استقرار سعر الصرف، وتوفير سيولة العملة الأجنبية، إلّا أنها لم تُحدث تأثيرًا مباشرًا في معالجة انهيار العملة.

وسط تراجع قيمة الريال اليمني.. كيف أدى التراجع إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية؟ تنوعت جرائمه بين القنص والإعدامات الميدانية.. تقارير تفضح انتهاكات الحوثي بالشعب اليمني


ووفقًا لخبراء اقتصاد فإن تراجع الريال اليمني يشكل صورة أخرى عن مدى تأثير الحرب الاقتصادية الانتقامية التي تشنها مليشيات الحوثي ضد اليمنيين والقطاع المصرفي، بما في ذلك منع الحكومة المعترف بها دوليًا من تصدير النفط من موانئ البلاد.

ويحذر الخبراء من تفاقم الوضع المعيشي في البلاد، التي تعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقًا للأمم المتحدة عقب الانهيار التاريخي الذي وصل إليه سعر الريال اليمني، والذي لم يشهده من قبل.
وفي أحاديث منفصلة لـ "الفجر" كشف خبراء اقتصاد باليمن، أن تداعيات انهيار أسعار الصرف في  اليمن كارثية أكثر من أي مرحلة مضت، فلم يعد بمقدار الاقتصاد المحلي الصمود أمام هذا الانهيار التسارع والذي وصل ذروته فبعد أن تخطى سعر صرف الريال حاجز ٢٠٥٠ أمام الدولار، أصبحت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية غاية في الخطورة.

وأوضحوا أن الأسوا من ذلك إعلان البنك المركزي عن تعثر صرف مرتبات شهر أكتوبر الماضي، ونحن اليوم في نهاية شهر نوفمبر ما يعني أن شهرين على التوالي لم يعد يقدر البنك المركزي دفع المرتبات بعد عجز البنك وتوفير السيولة النقدية الكافية لتغطية قيمة المرتبات.

وأكدوا في حديثه أن الوضع الضبابية الذي تشهده المناطق المحررة يشير إلى فشل وغياب كل وسائل التخفيف من وطئت الكارثة التي كان البنك المركزي يتصرف بها على مدار الأشهر الماضية، ونقصد بذلك الموارد المتاحة من الجمارك والضرائب والمبالغ المتبقية من المنحة السعودية المخصصة لدعم الصفقات التشغيلية للحكومة ودعم المرتبات. اليوم تشير الدلائل إلى نفاذ هذه المنحة حتى إن لم يعلن رسميا.

وتابعوا أن استمرار منع تصدير النفط الخام يزيد من تفاقم الازمة يوم تلو الاخر، حيث قال إنه بالمناسبة كل هذه الافرازات كنا قد أشرنا إليها مطلع العام ٢٠٢٤م. عندما أشرنا في تصريح حينها أن بداية العام لا تبشر بخير وعلى الأطراف الإلتزام بعدد من التدابير، فلم تكن نظرتنا تشاؤمية أو محض صدفة بل كانت نتاج قراءة متأنية للمعطيات على الأرض وللعوامل والبواعث المحركة للصراع في اليمن خاصة وفي المنطقة عامة.

وقالوا إننا لم نلتمس مواقف حقيقية للتعامل مع التهديدات التي شهدتها المنطقة منذ بداية العام ولا تحركات حقيقة من الأطراف الخارجية والجهات الدولية للتعامل مع الازمة والمترتبات عليها وكل ما حذرنا منه تترجمه لغة الأرقام اليوم من انهيار في أسعار الصرف إلى مستويات يسبق أن وصلت، وإلى ارتفاع في مستوى الأسعار وإلى اختفى مقومات الحياة هاهي الحكومة الشرعية بثقلها عاجزة عن دفع المرتبات، وعاجزة عن دفع ثمن شحنة وقود كانت قد تعاقدت مع احد تجاه القطاع الخاص في توريدها لصالح المؤسسة العامة للكهرباء وما أن وصلت الشحنة إلى ميناء الزيت في العاصمة عدن فشلت في دفع جزء من قيمة الشحنة حسب الاتفاق المبرم، لتغرق عدن والمحافظات المجاورة لها بالظلام الدامس على مدى شهر ومازال، والولاء اننا في فصل الشتاء حيث يقل استهلاك الطاقة لكانت الأمور ساءت أكثر مما هي عليه.

وأكد الخبراء لـ "الفجر" أن هناك أسباب عديدة حول تراجع قيمة الريال اليمني وانهيار العملة المحلية في البلاد منها ارتفاع فاتورة الاستيرادو ايقاف تصدير النفط قرابه ثلاث سنوات والغاز 10سنوات وشحه الموارد الان للدولة ونفقات كثيرة على البعثات الدبلوماسية تتجاوز شهريا 110مليون دولار مؤكدين أن سبل معالجة انهيار الريال اليمني يستوجب تفعيل مؤسسات الدولة من بنك مركزي ومصلحه الضرائب، والجمارك والقضاء على الفساد المستشري فيها وتقليص فاتورة الاستيراد  واقتصارها على السلع الأساسية وإعادة تصدير النفط والغاز وإعادة النظر في النفقات الغير مبررة في السلك الدبلوماسي وكذلك، سفريات الحكومة والوزراء والوكلاء رؤوساء الجامعات  للخارج للضرورة القصوى وجعل موارد الدولة في وعاء واحد وعدم تشتتها بين المحافظات.

أكاديمي بجامعة عدن لـ "الفجر": الحوثي لا يتقيد بالقانون الدولي ويخدم المصالح الإيرانية فقط العميد ثابت صالح لـ "الفجر": التحركات العسكرية الخارجية ضد الحوثي ستقلب الطاولة عليهم باليمن بعد سقوط الأسد

مقالات مشابهة

  • الشرع: حصلنا على موافقة كل الفصائل المسلحة للانضمام إلى الجيش السوري الجديد
  • مداهمة واقتحامات لمخيمات جرحى فصائل التحالف في مأرب
  • ‏"قوات سوريا الديمقراطية" تتهم فصائل موالية لتركيا بالمسؤولية عن حوادث التفجير بالسيارات المفخخة في منبج مؤخرا
  • سبب صادم وراء تشييع جنازتي حسن نصر الله وهاشم صفي الدين معا.. ماذا قال حزب الله؟ 
  • بين النفوذ الإيراني والمصالح الأميركية.. العراق أمام اختبار السيادة
  • 19 قتيلا في اشتباكات وانفجار سيارة مفخخة في شمال سوريا  
  • خبراء يكشفون لـ "الفجر".. ماذا وراء الانهيار الأخير للعملة اليمنية؟
  • ماذا وراء حل حراس الدين فرع تنظيم القاعدة في سوريا نفسه؟
  • الفصائل تبقي موقفها رماديا: سنعلن عن قراراتنا قريبا لا تلتفتوا لتكهنات التقارير الإعلامية
  • الفصائل تبقي موقفها رماديا: سنعلن عن قراراتنا قريبا لا تلتفتوا لتكهنات التقارير الإعلامية - عاجل