يمن مونيتور:
2025-01-04@20:56:38 GMT

الصمت في اليمن بين هيمنة السلالية وقيد الخوف

تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT

الصمت في اليمن بين هيمنة السلالية وقيد الخوف

سامي الأشول

سألني صديقي: لماذا سكتت الأصوات الحرّة؟ أين الإعلامي الشجاع والمثقف المخلص والكاتب النزيه؟ من لليمن وسط هذا الخراب؟

كانت تساؤلاته مرآة تعكس إحباطًا لا يخصّه وحده، بل يخصّ وطنًا بأكمله. حاولت أن أجيبه، لكن الكلمات لم تكن كافية. رأيت في مخيّلتي وجوهًا لأشخاص كانوا في ما مضى شعلةَ وعي، فإذا بالخوف أو الاستسلام للعزلة يُطفئ أقلامهم.

قلت له: لعلهم معذورون، فلا تدري أيّ أرض يقطنون، ولا أيّ ظروف يعيشون.

كان هذا الحوار دافعًا لكتابة هذا المقال، ليس لتبرير الصمت أو لإدانة أحد، بل لفهم الجذور العميقة التي تغذّيه. فالصمت في اليمن لا يمكن فهمه إلا من خلال استيعاب عاملين مترابطين: السلالية كمنظومة قمع واستعلاء، والخوف كأداة لترسيخها. هذا هو واقع الحال لمن يعيشون تحت سلطة الأمر الواقع، أمّا من هم خارجها، سواء في المحافظات المحرّرة أو خارج اليمن، فلصمتهم أسباب مختلفة سأناقشها في مقالاتٍ لاحقة.

الخوف: قيد الحرية وسيف القمع

في ظروفٍ كالتي يمرّ بها اليمن، الخوف الذي يخنق الأصوات الحرّة ليس مجرّد شعور داخلي أو ضعف فردي، بل أداة تصنعها منظومة متكاملة تسيطر عليها أقلية سلالية تسعى لتثبيت هيمنتها. إنه خوف يُصنع بعناية، وبخبرات متراكمة من حلفائه الإقليميين، حيث يصبح الخوف ضرورة للبقاء. هنا، لا يخشى صاحب الرأي فقط على كلماته من أن تُحاصر، بل يخشى على حياته وحياة من يحب.

مع مرور الوقت، يتحوّل الخوف من شعورٍ داخلي إلى ثقافة جماعية تُعيد إنتاج نفسها، حيث يصبح الحفاظ على السلامة الشخصية أولوية تفوق التمسّك بالمبادئ. وفي ظلّ هذه الثقافة، تجد بعض شرائح المجتمع نفسها مضطرةً إلى التماهي مع الوضع القائم، بل وحتى التمادي في خدمة جلاديها، إثباتًا للولاء وطمعًا في فتاتٍ يُلقى إليها، ولو كان ذلك على حساب كرامتها أو آلام معتقليها.

لكن، لا يمكن الاكتفاء برصد الخوف أو توصيفه كأداة للقمع. هناك ضرورة لفهم أنّ مقاومة هذا الخوف تبدأ من التنوير والتوعية. الكلمة الصادقة، حتى لو كانت همسًا، تحمل قدرة على التغيير. التنوير ليس رفاهية، بل هو الشرارة الأولى التي تشعل الوعي الجمعي وتمهّد الطريق لثورة شعبية شاملة.

السلالية: جذور الهيمنة وأداة التقسيم

في اليمن، السلالية ليست ظاهرة عابرة، بل منظومة متجذّرة تعيد تشكيل الواقع لتبرير الهيمنة وزرع الانقسامات. تُستخدم هذه السلالية لزرع العداوات المُصطنعة بين مكوّنات المجتمع، لتفكيكه وإفقاده الثقة بنفسه، بهدف تكريس ولاء أعمى قائم على وهم التفوّق والانتماء السلالي.

