شهدت سوريا خلال أكثر من عقد من الزمان، حربًا شعواء شاركت فيها أقوى الدول الدولية والإقليمية وعلى رأسها أمريكا والكيان الصهيوني وروسيا وتركيا وإيران ومنظمات إرهابية وجماعات مسلحة متطرفة تركت وراءها آثارًا مدمرة على البنية التحتية والمجتمع، من بين أخطر التحديات التي تواجه السوريين اليوم هي مخلفات الحرب، التي باتت تشكل تهديدًا يوميًا لحياة المدنيين، خصوصًا الأطفال والعائلات العائدة من النزوح لقراهم ومنازلهم.

تنتشر في أنحاء متفرقة من سوريا آلاف الألغام الأرضية والعبوات الناسفة والقنابل غير المنفجرة، التي تُركت في أعقاب الصراعات المسلحة، والاعتداءات الجوية لقوات الاحتلال “الإسرائيلي” على البنية العسكرية في سوريا. وتشير التقارير إلى أن هذه المخلفات تسببت في سقوط آلاف الضحايا المدنيين، سواء كانوا شهداء أو جرحى، حيث تتراوح الإصابات بين بتر الأطراف والإعاقات الدائمة، مما يُثقل كاهل الضحايا وعائلاتهم وكذا النظام الصحي المتعثر في سوريا ما بعد نظام الأسد. إحصائيات مقلقة ووفقًا لمنظمات دولية، تم تسجيل مئات الحالات شهريًا لإصابات ناتجة عن انفجار مخلفات الحرب، حيث تشير تلك التقارير إلى أن الأطفال يمثلون نسبة كبيرة من الضحايا، إذ غالبًا ما يكونون غير مدركين لخطورة هذه المواد ويتعرضون لها أثناء اللعب، أو أثناء البحث عن مصادر للتدفئة في الشتاء القارس خاصة البحث عن الصناديق الخشبية الخاصة بالأسلحة داخل المواقع العسكرية للجيش السابق والتي تعرضت لضربات جوية من قبل طيران الاحتلال الصهيوني تاركا صواريخ وقنابل لم تنفجر. وتواصل حصيلة ضحايا مخلفات الحرب ارتفاعها، إذ بلغ عدد الشهداء منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر الجاري 83 مدنيًا، بينهم 14 طفلاً و7 نساء، بينما بلغ عدد الجرحى 104، بينهم 63 طفلاً و6 نساء. أمس الثلاثاء، شهدت بلدة البغيلية غرب دير الزور استشهاد شاب بانفجار لغم أرضي، بينما أسفر انفجار آخر في قرية شاش البوبنا بريف منبج عن استشهاد شاب وإصابة 3 أشخاص، بينهم امرأتان. وأول أمس الإثنين، استشهد مواطنان من أبناء عشيرة “المشارفة فخذ الحسن” في إعزاز شمالي حلب نتيجة انفجار لغم. تأثيرات إنسانية واجتماعية لا يقتصر تأثير مخلفات الحرب على الخسائر البشرية فحسب، بل يمتد ليشمل الآثار النفسية والاجتماعية للناجين منها، جراء معاناتهم من حالات نفسية حادة نتيجة ما يعرف بصدمة ما بعد الحوادث، بالإضافة إلى صعوبة التأقلم مع الإعاقات التي قد تُفرض عليهم، كما تشكل هذه المخلفات عائقًا أمام عودة النازحين إلى ديارهم وإعادة بناء مجتمعاتهم وترتيب حياتهم اليومية. جهود الإغاثة وإزالة الألغام على الرغم من تصاعد مخاطر مخلفات الحرب وحصد اعداد كبيرة من الضحايا، غابت الجهود الحكومية لحكام سوريا الجدد في إزالة تلك المخاطر من الأراضي السورية. وخلال الأيام الأخيرة حاولت منظمات دولية مثل الصليب الأحمر ومنظمات محلية بشكل شحيح إزالة بعض من مخلفات الحرب وتوعية السكان بمخاطرها، كما تُنفذ حملات تعليمية تستهدف الأطفال والبالغين على حد سواء، بهدف تقليل الحوادث. وفي سياق متصل، دعا المرصد السوري والمجتمع السوري المحلي إلى تكثيف الجهود الدولية والمحلية لنزع مخلفات الحرب وتأمين حياة المدنيين في المناطق المتأثرة، مع التركيز على حماية الأطفال والعائلات العائدة إلى قراهم ومنازلهم. وتُعد مخلفات الحرب في سوريا إحدى أكبر التحديات الإنسانية التي تواجه السوريين في مرحلة ما بعد نظام الأسد، وبدء مرحلة جديدة من النزاع المسلح بين الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا ونظيرتها المدعومة من الولايات المتحدة في شمال وشرق سوريا، كما تزداد حدة المشكلة في ظل عدم مبالاة “الحكومة السورية المؤقتة” في إزالة هذه المخلفات من المناطق المتضررة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: مخلفات الحرب

