عربي21:
2025-01-04@20:01:20 GMT

طريق التغيير في اليمن...أحلام كبيرة وعقبات أكبر

تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT

عندما انطلقت شرارة الثورة في اليمن، كانت التوقعات تتجاوز الحُلم الفردي لكل يمني، بل امتدت لتلامس مستقبل بلد بأكمله. اليمن هذا البلد العريق كان على موعد مع التغيير، ووجد نفسه في قلب عاصفة من الآمال والإرادات المتناقضة، التي صهرت تطلعات الملايين في بوتقة من التحولات والتحديات الكبرى. كان الخروج إلى الشوارع من صنعاء الى تعز وعدن يحمل رسالة عميقة وواضحة: "لن نعود إلى الوراء.

"

في تلك اللحظة، بدا وكأن اليمن على مشارف حقبة جديدة، عنوانها العدل والديمقراطية والكرامة، لكن سرعان ما اصطدمت هذه التطلعات بواقع سياسي وأمني واقتصادي عسير، كاد أن يُفقد اليمنيين إيمانهم بقدرة الثورة على تغيير مسار حياتهم. ومع ذلك، بقيت بذور الأمل مزروعة، وإن كان غبار الصراع يحجب رؤيتها أحياناً.

الجذور.. لماذا تحرك الشعب؟

لنعد إلى اللحظة التي أشعلت فتيل الثورة، حيث كان اليمن يعيش ظروفاً صعبة اقتصادياً وسياسياً، فالفساد استشرى في المؤسسات، والنظام الحاكم غدا عبئاً على مستقبل البلاد، والشباب الذي يشكل غالبية السكان وجد نفسه محاصراً بين بطالة مرعبة ومستقبل مبهم. لم تكن مشاعر الإحباط والحرمان مستحدثة، بل كانت تتراكم منذ عقود، وتفاقمت حتى وجدت طريقها إلى الشوارع والساحات العامة.

سعت إيران إلى استغلال الأوضاع في اليمن لتعزيز نفوذها في المنطقة، حيث دعمت الحوثيين ووفرت لهم المساعدات العسكرية والسياسية، مما ساهم في تعزيز قوتهم وتوسيع رقعة نفوذهم في الشمال، خاصة في العاصمة صنعاء. كما أن هذا الدعم مكّن الحوثيين من التمسك بموقفهم تجاه التحالف السعودي، وزاد من قدرتهم على الصمود في وجه العمليات العسكرية.حين رأى الشباب اليمني صور الثورات في تونس ومصر، تجددت لديهم الرغبة في كسر القيود وتحقيق العدالة. وللمرة الأولى منذ عقود، أحس اليمنيون أن بإمكانهم صياغة مستقبلهم بأنفسهم. قاد الشباب الاحتجاجات وهم يحلمون بغدٍ أكثر إشراقاً، غير مدركين حجم المعوقات التي ستعترض طريقهم، ومدى صعوبة تحويل الشعارات إلى واقع ملموس.

أحد هؤلاء الشباب، واسمه علي، كان في مقتبل العشرينيات من عمره، وكان يحلم بإكمال دراسته في الهندسة والعمل في شركة محلية، ربما تساعده على مساعدة أسرته. يقول علي: "كنتُ أعمل في مقهى صغير لصاحب الحي لأوفر بعض المال لدراستي، لكن كنت أشعر أنني أضيع وقتي على شيء لن يحدث. سمعتُ عن أصدقائي ممن تخرجوا وهم لا يزالون يبحثون عن عمل. حتى صديقي الذي تفوق في الجامعة لم يجد وظيفة، فكان الوضع يدفعنا نحو اليأس.".

عندما اندلعت أولى المظاهرات، انضم علي للمتظاهرين في ساحة التغيير، وكان يُردد شعارات تعبر عن رفضه لهذا الواقع الصعب. "كنت أردد: ’يا نعيش بكرامة، يا نموت بشرف". لأول مرة في حياتي، شعرت أنني لست وحيداً، وأن هناك كثيرين يتشاركون نفس الحلم.

لم تكن مشاعر الغضب مجرد مشاهد غريبة؛ بل كانت تراكمات جروح قديمة زادت من قوة اللهب الذي اشتعل في الساحات استيقظ الأمل الكامن لدى الشباب اليمني في إمكانية كسر القيود، وتحقيق العدالة، وتغيير الواقع. شعر اليمنيون، وللمرة الأولى، أن بإمكانهم صياغة مستقبلهم بأنفسهم. نزلوا إلى الشوارع حالمين بغد أكثر إشراقاً، ومؤمنين أن لديهم الحق في حياة كريمة ومستقبل مشرق.

