الجزيرة:
2024-10-01@01:43:03 GMT

الرحيل من تونس.. عندما تصبح مخاطر الهجرة أكثر أمانا

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

الرحيل من تونس.. عندما تصبح مخاطر الهجرة أكثر أمانا

تونس- رغم ترحيله قبل أشهر من بلجيكا إلى تونس بسبب الهجرة غير النظامية والاشتباه في حيازته سلاحا، ما يزال حلم العودة عبر قارب نحو سواحل أوروبا يراود العشريني "سيف قطيف" كغيره من الحالمين بالهروب من جحيم الفقر.

ويختلج هذا الشاب شعور عميق بالإحباط لعودته خائبا، ويقول للجزيرة نت إنه يتألم لترحيله بسرعة إلى حيّه الشعبي الفقير خالي الوفاض، بينما يرى غيره ممن هاجر لأوروبا سالكا طريقه.

كاد يواجه السجن في بلجيكا مع صديقه وابن حيه المكنى بولد بوعلي، بعدما داهمت الشرطة منزلا استأجراه وعثرت داخله على مسدس، لكن باعتباره خاليا من السوابق تم ترحيله عبر الطائرة فورا إلى تونس، بينما زُج بصديقه السجن.


شباب ضائع

لم تطو بعد صفحة الهجرة، إذ يؤكد قطيف أن عودته عبر قارب إلى أوروبا مسألة وقت، إلى حين جمعه المال الكافي والعثور على رحلة مضمونة لا تقع في قبضة خفر السواحل، في ظل تشديد الرقابة على السواحل في إطار اتفاق تونسي أوروبي.

ويقول الشاب "لقد سئمت العيش في هذا البلد. هنا شباب حيّنا يسدون رمقهم بالمخاطرة في تجارة المخدرات. لا يمكنك الحكم عليهم لأنه لا خيار لهم في هذا الجحيم" معتبرا أن "الحديث عن حقوق وحريات الشباب مجرد كذب تطلقه السلطة".

وانقطع قطيف عن التعليم مبكرا في سن الـ 15 ليجد نفسه ضائعا بين شباب حيّه المعطل عن العمل. وبسبب غياب الأفق خطط للهجرة نحو أوروبا عبر قارب مع مجموعة من الشبان، فكان على والديه تأمين المال كي لا يلجأ لارتكاب جريمة.

واضطر والده للاقتراض، وباعت والدته جزءا من مصوغها لتأمين رحلته بنحو ألفي دولار، وعند نجاحه في الوصول إلى الساحل الإيطالي ركب القطار نحو باريس ليلتقي صديقه ويسافرا إلى بلجيكا لكسب المال، لكن حلمهما تبخر.

هذه واحدة من مآسي شباب تونسي يحلم بالهجرة فرارا من الفقر والبطالة، في بلد يعاني من انكماش اقتصادي ولم يتخط نموه عتبة 1.3% خلال النصف الأول من هذا العام، بينما ترتفع البطالة إلى 15.6%، حسب معهد الإحصاء (حكومي).


المآسي تتكرر

وتتكرر يوميا محاولات الهجرة غير النظامية التي تقل تونسيين أو أفارقة من جنوب الصحراء باتجاه سواحل أوروبا. ولا تكاد تخلو نشرات الأخبار من حوادث غرق مراكب المهاجرين قبالة السواحل التونسية، أو إحباط عمليات الهجرة عبر القوارب.

ورغم أن أزمة المهاجرين الأفارقة في تونس استأثرت بقدر كبير من الاهتمام، فإن تخبط هذا البلد في أزمة مالية واقتصادية خانقة زاد في تأزم محاولات الهجرة غير النظامية من مختلف الشرائح والأعمار، بحثا عن الأمل المفقود.

وقد كشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية -اعتمادا على بيانات الداخلية الإيطالية- أن عدد التونسيين الذين وصلوا إيطاليا بطريقة غير نظامية بلغ نحو 6087 شخصا، من بداية العام الجاري إلى 31 يوليو/تموز الماضي.

وفي الفترة ذاتها، أحبطت السلطات أكثر من 35 ألف محاولة هجرة غير نظامية من تونس نحو سواحل إيطاليا من جنسيات وطنية أو غير تونسية، لكن الرقم أكبر بكثير في ظل غياب المعلومات من الجانب الرسمي التونسي.


