سودانايل:
2025-01-04@21:22:21 GMT

تفنيد خطاب حميدتي الأخير

تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT

كما العادة في كل خطابات محمد حمدان دقلو (حميدتي) جاء خطابه الأخير بمناسبة عيد الاستقلال والعام الجديد، مليء بادعاءات تناقض الواقع وتستخدم لغة خطابية جوفاء تهدف إلى فرض صورة غير حقيقة عن مليشيا الدعم السريع قسراً وإخضاعاً "بالزندية" بتقديمها كمدافع عن مصالح الشعب. فيما يلي تحليل نقدي وتفنيد لأهم ما ورد في الخطاب:

*مسؤولية الحرب*

الادعاء:
حميدتي ألقى باللوم على قيادة القوات المسلحة والحركة الإسلامية في إشعال الحرب، مدعياً أن قوات الدعم السريع فقط تدافع عن نفسها وعن مصالح الشعب في الحكم المدني الديمقراطي.



التفنيد:
الحرب التي اندلعت في أبريل ٢٠٢٣ جاءت نتيجة صراع على السلطة بين الإسلاميين وقادة الجيش وقوات الدعم السريع، والثلاثي يتحمل مسؤولية إشعال الحرب بغض النظر عمن أطلق الرصاصة الأولى، فهذا الثلاثي كان يتربص ببعضه البعض منذ ما قبل إنقلاب ٢٥ أكتوبر وبعده. ادعاء حميدتي بأنه يدافع عن الشعب وحقوقه المدنية يتناقض مع الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها قواته، بما في ذلك القتل الجماعي، الاغتصاب، والنهب، مما أدى إلى نزوح الملايين. إذا كانت مليشيا الدعم السريع تدافع عن الشعب وحقوقه، فلماذا تستهدف المدنيين في الخرطوم ودارفور والجزيرة وأماكن أخرى؟. كذلك فإن حميدتي قد هدد الشعب في كثير من خطاباته مثلاً : "تمطر حصو"، "الحصل في التلاتة يوم حقت فض الإعتصام لو استمرت شهر تاني في زول بقعد في الخرطوم، ناس كتيرة جرت، والله العمارات الغالية دي إلا تسكنها الكدايس"، "أحسن الناس تفتح عيونها"، وأثناء الحرب في خطاب مصور أمام قواته قال: "في ناس كانت قطاطيهن بحرقن، تاني القطية والعمارة واحد"، فمثل هذه الأقوال لا تصدر ممن يريد مصلحة الشعب فالذي يريد مصلحة شعبه لا يهدده، وحتى إن حاولنا أن نسقط مثال القطية والعمارة على الهامش والمركز فالدفاع عن حقوق صاحب القطية لا يأتي بحرق العمارة وإنما بتحويل القطية إلى مسكن أفضل برد الحقوق من صاحب العمارة إن كانت العمارة من فساد، وبالطبع ليست كل عمارة بنيت من فساد أو يمتلكها الفلول. كذلك لم يحدث أن حميدتي تحدث عن عماراته هو وهي هنا ثروته الإقتصادية من ذهب جبل عامر وغيره التي حصل عليها بدون وجه حق بل كانت هي مكافأة البشير له على الحماية، والتقديرات تشير إلى أن ثروته الشخصية وعائلته تبلغ مليارات الدولارات.

*الالتزام بالانتقال الديمقراطي**

الادعاء:
حميدتي يدعي التزام قواته بحماية الانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر.

التفنيد:
هذا الادعاء يفتقر إلى المصداقية، حيث إن مليشيا الدعم السريع كانت جزءاً من النظام الذي قمع الثورة الشعبية وشاركت في فض اعتصام القيادة العامة عام ٢٠١٩، ثم شاركت في إنقلاب ٢٥ أكتوبر. لا يمكن لمن شارك في قمع المطالبين بالديمقراطية أن يدعي حمايتها. وحتى إن صدقنا إعتذاره عن الإنقلاب وأنه غير مساره، فإن الإنتهاكات الواسعة وسلوك وخطاب قواته على الأرض يُكذِب هذا الإدعاء. الحقيقة هي أن جميع إدعاءات حميدتي تكذبها أفعال قواته.