التحديات الكبرى.. ما الذي وقف في وجه التغيير؟

ورغم أن الحلم كان واعداً، إلا أن الطريق نحو بناء دولة ديمقراطية كانت مليئة بالأشواك، حيث اصطدمت الأماني بعراقيل ضخمة تجسدت في تداخلات معقدة بين التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، إلى جانب التدخلات الخارجية. هذه التحديات لم تترك للثورة مساراً مفتوحاً، بل كانت كالحواجز التي تحول دون تحقيق الحلم المنشود.

قد يكون وصف اليمن في هذه الفترة كـ"ساحة للحسابات السياسية" أمراً واقعياً، حيث وجد اليمنيون أنفسهم محاصرين بين توجهات سياسية متضاربة، ورؤى متعارضة بين مختلف الأطراف. كانت هذه الانقسامات امتداداً لصراعات أيديولوجية وجغرافية قديمة، حيث اشتد الصراع بين فصائل الشمال والجنوب، وبين القوى التقليدية والقوى الصاعدة بعد الثورة.

رغم اتفاقيات التسوية التي تمت برعاية إقليمية، إلا أن الهوة بين الفرقاء السياسيين ظلت عميقة، وغلبت المصالح الحزبية على المصلحة الوطنية. وكلما اقتربت الأطراف من نقطة وفاق، ظهر خلاف جديد يعيق التقدم، مما أثقل كاهل الدولة وجعل الطريق نحو الديمقراطية أكثر تعقيداً.

أملٌ محاصر بالخوف

لم يكن اليمن وحيداً في مواجهة هذا التحدي، بل أصبح الأمن هو العائق الأساسي الذي يمنع التحول السلمي. مع تزايد نشاط الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة وحركة أنصار الله (الحوثيين)، تراجعت أحلام الاستقرار، وأصبح المواطنون يخشون على حياتهم بشكل يومي. انفجر العنف في مختلف أنحاء البلاد، وتحولت الصراعات المسلحة إلى أمر يومي، يُضاف إلى معاناة المواطنين.

شباب الثورة وجدوا أنفسهم في وجه العنف، فبدلاً من أن يروا الدولة الديمقراطية التي نادوا بها، وجدوا أنفسهم بين نيران النزاعات المسلحة، ما جعل عملية بناء الدولة مستحيلاً في ظل الخوف والقلق.

كان الوضع الاقتصادي المتردي أيضا أحد المحفزات الأساسية للثورة، ولكن بعد مرور سنوات على انطلاق الربيع العربي، ازداد هذا التحدي تعقيداً. يعيش اليمنيون واقعاً اقتصادياً يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، حيث البطالة في ارتفاع، ومعدلات الفقر تجاوزت الخطوط الحمراء، وبات الحصول على قوت اليوم تحدياً كبيراً أمام كثير من الأسر.

في كل بيت، هناك قصة من معاناة البسطاء. فتاة كانت تحلم بإكمال دراستها، وشابٌ كان يرنو إلى فرصة عمل كريمة، وأبٌ يكافح لتوفير احتياجات أسرته الأساسية. لم يكن انهيار الاقتصاد مجرد رقم أو إحصائية، بل كان واقعاً يومياً يعاني منه الجميع. ومع استمرار النزاعات المسلحة، بات تحقيق الاستقرار الاقتصادي أقرب إلى الحلم منه إلى الواقع.

التدخلات الإقليمية والدولية.. لعبة الأيادي الخفية

اليمن، الذي يقع في قلب المنطقة العربية ويتمتع بموقع استراتيجي يطل على أحد أهم الممرات المائية، وجد نفسه ضحية لصراع نفوذ قوى إقليمية ودولية، ساهمت في تعميق الأزمات الداخلية وأشعلت الفتن بين الأطراف المختلفة. فبمجرد اندلاع الصراع الداخلي في اليمن، بدأت دول مثل السعودية وإيران تنخرط في الصراع بدوافع تتجاوز حدود اليمن ذاته.

تمثل السعودية وإيران القوتين الرئيسيتين اللتين تتنافسان على بسط نفوذهما في اليمن، وذلك ضمن نزاعهما الإقليمي الأكبر. السعودية، التي ترى اليمن كعمق استراتيجي لأمنها القومي، لم تتوانَ عن التدخل لدعم الحكومة الشرعية ومواجهة حركة الحوثيين التي تتلقى دعماً من إيران. وجدت السعودية في هذا الصراع ضرورة لحماية حدودها الجنوبية من أي تهديد محتمل قد يأتي من حلفاء إيران في اليمن، مما دفعها إلى تشكيل تحالف عسكري وشن عمليات عسكرية كبيرة بهدف منع الحوثيين من السيطرة على البلاد.

