ما سيناريوهات التصعيد بين إسرائيل والحوثيين؟
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال مقابلة تلفزيونية إن: "الحرب ضد الحوثيين قد بدأت للتو". فهل تعني تصريحات نتنياهو أن فصلاً جديداً في الصراع سيُفتح بين الجانبين؟
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، تخطط إسرائيل لشن هجوم "أكثر عنفاً" وتوسيع "بنك الأهداف"، فخلال الأسابيع الأخيرة، أطلق الحوثيون صواريخ باليستية كل ليلة تقريباً، الأمر الذي أدى لإرسال ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ.
"الحفاة أصبحوا يمتلكون أسلحة متقدمة"
يقول المحلل السياسي اليمني عبد الكريم الأنسي إن صحفاً إسرائيلية وعالمية وصفت الحوثيين بأنهم "حفاة أصبحوا يمتلكون تقنيات وأجيالاً متقدمة من الأسلحة". ويضيف أن جماعة "أنصار الله" لم تعد كما كانت تُعرف سابقاً، حيث يظهر في صنعاء مستوى غير مسبوق من الانضباط.
وفي حديثه لـ "بي بي سي" بين الأنسي أن الهيكل العسكري والأمني للحوثيين أصبح أكثر تنظيماً، كما طور الحوثيون منظومات صاروخية قادرة على التصدي لأسلحة متقدمة مثل "نظام ثاد الصاروخي"، وغيره.
وذكر الأنسي أن "الاستخبارات اليمنية حققت نجاحاً وتقدماً يفوق الاستخبارات الإسرائيلية"، لافتاً إلى أن إسرائيل تستهدف مناطق غير هامة، مما يثير "سخرية واستهزاء الشعب اليمني" على حد تعبيره.
قال المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان في حديثه لبي بي سي، إنه رغم الحديث في الآونة الأخيرة عن أن الحوثيين أصبحوا أكثر استقلالية في تطوير الأسلحة، إلا أن الدعم الرئيسي لهم يأتي من إيران.
لذلك، يشير نيسان إلى النقاش في الداخل الإسرائيلي حول ما إذا كان يجب توجيه ضربة مباشرة للحوثيين أم استهداف إيران كونها "رأس الأخطبوط" على حد تعبيره.
ويضيف نيسان أن ما تبقى اليوم "الجبهة اليمنية فقط" وبناء على ذلك فإن إسرائيل بكل قواها السياسية والعسكرية ستكون منهمكة بالتعامل مع الحوثيين، خلال الفترة القليلة القادمة، بحسب نيسان.
اغتيالات على الأبواب!
في الآونة الأخيرة، شهدنا سلسلة من العمليات العسكرية التي استهدفت عدداً من القادة العسكريين البارزين في لبنان وسوريا، بالإضافة إلى اغتيالات أخرى طالت قادة من حماس في قطاع غزة والضفة الغربية. وقد اعترفت إسرائيل ببعض هذه العمليات، بينما نفت أو لم تعلق على البعض الآخر.
قال المحلل إيلي نيسان إن إسرائيل تمتلك القدرات الاستخباراتية والعسكرية الكافية للتعامل مع قادة الحوثيين لافتاً إلى أن "هناك حساباً جديداً بين إسرائيل وقادة الحوثيين".
ويشير نيسان إلى أن الحوثيين يعتقدون أن المسافة البالغة ألفي كيلومتر بين إسرائيل وصنعاء تشكل عائقاً إضافياً من الناحية الاستخباراتية وجمع المعلومات حول قادتهم. إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، وجها تهديدات إلى القادة الحوثيين، فحواها أن إسرائيل لن تكتفي بإرسال طائرات لاستهداف المنشآت المدنية والأمنية للحوثيين، بل تسعى إلى جمع معلومات حول أماكن تواجد قادتهم تمهيداً لاستهدافهم مباشرة.
ويُعارض المحلل السياسي عبد الكريم الأنسي هذا الرأي، ويعتقد أن الأدوات التي استخدمها نتنياهو مع لبنان أو دمشق مثل "الخيانة أو الجاسوسية" لا تنطبق على الحوثيين، نظراً للتركيبة الأمنية والعسكرية، والقبلية، والتنظيمية المعقدة للغاية لديهم.
إضافة إلى ذلك، يشير الأنسي إلى أن البعد الجغرافي يلعب دوراً محورياً في الصراع مع إسرائيل، ويوافقه الصحفي وهيب النصاري، ويقول إن الوضع في اليمن يختلف تماماً عن لبنان، لأن حزب الله في لبنان يتواجد في مناطق حدودية مع إسرائيل.
كما بين المحلل السياسي عامر السبايلة، أن "نقص المعلومة الاستخبارية" ارتبط باستهداف المصالح الحيوية "دون أن نرى أي عمليات تسقط وتستهدف الحوثيين".