إقرأ أيضاً:

الجزيرة ترصد أوضاع مدارس الطوارئ بمخيمات النازحين في السودان

وسط ظروف استثنائية فرضتها الحرب في السودان تواصل مدارس الطوارئ في مخيمات النازحين بولاية كسلا شرقي البلاد مهمتها في توفير التعليم للأطفال النازحين رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها على المستويين البيئي والإنساني.

ورصد مراسل الجزيرة الطاهر المرضي هذه الأوضاع في مخيم المطار للنازحين، إذ تحولت الخيام إلى فصول دراسية تستقبل أكثر من ألفي طالب وطالبة يحافظون على شغفهم بالتعليم رغم قسوة الظروف.

ويخلع الطلاب أحذيتهم عند دخول الفصول ويجلسون على الأرض في ظل غياب المقاعد والطاولات التي باتت ذكرى من ماضٍ أكثر استقرارا.

وتصف المعلمة أميرة واقع التدريس في هذه الظروف الاستثنائية قائلة "في مدارس الطوارئ كل شيء تغير، الفصل مكتظ بـ230 تلميذة، والمفترض أن يكون 18 أو 20 من أجل المتابعة"، مضيفة أنها تواجه صعوبات في التصحيح ومتابعة هذا العدد الكبير من الطالبات.

ويشرف على العملية التعليمية في المدرسة معلمون من مختلف التخصصات، وهم أنفسهم نازحون اضطرتهم الحرب إلى ترك منازلهم، وقد تم تقسيم أيام الأسبوع مناصفة بين البنين والبنات، مع ملاحظة أن صفوف البنات تشهد اكتظاظا أكبر مقارنة بصفوف البنين.

ومن القصص المؤثرة في المدرسة قصة أبو ذر، وهو طالب في المرحلة المتوسطة ويجمع بين التعليم والعمل، حيث يقضي صباحه في الفصل الدراسي، وفي المساء يعمل في صيانة الفحم لمساعدة أسرته وتأمين مصاريف دراسته.

إعلان

وتتفاقم المأساة مع وجود أكثر من 60 طفلا في سن التعليم وصلوا إلى المخيم وهم يعانون من اضطرابات نفسية، وتحاول الطبيبة النفسية نهاد مساعدة هؤلاء الأطفال من خلال الموسيقى والرسم.

وتشير نهاد في حديثها إلى أن آثار الحرب ظهرت جلية في رسومات الأطفال التي تحفل بصور الأسلحة والجنود، مما دفعها إلى العمل على دمجهم مع زملائهم في المدرسة.

وفي خضم هذا الواقع المرير تبقى الآمال معلقة على مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال الذين يواصلون تعليمهم رغم كل الصعاب، فمع كل رسمة يخطونها وكل كلمة يتعلمون نطقها يتجدد الأمل في أن طفل اليوم الذي يرسم زهرة قد يتمكن غدا من زراعة حديقة من الأحلام.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الشرع: النظام الاشتراكي فيه الكثير من السلبيات التي أثرت في المواطن وسنعيد هيكلة الاقتصاد في سوريا ونتخلص من الفساد
  • هذه أبرز النزاعات التي تواجه العالم في عام 2025.. حروب ترامب من بينها
  • مسام: انتزعنا 4094 مادة متفجرة من مخلفات الحرب
  • انفجار سيارة مفخخة في سوريا تودي بحياة 15 شخصا
  • أول زيارة خارجية لرئيس سوريا.. الشرع يصل الرياض وهذه أبرز الملفات التي سيبحثها مع محمد بن سلمان
  • الجزيرة ترصد أوضاع مدارس الطوارئ بمخيمات النازحين في السودان
  • فعالية فنية للأطفال في طرطوس مادتها وحدة سوريا وجغرافيتها الجميلة
  • سوريا.. انفجار سيارة مفخخة يودي بحياة 5 أشخاص بريف حلب الشرقي
  • زي النهارده.. توقيع معاهدة سلام تورون التي أنهت الحرب البولندية الليتوانية التوتونية
  • الخولي: مقتل كوجانيان حلقة جديدة في مسلسل جرائم النازحين السوريين