سودانايل:
2025-03-06@16:47:25 GMT

المدنيون وقدرتهم في إيجاد حل لحرب السودان الضروس

تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT

عبد المجيد دوسه المحامي

majeedodosa@gmail.com

معلوم أن المدنيين لا يملكون عصّا ولا نبلة، فان ملكوا تلك الأدوات لأصبحوا جنودا، بل مليشيات أخرى، ولكن هل يستطيع مثل هؤلاء اسكات صوت البنادق وهم لا حول لهم ولا قوة في أن يقولوا أرضا سلاح لقادة وضعوا العقل جانبا، بل حاربوه وأخذتهم عزّة السلاح بالإثم؟ الإجابة باختصار شديد نعم!
هنا يحتدم النقاش وينبري الانصرافيون الكذبة، ليحبطوا همم الناس، حتى لا يزّج المدنيون في هذه الأمور الفنية التي يجيد فك طلاسمها العسكريون الحذّاق الذين استطاعوا بعد عامين من القتال المرير تحرير مبنى إذاعة امدرمان! ويردفون ألم تسموا صوت هنا أمدرمان بالأمس أم أن بكم صمم؟
بعد هذا الجدل العقيم الذي أدخلنا فيه الانصرافيون الكذبة، تمكّنا من اقناع عدد غير قليل، ليطرحوا سؤالا واحدا على استحياء، حين استفسروا أن كيف لهؤلاء المدنيون إيجاد حل لهذه الحرب العبثية؟ وهل هناك حرب استطاع أناس عزّل حلها؟ كررنا نعم، ثم نعم فقط أعيرونا سمعكم، لتسمعوا حديثا حلوا دون سكر.