وهو ما أشار إليه النصاري، بأن معظم الضربات التي تنفذها إسرائيل غير فعالة عسكرياً، إلا أنها تستهدف منشآت حيوية مثل ميناء الحديدة، الذي يعد مسؤولاً عن عبور معظم المواد الغذائية إلى الشعب اليمني، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
"الصراع قد يمتد لوقت طويل"
من جهته قال المحلل السياسي عامر السبايلة، إن اليمن يعد من الجبهات السبعة التي تحدثت عنها إسرائيل وهي جبهة "تهديد". ما يعني أن إسرائيل لن تترك هذه الجبهة إلا بعد أن يختفي التهديد القادم منها، على حد تعبيره.
وذكر السبايلة أن إسرائيل كانت تهتم بالجبهات القريبة، لكن الآن تنتقل إلى مواجهة تهديدات من جبهات أبعد جغرافياً، ويعتقد أنه تم "إقحام الحوثيين" في المواجهة ما جعل ملف اليمن أولوية لدى إسرائيل، كونها أصبحت الجبهة الوحيدة التي تهدده.
المحلل السياسي إيلي نيسان يرى أنه لا مفر من التعامل مع "الجبهة التي فتحها الحوثيون بدعم من إيران". يقول نيسان: إن الحرب الحالية هي حرب غير مباشرة بين إسرائيل وإيران، لافتاً إلى أن إيران عملت على بناء حزام ناري حول إسرائيل منذ نحو عشرين عاماً، من خلال تمويل وتسليح حلفائها في المنطقة.
ومع ذلك، أشار نيسان إلى أن جميع هذه الخطط انهارت خلال عام وأربعة أشهر، وأن ما رصدته إيران طوال العقود الماضية أصبح في "مهب الريح". على حد تعبيره.
بدوره، ذكر الكاتب والصحفي وهيب النصاري أن ما يقوم به الحوثيون هو "مجرد تخفيف ضغط على إيران"، معرباً عن شكوكه في جدية حربهم مع إسرائيل. ويعتقد النصاري أن الحوثيين يحاولون "الهروب" من التزاماتهم الداخلية، ويسعون لرفع شعبيتهم في المنطقة العربية.
وهو ما يختلف معه المحلل الأنسي بأن "أحد أبرز أسباب فشل إسرائيل في مواجهتها مع الحوثيين يعود إلى العقيدة الثابتة لدى الحوثيين، التي ظلوا متمسكين بها طوال عشرين عاماً".
ويقول المحلل السبايلة، إن سيناريو اليمن لن يكون بسيطاً بالنسبة لإسرائيل، مشيراً إلى أن لكل جبهة مفاجآتها، ويتوقع أن تنقل إسرائيل الأزمة إلى الداخل اليمني لاستهداف الحوثيين بشكل مباشر.
"إسرائيل على دراية بالأزمة التي تمر بها إيران، وإلا لما سمحت إيران بمواجهة حزب الله لهذا المصير"، بحسب السبايلة.
ماذا عن وقف إطلاق النار؟
قال المحلل عبد الكريم الأنسي إن إسرائيل تضع "فاتورة كبيرة" أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبالتالي يكمن الخيار الأمثل بإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، ويضيف أن "نتنياهو لا يريد أن يظهر وكأنه فشل في هذه الحرب ولكن أنصار الله وأسلحتهم تصفعه كل يوم" على حد تعبيره.
ذكر نيسان أن إسرائيل لا تستطيع قبول مطالب الحوثيين، وبناءً على ذلك، ستستمر الحرب معهم حتى يتضح موقف ترامب تجاه الحوثيين، وكذلك ما إذا كانت الولايات المتحدة وبريطانيا ستواصلان دعمهما.
يعتبر نيسان أن السيناريو الأهم في المرحلة الحالية هو ضرورة وقف إطلاق النار على جميع الجبهات.
ورغم استمرار وقف إطلاق النار مع حزب الله، إلا أن حزب الله يسعى بشكل مستمر لإعادة بناء قوته، وهو ما تتابعه إسرائيل عن كثب، بحسب نيسان .
وبين المحلل الإسرائيلي أن إسرائيل تستهدف محاولات حزب الله "لتهريب الأسلحة"، مشيراً إلى أنها لن تقبل بتعزيز الحزب لقوته استعداداً لمعركة جديدة ضدها.