ومع ذلك، فإنّ مقاومة هذه السلالية تبدأ من رفض التصنيفات التي تجرّد الإنسان من قيمته الحقيقية. أن يرفض اليمني أن يُعامل أو يُقيّم على أساس نَسَبه أو مذهبه أو حتى مهنته، هو فعل مقاومة أصيل لا يقلّ شجاعة عن مواجهة القمع. إنّها دعوة لإعادة الاعتبار لإنسانيّة الفرد، حيث تُبنى المجتمعات على أسس العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، بعيدًا عن كذبة “النطفة الطاهرة” ووهم “الحق الإلهي في الحكم” الذي يسعى لإدامة الهيمنة والتفوّق الزائف.

دائرة القمع ودور الشرعية في خذلان الأمل

السلالية والخوف أبقيا المجتمع اليمني في دائرةٍ مغلقة من الخضوع والانقسام. الخوف يغذّي السلالية، وممارسات السلالية القمعية تُضاعف الخوف. وفي هذا السياق، تلعب الشرعية دورًا مريبًا. خذلانها للثورات الشعبية المتعدّدة، التي ظهرت خلال السنوات الماضية، سواء في حجة وذمار وإب والبيضاء وغيرها، ساهم في تعزيز هذه الدائرة المغلقة. غياب الدعم الحقيقي لهذه الحركات كان بمثابة رسالة للمجتمع بأنّ التغيير مستحيل، وهو ما عمّق الخوف وأضعف الأمل.

التنوير كخطوة أولى نحو التغيير

لكن الأمل لا يضيع. مقاومة الخوف والسلالية تبدأ بتنوير العقول وتعزيز الوعي المجتمعي. الكتابة، الحديث، والنقاشات الصادقة هي أدوات قادرة على اختراق جدران الصمت وإحداث أثر عميق. أضف لكلّ ذلك ضرورة إدراك حجم الخذلان الذي عانى منه المجتمع، وحتمية إجبار الشرعية على تحمّل مسؤوليتها التاريخية في إعادة الجمهورية واستعادة صنعاء، ودعم أيّ ثورة شعبية حقيقية تسعى إلى تحرير اليمن من السلالية وأتباعها.

في نهاية المطاف، التغيير يبدأ عندما يقرّر الفرد ألا يكون جزءًا من دائرة الخوف أو الخضوع، بل أن يكون حاملًا لراية الوعي وموقدًا لشرارة الأمل. وما إن تبدأ هذه الشرارة، حتى تتحوّل إلى ضغط شعبي يرغم القوى السياسية على التحرّك، ويعيد للمجتمع إيمانه بقدرته على النهوض.

المصدر: العربي الجديد

 

 

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الخوف اليمن

إقرأ أيضاً:

مفرط في الخوف والقلق المبالغ فيه..تعرف على أنواع القلق وطريقة التعامل معهم

مفرط في الخوف والقلق المبالغ فيه..تعرف على أنواع القلق وطريقة التعامل معهم…الخوف والقلق ما هي أسبابهما وأنواعهما، وكيفية التعامل معهما.

 

إقرأ أيضًا..تعاني من فوبيا معينة؟...اليك طريقة علاج كل أنواع الفوبيا

دائم الخلط بين الخوف والقلق؟ تعرف على الفرق بينهم 

 

تعرف على الفرق بين الخوف والقلق الفرق بينهما هو ان  الخوف استجابة عاطفية وشعورية لتهديد حقيقي وفوري، كأن يُوجه سلاح نحو الشخص.

 أما القلق، فهو شعور بالخوف من أحداث أو تهديدات مستقبلية غير آنية، كالشعور بعدم الراحة أثناء السير في شارع مظلم دون وجود تهديد واضح.

 

تعرف اسباب حدوث الخوف والقلق 

 رغم اختلاف الأسباب، يرتبط الخوف والقلق غالبًا ببعضهما، فقد يؤدي أحدهما إلى الآخر. 

