تركيا: المتحدث السابق باسم حزب الجيد يستقيل من صفوف الحزب
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
أنقرة (زمان التركية) – أعلن نائب حزب الجيد عن مدينة أنقرة، خورشيد زورلو، استقالته من صفوف الحزب وذلك خلال بيان نشره على حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي.
وأفاد زولو أنه انضم لصفوف الحزب في التاسع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2022 وأدى المهام التي كلفه بها الحزب بجهد وفخر في مناخ سياسي صعب.
وأوضح زولو أنه في السابع والعشرين من أبريل/ نيسان من عام 2024 انطلق الحزب في رحلة تغيير بأمل أن يكون التنوير هو مسارها قائلا: “وخلال أكثر من ثمانية أشهر انقضت، عملت بكل طاقتي لبذل جهود تليق بوسام نيابة البرلمان الذي منحنا إياه الشعب، لكن بالمرحلة الحالية شاهد بكل أسف فقدان القدرة على المضي نحو هدف مشترك سيحمل هذا الأمل للمستقبل.
وتقدم زولو بالشكر لرفاق الدعوة الذين ناضلوا سويا معه تحت مظلة حزب الجيد وأعضاء المؤسسة الذين لم يبخلوا بأي دعم قائلا: “وأتمنى أن لا يضر هذا القرار الذي اتخذته بروح الوحدة التي أظهرناها في الماضي أو أن يفتح الباب أمام الجدل. سأواصل العمل بعزم وإصرار لخدمة هذا البلد مثلما فعلت من قبل حتى يومنا هذا”.
Tags: استقالةالبرلمان التركيحزب الجيدالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: استقالة البرلمان التركي حزب الجيد
إقرأ أيضاً:
هو ياوبانغ.. الرجل الذي أراد تحويل الصين لديمقراطية على النمط الغربي
مقدمة الترجمة
يُسلِّط تشين جيان، مدير مركز التاريخ العالمي والاقتصاد والثقافة بجامعة نيويورك في شنغهاي وجامعة شرق الصين العادية والزميل العالمي في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين، في مقاله المنشور بمجلة "فورين أفيرز" الضوء على إحدى الشخصيات التي لعبت دورا بارزا في تاريخ الصين لكنها لم تنل حظا وافرا من الاهتمام.
ويُعد "هو ياوبانغ"، الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي الصيني، بمنزلة مهندس الظل للإصلاحات الاقتصادية الصينية في عهد دنغ شياو بينغ، لكن رؤيته كانت تتجاوز الإصلاح الاقتصادي نحو تغيير سياسي واسع في الصين يستلهم شيئا من روح الديمقراطية الغربية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ترويض الشبح.. هل تهدد "جيه-20" الصينية السماوات الأمريكية؟list 2 of 2الصين وأميركا في 2025 والصراع الذي قد يغير شكل العالمend of listلكن رؤية "هو" الشاملة لم تَرُق في النهاية لكبار القادة الصينيين وفي مقدمتهم دنغ، ما أدى إلى إقصائه من المشهد، ودخول الصين في حقبة اضطراب سياسي تجلَّت مع أحداث ميدان تيانانمين عام 1989 وما بعدها. وفي النهاية، رحل "هو ياوبانغ" تاركا الصين مع فجوة واسعة بين التغيير الاقتصادي والاجتماعي السريع من ناحية، والركود السياسي الواسع من ناحية أخرى، وهي معضلة لا تزال بكين تواجه آثارها إلى اليوم.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المادة تعكس في لغتها وأسلوبها موقفا ينحاز للموقف الفكري والسياسي الغربي تجاه الصين.
إعلان نص الترجمةكان التحول التاريخي الذي شهدته الصين في السنوات التي أعقبت وفاة ماو تسي تونغ عام 1976 نحو برنامج شامل للإصلاح من بين الأحداث الأهم في القرن العشرين.