من جانب آخر، سعت إيران إلى استغلال الأوضاع في اليمن لتعزيز نفوذها في المنطقة، حيث دعمت الحوثيين ووفرت لهم المساعدات العسكرية والسياسية، مما ساهم في تعزيز قوتهم وتوسيع رقعة نفوذهم في الشمال، خاصة في العاصمة صنعاء. كما أن هذا الدعم مكّن الحوثيين من التمسك بموقفهم تجاه التحالف السعودي، وزاد من قدرتهم على الصمود في وجه العمليات العسكرية.

لم تقتصر التدخلات الخارجية في اليمن على القوى الإقليمية، بل كان للدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، دور بارز في الصراع. فباعتبار اليمن موقعاً حيوياً يؤثر على أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، تدخلت الولايات المتحدة لاعتبارات أمنية وسياسية، حيث شنت عمليات ضد الجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة، كما دعمت التحالف الذي تقوده السعودية. ورغم أن هذه التدخلات جاءت بحجة مكافحة الإرهاب، إلا أنها أدت إلى تعقيد الوضع الأمني، وزادت من معاناة المدنيين.

إضافة إلى ذلك، كانت الدول الأوروبية تتخذ موقفاً حذراً، حيث حاولت التوفيق بين مصالحها الاقتصادية المتمثلة في بيع الأسلحة إلى دول التحالف، وبين الضغوط الإنسانية التي تطالب بوقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية. أدى هذا الموقف المتناقض إلى المزيد من التعقيد في المشهد السياسي اليمني.

الأطراف المحلية.. أدوار تتغير تحت الضغط الخارجي

أصبحت الأطراف اليمنية المحلية مجرد أدوات في لعبة الصراع الإقليمي والدولي، حيث وجدت الفصائل المتنازعة نفسها تعتمد على دعم من قوى خارجية لضمان بقائها في ميدان الصراع. وبدلاً من التركيز على بناء الدولة وتحقيق استقرار اليمن، باتت هذه الفصائل غارقة في تحالفات معقدة ومتقلبة تحكمها مصالح القوى الخارجية.

النتيجة.. اليمن كضحية لحروب بالوكالة

أدى هذا التدخل الإقليمي والدولي إلى تحويل اليمن إلى ساحة لصراع نفوذ أكبر من قضاياه الداخلية، حيث غدت القوى المتنازعة منشغلة بموازين القوى الخارجية على حساب طموحات الشعب اليمني في السلام والاستقرار. تفاقمت الأزمة الإنسانية وانتشرت المجاعة والأوبئة، في حين تراجعت فرص الحلول السلمية.

أصبح المشهد في اليمن وكأنه رقعة شطرنج سياسية تحركها أصابع قوى كبرى، بينما يتحمل المواطنون اليمنيون العبء الأكبر من المعاناة. إن خروج اليمن من هذا الصراع يتطلب تحييد هذه التدخلات، والتركيز على بناء دولة مستقلة ذات سيادة، تحمي مصالح شعبها وتضمن له الحياة الكريمة.

الأمل في بناء دولة ديمقراطية

اليمنيون يدركون اليوم أن بناء دولة ديمقراطية يتطلب أكثر من مجرد شعارات؛ يتطلب إرادةً حقيقية من جميع الأطراف. إنهم يحلمون بدولة تضمن حرية التعبير والمشاركة السياسية، دولة تكفل العدالة الاجتماعية وتعزز سيادة القانون، ويستطيع المواطن فيها أن يشعر بالأمان والاستقرار.

اليمنيون يدركون اليوم أن بناء دولة ديمقراطية يتطلب أكثر من مجرد شعارات؛ يتطلب إرادةً حقيقية من جميع الأطراف. إنهم يحلمون بدولة تضمن حرية التعبير والمشاركة السياسية، دولة تكفل العدالة الاجتماعية وتعزز سيادة القانون، ويستطيع المواطن فيها أن يشعر بالأمان والاستقرار.في بلد يواجه أزمة اقتصادية خانقة، يبقى الأمل في تحقيق تنمية حقيقية هو الباعث لكثيرين للاستمرار. يعلم اليمنيون أن التنمية الاقتصادية ليست رفاهية، بل هي حاجة ملحة لاستقرار المجتمع. من خلال جهود محلية ودولية من الممكن تحسين الاقتصاد وخلق فرص عمل، وإعادة بناء البنية التحتية، مما سيسهم في تحسين مستوى المعيشة ويخفف من معاناتهم اليومية.

