في إطار تفسيره لسورة البقرة، الآية 243، قال فضيلة الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية السابق، أن الإيمان العميق بالله يُعد الأساس الراسخ للاستقرار النفسي والمجتمعي، وأن حالة الخوف والذعر التي تصيب الناس أحيانًا، نتيجة للجهل أو الافتقار إلى الإيمان، وتؤدي إلى تصرفات غير واعية تضر بالفرد والمجتمع.

التوكل على الله بين الإيمان والعمل

وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن التوكل على الله ليس مجرد قبول بالقضاء والقدر، وإنما هو حالة من الرضا واليقين بأن كل الأمور بيد الله تعالى، هذه الحالة تُثمر في نفوس المؤمنين شجاعة وصبرًا، وتجعلهم قادرين على مواجهة المحن بروح قوية وثقة بالله، مع الأخذ بالأسباب التي أمر بها الإسلام.

التاريخ دروس وعبر

وأوضح فضيلته أن التاريخ مليء بالأحداث التي تعلمنا أهمية التوازن بين الإيمان والعمل، مثلما حدث خلال الطاعون الأسود في القرن الخامس عشر الميلادي، ووباء سنة 749 هجري. فقد كانت تلك الأوبئة امتحانات كبرى للبشرية، وبينت كيف أن الذعر وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية يؤديان إلى تفاقم الكوارث.

الإجراءات الوقائية جزء من الإيمان

وأكد جمعة أن الالتزام بالعزل الطبي والإجراءات الوقائية لا يتعارض مع الإيمان بالله، بل هو جزء من الأخذ بالأسباب التي حث عليها الدين الإسلامي، فالإنسان المؤمن يجمع بين التوكل على الله والعمل بما أمر به من تدابير لحماية النفس والآخرين.

الإيمان يوحّد المجتمع

وأشار جمعة إلى أن الله سبحانه وتعالى يوضح في هذه الآية الكريمة أن أساس الاجتماع البشري ليس فقط القوة المادية، وإنما عمق الإيمان الذي يجمع الناس ويوحد صفوفهم، فالإيمان يجعلهم قادرين على مواجهة التحديات بروح واحدة، تسودها المحبة والتعاون، مما يؤدي إلى النهوض بالمجتمعات وتقدمها.

واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بأن الإيمان والعمل وجهان لعملة واحدة في الإسلام، داعيًا المسلمين إلى التحلي بالصبر والشجاعة، واستحضار الإيمان في كل خطوة من خطوات حياتهم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جمعة الله الإيمان الخوف والذعر الإيمان والعمل

إقرأ أيضاً:

روشتة نبوية: "تعمل إيه لو شوفت حلم مفزع أو كابوس؟"

روشتة نبوية: "تعمل إيه لو شوفت حلم مفزع أو كابوس؟"، تعد الأحلام جزءًا من حياة الإنسان اليومية، قد تكون مصدرًا للراحة أو التوتر، في بعض الأحيان، يشعر المسلم بالقلق أو الخوف من بعض الأحلام المفزعة أو الكوابيس التي قد تؤثر عليه نفسيًا أو روحيًا. وفي الإسلام، قدم لنا الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم توجيهًا هامًا في كيفية التعامل مع هذه الأحلام، لتهدئة النفوس وحمايتها من تأثيراتها السلبية.

الأحلام في الإسلام: بين الخير والشرالأحلام في الإسلام تقسم إلى ثلاثة أنواع:

1. الرؤيا الصادقة: وهي من الله سبحانه وتعالى، وهي تلك الأحلام التي تحمل رسائل طيبة أو بشارات خير.


2. أحلام من الشيطان: وهي الأحلام التي تثير الخوف والقلق وتكون محض تخيلات شيطانية تهدف إلى إزعاج المؤمن.


3. الأحلام الناتجة عن النفس: وهي ما تنشأ بسبب الضغوط النفسية أو الأفكار المزعجة التي يتعرض لها الشخص في حياته اليومية.

 

وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الرؤيا الصادقة من الله، والحلم من الشيطان» (رواه البخاري). هذا التوضيح يظهر أن الأحلام ليست جميعها سواء، وأن الإنسان يجب أن يكون واعيًا لهذا التمييز بين الأحلام الطيبة التي تريح القلب، والأخرى التي قد تأتي من الشيطان.

