أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً تناول من خلاله “توقعات المؤسسات الدولية لأداء الاقتصاد المصري خلال عام 2025”. 

وأوضح التقرير أن العالم شهد في عام 2024 تحديات اقتصادية طالت تأثيراتها مختلف الدول، وشكلت استمرارًا لفترة مضطربة اقتصاديًّا على المستوى الدولي، نتيجة التوترات الجيوسياسية العالمية والإقليمية، ومواصلة تشديد السياسات النقدية في عدد من البنوك المركزية لمكافحة التضخم، مع استمرار بعض التحديات التي تواجه سلاسل الإمداد التي ما زالت لم تتعاف بشكل تام من آثار جائحة كوفيد -19، ومن بعدها الأزمة الروسية الأوكرانية، والتوترات في منطقة الشرق الأوسط.

ومع استقبال العام الجديد، تتباينت توقعات أداء الاقتصاد المصري بما يعكس الآمال والطموحات، وأيضاً استمرار التداعيات القائمة للتحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، وسط أجواء تتواصل فيها جهود الدولة المصرية على عدد من الأصعدة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، ودفع وتيرة النمو الشامل والمستدام، الأمر الذي جعل من الأهمية ضرورة التعرف على أهم توقعات المؤسسات الدولية لأداء الاقتصاد المصري خلال عام 2025.

وأشار التقرير في بدايته، إلى توقعات المؤسسات الدولية بشأن نمو الاقتصاد العالمي خلال 2025، مشيراً إلى كونه نمو عالمي حذر في مواجهة التحديات العالمية، حيث تضمنت توقعات صندوق النقد الدولي المتضمنة في تقريره بشأن آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أكتوبر 2024، استقرار وتيرة النمو العالمي عند معدلات دون المأمولة تقدر بنحو 3.2% في عام 2025 وهي نفس المعدلات المتوقعة لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2024، فيما توقع الصندوق تسجيل معدل نمو الاقتصاد العالمي لمستوى 3.1 % بعد خمس سنوات من الآن، وهو أداء يُعد متواضعًا مقارنة بمتوسط معدل النمو المسجل قبل جائحة كوفيد-19.

وأضاف التقرير أنه على مستوى مجموعات الدول، توقع الصندوق تحسنًا طفيفًا في معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة لتسجل 1.8% خلال عامي 2024 و2025، مقارنة بـنحو 1.7% في عام 2023، وفي المقابل، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصادات الدول النامية والاقتصادات الناشئة بشكل طفيف لتبلغ 4.2% خلال عامي 2024 و2025، مقارنة بـ 4.4% في عام 2023.

وأشار إلى أن الاضطرابات في إنتاج وشحن السلع الأساسية - وخاصة النفط - والصراعات والاضطرابات والأحداث المناخية القاسية أدت إلى تراجع التوقعات المستقبلية لدول منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وإفريقيا جنوب الصحراء، وفي المقابل تحسنت التوقعات بشأن معدلات نمو دول آسيا الناشئة، مدفوعًا بتزايد الطلب على أشباه الموصلات والإلكترونيات بسبب تنامي الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي.

وفي السياق ذاته، توقع البنك الدولي في تقريره "الآفاق الاقتصادية العالمية" في يونيو 2024، ارتفاع النمو العالمي إلى نحو 2.7% في عام 2025 وهو ما يمثل تحسنًا طفيفًا مقارنة بالنمو المتوقع لعام 2024 عند مستوى 2.6%، وهو أقل بكثير من المتوسط البالغ 3.1% في العقد السابق على تفشي جائحة كوفيد 19.

أما فيما يتعلق بالاقتصاد المصري، فقد أشار التقرير إلى أنه واجه عددًا من التحديات خلال عام 2024 ناتجة عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية والإقليمية، والتي أثَّرت بدورها على العديد من الدول من بينها مصر خاصةً مع استمرار التوترات الجيوسياسية الإقليمية وتأثيراتها غير المواتية على سلاسل الإمداد العالمية، ومع مختلف تلك الظروف الاقتصادية الضاغطة بذلت الدولة المصرية جهودًا كبيرة للتعامل مع هذه التحديات مرتكزة على خطط إصلاح اقتصادي وإجراءات موجهة لتحفيز النمو.

وأوضح التقرير أنه في عام 2024 واصلت الحكومة المصرية تنفيذ وثيقة سياسة الملكية التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري وتقليل تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وفي هذا الإطار تم تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الذي أسهم في جمع نحو 30 مليار دولار حتى يونيو 2024 مع التركيز على تحسين حوكمة الأصول المملوكة للدولة وفقًا لأفضل المعايير الدولية، وشمل الإصلاح مشروع تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها بهدف تحسين الكفاءة وجذب الاستثمارات وتعزيز المنافسة وحوكمة الأسواق المالية. 

كما تم إنشاء وحدة مركزية بمجلس الوزراء تسمى "وحدة حصر ومتابعة الشركات المملوكة للدولة" لمتابعة تنفيذ هذه الإصلاحات وفقًا لآليات محددة، كما تم جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث تم إبرام صفقة لتطوير منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي مع شركة أبو ظبي التنموية القابضة (ADQ) في فبراير 2024 بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار أمريكي.