دور الشباب.. الأمل الذي لا يموت

الشباب الذين بدأوا الحراك لم يفقدوا إيمانهم في التغيير. هم عماد هذا الوطن، وقوته التي لا تنضب من رحم المعاناة، يستمر الشباب في رفع أصواتهم، في الدفاع عن حقوقهم وحقوق وطنهم. هم يعتقدون أن التغيير ممكن، وأن بناء اليمن الجديد يتطلب إرادة وعملاً مستمراً، فمهما كانت التحديات، يبقى الأمل قائماً في نفوسهم، ليكونوا جزءاً من التغيير الذي نادوا به منذ اللحظة الأولى.

خاتمة.. اليمن وطن الصمود وأرض الآمال المتجددة

رغم المحن والجراح العميقة التي أثخنت جسد اليمن، يظل هذا الوطن رمزاً للصمود والكرامة، حياً بنبض أهله وصبرهم العجيب على المآسي، ومستعداً لمواجهة أعتى التحديات. على مدار سنواتٍ طويلة، واجه اليمنيون حرباً من الأزمات، تضافرت فيها العوامل الداخلية مع التدخلات الخارجية، ومع ذلك لم تفقدهم الأزمات إيمانهم بوطنهم ولا تلاشت تطلعاتهم إلى العدل والسلام.

يمضي اليمن اليوم نحو مستقبلٍ مثقلٍ بالاختبارات، لكنّ الأمل يظل وقود هذا الشعب الطامح إلى حياة أفضل، والذي لا يزال يؤمن بأن تحقيق الديمقراطية والكرامة والحرية هو هدف يستحق النضال، مهما بدا بعيد المنال. كل لحظة تمر على اليمنيين تبني في نفوسهم طبقات جديدة من الصبر والإرادة، وكأن هذه السنوات العصيبة تعمل على تشكيل ملامحهم بصلابة نادرة. إنهم يعلمون أن الوصول إلى الديمقراطية ليس طريقاً سهلاً، بل ميدان يختبر فيه الشعب قدرته على التغيير والبقاء.

يرى اليمنيون أن أحلامهم قد تكون مؤجلة، لكنها لم تمت، وأن بناء دولة حديثة تعبر عن إرادة الشعب، وتحمي حقوق الأجيال القادمة، هو حلم يستحق التمسك به. ولعلّ ما يميز هذا الطموح هو إدراكهم لضرورة استيعاب الدروس، من التجارب المريرة التي خاضوها، سواء في الوحدة الوطنية أو في مواجهة الفساد والاستبداد. فهم يعرفون اليوم أن المصالحة الداخلية، وتجاوز الخلافات، وترسيخ العدالة، هي الطريق الأمثل لاستعادة اليمن مكانته، وتجنب دوامة الصراع.

وفي قلب كل هذه التطلعات، يدرك الشباب الذين بدأوا الاحتجاجات الأولى أن مسؤوليتهم لا تنتهي بالتعبير عن الآمال، بل تمتد إلى تحمل المسؤولية، وبناء جسور التفاهم، والسعي لمستقبل يُعلي مصلحة اليمن فوق أي مصلحة شخصية أو خارجية. هؤلاء الشباب، بروحهم الطموحة، هم بمثابة الشعلة التي ستضيء الطريق نحو التغيير، حين تتحقق الظروف المواتية، وحين تستعيد اليمن عافيتها السياسية والاقتصادية.

في النهاية، يبقى اليمن أكبر من أن يضعف تحت وطأة الاستبداد، وأقوى من أن ينكسر أمام محاولات الهيمنة والاستغلال. إنها قضية شعب آمن منذ القدم بقيم الحرية والاستقلال، ويعلم اليوم أن وطنه يحتاج لكل ذرةٍ من إرادته، ولكل قطرة من عزيمته. ومع كل هذه التحديات، يظل السؤال الكبير مفتوحاً: هل يستجيب القدر يوماً لإرادة هذا الشعب؟ هل يرى اليمنيون الحلم الذي طال انتظاره وقد صار حقيقة؟

ربما لن تكون الإجابة واضحة قريباً، لكن إيمان اليمنيين بوطنهم يجعل هذا الحلم ممكناً، مهما طال الزمن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الثورة اليمن اليمن ثورة سياسة رأي تداعيات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة من هنا وهناك اقتصاد سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بناء دولة دیمقراطیة الیمنیون أن الیوم أن فی الیمن أن بناء فی وجه بل کان