انسداد الأفق

في هذا السياق، قال رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عبد الرحمان الهذيلي إن عمليات الهجرة غير النظامية أو حتى النظامية شهدت طفرة كبيرة الآونة الأخيرة، بسبب ما وصفه بتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانسداد الأفق وغياب أي حلول من السلطة.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الهذيلي "لدينا ارتفاع مهول في عدد التونسيين الراغبين في الهجرة، سواء من المعطلين عن العمل والمنقطعين عن الدراسة، أو من قبل اليد العاملة المختصة والكفاءات كالمهندسين والأطباء" مشيرا إلى وجود انسداد للأوضاع زاد في تعميق الأزمة بالبلاد.

وكشفت معطيات رسمية -نشرتها حديثا الوكالة التونسية للتعاون الفني- عن تطور هجرة الكفاءات إلى أوروبا ودول الخليج العربي والبلدان الأميركية بنسبة 20% خلال النصف الأول من العام الجاري، وتصدرت كندا قائمة الدول المستقطبة لهم.

ويوضح الهذيلي أن تونس تشهد معضلة تتمثل في الانقطاع المبكر عن التعليم من قبل الشبان بنحو 100 ألف طالب سنويا، وهو "خزان بشري كبير يدفعه الفقر والبطالة والتهميش وفقدان الأمل إلى ركوب المخاطر بحثا عن حياة أفضل".


هجرة مكثفة

واعتبر رئيس المنتدى الحقوقي أن ركوب الأخطار نحو السواحل الإيطالية لم يعد مقتصرا على الهجرة التقليدية بمراكب الصيد الكبيرة، بل أصبح عبر زوارق صغيرة يسهل شراؤها والرحيل على متنها، اعتمادا على الهواتف الجوالة لتحديد الاتجاه.

ورغم اتفاق تونس مع الجانب الأوروبي -بوساطة إيطالية- لتقديم مساعدات مالية لها مقابل تعزيز الرقابة على السواحل البحرية، يقول الهذيلي "خفر السواحل غير قادرين على مجابهة الرحلات السرية المهولة لاسيما مع تحسن الأحوال الجوية".

ويبلغ الشريط الساحلي التونسي نحو 1300 كيلومتر، وتعتبر محافظة صفاقس الساحلية جنوب العاصمة واحدة من أكبر نقاط انطلاق عمليات الهجرة غير النظامية. لكن الهذيلي يقول إن مدنا أخرى كالمهدية وبنزرت وقليبية باتت هي الأخرى منافذ للعبور.


انكماش حاد

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أن الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية تعد سببا رئيسيا مباشرا في تفاقم الهجرة، لافتا إلى وجود عوامل طاردة للتونسيين بسبب ارتفاع الأسعار وضعف التشغيل وتراجع الاستثمار وعدم وضوح الرؤية.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال الشكندالي إن نسبة النمو الاقتصادي لم تتجاوز خلال النصف الثاني من العام الجاري 1.2% مقابل 1.8% كانت مقدرة من الحكومة، معتبرا أنها نسبة ضعيفة وغير قادرة على امتصاص البطالة، مما يزيد في فقدان الثقة بسوق الشغل.

ورغم أن معهد الإحصاء كشف عن تراجع البطالة إلى 15.6% بالربع الثاني من العام الجاري مقابل 16.1% بالربع الأول من هذا العام، فإنه يرى أن سبب هذا التراجع يعود لانخفاض طلبات الشغل من العاطلين لاهتمامهم بالهجرة أكثر.

وأوضح المعهد أن نسبة البطالة تراجعت أساسا عند الشباب من الذكور بنحو نصف نقطة، بسبب بعزوفهم عن البحث عن العمل لأسباب عدة، منها كساد سوق الشغل وارتفاع الأسعار وصعوبة النفاذ للقروض وانعدام الأفق والثقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الهجرة غیر النظامیة العام الجاری

إقرأ أيضاً:

انتشال جثث 12 شخصا بينهم 3 رضع وإنقاذ 29 بعد غرق مركبهم قبالة سواحل تونس

أعلنت السلطات التونسية، الاثنين، عن انتشال جثث 12 مهاجراً تونسياً بعد غرق مركب قرب سواحل مدينة جربة، جنوب شرق البلاد، كان يحمل عدداً من المهاجرين، من بينهم نساء وقصّر.