وتتوقع العديد من المؤسسات الدولية نموًا إيجابيًا للاقتصاد المصري في عام 2025 نتيجة الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الإصلاحات إلى زيادة الاستثمارات وارتفاع معدلات الاستهلاك الخاص نتيجة لتراجع التضخم وارتفاع تحويلات العاملين بالخارج، وبناءً على هذه العوامل يُتوقع ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصري لعام 2025 لتتراوح ما بين 3.5% إلى 4.5%. 

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يشهد الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 4% في عام 2025 مقارنًة بنمو متوقع بنسبة 2.7% في 2024، ومن المتوقع أيضاً أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة إلى 8.7 تريليونات جنيه في 2025 مقابل 8.4 تريليونات جنيه في 2024، كما يتوقع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ليصل إلى 17.5 تريليون جنيه في 2025 مقارنًة بنحو 13.8 تريليون جنيه في 2024. 

وتأتي هذه التوقعات لتعكس انتعاشًا متوقعًا لأداء الاقتصاد المصري مع تطوير منطقة رأس الحكمة وتلاشي الضغوط الجيوسياسية في النصف الثاني من السنة المالية 2024/ 2025، وعلى المدى المتوسط يتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع وتيرة نمو الاقتصاد المصري خلال الفترة (2025- 2029) لتسجل نحو 5% بما يعكس الأثر الإيجابي لتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تعزيز مناخ الأعمال.

ووفقًا لتوقعات البنك الدولي من المفترض أن يبدأ نمو الاقتصاد المصري في التعافي التدريجي، حيث يُتوقع أن يصل معدل نمو الناتج المحلي إلى 3.5% و4.2% في عامي 2025 و2026 على التوالي، وذلك مقارنًة بـ 2.5% في عام 2024، مدفوعًا بعدة عوامل رئيسة؛ من بينها زيادة الاستثمارات، لا سيما تلك الممولة من اتفاقية رأس الحكمة، إلى جانب تحسُن الاستهلاك الخاص والذي يتوقع البنك نموه بنسبة 4.8% في عام 2025 مقارنة بـ 4.6% في عام 2024.

وفي ذات السياق، تأتي توقعات مؤسسة فيتش سوليوشنز بشأن استمرار تعافي الاقتصاد المصري، حيث تتوقع ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 2.4% في عام 2023/ 2024 إلى 3.7% في عام 2024/ 2025، مدفوعًا بانتعاش الصادرات غير النفطية والاستثمارات، كما تتوقع المؤسسة تسارع النمو إلى 5.1٪ في 2025/ 2026، ارتفاعًا من توقعاتها السابقة البالغة 4.7٪، حيث تتوقع أداء أقوى لقطاع الخدمات؛ بسبب تخفيف المخاطر الجيوسياسية، وأن يكون النشاط الاستثماري أقوى بسبب الاستثمار الأجنبي وانخفاض تكلفة الاقتراض.

وأشار التقرير إلى أنه وفقًا لمؤسسة "فيتش سوليوشنز" من المتوقع أن يشهد الاستهلاك النهائي الخاص في مصر نموًا ملحوظًا خلال الفترة من 2024 إلى 2027، حيث يُتوقع أن يصل الاستهلاك في عام 2025 إلى حوالي 15 تريليون جنيه مصري، مقارنة بـ 12.26 تريليون جنيه في 2024، مما يعكس تحسنًا في القدرة الشرائية نتيجة لتحسن مستويات الدخل وتخفيف الضغوط التضخمية.

كما يُتوقع أن يظل الاستهلاك الخاص يشكل نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي، تصل إلى 88.4% في 2025. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يرتفع تكوين رأس المال الثابت إلى 1.98 تريليون جنيه في 2025 مقارنة بـــ 1.72 تريليون جنيه في 2024، مدفوعًا بزيادة التمويل الموجه لمشروعات البنية التحتية الكبيرة، ويُتوقع أن تساهم الجهود الأخيرة لتحسين بيئة الأعمال وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد في جذب الاستثمارات الأجنبية خارج قطاع الهيدروكربونات.

وأشارت مؤسسة فيتش إلى أنه من العوامل المحفزة للناتج المحلي الإجمالي في 2025 نمو القطاع الصناعي والتصديري، حيث شهد قطاع التصنيع نموًا بنسبة 2.8% في الربع الرابع من السنة المالية 2023/ 2024، بعد انكماش استمر منذ الربع الأول من 2022/ 2023، كما استفاد القطاع من توافر النقد الأجنبي وتراجع قيمة العملة المحلية، مما ساعد في تعزيز الصادرات غير النفطية، وتتوقع المؤسسة أيضاً أن تحقق الصادرات نموًا بنسبة 2.8% في السنة المالية 2024/ 2025.

وفي السياق ذاته يتوقع "بنك جولدمان ساكس" ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 2.4% في العام المالي 2023/ 2024 إلى 4.5% في العام المالي 2024/ 2025. كما تتوقع مؤسسة أكسفورد إيكونومكس إفريقيا، ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي من 2.7% في عام 2024 إلى 3.9% في عام 2025.