إقرأ أيضاً:

جمعة رجب:نعمة إسلام.. وهوية جسدها اليمنيون قولا وفعلاً

 

دوناً عن بقية أبناء الأمة الإسلامية يتفرد اليمنيون بإحياء الجمعة الأولى من شهر رجب لانها تحمل ذكرى دخول أجدادهم اليمنيين في الإسلام بعد ان أرسل اليهم النبي الكريم الإمام علي – عليه السلام – يحمل لهم رسالة منه يدعوهم للإسلام، وما إن أتم قراءتها حتى دخل اليمنيون في دين الله جماعات وأفرادا.

وحين وصل للنبي الكريم خبر إسلامهم خر لله ساجدا ثم قال «أتاكم أهل اليمن ارق قلوبهم وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية» وهنا تتويج لليمنيين بالهوية الإيمانية كوسام شرف يعتز به اليمنيون الذين كانوا للنبي عونا وسندا في نشر الدعوة الإسلامية،

وبالتالي ظل اليمنيون طيلة عقود الإسلام يحيون هذه المناسبة اعتزاز بهويتهم الإيمانية وترسيخا لها في قلوبهم وحمدا وشكرا على نعمة الإسلام والهداية، يحيونها كعيد ديني له طقوسه الدينية كبقية الأعياد الدينية، وكان اليمنيون منذ ذلك اليوم وحتى اليوم خير من جسد الهوية الإيمانية نراها اليوم حاضرة في أرضهم التي انتصروا لها من الذين شنوا عليها الحرب ونراها بقوة حاضرة في نصرة المظلومين في غزة التي ترزح تحت وطأة القتل والخذلان من أبناء الأمة قاطبة.

وحول هذه المناسبة وأهمية احيائها بما حملته من نعمة إسلام وهوية المركز الإعلامي بالهيئة النسائية- مكتب الأمانة اجرى استطلاعا للأسرة مع عدد من الناشطات الثقافيات والإعلاميات نتابع :

الثورة / خاص

 

الناشطة الثقافية رشا حسين القفيلي أوضحت أن للجمعة الأولى من شهر رجب أهمية وذكرى مميزة وعزيزة، واعتبرتها من أعز وأقدس الذكريات لشعبنا اليمني المسلم العزيز، وقالت انها تعد أيضًا من الصفحات البيضاء الناصعة في تاريخ شعبنا المسلم.

ذكرى تاريخية

وذكرت القفيلي أن هذه الذكرى هي واحدة من ذكريات ارتباط شعبنا العزيز بالإسلام العظيم، في الجمعة الأولى، حيث التحق عدد كبير من أبناء اليمن بالإسلام، في ذكرى تاريخية عظيمة ومقدسة ومهمة.

وأضافت: ولذلك هي مناسبة مهمة في الحفاظ على هوية شعبنا المسلم، وفي تجذير وترسيخ هذه الهوية لكل الأجيال الحاضرة والمستقبلية، الهوية التي يمتاز بها شعبنا اليمني، الهوية الإسلامية المتأصلة، هي تعود إلى تاريخ أصيل لهذا الشعب، فعلاقته بالإسلام، وارتباطه بالإسلام، وإقباله على الإسلام منذ فجره الأول كان على نحوٍ متميز، وعلى نحو عظيم.

وأشارت رشا إلى أنه في الجمعة الأولى من شهر رجب كان هناك الإسلام الواسع لأهل اليمن، والذي أسس لهذه المناسبة في الذاكرة والوجدان التاريخي لأهل اليمن، فكانت مناسبة عزيزة يحتفي بها أهل اليمن، كل ما يأتي هذا اليوم في كل عام، الجمعة الأولى من شهر رجب، وما عرف في الذاكرة الشعبية بالرجبية.

وأكدت رشا القفيلي: على ان الإقبال الواسع على الإسلام كان طوعًا ورغبةً وقناعةً، وكان دخولًا صادقًا وعظيمًا ومتميزًا، سواءً من كان منهم مهاجراً في مكة مثل عمار وأسرته، والمقداد وغيرهما، مثلما هي حكاية الأنصار في يثرب المدينة، مثلما هو الواقع للوفود التي توافدت من اليمن والجماهير التي دخلت في الإسلام.