أسباب الخوف والقلق منها: 

 1. العوامل البيئية: تؤدي الضغوطات اليومية في العمل، الدراسة، العلاقات الاجتماعية، أو الصدمات كفقدان شخص مقرب إلى زيادة مستويات القلق والخوف. 

و كذلك، يؤثر التوتر الناتج عن تعاطي المخدرات أو انخفاض الأكسجين في الأماكن المرتفعة.

2. العوامل الوراثية: يميل الأشخاص الذين ينتمون إلى عائلات تعاني من اضطرابات القلق إلى التعرض لهذه الاضطرابات بشكل أكبر. 

3. العوامل الطبية: الأمراض الخطيرة أو الآثار الجانبية لبعض الأدوية تؤثر على مستويات القلق وتزيد من حدة الأعراض.

4. كيميائية الدماغ: تلعب التغيرات في الهرمونات والإشارات الكهربائية في الدماغ دورًا في اضطرابات القلق، خاصة لدى الأشخاص الذين تعرضوا لتجارب سلبية أو لديهم تاريخ وراثي.

 

الخوفتعرف على كل أنواع اضطرابات القلق وكيفية التخلص منها 

 

 أنواع اضطرابات القلق: 

1. اضطراب القلق العام: قلق مستمر دون سبب واضح، يبدأ غالبًا في المراهقة ويزداد مع العمر.

 2. اضطراب الهلع: يتميز بنوبات هلع متكررة تُثيرها أمور بسيطة.

 3. اضطراب الرهاب: خوف غير عقلاني من أشياء أو مواقف معينة، يُرافقه تسارع ضربات القلب وصعوبة التنفس.

 4. اضطراب القلق الاجتماعي: الخوف من النقد أو الحكم من الآخرين، مما يؤثر على الحياة اليومية.

 5. اضطراب الوسواس القهري: أفكار وسلوكيات قهرية متكررة يصعب السيطرة عليها.

 

إذا كنت تعاني من القلق والخوف؟ إليك طريقة العلاج

علاج الخوف والقلق: 

1. العلاج الطبي: 

العلاج النفسي: يركز على تقنيات التعامل مع القلق من خلال أخصائي نفسي.

 العلاج الدوائي: مثل مضادات الاكتئاب والمهدئات لتنظيم كيميائية الدماغ وتقليل الأعراض.

2. تغييرات في نمط الحياة: 

النوم الجيد.

 ممارسة التأمل والرياضة. 

تناول غذاء صحي والابتعاد عن الكحول والكافيين والتدخين.

الخوف والقلق هما جزء من حياة الإنسان، لكن تأثيرهما يمكن أن يكون معيقًا إذا تُركا دون علاج. 

بالجمع بين الرعاية الطبية وتغيير نمط الحياة، يمكن تقليل آثار الخوف والقلق والعيش بحياة أكثر استقرارًا.

مقالات مشابهة

  • لجان مقاومة الفاشر تنشر صورة ألتقطت أثناء إجراء عملية جراحية تحت أضواء الهواتف المحمولة
  • أدعية من القرآن تحفظك من الخوف والغم وتزيد الرزق
  • أنشودة البساطة.. تامر أفندى يكتب: من "فيض الكريم"
  • هيمنة أميركية على أعلى 100 شركة من حيث القيمة السوقية
  • جمعة رجب.. ذكرى الدمار والمؤامرة التي هزّت اليمن والعالم
  • المهندس “بالقاسم حفتر” يتفقد المشاريع المنجزة وقيد الإنشاء في جامعة سرت
  • الزراعة: الاستعانة بأصناف مقاومة لجفاف وملوحة التربة لزيادة الغلة الإنتاجية
  • مفرط في الخوف والقلق المبالغ فيه..تعرف على أنواع القلق وطريقة التعامل معهم
  • فلكي يمني: موجة صقيع تبدأ تأثيراتها على اليمن اليوم الخميس