يمن مونيتور:
2025-04-07@11:05:21 GMT

الصمت في اليمن بين هيمنة السلالية وقيد الخوف

تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT

الصمت في اليمن بين هيمنة السلالية وقيد الخوف

سامي الأشول

سألني صديقي: لماذا سكتت الأصوات الحرّة؟ أين الإعلامي الشجاع والمثقف المخلص والكاتب النزيه؟ من لليمن وسط هذا الخراب؟

كانت تساؤلاته مرآة تعكس إحباطًا لا يخصّه وحده، بل يخصّ وطنًا بأكمله. حاولت أن أجيبه، لكن الكلمات لم تكن كافية. رأيت في مخيّلتي وجوهًا لأشخاص كانوا في ما مضى شعلةَ وعي، فإذا بالخوف أو الاستسلام للعزلة يُطفئ أقلامهم.

قلت له: لعلهم معذورون، فلا تدري أيّ أرض يقطنون، ولا أيّ ظروف يعيشون.

كان هذا الحوار دافعًا لكتابة هذا المقال، ليس لتبرير الصمت أو لإدانة أحد، بل لفهم الجذور العميقة التي تغذّيه. فالصمت في اليمن لا يمكن فهمه إلا من خلال استيعاب عاملين مترابطين: السلالية كمنظومة قمع واستعلاء، والخوف كأداة لترسيخها. هذا هو واقع الحال لمن يعيشون تحت سلطة الأمر الواقع، أمّا من هم خارجها، سواء في المحافظات المحرّرة أو خارج اليمن، فلصمتهم أسباب مختلفة سأناقشها في مقالاتٍ لاحقة.

الخوف: قيد الحرية وسيف القمع

في ظروفٍ كالتي يمرّ بها اليمن، الخوف الذي يخنق الأصوات الحرّة ليس مجرّد شعور داخلي أو ضعف فردي، بل أداة تصنعها منظومة متكاملة تسيطر عليها أقلية سلالية تسعى لتثبيت هيمنتها. إنه خوف يُصنع بعناية، وبخبرات متراكمة من حلفائه الإقليميين، حيث يصبح الخوف ضرورة للبقاء. هنا، لا يخشى صاحب الرأي فقط على كلماته من أن تُحاصر، بل يخشى على حياته وحياة من يحب.

مع مرور الوقت، يتحوّل الخوف من شعورٍ داخلي إلى ثقافة جماعية تُعيد إنتاج نفسها، حيث يصبح الحفاظ على السلامة الشخصية أولوية تفوق التمسّك بالمبادئ. وفي ظلّ هذه الثقافة، تجد بعض شرائح المجتمع نفسها مضطرةً إلى التماهي مع الوضع القائم، بل وحتى التمادي في خدمة جلاديها، إثباتًا للولاء وطمعًا في فتاتٍ يُلقى إليها، ولو كان ذلك على حساب كرامتها أو آلام معتقليها.

لكن، لا يمكن الاكتفاء برصد الخوف أو توصيفه كأداة للقمع. هناك ضرورة لفهم أنّ مقاومة هذا الخوف تبدأ من التنوير والتوعية. الكلمة الصادقة، حتى لو كانت همسًا، تحمل قدرة على التغيير. التنوير ليس رفاهية، بل هو الشرارة الأولى التي تشعل الوعي الجمعي وتمهّد الطريق لثورة شعبية شاملة.

السلالية: جذور الهيمنة وأداة التقسيم

في اليمن، السلالية ليست ظاهرة عابرة، بل منظومة متجذّرة تعيد تشكيل الواقع لتبرير الهيمنة وزرع الانقسامات. تُستخدم هذه السلالية لزرع العداوات المُصطنعة بين مكوّنات المجتمع، لتفكيكه وإفقاده الثقة بنفسه، بهدف تكريس ولاء أعمى قائم على وهم التفوّق والانتماء السلالي.