فمن خلال إرخاء قبضة الدولة على الاقتصاد وتخفيف سيطرتها على المجتمع في تلك الفترة، ساعد دنغ شياو بينغ، القائد الأعلى للصين بين عامَيْ 1978-1989، في تحريك القوى التي نجحت في غضون عقود قليلة في انتشال مئات الملايين من الناس من براثن الفقر المدقع، وتحويل الصين إلى "ورشة عمل" للعالم، وترسيخ مكانتها بوصفها قوة عظمى وحيدة قادرة على منافسة الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين.
الزعيم الصيني "دنغ شياو بينغ" يعانق "ياسر عرفات". (أسوشيتد برس)ورغم أن دنغ هو مَن قاد هذه العملية، فإنه حصل على المشورة والمساعدة من قائد أقل شهرة يُدعى "هو ياوبانغ".
لا يتمتع "هو" بالشهرة الواسعة التي يتمتع بها ماو أو دنغ أو حتى رجل الدولة البارز في عهد ماو "تشو إن لاي". وحتى في الصين، لا يعرف الكثير من الناس الذين بلغوا سن الرشد بعد عام 1989 سوى القليل عنه. ولكن كما يوضح الباحث في العلاقات الدولية روبرت سويتينغر في كتابه بعنوان: "ضمير الحزب.. هو ياوبانغ المصلح الشيوعي الصيني"، كان "هو" شخصية محورية في العملية الكبرى للإصلاح والانفتاح.
ففي الفترة التي سبقت توليه منصب رئيس الحزب الشيوعي الصيني (ثم الأمين العام له) من عام 1981 إلى عام 1987، عمل "هو" على تحطيم القبضة الأيديولوجية التي فرضتها الماوية على السياسة الصينية، واستعادة حقوق الملايين ممن تعرضوا "للتطهير" إبان الثورة الثقافية التي استمرت من عام 1966 إلى 1976، وسعى جاهدا لضمان ترسيخ "توجهات الإصلاح" ضمن عملية صنع السياسات الصينية.
ولكن التزام "هو" بالإصلاح السياسي أدى إلى سقوطه، بعد أن أجبره الخلاف مع دنغ على التنحي عن منصبه أمينا عاما للحزب الشيوعي الصيني في يناير/كانون الثاني 1987. ولكنَّ الصينيين العاديين -فضلا عن المثقفين والطلاب الشباب- ظلوا ينظرون إليه باعتباره بطل الديمقراطية السياسية في الصين.
إعلانلقي "هو" حتفه بنوبة قلبية مفاجئة في أبريل/نيسان 1989، وكان رحيله سببا في تحريض المحتجين المؤيدين للديمقراطية على احتلال ميدان "تيانانمن" في بكين والتظاهر في العديد من الساحات الأخرى في أرجاء البلاد.
وبعد سبعة أسابيع، سحق دنغ الاحتجاجات بلا رحمة، الأمر الذي أدى إلى إغلاق الطريق أمام الديمقراطية السياسية التي كان "هو" يطمح في تحقيقها. وكان المحور الأساسي في رؤية "هو" يتلخص في كون النمو الاقتصادي لا يكفي وحده لبث الحياة في أوصال الدولة الصينية، وأنه بدون الشرعية التي توفرها الإصلاحات السياسية والتحول الديمقراطي، فإن الصين سوف تشهد اضطرابات في عملية التحديث والتنمية.
احتجاجات ميدان "تيانانمن" في عام 1989 (مواقع التواصل)وربما يعتقد القادة الصينيون أنهم وجدوا وسيلة لكسر هذه الصلة، ولكن هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن توقعات "هو" سوف تُثبت صحتها في نهاية المطاف. وفي ظل التعامل مع اقتصاد متعثر وسخط متزايد، فلن يكون أمام الصينيين خيار سوى مواجهة تحذير "هو".