.. الحركات المدنية تستطيع إيقاف الحروب والاتيان بسلام آمن، متى ما اتبعوا مسالك قويمة لا اعوجاج ولا عرج ولا عوج فيها.
وفي سبر غور التاريخ القريب، نجد أن ثمة جماعات مدنية استطاعت أن تخرج بلادها من أتون حروب لا تقل عن حرب السودان ضراوة، وهاك بعضا من الأمثلة:
أولا: الحرب الليبيرية التي نشبت في العام 1999 وانتهت في العام 2003 (عام نشوب حرب دارفور الأولى)، كونت نساء ليبريا منظمة اسموها (المجموعة النسائية الليبيرية من أجل السلام)، وهي جماعة ذات خلفيات طبقية واثنية ودينية مختلفة، استطاعت أن توقف الحرب وتصل ببلادها الى اتفاقية سلام شامل.
ثانيا: في سيراليون، التأمت جماعة من أئمة المسلمين وقسيسين ورهبان، وهم بالطبع مسالمون عزّل وكونوا ما عرفت بجماعة الاتصال من أجل التسامح الديني ............
Interfaith Contact Group
يمكن ترجمتها بتحفظ مجموعة الاتصال من أجل التسامح الديني، نجحت هذه الجماعة في إيصال المتحاربين الى توقيع عقد اتفاق لومي في السابع من يوليو 1999، بعد اقتتال دام زهاء العشر سنوات، وعلى الرغم من فشل الاتفاقية بسبب مصالح الطرفين المتحاربين وتورطهما في التعدين غير الشرعي لمعدن الماس النفيس.
ثالثا: حرب ساحل العاج، قام فريق كرة القدم القومي لساحل العاج، بعد تأهلهم لكأس العالم عام 2005، حيث انحنى الفريق كله، مطالبين الفريقين المتحاربين بإيقاف الحرب والتوجه الى التفاوض من أجل سلام ساحل العاج وشعبه. وبعد أن قبل أطراف الحرب توسل الفريق، نكثوا على رؤوسهم الى حيث تكمن مصالحهم الشخصية المتمثلة في تجارة الكاكاو غير المشروع.، وبذلك فشلت المحاولة على الرغم من أنها استطاعة إيقاف الحرب لهدنة قصيرة.
هذا غيض من فيض الأمثلة الكثيرة التي قامت بها جماعات مدنية لا تملك عصا ولا نبلة بإيقاف الحروب في بلادهم، لذا لا نستهين بالمجتمع المدني السوداني ان حاول جادا فعل شيء من هذا القبيل. اذ لا نقلّ شأوا من هذه الدول الافريقية، بل مجتمعنا المدني أكثر غزارة فهناك حركة مدنية مستنيرة واحزاب عريقة رغم أمراضها اللعينة المتمثلة في التفكير على محاصصة حكم لم يأت ولم يلّح في الأفق بعد، ، الى جانب وجود حركة نسوية ذات شأن ، لدينا الإدارات الاهلية الضاربة اطنابها في القدم وطرق صوفية، الى جانب تنظيمات المهنيين والفنانين بل ومبدعين وكتاب وصحفيين(الذين لم يعرضوا أقلامهم وقيمهم المهنية في سوق النخاسة، اذا استصحبنا كل هؤلاء وركزنا على قول واحد لا للحرب نعم للسلام فلن يستطع كائنا من كان الوقوف أمام هذا الطوفان.
ولكن علينا التمسك بتلابيب آلياتنا ووسائل عملنا، ممثلة في وساطة هادئة بين طرفي النزاع، متلافين الأسلوب الذي قامت به تنسيقية تقدم في بحثها عن اعلان مبادئ اسيء فهه بل ووئد في الحال ... تنسيقية تقدم كانت مخطئة حين حاولت محاورة الطرفين من على البعد، كان حريّ بها أن تحاول جمعهما في بلد محايد، حتى ولو استدعى الحال في بقائهما في غرف مختلفة، وبذلك يسهل انتزاع التوقيع منهما، تفاديا لتدخل شياطين الكيزان وافساده وهو ما حدث.
ثاني الوسائل هو نشر ثقافة السلام ونبذ الحرب في المجتمع، وخلق اتصالات دولية من أجل إيجاد قوة لحفظ السلام سرا حتى تقوى عودها. فخطأ تنسيقية تقدم حينما جهرت بالمطالبة بقوة حفظ السلام حتى قبل الاتصال بأي طرف دولي لتتلقفها أبالسة الكيزان وتسوقّها على أساس أنها دعوة لتدخل دولي، فمعظم حروب الأرض تدخل فيها المجتمع الدولي، اذ لا للحلول للمشاكل دون أجاويد، فأجاويد اليوم، هم المجتمع الدولي ودولها المحبة للسلام.
ولكي ننجح في كبح جماح المتحاربين وإيقاف الحرب بشكل مستدام علينا التقيد بما يلي:
أ – الابتعاد عن التورط أو الميل لأحد طرفي النزاع، هذا ليس موبقة ارتكبتها تنسيقية تقدم، ولكن الكيزان الصقوها بالتقدم ونعتوها بأقدح النعوت، بل وقادتهم عقلوهم السقيمة الى القول بأن تقدم هي الذراع السياسي للدعم السريع، أكاذيب وانصرا فيات، وبذاك أسكتوا الكثير من أصوات أعضاء تقدم مخافة هذا القذف.
الضغط المستمر على المنظمات الدولية الإنسانية، للفت نظر العالم بمأساة المجاعة وطلب الاغاثات، ومد يد العون.. لأهمية تلك المطالبات في بلاد تموت من الحرب والجوع والمرض انسانها.
ب - الضغط على المجتمع الدولي. المسألة ليست فقط لفت الانتباه للمأساة والمجاعة وجرائم الحرب، بل ضغط متواصل على المنظمات والجمعيات ذات الصيت والنفوذ في بلادها الى جانب برلمانات الدول ودور الصحافة الحرة لنقل آهات المنكوبين بمختلف اللغات التي أجادها السودانيون في مهاجرهم.
بذلك أدينا الواجب المستطاع، وبعدها يقضي الله أمرا كان مفعولا.
عبد المجيد دوسة المحامي
Majeedodosa@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تنسیقیة تقدم من أجل

إقرأ أيضاً:

اعتقال وزير النفط وقادة عسكريين في جنوب السودان.. هل هي نذر حرب أهلية؟

قال متحدث باسم ريك مشار النائب الأول لرئيس جنوب السودان، الأربعاء، إن قوات البلاد اعتقلت وزير النفط وعددا من القادة العسكريين الكبار المتحالفين مع مشار مما يهدد اتفاق السلام الذي أبرم في 2018 وأنهى حربا أهلية.