وأشار التقرير إلى أنه في إطار ما بذلته الدولة المصرية خلال السنوات الماضية من جهود حثيثة لمواجهة البطالة ورفع معدلات التوظيف في مختلف القطاعات بما يتماشى مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وانعكاسًا للجهود الإصلاحية التي قامت بها الدولة في إطار الاقتصاد المصري ودعم القطاع الخاص وتحسُن أداء الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى برامج وسياسات لتأهيل الكوادر العاملة ورفع كفاءتها، فقد شهد معدل البطالة في مصر تراجعًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، ليصل إلى 6.5% في الربع الثاني من عام 2024، وهو المعدل الأدنى الذي استطاعت الدولة تحقيقه على مدار أكثر من عشرين عامًا، ويعود هذا التراجع في معدلات البطالة إلى جهود الدولة في مجال تمكين القطاع الخاص، علاوة على وضع العديد من السياسات والبرامج القومية لمواجهة البطالة، ومنها برامج الإصلاح الهيكلي، وبرنامج "فرصة"، وكذا الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، والاستراتيجية الوطنية لدعم المسار المهني والتوظيف، فضلاً عن المبادرة القومية للتوظيف، هذا بالإضافة إلى التوجه نحو إقامة العديد من المشروعات القومية كثيفة العمالة مثل مشروعات الإسكان، ومشروع حياة كريمة لتطوير الريف المصري، المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وغيرها من المشروعات القومية.

ومن هذا المنطلق، تأتي توقعات المؤسسات الدولية بمواصلة تراجع معدل البطالة في مصر سواء خلال عام 2025؛ أو على مدار السنوات التالية أيضًا، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي وفي ظل تحسن معدلات الاستثمار بداية من عام 2025 ومواصلتها الارتفاع خلال الفترة (2025- 2029) مواصلة معدلات البطالة لاتجاهها نحو الانخفاض لتسجل 6.4% في المتوسط خلال تلك الفترة بما يمثل أدنى معدلات للبطالة مسجلة منذ عام 2000، كما تتوقع مؤسسة فيتش سوليوشنز انخفاض معدل البطالة من 7.2% في عام 2024 إلى 7% في عام 2025، واستمراره في الانخفاض على مدار السنوات التالية لذلك أيضًا لتصل إلى 6.8% عام 2026، ونحو 6.4% عام 2028، وهو ما يتفق وتوقعات صندوق النقد الدولي على المدى المتوسط أيضًا السابق الإشارة إليها.

أشار التقرير إلى تبني الحكومة العديد من الإصلاحات المالية خلال عام 2024؛ بهدف الاستمرار في تحقيق سياسة مالية متوازنة، فقد عملت الحكومة على تحسين الأوضاع المالية والتحرك باتجاه تحقيق الانضباط المالي، واستدامة الدين العام، إلى جانب رفع كفاءة الإنفاق العام، وتعظيم إيرادات الموازنة العامة للدولة. هذا فضلا عن حزمة من التسهيلات الضريبية التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرًا، والتي تتضمن 20 إصلاحًا ضريبيًّا، تستهدف بناء نظام ضريبي متوازن وداعم لقطاع الأعمال والاستثمار في الاقتصاد المصري.

وأوضح التقرير المالي الصادر عن وزارة المالية في نوفمبر 2024 أن السياسات والإجراءات الحكومية كان لها تأثير إيجابي على المؤشرات المالية، فقد نجحت الحكومة في خفض العجز المالي الكلي بنسبة 1.3% ليصل إلى 2.65% من الناتج المحلي الإجمالي للفترة (يوليو - أكتوبر) من العام المالي 2024/ 2025، كما حافظت على تحقيق فائض أولي في الموازنة العامة بلغ حوالي 130.2 مليار جنيه خلال تلك الفترة، وهو أعلى فائض تم تحقيقه خلال نفس الفترة تاريخيًا، رغم التحديات والصدمات الخارجية التي أثرت على الموازنة في 2024. حيث يُعزى هذا التحسن إلى:

- ارتفاع قيمة الإيرادات الضريبية للفترة بنحو 38.3% مقارنة بالفترة نفسها في العام السابق، والذي يُعد المعدل الأعلى منذ 20 عامًا.

- ضبط الإنفاق العام، حيث انخفضت المصروفات بنحو 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي في ضوء تحسن إدارة الدين، وتنويع مصادر التمويل، وجهود خفض الاستثمارات العامة بالالتزام بسقف الإنفاق الاستثماري البالغ تريليون جنيه خلال العام المالي 2024/ 2025.

وأشار التقرير إلى أن وزارة المالية قد أعلنت في السابق مستهدفاتها المالية بموازنـة العـام المالي 2024/2025، والتي استهدفت فيها تحقيق خفض في عجـز الموازنـة العامـة للدولـة إلـى 7.3% مـن الناتـج المحلي الإجمالي، واستهداف تحقيـق فائـض أولي بنحـو 3.5% مـن الناتـج المحلي الإجمالي، وخفـض ديـن أجهـزة الموازنـة العامـة للدولـة إلـى88% من الناتج المحلي في العام المالي 2024/ 2025، كما تستهدف تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري من خلال تعزيز ثقة المستثمرين والمستهلكين، بالإضافة إلى تمكين القطاع الخاص لقيادة قاطرة النمو الاقتصادي.