الحالم المثاليتستكشف السيرة الذاتية التي كتبها "سويتينغر"، التي تُعد أول سيرة ذاتية للرجل باللغة الإنجليزية، بشكل مذهل ومدروس حقيقة شخصية "هو"، وكيف برز بصفته قائدا يمتلك تطلعات إصلاحية في عالم يهيمن عليه الأتباع الحزبيون.
لكن "سويتينغر"، ضابط الاستخبارات الوطنية الأسبق في إدارة كلينتون والباحث المخضرم في شؤون الصين، ليس أول أكاديمي أميركي يضطلع بهذه المهمة، فقد توفي عالم الاجتماع "عزرا فوغل" عام 2020 قبل أن يُنهي سيرته الذاتية الخاصة بـ"هو" التي كان من المفترض أن تكون استكمالا لكتابه "دنغ شياو بينغ وتحول الصين"، وهو سيرة ذاتية للقائد الصيني نالت استحسانا واسعا.
يشبه القائدان، "دنغ" و"هو"، بعضهما بعضا، وقد ارتفعت أسهمهما وتهاوت معا خلال العقود المضطربة من حكم ماو قبل أن يصلا إلى السلطة بعد وفاته. لكن إرث "هو" سوف يتحدد بشكل كبير من الخلاف الذي حدث في نهاية المطاف بينه وبين دنغ، وهو الخلاف الذي جسَّد رؤيتيهما المتباينة للإصلاح.
إعلانإن رسم صورة كاملة لحياة "هو" ليس بالمهمة السهلة، ويُعد العائق الأوضح الذي يصعب بشكل كبير التغلب عليه لأي كاتب سيرة ذاتية هو الافتقار إلى الوصول إلى الأرشيف وغيره من المصادر الأولية، التي تُعد في حالة "هو" بعيدة المنال بالنسبة للباحثين الصينيين والغربيين على السواء.
لقد أمضى سويتينغر ما يقرب من عقد من الزمان في البحث عن المصادر وإجراء المقابلات، وأثناء قيامه بذلك تمكن من التعمق في حياة "هو" بطرق لم يسبق لأي باحث غربي أن فعلها من قبل. والنتيجة هي عمل دقيق بشكل ملحوظ لا يُصوِّر "هو" قائدا إصلاحيا شجاعا ومفكرا فحسب، بل يسلط الضوء أيضا على نقطة تحول مهمة في تاريخ الصين الحديث.
كان "هو" رجلا مثاليا، وصادقا، ومخلصا وصريحا كما وصفه كثيرون ممن عرفوه وعملوا معه. وُلد "هو" عام 1915 لعائلة فقيرة لكنها متعلمة، تعمل في الفلاحة في مقاطعة خونان جنوبي الصين. وبدعم من والديه، تلقى تعليما جيدا في طفولته ولكن في ظروف صعبة، حيث كان عليه أن يمشي 12 ميلا في طرق جبلية وعرة كل يوم في طريقه إلى المدرسة، وفي سن الرابعة عشرة، انضم إلى عصبة الشبيبة الشيوعية، الجناح الشبابي للحزب الشيوعي الصيني، وسرعان ما التحق بالقتال.
وساعده تعليمه، إلى جانب تفانيه من أجل الثورة وحماسه للعمل، على الصعود بسرعة عبر صفوف الجيش الأحمر (الذي أصبح فيما بعد جيش التحرير الشعبي) والحزب الشيوعي الصيني. ولحُسن الحظ، نجا "هو" خلال المسيرة الأسطورية الطويلة للجيش الأحمر (وهي انسحاب عسكري ضخم للجيش الشيوعي أثناء المطاردة من قِبَل حزب الكومينتانغ الحاكم عامَيْ 1934 و1935)، ما عزَّز من أوراق اعتماده "الشيوعية". بحلول الوقت الذي استولى فيه الحزب الشيوعي الصيني على السلطة في الصين عام 1949، أصبح "هو" أصغر مفوض سياسي في الجيش.
لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن، ففي عام 1932، وجزءا من حملة لقمع "الرجعيين" المزعومين بين صفوفهم، اتهمه المقربون من ماو تسي تونغ بالعمالة دون دليل، ولم يُفلت من عقوبة الإعدام إلا بعد تدخُّل اثنين من مفتشي عصبة الشبيبة في اللحظة الأخيرة، مؤكدين أنه "رفيق مخلص".
إعلانوبحلول مطلع الأربعينيات، وإبان حملة أطلقها ماو لتعزيز هيمنته على الحزب، اضطر "هو" وأعضاء آخرون في الحزب الشيوعي الصيني إلى الخضوع للتعذيب النفسي المتمثل في جلسات "النقد الذاتي" التي لا تنتهي (جلسات النقد الذاتي هي جلسات يخضع لها أعضاء الحزب -المشكوك فيهم على الأغلب- للحديث عن أخطائهم الأيديولوجية وتأكيد إيمانهم بأفكار الحزب). وكما يشير سويتينغر، زرعت مثل هذه المحن في "هو" بذور الشك حول الماوية وميلها إلى محاولة السيطرة بوحشية على تفكير الناس وسلوكهم.
مع ذلك، ظل "هو" مخلصا للحزب الشيوعي الصيني بعد أن طرد الشيوعيون القوميين إلى تايوان وأسسوا جمهورية الصين الشعبية عام 1949. وسرعان ما أُتيحت له الفرصة للعمل مع دنغ حين شغل منصب السكرتير المحلي للحزب الشيوعي الصيني في مقاطعة سيتشوان الشمالية، حيث كان يقدم تقاريره مباشرة إلى دنغ، الذي كان آنذاك رئيس الحزب الشيوعي الصيني في سيتشوان.
ونجح "هو" في القضاء على بقايا القوى القومية في المنطقة، واستعادة النظام في أعقاب الحرب الأهلية، ونفَّذ إصلاحات زراعية، وعزَّز الإنتاج الزراعي والصناعي. وقد نال سجله الحافل بالإنجازات وتفانيه في العمل إعجاب دنغ، وفي الوقت نفسه جذبت إنجازاتهما اهتمام كبار الشخصيات في بكين.
وبحلول عام 1953، ارتقى "هو"، إلى جانب دنغ، إلى المسرح الوطني، وانتقل إلى بكين لتولي منصب السكرتير ثم السكرتير الأول لعُصبة الشبيبة الشيوعية. ولكن في ذلك المنصب، شارك "هو" في سلسلة من المساعي الماوية الكارثية، بما في ذلك الحركة المناهضة لليمين، وهي حملة سياسية سعت إلى تطهير صفوف المثقفين من المنشقين المزعومين، كما شارك في "الوثبة الكبرى للأمام"، وهي الحملة الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت عام 1958 وأسفرت عن مجاعة مدمرة، وشارك أيضا في حركة التعليم الاشتراكي، وهي حملة لتعميق التلقين الأيديولوجي في أوائل إلى منتصف ستينيات القرن العشرين.
إعلانانخرط "هو" في هذه الحركات من خلال اتباع وتنفيذ جميع الأوامر الصادرة إليه من بكين بأمانة قدر استطاعته، ولكنه شعر بالفزع إزاء الطريقة التي وُصِف بها العديد من رفاقه ومرؤوسيه بأنهم "يمينيون" بلا أساس، وإزاء معاناة الناس العاديين أثناء "الوثبة الكبرى للأمام".
عملت هذه التجارب على تعميق شكوكه في برنامج ماو الطوباوي المتمثل في "الثورة المستمرة"، لذلك خلال اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في لوشان عام 1959، كان مترددا في الانضمام إلى ركب المنتقدين لـ"بينغ دي هواي"، وزير الدفاع السابق الذي صنَّفه ماو قائدا لـ"زمرة معادية للحزب" بسبب انتقاداته "للوثبة الكبرى للأمام".