وأوضحت رشا أنه عندما أتى الإمام علي عليه السلام، أتى حسب الاستقراء التاريخي لثلاث مرات إلى اليمن، وفي البعض منها كان يبقى لشهور متعددة يدعو إلى الإسلام، ويعلِّم معالم الإسلام، وينشط في الواقع الشعبي والمجتمعي، وتنظيم الحالة القائمة في البلد على أساس تعاليم الإسلام ونظام الإسلام، ومبتعثين آخرين أيضا أكملوا الدور في بعض المناطق كما هو معاذ بن جبل، وهكذا نجد أنَّ الدخول اليمني، والتاريخ اليمني، والهوية اليمنية الأصيلة المرتبطة بالإسلام ارتباطاً وثيقاً ودخولاً كلياً.

إيمان وحكمة

فيما ذكرت الكاتبة رحاب القحم أن جمعة رجب جمعة مباركة على يمن الإيمان والحكمة، والتحية كل التحية لشعب عظيم وهو يجدد ارتباطه بهويته من تحت النار، مستذكراً صدر الإسلام يوم أقبل اليمنيون طواعية للدخول في دين الله أفواجاً.

وأوضحت القحم أن الشعب اليمني شعب عظيم له امتداد إيماني تاريخي أصيل وصولا إلى رسول الله.

وأشارت القحم إلى أن اليمنيين جيلًا بعد جيل يتوارثون الاحتفاء بجمعة رجب ذكرى دخولهم الإسلام طواعية وإيمانهم بالرسالة المحمدية عبر مبعوثه إليهم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، مؤكدة على ان للمناسبة على مدى الأزمان أهميّتها في التذكير بنعمة الهداية وترسيخ الهوية الإيمانية وفقَ المفهوم الصحيح للإيمان، وركيزتيه المتمثلتين في الوعي الصحيح والصلة الوثيقة بالقرآن الكريم.

واختتمت رحاب القحم حديثها بالقول: لم يخب ظنك يا رسول الله باليمن وشعبه وكما عهدت أجدادهم الأنصار وهم يضعون اللبنات الأولى في صدر الإسلام فلايزالون كما عهدهم رسول الله أهل حكمة وإيمان.

نعمة الإسلام

وعلى ذات الصعيد تقول الكاتبة أم محمد الوشلي: في الجمعة الأولى من شهر رجب في السنة الثامنة لهجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أرسل نبينا الكريم الإمام علي كرم الله وجهه لدعوة أهل اليمن للدخول في الإسلام وعبادة الله وحده وكانت ردة فعل أهل اليمن ان استجابوا للدعوة الإسلامية حيث قال فيهم الإمام علي (لو كنت بواباً على باب جنةٍ، لقلت لهمدان ادخلوا بسلام)، لذلك فإن الشعب اليمني العظيم يتفرد بإحياء هذا اليوم المبارك حيث يُمثل اجل معاني الولاء لرسول الله وآل بيته الإطهار.

وأوضحت أم محمد الوشلي ان الشعب اليمني يحيي هذه الجمعة في كل عام حيث تقام فيها الزيارات للأهل والأصدقاء ويتبادلون فيها التهاني والتبريكات، ويقومون بتوزيع الهدايا والحلويات للجيران.

ويلبسون الملابس الجميلة، ويقيمون الاحتفالات ويوزعون الطعام والحلوى للمحتاجين كما هو معروف بالتراحم بيت أبناء الشعب الأصيل.

وأكدت أم محمد الوشلي: إن لإحياء جمعة رجب أهمية كبيرة في نفوس أبناء الشعب اليمني العظيم حيث يتذكروا فيها قصة إسلامهم ويفتخرون بذلك ويعتزون بهذا اليوم العظيم الذي يعتبر من الأعياد الدينية العظيمة.

كما انهم يجددون إيمانهم الذي هو مترسخ في قلوبهم قولاً وفعلاً والدليل على ذلك إحياء الشعب اليمني لذكرى المولد النبوي الشريف بحفاوة وفرحة كبرى وأيضا مساندته للشعب الفلسطيني المظلوم وعهده بتحرير أولى القبلتين، والوقوف بوجه الصهاينة.

نعمة الهداية

وتقول الناشطة الثقافية هناء أبو نجوم المحاقري إن اليمنيين يتميزون في إحياء أعظم مناسبة بعد مناسبة مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام وهي جمعة رجب وذكرت ان هذه المناسبة ليست وليدة اليوم أو ذكرى عادية إنما هي ذكرى لها رمزيتها كونها مرتبطة بنعمة الهداية والإسلام الذي دخله اليمنيون أفواجا في هذا اليوم العظيم

وأوضحت المحاقري أنه عندما بعث الرسول صلى الله عليه واله وسلم الإمام علي عليه السلام إلى اليمن لدعوتهم إلى الإسلام فأسلمت همدان كلها ودخل اليمانيون في دين الله أفواجا وهذا يدل على ان اليمانيين لهم ارتباط قوي بالرسول الكريم وبالإمام علي عليه السلام.