*الأزمات الإنسانية*

الادعاء:
حميدتي أشار إلى أن الحرب تسببت في أزمات إنسانية واجتماعية واقتصادية، لكنه تجاهل الإشارة إلى دور قواته في تفاقم هذه الأزمات.

التفنيد:
قوات الدعم السريع مسؤولة بشكل مباشر عن تفاقم الأوضاع الإنسانية. التقارير الدولية توثق تورطها في إحراق القرى، قصف المدنيين، اغتصاب النساء، ونهب المدنيين والمساعدات الإنسانية. تحميل الحرب بشكل عام المسؤولية دون الاعتراف بالدور المباشر لهذه القوات هو محاولة بائسة للتنصل من المسؤولية.

*الدعوة لإنهاء الحرب وبناء جيش جديد*

الادعاء:
حميدتي دعا إلى وقف الحرب وتأسيس جيش قومي مهني.

التفنيد:
هذا الموقف يتسم بالنفاق. قوات الدعم السريع ليست جيشاً قومياً، بل ميليشيا بنيت على أسس قبلية، وكانت جزءاً من الصراعات في دارفور. الدعوة إلى بناء جيش قومي مهني تأتي في وقت تشارك فيه هذه القوات في حرب مدمرة للسودان. ومع حقيقة أن الجيش به إختلالات، إلا أن حميدتي أيضاً لم يسبق أن يتطرق إلى أن قواته هي مليشيا قبلية تتزعمها أسرة بل أخوين أحدهما قائد القوات والثاني نائبه، مما يعكس تناقضاً واضحاً.

*رفض العنصرية وخطابات الكراهية*

الادعاء:
حميدتي دعا إلى وقف العنف العنصري وخطابات الكراهية، مدعياً أن قواته تعمل على تحقيق الوحدة الوطنية.

التفنيد:
تتناقض هذه الادعاءات مع الواقع على الأرض، حيث تورطت قوات الدعم السريع في تصعيد خطاب الكراهية والعنف على أسس عرقية، خاصة في الخرطوم والجزيرة ودارفور. التقارير تشير إلى استهداف منهجي لجماعات عرقية معينة، وهو ما يناقض دعوته لنبذ العنصرية.

*السلام الحقيقي ومعالجة جذور الحروب*

الادعاء:
حميدتي دعا إلى سلام يعالج جذور الحروب ويعيد بناء السودان على أسس جديدة.

التفنيد:
قوات الدعم السريع نفسها جزء من جذور الحروب في السودان، إذ لعبت دوراً محورياً في تأجيج الصراعات العرقية والقبلية في دارفور، والآن في أجزاء واسعة من البلاد. دعوة حميدتي للسلام تبدو محاولة لتجميل صورته الرَثة أمام المجتمع الدولي، وليس التزاماً حقيقياً بحل جذور الأزمات.

*ضبط المتفلتين*

الادعاء:
حميدتي تحدث عن ضبط "المتفلتين" عامة وفي صفوف قواته.

التفنيد:
هذا الادعاء يتكرر في معظم خطابات حميدتي. ومع ذلك، لم نرَ أي محاسبة فعلية أو شفافية في التحقيقات. الحديث عن "متفلتين" هو محاولة مكشوفة للتنصل من المسؤولية المباشرة عن الجرائم. كذلك فإن حجم الإنتهاكات وتكرارها يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنها ترتكتب بواسطة الدعم السريع وليست تفلتات محدودة. أيضاً فإدعاءاته الكثيرة بالسيطرة تتناقض مع وجود متفلتين.

*رفض تقسيم السودان*

الادعاء:
حميدتي حذر من مخططات تقسيم السودان التي يتبناها "الفلول".

التفنيد:
الانتهاكات التي ترتكبها قوات حميدتي كذلك هي من أكبر المهددات لوحدة السودان. استهداف المدنيين والتسبب في نزوح ملايين الأشخاص يعمّق الانقسامات الاجتماعية والجغرافية، مما يجعل دعوته لوحدة السودان فارغة من المضمون.