لذلك لم يكن مثيرا للاستغراب أنه حين أُطلقت الثورة الثقافية عام 1966 أصبح "هو" وغيره من زعماء عصبة الشبيبة عُرضة للهجمات. وقد استُدعي "هو" مرارا للمشاركة في "مسيرات الشجب"، حيث كان أفراد الحرس الأحمر يهاجمونه بعنف ويسعون إلى إذلاله علنا. وبالمثل عانى دنغ شياو بينغ خلال الثورة الثقافية، حيث تم "تطهيره" مرتين على يد ماو وحلفائه.
وفي عام 1969، قام عملاء ماو في عصبة الشبيبة بنفي "هو" إلى مزرعة في مقاطعة خنان لإعادة تأهيله، وهناك أُرغم على أداء أعمال يدوية شاقة يوميا، ولاقى معاناة كبيرة. وبعد وفاة لين بياو، أحد كبار مساعدي ماو، في عام 1971، سُمح لـ"هو" بالعودة إلى بكين، لكن لم يُعد تأهيله بالكامل للانخراط في صفوف النخبة الحزبية.
وفي هذه الفترة، كان "هو" يقرأ بنهم الأعمال الماركسية الكلاسيكية، والتاريخ الصيني، وكتب الفلسفة والأخلاق، وحتى مسرحيات شكسبير المترجمة، وأصبح ينتقد الماوية على نحو متزايد في نظريتها وممارستها. وعندما توفي ماو في سبتمبر/أيلول 1976، وبدا النظام القديم في خطر، كان "هو" مستعدا لدفع قضيته الجذرية المتمثلة في الإصلاح في الصين.
الزعيم الصيني ماو تسي تونغ (مواقع التواصل الاجتماعي) فتح الأبوابقادت وفاة ماو إلى حقبة من انعدام اليقين، حيث تنافست فصائل مختلفة على السلطة. من جانبه تحالف "هو" مع دنغ الذي خرج للتو من فترة منفاه الثانية خلال الثورة الثقافية. وفي حين أكد خصوم دنغ الرئيسيين، بمَن في ذلك خليفة ماو المختار ورئيس الحزب الشيوعي "هوا جيو فينغ"، أنهم ملتزمون بسياسة "الخياران الراسخان"، وشعارها: "سنؤيد تماما القرارات التي اتخذها الرئيس ماو أيًّا كانت، ونتبع بثبات أي تعليمات يعطيها الرئيس ماو مهما كانت"، سعى "هو" إلى مسار مختلف.
إعلانفي مايو/أيار 1978، نشرت صحيفة "غوانغمينغ" اليومية، وهي مطبوعة أيديولوجية للحزب، مقالا كتبه مجموعة من المعلمين في مدرسة الحزب المركزية (كان "هو" يشغل منصب نائب رئيسها التنفيذي آنذاك وراجع المقال قبل النشر)، بعنوان: "الممارسة هي المعيار الوحيد للحكم على الحقيقة"، مؤكدين أن الحقيقة يجب اختبارها وإثباتها بالممارسة، في توبيخ ضمني لعناد العقيدة الماوية واحتكارها للحقيقة.
أرسل المقال موجات صدمة عبر النظام؛ ما أدى ختاما إلى تآكل شرعية "هوا جيو فينغ" (حيث كان موقعه قائدا أعلى للصين يعتمد بالكامل على تعيين ماو له) ورفض القيود التي فرضها ماو وأيديولوجيته على الصين. وقد عزَّز هذا الهجوم الأيديولوجي بشكل كبير موقف دنغ في الصراع داخل الحزب مع فصيل فينغ، وساعده في نهاية المطاف ليصبح القائد الأعلى للصين عام 1978.
ومع صعود دنغ، صعد معه "هو" الذي أصبح رئيسا لدائرة التنظيم المركزية للحزب الشيوعي الصيني في ديسمبر/كانون الأول 1977، ومن خلال هذا الدور سعى "هو" إلى تصحيح الظلم الذي خلَّفته الثورة الثقافية وغيرها من الحملات السياسية الماوية. وتحت إشرافه، جرى تأهيل عشرات الآلاف من كوادر الحزب الشيوعي الصيني، بما في ذلك مئات من كبار الكوادر، وتعيينهم في مناصب رسمية. كما ساعد "هو" في إنهاء نبذ عشرات الملايين من المواطنين العاديين الذين عانوا تبعات مبادرات ماو القاسية وسمح لهم بالعيش حياة طبيعية.