ومع ذلك، فإنّ مقاومة هذه السلالية تبدأ من رفض التصنيفات التي تجرّد الإنسان من قيمته الحقيقية. أن يرفض اليمني أن يُعامل أو يُقيّم على أساس نَسَبه أو مذهبه أو حتى مهنته، هو فعل مقاومة أصيل لا يقلّ شجاعة عن مواجهة القمع. إنّها دعوة لإعادة الاعتبار لإنسانيّة الفرد، حيث تُبنى المجتمعات على أسس العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، بعيدًا عن كذبة “النطفة الطاهرة” ووهم “الحق الإلهي في الحكم” الذي يسعى لإدامة الهيمنة والتفوّق الزائف.

دائرة القمع ودور الشرعية في خذلان الأمل

السلالية والخوف أبقيا المجتمع اليمني في دائرةٍ مغلقة من الخضوع والانقسام. الخوف يغذّي السلالية، وممارسات السلالية القمعية تُضاعف الخوف. وفي هذا السياق، تلعب الشرعية دورًا مريبًا. خذلانها للثورات الشعبية المتعدّدة، التي ظهرت خلال السنوات الماضية، سواء في حجة وذمار وإب والبيضاء وغيرها، ساهم في تعزيز هذه الدائرة المغلقة. غياب الدعم الحقيقي لهذه الحركات كان بمثابة رسالة للمجتمع بأنّ التغيير مستحيل، وهو ما عمّق الخوف وأضعف الأمل.

التنوير كخطوة أولى نحو التغيير

لكن الأمل لا يضيع. مقاومة الخوف والسلالية تبدأ بتنوير العقول وتعزيز الوعي المجتمعي. الكتابة، الحديث، والنقاشات الصادقة هي أدوات قادرة على اختراق جدران الصمت وإحداث أثر عميق. أضف لكلّ ذلك ضرورة إدراك حجم الخذلان الذي عانى منه المجتمع، وحتمية إجبار الشرعية على تحمّل مسؤوليتها التاريخية في إعادة الجمهورية واستعادة صنعاء، ودعم أيّ ثورة شعبية حقيقية تسعى إلى تحرير اليمن من السلالية وأتباعها.

في نهاية المطاف، التغيير يبدأ عندما يقرّر الفرد ألا يكون جزءًا من دائرة الخوف أو الخضوع، بل أن يكون حاملًا لراية الوعي وموقدًا لشرارة الأمل. وما إن تبدأ هذه الشرارة، حتى تتحوّل إلى ضغط شعبي يرغم القوى السياسية على التحرّك، ويعيد للمجتمع إيمانه بقدرته على النهوض.

المصدر: العربي الجديد

 

 

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الخوف اليمن

إقرأ أيضاً:

داليا عبدالرحيم تكتب: "‏حماس".. عن أي مقاومة تتحدثون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

‏تلك الرؤية التي أكتبها اليوم، هي رؤيتنا منذ اللحظة الأولى لعملية 7 أكتوبر نحن لا ننكر على المقاومة حقها في مقاومة عدو محتل لطالما سيظل عدونا الأول ولكن عن أي مقاومة نتحدث.
‏ولكن الآن الخلاف حول الكيفية في مقاومة محتل أو عدو، فالمقاومة بدون عقل سياسي ووحدة وطنية هي بندقية عمياء، ومصر موقفها واضح وضوح الشمس من القضية الفلسطينية منذ زمن بعيد وقدمت الكثير والكثير، وهذا المقال لن يتسع بالطبع لذكر المعلوم والمعروف للقاصي والداني، ولكن الحديث هنا سيكون عن ماذا قدمت حماس للفلسطينيين وأي مقاومة قامت بها لدعم شعبها لاسترداد أرضه.


أي مقاومة تنفرد بالقرار دون وحدة وطنية على قلب رجل واحد تتحمل تبعاته، ‏وأي مقاومة تحمل دول الجوار المسئولية في الفشل الذريع في نجاح دورها من عدمه، والسؤال هنا هل حقق 7 أكتوبر- هذا "القرار المنفرد" من حماس- المراد؟ هنا الإجابة بكل وضوح؛ هل كان حقا هذا القرار مدفوعًا بالدفاع عن القضية الفلسطينية فقط أم أنه جزء من مشروع إيراني بامتياز في المنطقة؟ بالطبع لم تكن القضية هي الأساس بل كان المشروع الإيراني هو الأرجح، وهنا نحن لا نتهم أحدًا بخيانة وطنه وإنما في بعض الأحيان التصرف برعونة وبدون رؤية سياسية أو بمعنى أصح، وعذرًا على التعبير بغباء، فالغباء هنا أقرب إلى الخيانة.