خطاب حميدتي الأخير هو إحدى محاولاته الفاشلة لإعادة صياغة صورته كمدافع عن الديمقراطية والسلام، لكنه مليء بالتناقضات والادعاءات الزائفة. مسؤولية الدعم السريع عن الانتهاكات والدمار الذي لحق بالسودان لا يمكن إنكارها. القوى المدنية مطالبة بالتصدي لهذا الخطاب وتفكيك زيفه، مع التركيز على تحقيق العدالة للضحايا والعمل على بناء سودان جديد فعلاً، خالٍ من حكم الميليشيات.

mkaawadalla@yahoo.com

محمد خالد  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

“نيويورك تايمز” تكشف بالأدلة جرائم حرب ترتكبها “الدعم السريع” وتحدد اسماء القادة المسؤولين عنها

نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أدلة مدعومة بمقاطع فيديو، جمعها فريق التحقيقات المرئية التابع لها، توثق فظائع قالت إن قوات الدعم السريع ارتكبتها في السودان خلال عام ونيف منذ اندلاع الحرب بينها وبين الجيش السوداني في 15 أبريل/نيسان 2023.

فى تحقيق إستقصائى إستغرق 6 أشهر

"نيويورك تايمز" تكشف بالأدلة جرائم حرب ترتكبها "الدعم السريع" وتحدد اسماء القادة المسؤولين عنها

1/1/2025

واشنطن– "الجزيرة - نت"

نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أدلة مدعومة بمقاطع فيديو، جمعها فريق التحقيقات المرئية التابع لها، توثق فظائع قالت إن قوات الدعم السريع ارتكبتها في السودان خلال عام ونيف منذ اندلاع الحرب بينها وبين الجيش السوداني في 15 أبريل/نيسان 2023.

وتكشف الأدلة المرئية التي جمعتها الصحيفة الأميركية وحللتها على مدى أشهر، هويات قادة قوات الدعم السريع الذين كان جنودهم يرتكبون "فظائع" تحت أنظارهم في جميع أنحاء السودان.

وقالت إن هذا التحقيق الاستقصائي الموثق بلقطات مصورة، أتاح لها تحديد 10 من قادة قوات الدعم السريع أثناء إشرافهم على جرائم حرب محتملة وتحديد مواقع العديد من مسارح عملياتهم الأخرى، منوهة إلى أن قائدهم الأعلى الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، هو الذي قد يتحمل المسؤولية الكاملة.

وأضافت أن السودان ينوء تحت وطأة حرب أهلية وحشية يتنازع طرفاها السيطرة على البلاد، حيث طُرد 11 مليون شخص من ديارهم، وقُتل عشرات الآلاف.

ومع أن الأمم المتحدة اتهمت الجانبين بارتكاب انتهاكات، فإن التحقيق الاستقصائي الذي أجرته نيويورك تايمز
على مدى 6 أشهر، أظهر أن قوات الدعم السريع ترتكب "فظائع ممنهجة في كل ربوع السودان، بما في ذلك التطهير العرقي الذي تنفذه في الغالب تحت أنظار قادتها".

ومن خلال تحليل العشرات من مقاطع الفيديو الدعائية المعدّة بمهارة والتي تروِّج لقادة المليشيا شبه العسكرية بأنهم أناس محبون لعمل الخير، قام فريق التحقيقات المرئية بالصحيفة بتحديد هيكلية القيادة التي تضم ما لا يقل عن 20 شخصية رئيسية والمناطق التي يعملون فيها.

ووفقا للتحقيق الاستقصائي، فإن مقاتلي قوات الدعم السريع، الذين يخضعون لإمرة هؤلاء القادة، غالبا ما يصورون الفظائع التي يرتكبونها بأنفسهم، وهي أدلة قد تُعرِّض الجناة للمحاسبة يوما ما.

ولهذا السبب، تقول الصحيفة إنها تعاونت مع باحثين في مشروع "سودان ويتنس" (Sudan Witness Project) -الذي يديره "مركز مرونة المعلومات"، وهو منظمة غير ربحية مقرها المملكة المتحدة- لجمع مقاطع الفيديو هذه أثناء تحرك قوات الدعم السريع عبر السودان.

كما قامت بتحليل دوي الطلقات النارية والصور التي التقطتها الأقمار الصناعية، وأجرى فريق التحقيقات المرئية مقابلة مع أحد قادة الدعم السريع في جبهة القتال.

*3 أنماط من الانتهاكات*

وتحدثت نيويورك تايمز أيضا إلى شهود عيان على الحرب من خلال الشراكة مع "شبكة عاين"، وهي مجموعة من المراسلين الذين يعملون في السودان دون الكشف عن هوياتهم.