وقد نالت هذه الجهود الرامية إلى تصحيح تجاوزات عصر ماو دعما كبيرا من داخل الحزب وبين عامة الناس، وبحلول عام 1981 حلَّ "هو" محل "هوا فينغ" رئيسا للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني (في العام التالي، تغير لقب المنصب إلى الأمين العام)، الأمر الذي سمح له بالعمل بفعالية باعتباره الذراع اليمنى لدنغ في إطلاق الإصلاحات وترسيخها.
إعلانفي الفترة ما بين عامَيْ 1978-1982، تقدم دنغ و"هو" بسلسلة من السياسات الرامية إلى فتح الاقتصاد الصيني على العالم، شملت هذه السياسات التخلي عن النظام الاقتصادي المركزي الجامد الذي استعارته الصين من الاتحاد السوفيتي، وتبنّي بعض آليات السوق، والسماح بالاستثمار الأجنبي في البلاد، والسعي إلى زيادة التجارة مع الدول الغربية، وإرسال الطلاب الصينيين للدراسة في الخارج.
ونتيجة لهذه التغييرات، تضخم الاقتصاد الكلي -بمعدلات نمو سنوية بلغت نحو 10% طوال العقد- كما تضخمت الإنتاجية أيضا، وقبل الإصلاحات، كانت حصة الصين من الناتج المحلي الإجمالي العالمي استنادا إلى تعادل القوة الشرائية تدور حول 2%، واليوم تبلغ النسبة نحو 20%.
ومن الغريب أن سويتينغر يركز على المساهمات المحلية التي قدَّمها "هو" خلال هذه الفترة، ويغفل تماما كيف ساعد في تحويل توجه الصين نحو العالم الخارجي. فخلال سنوات حكم ماو، وصفت الصين نفسها بأنها دولة ثورية، عازمة على تحدي النظام الدولي القائم ومؤسساته التي تُهيمن عليها الولايات المتحدة وغيرها من الدول الرأسمالية الغربية. وكان "هو" من أوائل القادة الصينيين الذين أدركوا الحاجة إلى سياسة خارجية أقل ميلا إلى المواجهة، وأكثر تعاونا وأكثر تركيزا على المستقبل.
وفي أوائل ثمانينيات القرن العشرين، لعب دورا محوريا في مراجعة إستراتيجية الحزب الشيوعي الصيني الكبرى، ما أثمر نبذ الحزب للفكرة الماوية القائلة إن حربا عالمية أخرى أمر لا مفر منه، والتوصل إلى إجماع على أن من مصلحة الصين الأساسية على المدى الطويل أن تسعى إلى إيجاد بيئة خارجية سلمية.
لقد كان "هو" يرى أن العلاقات الجيدة للصين مع العالم الخارجي تسمح للبلاد بالتركيز على التنمية الاقتصادية والسعي إلى "الحداثة الاشتراكية"، لذلك فإنه دشَّن مسار التغيير إيمانا منه أن الانفتاح على العالم من شأنه أن يُعجِّل بالإصلاحات في الداخل.
إعلانكان الرجل مؤيدا قويا لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة عام 1979، ودافع عن علاقة ودية بين البلدين، ودعم بل وشارك شخصيا في تحسين علاقات التعاون بين الصين وعدوها السابق اليابان (في عام 1983 على سبيل المثال، دعا 3000 طالب ياباني لزيارة الصين)، وسعى جاهدا لتحسين علاقات بكين مع لندن من خلال زيارة المملكة المتحدة واستقبال الملكة إليزابيث الثانية خلال زيارتها الرسمية لبكين عام 1986، مما ساعد في جعل وعد دنغ بأن الصين لن تغير الوضع الخاص لهونغ كونغ حتى عام 2047 أكثر قبولا ومصداقية.