هل كانت تعلم حماس ما ستؤول إليه الأمور وما ستتكبده فلسطين وقضيتها من خسائر؟ كل تلك الأسئلة تطرح نفسها وبقوة في المشهد الآن، وهي الأساس في القصة الكاملة والكواليس تروي الكثير والكثير، ربما ليس أوان الحديث عنها الآن، ولكن بالحديث الدائر عن دفع مصر دفعًا وبقوة للحرب نيابة عن فصيل يصنف نفسه مقاتلا ومقاوما في بلاده ضد عدو محتل.
لماذا الزج بمصر الآن في قضية لطالما هي من تساعدها على مر العصور، ولكن هذه المساعدة لن تكون أبدًا بالحرب بالوكالة، فكانت كما قلنا وفي بداية المقال وقالها الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارا: "لن نحارب إلا من أجل شعبنا وأمننا القومي".


لم يحدث على مر التاريخ أن حاربت دولة نيابة عن حركة مقاومة لمساعدتها في استرداد أرضها، ومن لديه أمثلة غير ذلك فليتحفنا بها، والزج بمصر الآن كورقة لدفعها في المشاركة في سيناريو مظلم ليس خيارا صحيحا ولن يصب في مصلحة من يدفع إلى ذلك وإن كنا مستعدين لأي سيناريو، كما قال أيضا "فخامة الرئيس" عبد الفتاح السيسي من قبل: "اللي عايز يجرب يقرب" ونحن نتمنى ألا نصل لهذا السيناريو القاتم الذي بالطبع سيلقي على الجميع بقتامته ولا يستثني أحدًا.
والآن الأمور باتت واضحة والقادم كما قلنا من قبل مفزع وأصبح الوقوف بجانب مصر واجب اللحظة وعدم الاحتماء بغيرها وبغير مشروعها الوحيد الداعم لاستقرار المنطقة التي أصبحت على صفيح ساخن.


وفي الختام أريد القول إن سيناريو العدو واضح منذ اللحظة الأولى في التعامل مع الحدث وهو ما تدعمه إدارة ترامب غير المتزنة، وهو نفس السيناريو الذي حدث مع ألمانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية وإجبار ألمانيا واليابان على الاستسلام وهو ما حدث بالفعل إبانها.. والآن مطلوب استسلام حماس وتسليم سلاحها وأن تخرج من المعادلة السياسية.
فهل أمام حماس أوراق سياسية للعب عليها غير ورقة الأسرى التي باتت محترقة، أم أن نزيف الدم والدمار سيكون خيارهم بدلا من التضحية بالنفس في صالح القضية؟.. الإجابة لدى حماس. 
وللحديث بقية.

مقالات مشابهة

  • صحيفة إسبانية: رعب في سجون السعودية.. وموجة إعدامات غير مسبوقة
  • أفضل وقت لتناول العشاء لعلاج مقاومة الأنسولين
  • طرح تشكيل حكومة طوارئ في العراق.. هل تنهي واشنطن هيمنة طهران؟
  • داليا عبدالرحيم تكتب: "‏حماس".. عن أي مقاومة تتحدثون
  • منظمة دولية تتحدث عن أبرز تحدي يواجه محافظة مأرب التي تضم أكبر تجمع للنازحين في اليمن
  • الكشف عن الدولة العربية التي قدمت دعما لحملة القصف على اليمن
  • منظمة ميون تطالب المجتمع الدولي إعادة تمويل برامج نزع الألغام في اليمن
  • بن دردف: القضاء الليبي في أزمة ثقة وسط هيمنة الميليشيات
  • حالة الخوف تدفع الذهب إلى مزيد من الصعود
  • إفراط الأم في الخوف على الأبناء.. حالة صحية أم مرضية؟