زهير عثمان حمد

شهدت الساحة الإقليمية تنافساً دبلوماسياً لافتاً في ملف الأزمة السودانية، حيث برزت جهود كل من مصر وتركيا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة. في ظل تصاعد التوترات بين السودان والإمارات، واتهامات الخرطوم لأبوظبي بدعم قوات الدعم السريع، يظهر دور الوساطة كأداة حيوية لتحقيق الاستقرار الإقليمي.


الجهود المصرية بين الأولويات الاستراتيجية والتنسيق الإقليمي
تعتبر مصر السودان عمقاً استراتيجياً مهماً لأمنها القومي، وهو ما يفسر انخراطها في محاولات حلحلة الأزمة السودانية. تعمل القاهرة على فتح قنوات تواصل مع الأطراف السودانية والإماراتية، بهدف معالجة الخلافات ودعم استقرار الدولة السودانية. كما تنسق مصر مع السعودية ودول أخرى لتشكيل موقف إقليمي موحد يُعنى بتجنب الاستقطاب الناجم عن التدخلات المتعددة في السودان.
من جهة أخرى، تسعى القاهرة إلى الحفاظ على التوازن الدقيق في علاقتها مع الإمارات، خصوصاً في ظل الضغوط الإماراتية لتخفيف الدعم المصري للجيش السوداني، أو قبول مسار تفاوضي يضمن مصالح قوات الدعم السريع. ورغم هذه التحديات، تظهر العلاقات المصرية الإماراتية تفاهماً مشتركاً يدعم أولوية الحفاظ على وحدة الدولة السودانية.
التنافس مع الوساطة التركية
في المقابل، تسعى تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، للعب دور وسيط رئيسي بين السودان والإمارات، مستفيدة من علاقاتها القوية مع الطرفين. يرتكز الدور التركي على استثمار نجاحاته السابقة في الوساطات الإقليمية، مثل تلك التي ساهمت في تقريب وجهات النظر بين إثيوبيا والصومال.
ورغم التنافس الظاهر، لا يبدو أن هناك خلافات جوهرية بين مصر وتركيا في إدارة الملف السوداني. بل على العكس، يشير المراقبون إلى وجود تنسيق غير مباشر بينهما لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في استقرار السودان. وقد عزز هذا التقارب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأنقرة، التي عكست رغبة البلدين في التعاون لحل القضايا الإقليمية.
التحديات والفرص أمام الجهود المصرية
يواجه الدور المصري تحديات متعددة في ظل التدخلات الخارجية، من بينها الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع. كما أن نجاح الوساطة التركية قد يقلل من التأثير المصري في الأزمة السودانية، ما يدفع القاهرة إلى التركيز على بناء جسور دبلوماسية أوسع مع الأطراف السودانية والإماراتية.
ورغم هذه التحديات، فإن مصر تمتلك العديد من نقاط القوة التي تعزز قدرتها على التأثير، بما في ذلك علاقاتها التاريخية مع السودان، ووجود مراكز أبحاث وخبرات متخصصة في القضايا الإقليمية.
بينما تستمر الجهود التركية للوساطة بين السودان والإمارات، تبدو مصر في موقف لا يسمح بالتراجع. تعتمد القاهرة على نهج متوازن يضمن استقرار السودان كأولوية استراتيجية، مع الحفاظ على علاقاتها مع الأطراف الإقليمية.
سيعتمد نجاح مصر في هذا الملف على قدرتها على تقديم مبادرات واقعية تحقق توافقاً بين الأطراف، واستثمار علاقاتها التاريخية مع السودان والإمارات في إطار رؤية استراتيجية تدعم السلام والاستقرار في المنطقة.

zuhair.osman@aol.com
///////////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بین السودان والإمارات

إقرأ أيضاً:

حزب الأمة القومي: نطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الهجمات

قال حزب الأمة القومي إن هذه الحادثة تمثل جريمة حرب مكتملة الأركان ونطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الهجمات المستمرة على الأسواق والمناطق الخدمية والأحياء السكنية بمحلية أم درمان وكافة المناطق.– نناشد المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والدولية بالتركيز على انتهاكات الحرب في السودان وإدانتها والنظر بجدية في أهمية اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المدنيين.الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عشرات القتلى والجرحى في قصف على الفاشر السودانية
  • اشتباكات في السفارة السودانية بجوبا بسبب أزمة وثائق السفر
  • البراءة من الدماء ورفض الوحشية- الحرب السودانية وصراع المصالح
  • حزب الأمة القومي: نطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الهجمات
  • المستشار العام لسفارة السودان “فعاليات الخرج” رسمت الفرح على الجالية السودانية
  • الحكومة الليبية ترسل 12 شاحنة لدعم شبكة الكهرباء في ترهونة
  • برعاية سفارة السودان بالقاهرة ومبادرة من كُلِّيتي الإمام الهادي وأمدرمان للصحافة انعقاد ورشة إعادة إعمار الجامعات السودانية
  • ميليشيا الدعم السريع تهاجم سوقا في أم درمان والخارجية السودانية تدين الهجوم
  • عودة النزاع في الكونغو.. تعليمات من الرئيس تبون للمُساعدة في جهود الوساطة
  • إستئناف النزاع في الكونغو.. تعليمات من الرئيس تبون للمُساعدة في جهود الوساطة