التقاعد المبكرفي الثمانينيات، بدا الأمر وكأن الصين تسير على الطريق نحو إصلاحات واسعة النطاق، وذلك مع تولي دنغ منصب القائد الأعلى، وتولي "هو" منصب الأمين العام للحزب الشيوعي. لكن المراكب المشرعة سرعان ما تباطأت، فبحلول عام 1984 ظهرت الخلافات بين دنغ والعديد من كبار قادة الحزب الشيوعي حول الطريق الذي ينبغي المُضي فيه.
كانت نقطة الخلاف الرئيسية تتلخص فيما إذا كان ينبغي خلق المزيد من الضوابط والتوازنات في نظام الحزب الشيوعي الصيني، وهو ما أراده "هو". في البداية، بدا أن دنغ يُفضِّل هذا النهج أيضا، ولكن مع ترسيخه سلطته قلق بشكل متزايد من أن تؤدي مثل هذه الإصلاحات إلى تبني الديمقراطية على النمط الغربي، الأمر الذي يهدد هيمنة الحزب الشيوعي على البلاد.
فرغم استعداده لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية وفتح الاقتصاد، فإنه دعا الحزب والبلاد مرارا وتكرارا إلى محاربة "التحرر البرجوازي" والحفاظ على "المبادئ الأساسية الأربعة"، وهي الالتزام بـ"الطريق الاشتراكي"، والدكتاتورية البروليتارية، وقيادة الحزب الشيوعي الصيني، والمعتقدات الأيديولوجية الماركسية اللينينية والماوية، وعلى النقيض من ذلك، أراد "هو" أن يذهب أبعد من ذلك في طريق الديمقراطية السياسية.
إعلانونتيجة لذلك، ظهر الشقاق بين الرجلين، فعندما أكد ديغ بإصرار على الحاجة إلى مقاومة "التحرر البرجوازي"، تحدث "هو" بصراحة عن الحاجة إلى المزيد من الديمقراطية، وحرية التعبير، والمشاركة العامة في السياسة. وعلى إثر ذلك، شعر دنغ بخيبة أمل إزاء صراحة "هو" وبدأ يفقد الثقة في حليفه القديم.
بلغت الأحداث ذروتها مع دعوة "هو" العلنية عام 1985 إلى "تجديد شباب" قيادات الحزب الشيوعي الصيني المتقدمين في السن. ساعتها، بدأ "هو" بالحديث عن نفسه قائلا: "لقد بلغت من العمر سبعين عاما تقريبا، وأنا على وشك التقاعد… ويتعين على الرفاق المخضرمين الذين تجاوزوا الثمانين من العمر أن يتنحوا عن مناصبهم". لم يرفض دنغ هذا الاقتراح قط، حتى إنه أشار إلى استعداده للتقاعد.
ولكن هذا لم يكن أكثر من مجرد كلام، فعندما اقترح "هو" بسذاجة أن يضرب دنغ المثال عبر "أخذ زمام المبادرة في التقاعد"، كانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للقائد الأعلى. وفي يناير/كانون الثاني 1987، وفي "اجتماع الحياة الديمقراطية" الذي حضره كبار قادة الحزب وترأسه دنغ بصحبة قادة كبار آخرين، اضطر "هو" إلى الاستقالة من منصبه أمينا عاما للحزب، قابلا بهدوء كل التهم الموجهة إليه، لأنه رأى، على حد تعبير سويتينغر، "الحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار والوحدة داخل القيادة".