جاءت الاعتقالات بعد قتال نشب في الأسابيع القليلة الماضية في مدينة الناصر الاستراتيجية في الشمال بين القوات الأمنية وميليشيا الجيش الأبيض المؤلف بالأساس من منتمين لقبيلة النوير وهي قبيلة مشار.

وقاتلت عناصر من الجيش الأبيض مع قوات مشار في الحرب الأهلية بين عامي 2013 و2018 في مواجهة قوات موالية للرئيس سلفا كير من قبيلة الدنكا.



وقال بال ماي دينغ المتحدث باسم مشار إن وزير النفط بوت كانج شول ونائب قائد الجيش جابرييل دوب لام اعتقلا بينما يقبع مسؤولون عسكريون كبار متحالفون مع مشار رهن الإقامة الجبرية.

وتابع قائلا إن قوات أمن انتشرت حول مقر إقامة مشار لكن نائب الرئيس تمكن من التوجه إلى مكتبه صباح الأربعاء.

وأضاف في بيان إن اعتقال الجنرال ديوب "ينتهك" اتفاق تقاسم السلطة الذي أنهى عام 2018 خمس سنوات من الحرب الأهلية.

وقال البيان إن "هذا الإجراء يعرض الاتفاق بأكمله للخطر... نحن أيضًا قلقون جدا بشأن الانتشار الكثيف لقوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان حول مقر إقامة (مشار)".

واتهمت قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، وهو الجيش النظامي المتحالف مع الرئيس سلفا كير، ديوب لام وقواته بالعمل مع المتمردين في تلك المنطقة الذين ينتمون بغالبيتهم إلى قبيلة النوير نفسها.

وحصدت الحرب الأهلية، التي اندلعت في كانون الأول/ ديسمبر 2013 بعد إقالة كير لمشار، أرواح ما يقدر بنحو 400 ألف وأجبرت أكثر من 2.5 مليون على الفرار من منازلهم، وجعلت نصف السكان تقريبا البالغ عددهم 11 مليون نسمة يكافحون من أجل العثور على ما يكفي من الغذاء.

وانخفض أيضا إنتاج النفط، وهو مصدر دخل حيوي للدولة الفقيرة.

وحل السلام في جنوب السودان رسميا منذ أن أنهى اتفاق 2018 صراعا استمر خمس سنوات بين مشار وكير. لكن العنف بين القبائل المتنافسة يندلع بشكل متكرر.

وفي الأسبوع الماضي، دعا الاتحاد الأفريقي وبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان إلى خفض حدة التصعيد في مدينة الناصر بولاية أعالي النيل وحذرا من مغبة "انتشار العنف على نطاق واسع".



وربط تير مانيانج، رئيس مركز السلام والدعوة ومقره جوبا، الاعتقالات بالقتال في ناصر وقال إنه يخشى على المستقبل.

وقال: "من المرجح أن تنزلق البلاد إلى الحرب ما لم تحسن القيادة العليا للبلاد إدارة الوضع".

وأفادت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان الشهر الماضي عن اشتداد القتال بين الجيش و"شباب مسلحين" في ناصر بولاية أعالي النيل، باستخدام "أسلحة ثقيلة أسفرت، كما ورد، عن مقتل وإصابة مدنيين وأفراد مسلحين".

مقالات مشابهة

  • دراسة تدعو إلى إيجاد تدخلات شاملة تعزز التغذية الصحية بالمجتمع
  • تحركات في 3 مسارات لوقف الحرب المتصاعدة
  • إشتعال حرب في جنوب السودان سينعكس سلبا على السودان
  • يوغندا تنضم للدول الرافضة ل”الحكومة الموازية* في السودان
  • نداء حمدوك.. هل هو أصلاً الخطة الدولية لإيقاف الحرب؟
  • اعتقال وزير النفط وقادة عسكريين في جنوب السودان.. هل هي نذر حرب أهلية؟
  • تركيا تقدم درسًا لأوروبا في الاستقلال الدفاعي
  • الخطة القادمة اسوأ من الحرب!!
  • حمدوك يطلق "نداء سلام السودان".. ماذا جاء فيه؟
  • السيسي: الحرب الضروس على غزة استهدفت تدمير سبل الحياة