واعتبرت المحاقري: هذه المناسبة من المناسبات المهمة التي يجب ان نشكر الله عليها وان تكون محط اعتزاز لدينا من الله فيها على اليمن بأعظم النعم وهي نعمة الهداية.

وأكدت المحاقري على أن هذه المناسبة مهمة لترسيخ الهوية الإيمانية والانتماء الإيماني وقالت اننا اليوم معنيون بالحفاظ على هويتنا الإيمانية وبالذات في هذه المرحلة الحساسة لأننا نرى انه عندما ابتعدت الأمة عن هويتها وعن دينها وعن قيمها ولم تعد العدة لمواجهة العدو الحقيقي فأصبحت أمة لاحول لها ولا قوة أمة مستباحة في كل شيء خانعة لأعدائها وعليه يتوجب علينا كيمنيين ان نعتز بهويتنا الإيمانية

فنحمد الله تعالي ان اختارنا الله في هذا الوقت وفي معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس لأن نكون بمستوى ان نواجه كل القوى المستكبرة، لأن الأعداء اليوم يسعون لتجريدنا من إيماننا ومن هويتنا الإيمانية لكي يضمنوا السيطرة التامة علينا.

الإيمان يمان

وتابعت : ان هذه المناسبة تجعلنا نحمد الله على نعمة الهداية وعلى نعمة الدين ونعمة الإسلام فرسول الله صلى الله علية وآله قال في هذا الشعب “الإيمان يمان والحكمة يمانية” وبالتالي يجب ان نحافظ على هذا الوسام وعلى هذا الشرف العظيم لأن هذا يبين لنا شرف الإيمان ومنزلته العالية مؤكدة على انه بتمسكنا بالقرآن وآل البيت عليهم السلام نرتقي في إيماننا ووعينا ونكون في معية الله وعونه وحفظه والله وعد من يتمسكون به بالنصر والثبات والتأييد وكان حقا علينا نصر المؤمنين، وان الله يدافع عن الذين ءامنوا ،ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.

المحاقري ذكرت ان الواقع الإيماني للأمة المؤمنة واقع مرتبط بالمبادئ الإيمانية ليتحرر من العبودية للطواغيت إلى العبودية لله وحده، مشيرة إلى أن العودة لآيات الله مهم لترسيخ الوعي والبصيرة حتى لانخدع أو نكون ضحية لقوى الشر، لان العدو الصهيوني يركز على ان نضل السبيل وعلى ان نكون مثلهم كافرين ويريد مسخ هويتنا من اجل السيطرة التامة علينا في كل شيء وهذه من أخطر وسائل التضليل الصهيوني.

تجسيد الهوية

وأكدت المحاقري على اننا اليوم نجد ان الهوية الأصيلة ليمن الإيمان والحكمة لها أثرها الكبير في مقام الصراع مع أمريكا وإسرائيل وهي من ترسخ في نفوسنا ان نكون أعزاء وعبيد لله فقط ،وهي تشكل ضمانة وحصانة من أي اختراق لنا وبالتالي علينا أن نربي أجيالنا جيلا بعد جيل عليها حتى ننال من الله الثبات والتوفيق فمعركتنا اليوم معركة الإيمان بكله ضد الشرك بكله، واليهود يريدون ان نتخلى عن هويتنا هدفهم هو استعباد وسيطرة تامة علينا حتى يسلبوا منا حريتنا وكرامتنا وإرادتنا ونراهم يشغلون العملاء والمرتزقة والمنافقين لكن لن يستطيعوا ان ينالوا منا شيئاً لاننا بالله أقوى وأعظم وان كيدهم ضعيف وهم أوهن من بيت العنكبوت ،

فهويتنا ضمانة رئيسية لتماسكنا ضد أعدائنا حيث ومعركتنا معهم مستمرة حتى النصر أو الشهادة في سبيل الله وموقفنا ثابت ولن يتغير ولن يتبدل واننا متوكلون على الله فهو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير .. ونسأل الله ان يثبت أقدامنا وان ينصرنا على القوم الكافرين.