ولكن هذا الرحيل لم يكن نهاية قصة "هو"، فرغم إقصائه من المسرح السياسي في الصين فقد ظل هذا الأخير يطارده. وكان كثيرون في البلاد يشيرون إليه باعتباره "ضمير الحزب"، ولم تكن الاستعارة مجرد مديح، بل كانت تعني ضمنا أن الحزب الشيوعي الصيني فقد طريقه في غيابه. وفي السنوات التي أعقبت استقالة "هو"، كانت الفجوة بين التغيير الاقتصادي والاجتماعي السريع من ناحية، والركود السياسي من ناحية أخرى، سببا مستمرا للتوترات بين الدولة ومواطنيها وفي المجتمع الصيني نفسه، حيث انتشر السخط والقلق إزاء الوتيرة المتصلبة للإصلاح السياسي.
إعلانوعندما توفي "هو" في إبريل/نيسان 1989، سارع الطلاب في بكين -ثم سائر المواطنين من مختلف المشارب- إلى تحويل حزنهم عليه إلى مظاهرة عامة قوية تعبر عن إحباطهم وغضبهم إزاء الافتقار إلى الإصلاح السياسي والفساد المستشري. وتدفق المتظاهرون إلى ميدان تيانانمن، وما تلا ذلك أصبح لحظة حاسمة في تاريخ الصين. وفي الرابع من يونيو/حزيران، أمر دنغ وقادة الحزب الشيوعي قواتهم بقمع الطلاب والمتظاهرين الآخرين، مما أدى إلى المأساة الدموية التي صدمت العالم.
تحذير "هو"بعد أكثر من أربعة عقود من إطلاق مشروع الإصلاح والانفتاح، وصلت الصين الآن إلى نقطة تحول أخرى. كان نموها الاقتصادي خلال عصر الإصلاح استثنائيا، وبحلول عام 2010 أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ويرجع هذا النجاح إلى أسباب عديدة، ولكن أحد أهم العوامل هو أن الصين في عصر الإصلاح والانفتاح تمتعت بسلام طويل، وبتوجيه من أمثال "هو"، سعت إلى صياغة علاقات ودية مع العالم الخارجي وتجنب المواجهة، وخاصة مع الولايات المتحدة.
لكن رؤية "هو" الكاملة للإصلاح السياسي لم تتحقق على الإطلاق. لا يزال الحزب الشيوعي الصيني راسخا في بكين، وتبدو احتمالية نشوء نظام سياسي قائم على التوازنات بعيدة المنال. فمنذ حكم دنغ وما بعده، استغلت قيادة الحزب الشيوعي الصيني النمو الاقتصادي المستمر والسريع في الصين لتعزيز شرعيتها، ونسبت الفضل لنفسها في كل النجاحات الاقتصادية التي حققتها الصين.
ولكن الشرعية، وفق هذا التعريف الضمني، تعتمد على استمرار الأداء القوي، بمعنى أن النمو الاقتصادي السريع الذي تشهده الصين لا بد أن يستمر إلى الأبد إذا كان للحكومة أن تتمتع بالشرعية التي تصاحب هذا السجل الاقتصادي.
من أجل ذلك فإن التباطؤ الراهن في الاقتصاد الصيني يُمثِّل أكبر من مجرد قضية اقتصادية، إذ يُشكِّل تحديا خطيرا للدولة الصينية. وفي عهده، أدرك "هو" هذه المشكلة، ولهذا السبب أراد من الصين أن تتبنى إصلاحا سياسيا أوسع، وأن تضع الآليات الكفيلة بإرضاء المطالب والتطلعات الاجتماعية والأخلاقية والثقافية للشعب الصيني.
إعلانولكن هذه الاحتياجات تظل بلا معالجة، وهي الفجوة التي تشعل التوترات بين الدولة الصينية والمجتمع، وكذلك بين الصين ودول أخرى. لقد رأى "هو" ذلك قادما، وحتى حين كان يسعى لإعادة تشكيل موقع الصين في العالم، فقد كان يدرك أن التحديات الأكبر التي تواجه الصين لا تأتي من الخارج، بل من الداخل.
_____
هذه المادة مترجمة عن فورين أفيرز ولا تعبر بالضرورة عن موقف الجزيرة نت.