وبجمع كل تلك الأدلة، استطاع فريق الصحيفة الأميركية أن يتتبع الخطط التي تنتهجها قوات الدعم السريع في تنفيذ عملياتها "الإرهابية" في العديد من الولايات، وتحديد أماكن وجود قادتها في مواقع ارتكابها جرائمها أو بالقرب منها.

وأشارت الصحيفة إلى أنها وثقت 3 أنماط عامة من الانتهاكات، مثل إعدام الأسرى العزل، وإحراق المجتمعات المحلية عمدا، والاعتداء المباشر على المدنيين، بما في ذلك العنف الجنسي.

ولاحظت أن مقاتلي الدعم السريع يمكن التعرف عليهم من خلال زيهم الرسمي الذي يتميز بتمويه خفيف، وعمائمهم المعروفة باسم الكدمول، مشيرة إلى أن فريقها من الصحفيين الاستقصائيين كثيرا ما كانوا يسمعونهم وهم يستخدمون لغة "تطهير عرقي".

ورغم أن الجيش السوداني متهم هو الآخر بارتكاب جرائم حرب، فإن نيويورك تايمز تقول إن التحقيق الذي أجراه فريقها وثق انتهاكات ارتكبتها قوات الدعم السريع على نطاق واسع قد ترقى إلى مستوى "جرائم ضد الإنسانية".

وأفادت أن أحد قادة المليشيا شبه العسكرية، الذي وُجد في مسارح العديد من الفظائع، يُدعى حسين برشم وهو عادة ما يدير المعارك في ولاية كردفان الكبرى. وقالت إنه شوهد في أكتوبر/تشرين الأول، عندما استولت قوات الدعم السريع على مطار منطقة بليلة وحقل نفط رئيسي قريب منه، على بعد 55 كيلومترا جنوب غربي مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان.

وهناك كان برشم يحتفل بالنصر أمام مبنى المطار، لكن الفيديو الذي تم تصويره على الجانب الآخر يظهر جنوده وهم يعدمون مجموعة من الأسرى، حتى إن أحد مسلحيهم كان يطلق النار على أكوام من الجثث على الأرض. وكان بقية المقاتلين يتحلقون حولها وهم يصفقون لقتلهم 14 شخصا، كان العديد منهم يرتدي الزي العسكري للجيش السوداني.

وتفيد الصحيفة أن إعدام هؤلاء الأسرى العزل الذين كانوا يدافعون عن المطار، يعد جريمة حرب، مضيفة أن صورة التقطت بالأقمار الصناعية في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تظهر موقع الإعدام حيث كان برشم يقف على بعد 100 ياردة فقط، وهو من سيتحمل -"بموجب قوانين الحرب"- المسؤولية إذا كان هو من أمر بتنفيذ هذه "الجريمة".

وبعد 8 أشهر من تلك العملية، شاهد فريق التحقيق برشم أثناء تنفيذ عملية إعدام أخرى وهو يقف بجانب 3 آخرين من قادة الدعم السريع، هم صالح الفوتي والتاج التجاني وقائد ميداني اسمه الحركي جون قرنق.

وفي الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان، شاهد فريق نيويورك تايمز، في 20 يونيو/حزيران الماضي، أرتالا من مقاتلي الدعم السريع يدخلون المدينة، وينتشرون في شوارعها وهم يهتفون ويتباهون بقتلهم الرجال، ويهددون آخرين وقعوا في أسرهم.

كان المئات من الجنود السودانيين المدافعين عن الفولة قد فروا جنوبا في وقت سابق من ذلك اليوم، واجتاحت جحافل الدعم السريع المدينة بسهولة. وهناك كان برشم واقفا بينهم بمعية التاج التجاني. وفي مكان قريب، تجمع مقاتلون حول صالح الفوتي. وأثناء الهجوم، طوّقت قوات الدعم السريع 20 رجلا واقتادتهم إلى خارج المدينة.

*تدمير مجتمعات كاملة*

ومن أشهر وقائع الحرب، حسب وصف الصحيفة، إعدام والي غرب دارفور آنذاك، خميس أبكر، على يد قوات الدعم السريع التي كانت قد ألقت عليه القبض في يونيو/حزيران 2023. وأظهر مقطع فيديو تم تصويره بعد ساعات من ذلك، جثته وهي غارقة في دمائه، وذلك بعد أن أجبره قائد يُدعى عبد الرحمن جمعة بارك الله على الدخول إلى أحد المباني.