 وأوضح المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في محافظة مدنين، فتحي البكوش، أن الحادث وقع بعد ساعات قليلة من إبحار المركب في منطقة الحشاني القريبة من سواحل جربة.

وأكد البكوش في تصريحات صحفية أن الغرق أسفر عن وفاة 12 شخصاً، بينهم 3 رضع و4 نساء و5 رجال، بينما تم إنقاذ 29 آخرين، من بينهم رضيع.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة في مدنين أن "عمليات البحث عن المفقودين ما زالت مستمرة"، مشيراً إلى أن "جميع المهاجرين الذين كانوا ينوون الوصول إلى إيطاليا ويحملون الجنسية التونسية وينحدرون من مناطق مختلفة من محافظات البلاد، بما في ذلك مدينة جربة التي انطلق منها المركب".


وأضاف أن النيابة العامة فتحت تحقيقاً في حادث غرق المركب، بهدف الكشف عن المتورطين في تنظيم رحلة الهجرة غير الشرعية، وتحديد المسؤوليات المتعلقة بوفاة 12 تونسيًا.

وفقاً لبيانات منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يشكل الضحايا المفقودون على السواحل التونسية هذا العام حوالي 33% من إجمالي المفقودين في البحر الأبيض المتوسط. وبلغ عدد القتلى والمفقودين 480 شخصاً من أصل 5662 ضحية حتى 11 أيلول/ سبتمبر الجاري.

وأعلن رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، عبر منشور على صفحته الرسمية في "فيسبوك" أن عمليات البحث عن 10 مفقودين لا تزال مستمرة. وأوضح أن أغلب ركاب المركب المنكوب يحملون الجنسية التونسية، باستثناء اثنين من حاملي الجنسية المغربية. كما أضاف أن اثنين من الناجين تم نقلهما إلى المستشفى بسبب تدهور حالتهما الصحية.

وحادثة غرق المركب قبالة سواحل جربة تُعد الثانية خلال أسبوع واحد، حيث تم الإعلان في 25 أيلول/ سبتمبر الجاري عن انتشال جثث 13 مهاجراً قبالة سواحل مدينتي سلقطة والشابة بمحافظة المهدية.


 وتعود الجثث لمهاجرين من دول جنوب الصحراء، دون تحديد الجنسيات. ويستمر البحر كطريق رئيسي للهجرة غير النظامية بنسبة 68%، مقارنة بـ32% لمحاولات الهجرة البرية، وفق إحصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

وفي هذا العام، نجحت القوات البحرية التونسية في إحباط 3654 محاولة هجرة غير نظامية، ما أسفر عن توقيف 32,766 مهاجراً، بحسب بيانات المنتدى. وتدعم السلطات الإيطالية جهود تونس في مكافحة الهجرة غير النظامية، بعد توقيع اتفاق شراكة بين البلدين قبل حوالي 16 شهراً.

مقالات مشابهة

  • مقتل 12 مهاجرا قرب سواحل تونس
  • كان إرهابياً وحشياً.. بلينكن: العالم أكثر أماناً من دون نصرالله
  • بلينكن يتحدث عن عالم أكثر أماناً من دون نصرالله
  • بلينكن: العالم بات أكثر أماناً بعد اغتيال نصر الله
  • انتشال جثث 12 شخصا بينهم 3 رضع وإنقاذ 29 بعد غرق مركبهم قبالة سواحل تونس
  • انتشال 12 جثة بينهم 3 رضع وإنقاذ 25 بعد غرق مركبهم قبالة سواحل تونس
  • مصرع مهاجرين بينهم «3» رضّع إثر غرق قاربهم قرب سواحل تونس
  • مصرع مهاجرين بينهم 3 رضّع إثر غرق قاربهم قرب سواحل تونس
  • مآسي المهاجرين في تونس تكشف عن فشل اتفاقيات الهجرة مع أوروبا
  • زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ: الأميركيون والشرق الأوسط أكثر أمانا بدون نصر الله