وأوضح التقرير أنه على مستوى الإيرادات العامة، هناك توافق كبير بين المستهدفات الحكومية المعلنة وتوقعات المؤسسات الدولية، حيث يشير تحليل مؤسسة فيتش سوليوشنز إلى ارتفاع قيمة الإيرادات العامة المتوقعة للعام 2025، لتسجل حوالي 2.55 تريليون جنيه، مقارنة بنحو 2.50 تريليون جنيه عام 2024، لتحافظ الدولة على مكتسباتها في الإصلاحات الضريبية التي تم تبنيها، ومن المتوقع أن تستمر قيمة الإيرادات العامة في الزيادة خلال السنوات التالية لتصل إلى 3.258 تريليونات جنيه عام 2027، وهذه الزيادة الكبيرة في حجم الإيرادات العامة تعكسها أيضًا توقعات صندوق النقد الدولي، والتي تتفق مع المستهدفات الحكومية المعلنة بشأن ارتفاع الفائض الأولي المحقق في السنوات القادمة ليسجل 3.5% من الناتج المحلي في العام المالي 2024/ 2025، ويستمر في الارتفاع ليصل إلى 5% في العام المالي 2026/ 2027.

وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في تقريره إلى أن القطاع الخارجي واجه العديد من التحديات خلال عام 2024، انعكاسًا لعدد من التطورات الاقتصادية، وعلى الرغم من تلك التحديات، فإن ميزان المدفوعات حقق فائضًا كليًا بلغ نحو 9.7 مليارات دولار في العام المالي 2023/ 2024، وذلك في ضوء العديد من الإصلاحات والسياسات التي تستهدف استعادة التوازنات الخارجية، والتي انعكست على حساب المعاملات الرأسمالية والمالية ليسجل صافي تدفق للداخل بلغ 29.9 مليار دولار في العام المالي 2023/ 2024، مدفوعًا بزيادة قوية في الاستثمار الأجنبي المباشر مدعومة بأرباح إعادة الاستثمار الصافية وعمليات شراء العقارات من قبل غير المقيمين والاستثمارات الأخرى، وهو ما خفف من تأثير ارتفاع العجز المحقق في حساب المعاملات الجارية والذي سجل نحو 20.8 مليار دولار في العام المالي 2023/ 2024، نتيجة لارتفاع العجز في الميزان التجاري غير البترولي، وتراجع حصيلة رسوم قناة السويس كنتيجة للتوترات الجيوسياسية في المنطقة.

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي تؤثر في أداء القطاع الخارجي المصري، فإن توقعات المؤسسات الدولية تشير إلى تحسُن في أداء هذا القطاع، فوفقًا لمؤسسة فيتش سوليوشنز يتوقع أن يتقلص عجز الحساب الجاري في مصر من 6.8% من الناتج المحلي الإجمالي (20.8 مليار دولار) في السنة المالية 2023/ 2024 إلى 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي (16.5 مليار دولار) في السنة المالية 2024/ 2025.

وترجع التوقعات بتقلص العجز إلى التعافي في تدفقات تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتي يتوقع أن ترتفع من 21.9 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2023/ 2024 إلى 28.7 مليار دولار أمريكي في 2024/ 2025. 

جدير بالإشارة أن تدفقات تحويلات العاملين بالخارج من خلال القنوات الرسمية ارتفعت بشكل ملحوظ منذ توحيد أسعار الصرف في 6 مارس 2024 مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقًا لآليات السوق؛ حيث ارتفعت من 5 مليارات دولار أمريكي في الربع الثالث من السنة المالية 2023/2024 إلى 7.5 مليارات دولار أمريكي في الربع الرابع من السنة المالية 2023/2024، وهو المستوى الأعلى الذي تم تسجيله في مصر خلال الربع الرابع من السنة المالية 2021/2022.

وفي هذا الإطار تتوقع فيتش سوليوشنز أن تستمر تحويلات العاملين في الخارج في الارتفاع، خاصة وأن اقتصادات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي تستضيف حصة كبيرة من المصريين، ستشهد انتعاشًا في النمو من 1.4٪ في عام 2024 إلى 4.2٪ في عام 2025.

وفيما يتعلق بالبنك الدولي، فيتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من (5.3%) في عام 2024 إلى (3.9%) في عام 2025، مشيرًا إلى أن متطلبات التمويل الخارجي كبيرة، وإن كان من المتوقع سد فجوة التمويل في الأمد القريب، كما يتوقع بنك جولد مان ساكس أن تتراجع نسبة عجز الحساب الجاري من الناتج المحلي الإجمالي من (6.1%) في عام 2024 إلى (5.4%) في عام 2025.

وأشار التقرير إلى أن مؤسسة فيتش تتوقع أن تشهد الصادرات غير النفطية زيادة ملحوظة بفضل القدرة التنافسية والتعافي في قطاع التصنيع، وقد أظهرت بيانات ميزان المدفوعات للربع الرابع من 2023/ 2024 انتعاشًا في الصادرات، بسبب ارتفاع الصادرات غير النفطية. ومع ذلك، سيتم تعويض ذلك بزيادة طفيفة في الواردات، مع زيادة الواردات النفطية وعودة الواردات غير النفطية إلى وضعها الطبيعي.

وبناءً على الأداء القوي للصادرات المصرية، توقعت المؤسسات الدولية ارتفاعًا في الصادرات من 62.8 مليار دولار في 2024 إلى 76.2 مليار دولار في 2027 ونحو 80.2 مليار دولار في 2028، وهو ما يتماثل مع توقعات مؤسسة أكسفورد أيضًا، كما توقع البنك الدولي أن يرتفع معدل نمو الصادرات المصرية إلى 13.5% في 2025 مقارنة بـ 7% في 2024.