ولم تسلم مدينة كُتُم في شمال دارفور من بطش قوات الدعم السريع، التي دمّرت مجتمعات كاملة هناك منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي "التكمة" القريبة من مدينة الدلنج في ولاية جنوب كردفان، ضبط فريق التحقيقات المرئية مقاتلين من الدعم السريع متلبسين بإضرام النيران في المنازل والمحلات التجارية، ودمروا نصف مباني القرية.

وفي قرية السدرة بولاية شمال كردفان، شوهد أحد قادة المليشيا وهو يشرف على حرقها وبجواره قائد ميدني يُدعى "قُجّة" يتفاخر والنيران تأكل مزيدا من الأكواخ.

وأوضحت نيويورك تايمز أن قجة ليس القائد الوحيد المتورط في تكتيكات الأرض المحروقة، لافتة إلى أن فريقها من الصحفيين الاستقصائيين اكتشفوا وجود 4 من القادة الآخرين وهم يوجهون قواتهم خلال هجوم مميت دام شهرا.

وكشفت أن أولئك القادة هم: النور القبة وجدو حمدان أبو شوك، وكلاهما من كبار القادة، وعلي رزق الله والزير سالم، وكلاهما من القادة الميدانيين الأقل رتبة، وجميعهم أشرفوا طيلة أسابيع، على حملة "وحشية" للاستيلاء على عاصمة الولاية، الفاشر، من الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه.

وقد حاصر مقاتلو الدعم السريع المدينة، وأحرقوا عشرات القرى النائية في هجمات استهدفت قبيلة الزغاوة.

وفي منطقة طويلة بولاية شمال دارفور غربي السودان، أرغم الحصار الخانق امرأة حبلى في شهورها الأخيرة -قالت نيويورك تايمز إن اسمها إخلاص آدم علي الحاج- على الفرار حيث وصلت إلى قرية قريبة من سد "قولو" حيث شوهد قائد منطقة شمال دارفور من المليشيا، علي رزق الله، يخبر المارة بعدم المغادرة، وأنهم في أمان. ورغم أن السد هو المصدر الرئيس لتزويد المنطقة بالمياه، فإن رزق الله أمر بإغلاقه.

وأوردت الصحيفة أن قائدا ميدانيا من قوات الدعم السريع في الفاشر أخبرها بأن أولئك القادة الكبار هم المسؤولون عما حدث هناك، وليس أدل على ذلك من وجودهم معا أثناء حرق القرية كلها.

*الأرض المحروقة*

ويظهر أحد الفيديوهات الزير سالم يؤذن داخل مسجد في شرق الفاشر في اليوم الأول من يونيو/حزيران. وفي اليوم التالي، كان هو بصحبة اثنين من قادته، هما القبة وأبو شوك، على بعد ألف قدم من المسجد بينما كان المقاتلون يحتشدون، قبل إحراق عدد من مباني المنطقة.

ومع أن قائد قوات الدعم السريع نفى مسؤوليته عن تلك الحرائق، وألقى باللوم على الجيش السوداني، فإن نيويورك تايمز قالت إنها بعد تحليل المقاطع وجدت أن هناك بعض المؤشرات تدل على أن تلك العمليات تتوافق مع تكتيكات الأرض المحروقة التي تتبعها قوات الدعم السريع.

ونقلت عن باحثين من مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل أن هذا دليل على هجوم بري مستهدف. وبحلول شهر أغسطس/آب، كان أكثر من 20 ألف مبنى قد تضرر أو دُمر أو أتت عليه النيران. ويتركز الدمار بشكل كبير في الجزء الشرقي من مدينة الفاشر، "وهي المنطقة التي تتقدم فيها قوات الدعم السريع".

وترى الصحيفة الأميركية أن وجود القادة الكبار، من أمثال القبة وأبو شوك -وهو أحد أقارب حميدتي- يدل على مدى أهمية المدينة بالنسبة لقوات الدعم السريع، ويربطهم عن غير علم بهذه الفظائع.

وتُظهر فيديوهات "لا حصر لها" مقاتلين من قوات الدعم السريع وهم "يجلدون الناس، وينكلون بهم، وأحيانا يطلقون النار عليهم".