التوجيهات النبوية في التعامل مع الكوابيس والأحلام المفزعة

حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخوف والهلع الذي قد ينتج عن الكوابيس، وأرشدنا إلى كيفية التعامل معها بما يبعث الطمأنينة في قلوب المؤمنين، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي توضح كيف ينبغي للمسلم أن يتعامل مع الكوابيس والأحلام المفزعة:

1. الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأى أحدكم ما يكره، فليتعوذ بالله من الشيطان، وليستعذ من شرها، فإنها لا تضره» (رواه مسلم). وهذا يعني أن الاستعاذة بالله هي أولى خطوات التخلص من تأثير الأحلام المفزعة.


2. التغيير في النوم: أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى تغيير وضعية النوم إذا حدثت كوابيس، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا رأى أحدكم ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثًا، وليتعوذ بالله من الشيطان» (رواه البخاري)، تغيير وضعية النوم يمكن أن يكون خطوة عملية في التخلص من أثر الكوابيس.


3. الدعاء والذكر: الدعاء والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى يعتبر من أقوى وسائل الحماية من الكوابيس، حيث يطمئن قلب المسلم ويشعر بالسلام الداخلي. ومن الأدعية المشروعة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: «اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت» (رواه مسلم).


4. التصدق والدعاء للمغفرة: في بعض الأحيان، قد تكون الكوابيس ناتجة عن الذنوب والمعاصي، لذا فإن الصدقة والدعاء بالاستغفار يمكن أن يساعدا في تطهير النفس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نام ولم يصب خيرًا فليستغفر الله، فإنا قد علمنا أن هذه الأحلام قد تكون من الشيطان» (رواه ابن ماجه).


5. الوضوء والصلاة: إذا شعر المسلم بأن ما رآه من أحلام مفزعة يزعجه أو يرهقه، فإن التوضؤ والصلاة تعتبر من أفضل الوسائل التي تبعث الطمأنينة والسكينة في القلب. الصلاة تجعل المسلم في حالة من الاستعاذة بالله وتدفع عنه وساوس الشيطان.

 

رسالة الإسلام في حماية النفس البشرية

يظهر من خلال التوجيهات النبوية أن الإسلام يعترف بتأثير الأحلام على النفس البشرية، ويعلمنا كيفية حماية أنفسنا من تأثيراتها السلبية. فالله سبحانه وتعالى أمرنا أن نلتجئ إليه في جميع الأحوال، سواء في الرؤيا الطيبة أو الأحلام المفزعة، وأن نأخذ بالأسباب التي تجعلنا في منأى عن شرور الشيطان وهمزاته.

 

إن تعاملنا مع الأحلام المفزعة أو الكوابيس يجب أن يكون وفقًا لما أرشدنا به ديننا الحنيف، من خلال الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والدعاء، والتغيير في وضعية النوم، والتوكل على الله. فالإسلام لا يقدم فقط التوجيهات الدينية في العبادة، بل يعزز السلام الداخلي والاطمئنان الروحي للمسلم، ليعيش في سلام نفسي بعون الله ورعايته.

مقالات مشابهة

  • روشتة نبوية: "تعمل إيه لو شوفت حلم مفزع أو كابوس؟"
  • تحت شعار “الإيمان يمان”.. وزارة الداخلية تقيم ندوة بمناسبة عيد جمعة رجب
  • علي جمعة: لا حياء في الدين مقولة خاطئة والصحيح لا حرج في الدين
  • علي جمعة: التوكل على الله أن تكون راضيا بسلطانه عاملا بأوامره متعلقا بفضله
  • عالم بالأوقاف: حسن الظن بالله هو مفتاح الخير فى الأوقات العصيبة
  • خطبة الجمعة من الجامع الأزهر| الدكتور محمود الهواري يكشف عن معنى جميل في آية الأشهر الحرم.. ظلم الإنسان لنفسه ذكر في القرآن 28 مرة
  • انتبه، نشال!: المرأة التي غزت الانترنت لمكافحتها الجريمة بشوارع البندقية
  • جمعة رجب.. ذكرى الدمار والمؤامرة التي هزّت اليمن والعالم
  • 3 أعمال تبيض بها صحيفتك في شهر رجب يغفلها الكثيرون