ووفقاً للتقرير، تتوقع مؤسسة فيتش سوليوشنز، أن ينمو عدد السياح الوافدين إلى مصر بنسبة 5.5% على أساس سنوي في عام 2025 ليصل إلى 16.8 مليون سائح، وعلى المدى المتوسط، سيزداد عدد السياح الوافدين إلى مصر خلال الفترة من 2025 إلى 2028 بمعدل نمو سنوي قدره 4.8% على أساس سنوي ليصل إلى 18.8 مليون سائح في عام 2028، مدفوعة بنمو أعداد السائحين الوافدين من أوروبا، الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية.

وسيؤدي النمو في عدد السائحين الوافدين إلى تعزيز إيرادات السياحة الدولية، والتي يُتوقع أن ترتفع من 16.25 مليار دولار أمريكي في عام 2024 إلى 17.44 مليار دولار أمريكي في 2025، كما تتوقع المؤسسة زيادة عدد الوافدين من أوروبا في عام 2025 ليصل إلى 9.8 ملايين سائح، مع استمرار زيادة عدد السائحين الوافدين من أوروبا بمعدل نمو متوسط قدره 4.8٪ على أساس سنوي خلال الفترة 2024-2028 ليصل إلى 10.9 ملايين سائح في عام 2028، وفي سياقٍ متصل، بلغ معدل نمو السائحين الوافدين إلى مصر من الشرق الأوسط 7.0٪ على أساس سنوي في عام 2024 ليصل إلى 3.5 ملايين سائح، مقارنة بـ 3.3 ملايين سائح في عام 2023، كما يُتوقع أن يرتفع عدد السائحين الوافدين إلى مصر من الشرق الأوسط إلى 3.7 ملايين في عام 2025.

كما يتوقع أن يبلغ عدد السائحين الوافدين إلى مصر من أمريكا الشمالية نحو 624.7 ألف سائح في عام 2024، مقارنة بنحو 591 ألف سائح في عام 2023، وسيستمر عدد السائحين الوافدين من أمريكا الشمالية في الارتفاع في عام 2025، حيث سيصل إلى 651 ألف سائح، وبحلول عام 2028، يتوقع أن يصل عدد السائحين الوافدين إلى مصر من أمريكا الشمالية إلى 710.3 آلاف سائح.

أشار التقرير في ختامه إلى أن توقعات المؤسسات الدولية بشأن الاقتصاد المصري في 2025 تُظهر تحسنًا في العديد من المؤشرات الاقتصادية، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى السياسات والإجراءات الحكومية التي تم تبنيها في إطار الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية، ورغم وجود العديد من التحديات والصعوبات، التي تعمل الدولة على تجاوزها خلال 2025، تظل قدرة الاقتصاد المصري على الصمود مرتبطة باستمرار تنفيذ الإصلاحات، وتعزيز نشاط القطاع الخاص، وتمكينه، ودعم أطر المنافسة في ظل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية والإقليمية وعدم اليقين بشأن انتهاء هذه التوترات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الوافدين معلومات الوزراء السائحين السياحة الدولية الاقتصاد المصري المزيد من الناتج المحلی الإجمالی توقعات المؤسسات الدولیة معدل نمو الناتج المحلی ملیار دولار أمریکی فی أداء الاقتصاد المصری الصادرات غیر النفطیة نمو الاقتصاد المصری صندوق النقد الدولی فی العام المالی 2023 الإیرادات العامة الاقتصاد العالمی فی السنة المالیة من السنة المالیة السنة المالیة 2023 تریلیون جنیه فی العام المالی 2024 ملیار دولار فی وأوضح التقریر من المتوقع أن على أساس سنوی فی عام 2024 إلى بالإضافة إلى القطاع الخاص الشرق الأوسط من التحدیات فی الاقتصاد ارتفاع معدل خلال الفترة ملایین سائح الوافدین من سائح فی عام التقریر أن جنیه فی 2024 العدید من الرابع من الدولة فی کما تتوقع مقارنة بـ ی توقع أن فی عام 2023 فی عام 2025 ارتفاع ا خلال عام أن یرتفع فی الربع یتوقع أن لیصل إلى إلى أنه مدفوع ا عام 2028 عدد من فی مصر وهو ما جهود ا تحسن ا

إقرأ أيضاً:

معلومات الوزراء: اقتصاديات البيانات عنصر حيوي في تحفيز النمو الاقتصادي

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً حول "اقتصاديات البيانات"، حيث أشار التحليل إلى أن البيانات تُعتبر بمثابة "النفط الجديد" الذي يُحرك عجلة الاقتصاد العالمي؛ فقد شهد العالم تحولًا جذريًّا في طريقة توليد القيمة الاقتصادية؛ حيث باتت البيانات تمثل أصولًا استراتيجية للشركات والحكومات على حد سواء، ومن خلال تحليل البيانات واستخدامها، يمكن تحسين الكفاءة التشغيلية، وفهم سلوك العملاء، وتطوير منتجات وخدمات مبتكرة، هذا وتركز اقتصاديات البيانات على استغلال هذه الموارد بشكل مستدام، مع مراعاة القضايا الأخلاقية والقانونية المرتبطة بها، ومع تزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلُّم الآلة، لم تعُد البيانات مجرد وسيلة لدعم القرارات، بل أصبحت تُعيد تشكيل الصناعات وتفتح آفاقًا جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

أوضح التحليل أن اقتصاديات البيانات تُعرف بأنها "القيمة المالية والاقتصادية الناتجة عن استخدام برامج متقدمة وتقنيات لتخزين وتحليل واسترجاع كميات هائلة من البيانات الحكومية والتجارية بسرعة كبيرة عبر برمجيات معقدة وأدوات أخرى"، ويُمكن تعريفها أيضًا على أنها حلقة قيمة يتم فيها مشاركة وتبادل البيانات عبر المنصات؛ مما يؤدي إلى إنشاء نظام بيئي يسعى إلى التعاون بين مختلف القطاعات من الحكومة والشركات.

