مستقبل جهود الحكومة المصرية في مواجهة الوساطة التركية بين السودان والإمارات
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
زهير عثمان حمد
شهدت الساحة الإقليمية تنافساً دبلوماسياً لافتاً في ملف الأزمة السودانية، حيث برزت جهود كل من مصر وتركيا في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة. في ظل تصاعد التوترات بين السودان والإمارات، واتهامات الخرطوم لأبوظبي بدعم قوات الدعم السريع، يظهر دور الوساطة كأداة حيوية لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
الجهود المصرية بين الأولويات الاستراتيجية والتنسيق الإقليمي
تعتبر مصر السودان عمقاً استراتيجياً مهماً لأمنها القومي، وهو ما يفسر انخراطها في محاولات حلحلة الأزمة السودانية. تعمل القاهرة على فتح قنوات تواصل مع الأطراف السودانية والإماراتية، بهدف معالجة الخلافات ودعم استقرار الدولة السودانية. كما تنسق مصر مع السعودية ودول أخرى لتشكيل موقف إقليمي موحد يُعنى بتجنب الاستقطاب الناجم عن التدخلات المتعددة في السودان.
من جهة أخرى، تسعى القاهرة إلى الحفاظ على التوازن الدقيق في علاقتها مع الإمارات، خصوصاً في ظل الضغوط الإماراتية لتخفيف الدعم المصري للجيش السوداني، أو قبول مسار تفاوضي يضمن مصالح قوات الدعم السريع. ورغم هذه التحديات، تظهر العلاقات المصرية الإماراتية تفاهماً مشتركاً يدعم أولوية الحفاظ على وحدة الدولة السودانية.
التنافس مع الوساطة التركية
في المقابل، تسعى تركيا، بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، للعب دور وسيط رئيسي بين السودان والإمارات، مستفيدة من علاقاتها القوية مع الطرفين. يرتكز الدور التركي على استثمار نجاحاته السابقة في الوساطات الإقليمية، مثل تلك التي ساهمت في تقريب وجهات النظر بين إثيوبيا والصومال.
ورغم التنافس الظاهر، لا يبدو أن هناك خلافات جوهرية بين مصر وتركيا في إدارة الملف السوداني. بل على العكس، يشير المراقبون إلى وجود تنسيق غير مباشر بينهما لتحقيق الهدف المشترك المتمثل في استقرار السودان. وقد عزز هذا التقارب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لأنقرة، التي عكست رغبة البلدين في التعاون لحل القضايا الإقليمية.
التحديات والفرص أمام الجهود المصرية
يواجه الدور المصري تحديات متعددة في ظل التدخلات الخارجية، من بينها الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع. كما أن نجاح الوساطة التركية قد يقلل من التأثير المصري في الأزمة السودانية، ما يدفع القاهرة إلى التركيز على بناء جسور دبلوماسية أوسع مع الأطراف السودانية والإماراتية.
ورغم هذه التحديات، فإن مصر تمتلك العديد من نقاط القوة التي تعزز قدرتها على التأثير، بما في ذلك علاقاتها التاريخية مع السودان، ووجود مراكز أبحاث وخبرات متخصصة في القضايا الإقليمية.
بينما تستمر الجهود التركية للوساطة بين السودان والإمارات، تبدو مصر في موقف لا يسمح بالتراجع. تعتمد القاهرة على نهج متوازن يضمن استقرار السودان كأولوية استراتيجية، مع الحفاظ على علاقاتها مع الأطراف الإقليمية.
سيعتمد نجاح مصر في هذا الملف على قدرتها على تقديم مبادرات واقعية تحقق توافقاً بين الأطراف، واستثمار علاقاتها التاريخية مع السودان والإمارات في إطار رؤية استراتيجية تدعم السلام والاستقرار في المنطقة.
zuhair.osman@aol.com
///////////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: بین السودان والإمارات
إقرأ أيضاً:
نائب: زيارة وفد برلماني لقناة السويس يعكس مواجهة التداعيات الإقليمية على المجرى الملاحي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد النائب حسن عمار، عضو مجلس النواب، أن زيارة الوفد البرلماني من مجلسي النواب والشيوخ للفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، تكشف عن حجم التعاون المثمر بين الهيئة والبرلمان بغرفتيه، من أجل التعرف عن قرب على المستجدات التنموية لمشروعات قناة السويس، والجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل عبر استحداث خدمات ملاحية وبحرية جديدة، في ضوء التحديات التي تواجه المجرى الملاحي لقناة السويس على مدار أكثر من عام بعد اندلاع الحرب على غزة وتفاقم الصراعات الإقليمية والهجمات الحوثية على منطقة البحر الأحمر، مما أسفر عن تراجع عائدات القناة خلال العام 2024 بنسبة تجاوزت 60%.
وأضاف"عمار"، أن الزيارة تناولت ملفات هامة و شائكة حول موقف قناة السويس في ظل هذه الصراعات السياسية، حيث أكد الوفد البرلماني على أهمية المجرى الملاحي الذى يعد ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي المصري، كما ناقش ايضا خطة تطوير القناة من أجل تعظيم الاستفادة منها، من خلال سلسلة المشروعات القومية والتنموية العملاقة ومشروعات التطوير التي تم تدشينها بالفعل، وكان أهمها تنفيذ المنطقة الاقتصادية للقناة التي تعد من أهم المشروعات الاستراتيجية في مصر، حيث تعمل على تحويل مصر إلى مركز عالمي للتجارة والخدمات اللوجستية، كما نجحت من خلال توفير حوافز استثنائية للمستثمرين، مثل الإعفاءات الضريبية والبنية التحتية المتطورة، في جذب استثمارات ضخمة من دول عديدة، مما يعزز التعاون الاقتصادي الدولي.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن الزيارة تطرقت أيضا إلى التحديات التي تواجه القناة، لافتًا إلى أن مصر خسرت ما يقرب من 7 مليارات دولار من إيرادات القناة خلال العام الجاري عند مقارنتها بنظيرتها في العام 2023، حيث انخفض عدد السفن المارة عبر قناة السويس إلى 20148 سفينة في العام المالي 2023-2024 مقابل 25911 سفينة في العام 2022-2023، بعدما دفعت الهجمات الحوثية شركات الشحن لتحويل مسارات السفن التابعة لها من الطريق المار بقناة السويس والبحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء حول قارة أفريقيا، مما عرض القناة لتراجع كبير في إيرادتها وأخر عمليات تسليم الشحنات التجارية ورفع تكاليف الشحن عالمياً.
وأوضح النائب إلى أن الزيارة استعرضت أيضا كيفية مواجهة هذه الصراعات السياسية وآثارها السلبية على المجرى الملاحي، من خلال تنفيذ استراتيجية طموحة تعتمد بشكل رئيسي على تنويع مصادر الدخل، وإضافة خدمات بحرية لم تكن تقدم من قبل، أبرزها خدمات الإنقاذ والإسعاف البحري، فضلا عن تقديم خدمات الصيانة والإصلاح بواسطة الشركات والترسانات التابعة للهيئة، والتي تسهم في تعافي القناة من الفاتورة التي تكبدتها خلال الأشهر الماضية، والعمل على استعادة العمل في إطارها الطبيعي، مؤكدًا على أهمية استمرار عمليات التطوير المستمرة التي تشهدها القناة، وعلى رأسها مشروعيّ قناة السويس الجديدة ومشروع تطوير القطاع الجنوبي، نظراً لأهمية هذه المشروعات في حفظ ريادة القناة والقضاء على أي محاولات لظهور قنوات بديلة أو منافسة.