عيد ديني

ختاما الكاتبة فاطمة إسحاق بدأت حديثها قائلة: كل عام واليمنيين بهذا الإيمان وبهذه القوة في وجه طغاة الأرض اليهود والأمريكان والبريطانيين ومن ساندهم

وأضافت: لقد تفرد اليمنيون بإحياء جمعة رجب الأولى باعتبارها عيد ديني، فيها يحمدون الله على نعمة استجابة أجدادهم الأنصار لرسالة الرسول صلوات الله عليه وآله بلسان الإمام علي عليه السلام الذي اختاره النبي لدعوتهم لدين الله وبدورهم اليمنيون دخولوا في الإسلام دون تردد أو جدال أو تشكيك في الرسالة الربانية المحمدية فصنعوا قاعدة صلبة ليبنوا عليها إيمانهم وانتمائهم العميق للعقيدة الإسلامية.

وأشارت إلى أن اليمنيين بإحيائهم لهذه الذكرى هم يحصنون أنفسهم وهويتهم من أي اختراق من الأعداء ويكونون في مستوى المواجهة مع طواغيت الأرض المستكبرين من يهود ونصارى ومن تولاهم، وبالتالي يتعزز حضور الله في حياتهم وفي كل أعمالهم، من خلالها ينطلقون لإصلاح الواقع المنحرف في الدول العربية والإسلامية؛ الذي سيطر عليه الغرب والصهاينة من خلال محاولات فصل العرب والمسلمين عن هويتهم الإيمانية.

الحفاظ على الهوية

وتابعت إسحاق: ان اليمنيين تفردوا أيضا بتمسكهم بهويتهم الإيمانية التي تخلي الكثير عنها فنتج عن ذلك الخضوع والاستسلام أو الجمود والحياد أو الفساد الأخلاقي والمهني، بدلا عن المقاومة والسعي للإصلاح وتحصين المجتمعات بنشر الثقافة القرآنية التي تمثل قيم محمدية أصيلة .

وعن أهمية احياء هذا اليوم في ترسيخ الهوية الإيمانية والقيم المحمدية ذكرت فاطمة إسحاق ان أهمية احياء هذا اليوم تكمن في الرؤية الصائبة التي تركز على المفاهيم القرآنية والتعمق في سيرة الأنبياء والأولياء ، واتخاذها منهجاً إيمانياً راسخاً يبتعد كل البعد عن الحياد أو الجمود خصوصا في القضية الفلسطينية وما يجري اليوم في غزة من جرائم مروعة ،ولذلك نرى ان شعب الإيمان لم يسكت عن ما يجري هناك بل من منطلقه الإيماني وانتمائه الانتماء الصادق وإخلاصه لدينه اتخذ موقف الإسناد العسكري والنشاطات الإعلامية والمظاهرات والمسيرات الأسبوعية التي ستستمر حتى إيقاف العدوان على الشعب الفلسطيني وفك حصاره.

وفي سياق حديثها أكدت على أن اليمنيين جسدوا هويتهم الإيمانية قولا وفعلا من خلال موقفهم في مساندة المظلومين في غزة ولبنان موقف ينبع من قوة الإيمان والانتماء للهوية الإيمانية التي قد ترسخت في النفوس ، قال تعالى ( إنهم فتية ءامنوا بربهم فزدناهم هدى ) ،

واختتمت فاطمة إسحاق حديثها بالقول: لقد زود الله اليمنيين بالهدى فتحملوا المسؤوليات من أجل النهوض بالمجتمع نحو الوعي ، واستشعار خطر العدو ومواجهته المواجهة القوية ، اتباعا لتوجيهات الله ورسوله والمؤمنين وهذه نعمة عظيمة تفرد بها أهل اليمن وجسدها في واقعه قولا وفعلا .

 

مقالات مشابهة

  • أحلام المصريين 2025
  • خبير علاقات دولية: اليمن لها مكانة تاريخية كبيرة.. ومن أقدم الحضارات على الأرض
  • حركة شباب التغيير والعدالة: ثقتنا في القوات المسلحة كبيرة وهي صمام الأمان
  • جمعة رجب:نعمة إسلام.. وهوية جسدها اليمنيون قولا وفعلاً
  • مجلة أمريكية: هل سيبقى الحوثيون طويلا وما الذي ينبغي فعله في اليمن لتدميرهم؟ (ترجمة خاصة)
  • جمعة رجب.. ذكرى الدمار والمؤامرة التي هزّت اليمن والعالم
  • أحلام تُشعل الحماس: “آتية… استعدوا!”
  • شاهد | اليمنيون يحيون ذكرى عيد إسلامهم بوفود متقاطرة ومظاهر فرح متنوعة
  • زيلينسكي يتحدث عن "أكبر الهزائم" التي منيت بها موسكو