أضاف التحليل أن اقتصاديات البيانات لا تُعَد تخصصًا في مجال معين بقدر ما هي تحول عالمي نحو الاقتصاد القائم على الأرقام، كما يُمكن تعريف اقتصاديات البيانات على أنها إنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات اعتمادًا على البيانات، على سبيل المثال، يمكن للشركات استخدام البيانات لتطوير منتجات وخدمات جديدة، وتحسين سلاسل التوريد الخاصة بها، وتعزيز تجربة العملاء، ويمكن للحكومات استخدام البيانات لتوفير خدمات عامة أفضل، واتخاذ قرارات سياسية مستنيرة، ومراقبة النشاط الاقتصادي.

وذكر التحليل أن ظهور اقتصاديات البيانات يعود إلى أواخر تسعينيات القرن الماضي؛ حيث تم استخدام الإنترنت على نطاق واسع وأصبحت الحواسيب الشخصية في يد عدد كبير من الأشخاص؛ مما أعطى الفرصة للأفراد والحكومات والمنظمات أن تبدأ بتجميع البيانات الضخمة، كما ساعد على ظهور اقتصاديات البيانات التطور الكبير في تقنيات الهواتف الذكية وظهور البريد الإلكتروني وتوفره لعدد كبير من سكان العالم في مطلع القرن الحادي والعشرين، كما تمت إضافة أعداد كبيرة من الأجهزة الذكية الأخرى مع التطورات الواسعة على شبكات الاتصالات، فكانت المحصلة تجميع كميات هائلة من بيانات المستهلكين وتوجهاتهم ونمو مطرد لاقتصاديات البيانات.

أكد التحليل على أهمية اقتصاديات البيانات حيث تُعتبر عنصرًا حيويًّا في تشكيل المستقبل الاقتصادي العالمي، وتكمن أهميتها في عدة جوانب رئيسة، ومن أبرزها:

-الابتكار: يُمكن أن يساعد استغلال البيانات من مصادر مختلفة المؤسسات على ابتكار أساليب جديدة لتحسين تصميم المنتجات والخدمات، وتمكين الشركات وتحسين العمليات لاستحداث خدمات جديدة، وتقوم اقتصاديات البيانات بدعم الشركات لمساعدة عملائها من خلال التعرف على تفضيلاتهم ومتطلباتهم، ويُمكن للشركات تخصيص منتجاتها وخدماتها لتلبية توقعات العملاء بشكل أفضل.

-تحسين الكفاءة: يُمكن للشركات التي تشارك في اقتصاديات البيانات تحسين كفاءة أعمالها وخفض التكاليف من خلال تبسيط العمليات، وتحديد مجالات التحسين، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاجية، والقدرة التنافسية ومن ثَمَّ أرباح الشركة في النهاية.

-خلق فرص العمل: تُعد اقتصاديات البيانات مصدرًا مهمًّا لتوفير فرص التوظيف؛ فمع تزايد أعداد الوظائف في مجال علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، ومع اعتماد المؤسسات بشكل أكبر على اتخاذ القرارات المستنيرة باستخدام البيانات، يُتوقع أن يزداد الطلب على المتخصصين في مجال علوم البيانات والذكاء الاصطناعي.

-النمو الاقتصادي: يُعد اقتصاديات البيانات أمرًا بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي في عصر التحول الرقمي؛ حيث تستفيد المؤسسات من البيانات في إنشاء منتجات وخدمات جديدة؛ إذ يمكن للشركات توسيع آفاقها وخلق فرص عمل جديدة وزيادة الإيرادات.

-حل المشكلات العامة: تعمل مبادرات تبادل البيانات التشاركية بين القطاعين العام والخاص على اكتشاف حلول مبتكرة للتحديات المجتمعية، ومن خلال حصر وتجميع البيانات المتنوعة، ستتمكن الحكومات من معالجة قضايا مثل: الازدحام الحضري، والتفاوت في الرعاية الصحية، والاستدامة البيئية، بشكل أكثر فعالية، وعلاوة على ذلك، ستُسهم المشاركة والتعاون بين القطاعين العام والخاص في تعزيز الشفافية، وتعزيز الثقة، وتعزيز الشعور بالانتماء بين الأفراد.

-تمكين الأفراد في اقتصاديات البيانات المستقبلية: سيصبح للأفراد سيطرة كبرى على بياناتهم الشخصية بفضل التطور التكنولوجي؛ إذ ستُمكِّن الابتكارات في أنظمة إدارة المعلومات الشخصية (PIMS) وتقنيات تعزيز الخصوصية (PETS) الأشخاص من إدارة بياناتهم بشكل أفضل؛ مما يعزز نظامًا بيئيًّا أكثر إنصافًا للبيانات، وسيكون الأفراد قادرين على اتخاذ قرارات أكثر استنارة تساعدهم في الدفاع عن حقوقهم الرقمية.