ولم تقتصر الأدلة التي جمعها فريق الصحيفة للتحقيقات المرئية على إقليمي دارفور وكردفان وحدهما، بل شمل أيضا عمليات العنف التي تعرضت لها ولاية الجزيرة بوسط البلاد.

وجاء في التحقيق الصحفي أن قوات الدعم السريع ظلت تهاجم المدنيين في الجزيرة بعد انشقاق أبو عاقلة كيكل الذي كان قائدا ضمن تلك المليشيا. وفي موجة انتقامها منه، استهدفت القبيلة التي ينتمي إليها.

ومن بين المناطق التي كانت هدفا لقوات الدعم السريع التي أعملت في سكانها قتلا وتشريدا، قرية السريحة والبلدات والقرى في جميع أنحاء شرق الجزيرة.
وفي كل تلك المناطق، تُقدم قوات الدعم السريع على اعتقال الرجال أو تجبرهم على الهرب تحت تهديد السلاح.

وذكرت الصحيفة أن شهود العيان الذين تحدثت إليهم كانوا يشعرون بالرعب. وقال أحدهم يدعى عمار العوض علم، إنهم سرقوا قطيع أغنامه.

*عنف* *جنسي*

ومضت نيويورك تايمز إلى القول إن الأدلة التي جمعتها عن هجمات المليشيا على مناطق ولاية الجزيرة، تتطابق مع روايات متعددة عن نوع آخر من الانتهاكات، وهو العنف الجنسي، ناقلة شهادات أدلت بها ناجيات لخبراء أجرت معهن الصحيفة مقابلات، من بينهن هالة الكارب، رئيسة منظمة "صيحة" السودانية للدفاع عن النساء.

كما تلقى فريق الكارب شهادات عن حالات اغتصاب حدثت في عدة بلدات في الجزيرة، خاصة في المنطقة التي ينتمي إليها كيكل، وهي تمبول ورفاعة والأزرق من بين البلدات التي يتباهى مقاتلو الدعم السريع بتدميرها.

لكن الصحيفة تشير أيضا إلى أن شهود العيان نادرا ما يتحدثون بشكل مباشر عن العنف الجنسي، خوفا على الضحايا.

ولفتت إلى أن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، والأمم المتحدة، وجماعات أخرى وثقت حالات عنف جنسي في 5 ولايات على الأقل في السودان منذ اندلاع الحرب.

ورغم ذلك، فإن نيويورك تايمز تؤكد أنه على الرغم من مرور عقود على الإبادة الجماعية في إقليم دارفور، فإن شخصا واحدا فقط -تقصد علي كوشيب- هو الذي يمثل الآن أمام المحكمة الجنائية الدولية.

لكن هناك احتمالا أقوى الآن -برأيها- للمساءلة، "فأشرطة الفيديو التي يعتبرها المقاتلون بمثابة تذكارات لانتصاراتهم، سيستخدمها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية دليلا ضدهم".

وهذا ما يجعل الصحيفة الأميركية تشدد على أنه بالإمكان تجميع أنواع مختلفة من الأدلة المتوفرة الآن -من الهواتف والتسجيلات المصورة والصوتية- التي ثبت أنها بالغة الأهمية في الحيلولة دون الإفلات من العقاب.  

مقالات مشابهة

  • توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع» .. هيئة حقوقية: ما يحدث للنساء في ولاية النيل الأزرق «جرائم ضد الإنسانية»
  • هل سيضحون بالدعم السريع؟
  • ارتداد مسيرة إنتحارية على قوات الدعم السريع ومقتل قادة ومقاتلين أجانب
  • أكذوبة الزوارق النهرية…عندما يتحول الوهم إلى سلاح الجيش السوداني!
  • قوات الدعم السريع تنهب مرافق طبية وتحرق أسواق ومنازل في “ود راوة”
  • اغتيال ناشط مجتمعي في شمبات على يد قوات الدعم السريع
  • العدل والمساواة تحدد شروط التسوية السياسية مع قوات الدعم السريع
  • جوهر ومحتوى خطاب قائد الدعم السريع: إحاطة بالحرب وآثارها وموقف حميدتي من منع التفلت
  • “نيويورك تايمز” تكشف بالأدلة جرائم حرب ترتكبها “الدعم السريع” وتحدد اسماء القادة المسؤولين عنها