من ناحية أخرى، يرى نيسان أن مطالب الحوثيين برفع الحصار عن قطاع غزة تشير إلى نية إيران إنشاء خط إمداد مباشر، كما حدث مع دمشق وحزب الله، لتسليح وتقوية حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
كما يوضح السبايلة أن إسرائيل ليست معنية بالبقاء في حالة قصف جوي مستمر، لأن تلك المسؤولية تقع على عاتق بريطانيا والولايات المتحدة، في إطار تحالفات التعاون الإقليمي.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اسرائيل الحوثي أمريكا حرب المحلل السیاسی إطلاق النار بین إسرائیل أن إسرائیل قال المحلل نیسان أن حزب الله إلا أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
جنرال متقاعد يتنبَّأ بموعد هزيمة إسرائيل ويحذّر: لن نستطيع هزيمة الحوثيين
وكالات:
شبّه الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحق بريك رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بـ “بار كوخبا” العصر الحديث، الذي يقود “إسرائيل” إلى الكارثة تماما كما فعل بار كوخبا الذي قُتل مئات الآلاف من اليهود تحت قيادته، وذهب من بقي منهم إلى المنفى. بار كوخبا، فهو الشخص الذي قاد ثورة على الإمبراطورية الرومانية (132–136 ق.م)، انتهت بالسحق، ونهاية مملكة يهوذا، وما يُسمّونه “خراب الهيكل”.
وقال بريك، في عموده بصحيفة “هآرتس” العبرية، إن نتنياهو يتبنى وجهات نظر المسيانيين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ينفذ أوامرهما لرغبته في البقاء السياسي. فهؤلاء المتعصبون الثلاثة -كما يقول الكاتب- يقودوننا إلى حرب استنزاف مستمرة تدمر الاقتصاد والمرونة الوطنية والعلاقات مع العالم والأمن الوطني، في حرب لم تحقق أي هدف، لا إطلاق سراح المحتجزين، ولا عودة النازحين إلى ديارهم، ولا انهيار حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وهزيمة حزب الله.
ونبه الكاتب إلى ضرورة إدراك حقيقة مفادها أن “إسرائيل” لا تستطيع هزيمة حماس ولا هزيمة حزب الله، ولا هزيمة الحوثيين ولا إيران، وأن استمرار الحرب سوف يهزمها، لأنها تخسر العالم، وتخسر الاقتصاد، وتخسر جيشها الذي تحوّل إلى غبار، وتخسر قوتها الوطنية والاجتماعية إلى حد قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية.
وفي وقت سابق، وجه بريك انتقاده اللاذع لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لعدم اتخاذه قرارًا حتى الآن بوقف الحرب على غزة. وقال بريك، في حديث لصحيفة “معاريف” العبرية، “بينما يعلن بنيامين نتنياهو تصميمه على القضاء على “حماس”، تؤكد المعطيات الميدانية أن الجيش الإسرائيلي يزداد ضعفًا”.
وذكر بريك في مقاله، أن نتنياهو قال في مقابلة نُشرت في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية إنه لن يوافق على وقف الحرب “قبل إزالة حماس، ولن نتركهم في السلطة في غزة، على بعد 50 كم من “تل أبيب”، ولكن هذا لن يحدث”. تعليقًا على هذا التصريح، رأى بريك أنه: “لا توجد أكذوبة أو شعارات أكبر من تصريحات رئيس الحكومة، ومع مرور الوقت تبتعد “إسرائيل” عن قدرتها على إزالة حماس.
اليوم، حماس تسيطر على قطاع غزة بقبضة حديدية، والآلاف من مُقاتليها مُتحصنون في الأنفاق تحت الأرض التي يبلغ طولها مئات الكيلومترات.
وفي الآونة الأخيرة، تلقّت تعزيزات من 3000 مقاتل شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و 20 عامًا”. ويتابع: “كل التصريحات من المستويين السياسي والعسكري بأننا نسيطر على محوري “فيلادلفيا” و”نيتساريم” هي أوهام. صحيح أننا موجودون في الأعلى، لكن كل شيء ما زال يُدار في الأسفل في الأنفاق، من دون أي سيطرة من الجيش “الإسرائيلي”.
حماس ما تزال تُدير قطاع غزة، وعُدنا للمرة الخامسة إلى مخيم جباليا وعدة مناطق أخرى مشابهة. نحن نفقد العديد من الجنود، وهناك جرحى إصابتهم بالغة، حيث فقط في المرة الخامسة لدخول مخيم جباليا فقدنا نحو 40 جنديًا”. ويُحذّر يتسحاك بريك من أن الجيش لا يمتلك القدرات البرية الكافية لحسم المعركة، مما يجعل الغارات العسكرية المتكررة عديمة الجدوى.
ويصف استمرار الحرب بأنه يخدم أجندة نتنياهو السياسية على حساب الأسرى والقيم الأخلاقية.
وأشار إلى، أن الفشل في مواجهة “حماس” يعيد للأذهان إخفاقات إسرائيل مع “حزب الله”، حيث لم تؤدِّ العمليات العسكرية سوى إلى تصعيد التهديدات.
ويقول إنه ومع تصاعد المخاطر الإقليمية، بما في ذلك التوتر مع مصر وتركيا، تُظهر القيادة الحالية عجزًا في مواجهة التحديات الأمنية والاستراتيجية.