أوضح التحليل أن المنتدى الاقتصادي العالمي العديد حدد عدد من المبادئ التي تضمن الوصول إلى نظام عادل لاقتصاديات البيانات وهي كما يلي:

-النزاهة: يجب تحديد ملكية البيانات بوضوح واحترامها من قبل جميع المشاركين، واستخدام البيانات ومشاركتها بطريقة يمكن من خلالها تتبع إنشائها وجمعها وتبادلها واستخدامها وإعادة استخدامها والتحكم فيها ومراجعتها. ويعزز ذلك من الثقة بين الأطراف ذات الصلة داخل النظام البيئي للبيانات، كما يضمن بقاء البيانات سليمة. ويمكن أن يتم ذلك من خلال استخدام الحلول التقنية التي تسهل جمع البيانات وتخزينها ومعالجتها ومشاركتها بشكل آمن.

-الشمولية: يقوم هذا المبدأ على تمكين جميع الأطراف ذات الصلة ومساعدتهم على المشاركة بفعالية في اقتصاديات البيانات؛ إذ ينبغي أن يكون الوصول إلى شبكات البيانات والأسواق ومقدميها متاحًا للصناعات الصغيرة بالسهولة نفسها التي يتاح بها للشركات الكبيرة التي تتمتع بوفرة من الموارد. وسوف يساعد اكتشاف البيانات وإمكانية الوصول إليها في تحقيق اقتصاديات بيانات شاملة.

-القابلية للتشغيل البيني: يشير المصطلح إلى دمج مجموعات البيانات من مصادر مختلفة بطريقة يمكن من خلالها إجراء تحليلات ذات مغزى وقابلة للتحقق. هذا، وتزيد القابلية للتشغيل البيني من قيمة شبكات البيانات بشكل كبير، وسوف تعمل أيضًا على توازن القوى؛ لضمان عدم ممارسة أي شبكة أو مؤسسة لقوة احتكارية على الآخرين.

وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن اقتصاديات البيانات تُواجه العديد من التحديات والعوائق، ومنها:

- عدم توافر البيانات: لا يمكن تحقيق إمكانات اقتصاديات البيانات إلا إذا كانت البيانات متاحة، ولكن يظل توافرها وإمكانية الوصول إليها يشكلان تحديًا، وبصرف النظر عن الحكومات المختلفة، فإن الكثير من البيانات التي يتم إنشاؤها في القطاع الخاص تكون معزولة وغير متاحة للاستخدام للأغراض المشتركة.

- ضعف جودة البيانات المتاحة: حيث قد تكون مجموعات البيانات غير مكتملة، أو مُسمّاة بشكل غير صحيح، أو غير منظمة، ويتطلب ذلك قدرًا كبيرًا من العمل لتنقية ورقمنة البيانات من أجل استخراج القيمة الاقتصادية منها.

-عدم توافق مجموعات البيانات: حيث يشكل عدم وجود المعايير والبروتوكولات الموحدة عائقًا في فهم البيانات عند مشاركة أو تحليل أو تكامل البيانات من مصادر مختلفة، على سبيل المثال في مجال الرعاية الصحية، قد يقوم مقدمو الرعاية الصحية بتسجيل بيانات المرضى في قوالب مختلفة تجعل من نقل البيانات أمرًا شاقًّا.

أشار التحليل إلى أن كمية البيانات التي تم إنشاؤها والتقاطها ونسخها واستهلاكها عالميًّا شهدت زيادة مضطردة خلال السنوات الأخيرة؛ فقد بلغت نحو 123 زيتابايت ((Zeta bytes في عام 2023 مقارنة بنحو 2 زيتابايت في عام 2010. ومن المتوقع أن تصل إلى نحو 182 زيتابايت بنهاية عام 2025، ونحو 394 زيتابايت في عام 2028.

أوضح التحليل أن اقتصاديات البيانات في الاتحاد الأوروبي تقدر بنحو 544 مليار يورو في عام 2023، بنمو سنوي بلغ 9.3% مقارنةً بعام 2022، وعلى الرغم من الاضطرابات الاقتصادية، لم تتأثر سوق تقنيات البيانات والتحليلات الذكية، ومن المتوقع أن يصل حجم اقتصاديات البيانات في الاتحاد الأوروبي إلى نحو 851 مليون يورو في عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ نحو 5.3% خلال الفترة (2025 - 2030)، وقد ارتفع نصيب اقتصاديات البيانات من الناتج المحلي الإجمالي في الاتحاد الأوروبي لنحو 4.2% في عام 2023 مقارنة بنحو 3.9% في عام 2022 و3.7% في عام 2021.

وفي عام 2019، جاءت شركة جوجل في مقدمة الشركات التي تهيمن على سوق اقتصاديات البيانات في المجال البحثي وفي مجال أنظمة الشركات مع كل من شركة مايكروسوفت، وأبل، وهيمنت شركات: فيسبوك، وواتساب، ووي شات، على مجال التواصل الاجتماعي والمراسلة عبر الإنترنت، وفي مجال الاقتصاد التشاركي، تصدرت القائمة شركات: أوبر، وإير بي إن بي، وفي مجال تقديم المحتوى والخدمة، تصدرت القائمة شركات: نتفليكس، وفينمو، وإكسبيديا، وفي مجال مبيعات التجزئة، تصدرت القائمة شركات: أمازون، وإيباي، وعلي بابا. كما تصدرت شركة أبل القائمة مع كل من سامسونج وسيسكو في جانب أجهزة البيانات.

أشار التحليل إلى قيام مصر باتخاذ خطوات عديدة لربط الوزارات والهيئات عبر شبكة وطنية موحدة وإنشاء مركز خدمات تحليل ومعالجة البيانات الضخمة، ومن هذه الخطوات:

-إنشاء مراكز إبداع مصر الرقمية، وهي مبادرة أطلقتها الحكومة المصرية ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقد بلغ عدد مراكز المبادرة 20 مركزًا على مستوى الجمهورية في عام 2022، ويتم تنفيذها من خلال مركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال، ويهدف المشروع إلى دعم الطلاب ورواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة ومساعدتهم للمساهمة بفعالية في تحقيق التحول الرقمي في مختلف قطاعات الدولة.

-إنشاء مركز البيانات والحوسبة السحابية "P1" والذي تم افتتاحه في 28 أبريل 2024، ويُعد أول مركز في مصر وشمال إفريقيا يُقدم خدمات تحليل ومعالجة البيانات الضخمة عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي بمشاركة أكثر من 15 شركة محلية وعالمية متخصصة في قطاع الحوسبة، وقد وجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالاستفادة من موقع مصر المتميز؛ حيث تمر 90% من الكابلات البحرية في العالم عبر مصر، باعتبارها مركزًا رئيسًا لنقل البيانات والاتصالات في العالم، ويهدف إنشاء المركز إلى العمل على تقديم التطبيقات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لصناعة القرار على كل المستويات، واستخدام تكنولوجيا الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في تحليل البيانات الحكومية، وتوطين استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي، وتوفير جميع البيانات الدقيقة وتحليل البيانات الضخمة للجهات الحكومية، وتوفير الإدارة والتشغيل الذاتي، والحفاظ على الخصوصية المصرية كمشروعات المواني الذكية التي تساعد على تسهيل حركة الاستيراد والتصدير.

-إصدار قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020، وهذا القانون يتماشى مع اللائحة الأوروبية لحماية البيانات الشخصية GDPR، ويهدف إلى حماية البيانات الشخصية للمواطنين من خلال وضع إطار تشريعي يحكم العلاقة بين القائمين على البيانات والمستخدمين، فضلًا عن آليات تنظيم أنشطة استخدام البيانات الشخصية في عمليات الإعلان والتسويق على شبكة الإنترنت وفي البيئة الرقمية بشكل عام، وتجريم معالجتها لأغراض غير تلك المصرح بها لصاحب البيانات، كما يُلزم جامعي البيانات ومعالجيها بالحصول على التراخيص والتصاريح والاعتمادات اللازمة لعملهم.

وأوضح التحليل في ختامه أن البيانات أصبحت المورد الأكثر قيمة في السنوات الأخيرة، وأصبحت تُشكل العمود الفقري لاقتصاد المعرفة والتحول الرقمي، ويمكن أن تسهم بشكل فعال في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة إذا ما امتلكت الدول والمؤسسات قدرات كبيرة في مجالات جمع البيانات وتحليلها واستخدامها، ويُمثل ذلك فرصة كبيرة لمصر التي قطعت شوطًا كبيرًا في هذا الإطار؛ حيث تعمل على بناء بنية تحتية رقمية متطورة، مثل: مشروعات التحول الرقمي والحوكمة الإلكترونية، إلى جانب تعزيز الاستثمار في الابتكار والذكاء الاصطناعي، ومع التوسع في تطبيقات البيانات الضخمة في القطاعات الحيوية، مثل: الزراعة، والصحة، والتعليم، يمكن أن تصبح مصر لاعبًا إقليميًّا بارزًا في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • محمد بن راشد: 145 مليار درهم مساهمة قطار الاتحاد بالناتج المحلي خلال 5 عقود
  • "معلومات الوزراء" يطرح قضيتين جديدتين على منصة "حوار" لدعم التحول الرقمي في الصحة وصناعة الرياضة
  • بلتون القابضة تختتم عام 2024 بصافي أرباح قياسية بلغت 1.7 مليار جنيه بنمو بلغ 4.6 أضعاف عن العام السابق
  • معلومات الوزراء يطرح قضيتين جديدتين على منصة المشاركة المجتمعية "حوار"
  • تعزيز المحتوى المحلي.. ومستقبل التوظيف
  • "معلومات الوزراء": مستقبل الاقتصاد العالمي مرتبط بأصول الشركات والحكومات معا
  • معلومات الوزراء: اقتصاديات البيانات عنصر حيوي في تحفيز النمو الاقتصادي
  • بنمو 21%.. التصديري للصناعات الغذائية: 6.1 مليار دولار رقم قياسي غير مسبوق لصادرات 2024
  • رئيس مجلس الوزراء يطلع على معرض منتجات الألبان والعصائر من الخام المحلي
  • «الوزراء»: 7 أسباب وراء زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.5% خلال 3 أشهر