الخلافات تؤرق الجارتين أوكرانيا وبولندا رغم الحرب الروسية
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
بالنسبة لأوكرانيا لا توجد جارة لها نفس أهمية بولندا، في ضوء صراعها الدفاعي ضد روسيا. ومن جانبها تقدم بولندا المساعدة: لم تستقبل أي دولة أخرى هذا العدد الكبير من اللاجئين الأوكرانيين، كما أنها ترسل أسلحتها إلى جارتها، وتعتبر مركزاً دولياً لمساعدات الأسلحة الموجهة إلى أوكرانيا.
ولكن بعد ما يقرب من عام ونصف من الحرب، يتزايد الخلاف بين العاصمتين كييف ووارسو، حيث استدعت كل منهما سفير الدولة الأخرى إلى وزارة الخارجية لإبداء الرأي.
ولكن الخلافات كانت تختمر منذ فترة طويلة، لدرجة دفعت صحفية "دو زيتسي" البولندية الأسبوعية إلى إصدار إحدى افتتاحيتها بعنوان "صداقة محطمة". تدور الخلافات بين البلدين حول صادرات الحبوب الأوكرانية، والحملة الانتخابية البولندية، والأعصاب المتوترة في كييف، والماضي الدموي الذي لم يتم معالجته.
Neighboring Poland has been one of Ukraine's staunchest supporters since Russia's invasion but tensions have flared over new limits on Ukrainian grain sales. https://t.co/ipYRRPsAHQ
— The Washington Post (@washingtonpost) August 12, 2023وفي أبريل (نيسان) الماضي - ذروة التقارب بين البلدين - أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وارسو بالأخوّة بين الشعبين، وقال في خطاب ألقاه أمام القلعة الملكية القديمة في العاصمة البولندية: "روسيا لن تفوز أبداً إذا وقف كل بولندي وأوكراني كتفاً بكتف". وكانت بولندا أعلنت في ذلك الحين تسليم طائرات مقاتلة سوفيتية من طراز "ميغ-29" لأوكرانيا.
ولكن حتى في ذلك الوقت خرج مزارعون بولنديون في احتجاجات، لأن الحبوب القادمة من أوكرانيا لم تمر فقط عبر بلادهم، بل تم بيعها هناك أيضاً، ما أدى إلى تراجع أسعار منتجاتهم. ترتب على ذلك إغلاق بولندا ودول شرق الاتحاد الأوروبي الأخرى - سلوفاكيا والمجر ورومانيا وبلغاريا - لأسواقها أمام المنتجات الزراعية الأوكرانية حتى 15 سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك بالتنسيق مع المفوضية الأوروبية في بروكسل.
وتسعى بولندا حالياً لتمديد الحظر. وبالنسبة للحزب الوطني المحافظ الحاكم هناك - حزب القانون والعدالة - يُعتبر المزارعون ناخبين مهمين في الانتخابات البرلمانية، التي من المقرر إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. لذلك اتهم رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال نظيره البولندي ماتيوس مورافيتسكي بممارسة سياسة شعبوية.
وفي هذا الصدد، تحدثت نائبة رئيس الوزراء الأوكرانية المعنية بالشؤون الاقتصادية، يوليا سفيرينكو، علانية عن التفكير في اتخاذ "إجراءات مماثلة"، وهو ما استتبع رداً من المستشار الرئاسي البولندي برزيداتش، الذي قال: "تلقت أوكرانيا دعماً كبيراً من بولندا"، مطالباً أوكرانيا بالبدء في تقدير الدور الذي تضطلع به بولندا لصالحها على مدار الأشهر والسنوات الماضية. واستدعت وزارة الخارجية الأوكرانية - منزعجة - السفير البولندي بارتوش سيتشوكي.
كما أبدى أندري زيهبا، نائب رئيس مكتب الرئيس الأوكراني، رد فعل عاطفي، وكتب على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "لا يوجد شيء أسوأ من أن يطلب منك المنقذ رسوم إنقاذ، حتى لو كنت تنزف حتى الموت".
واتُهمَت أوكرانيا مؤخراً عدة مرات بالجحود؛ ففي منتدى لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في منتصف يوليو (تموز) الماضي، دعا مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى مزيد من الامتنان تجاه الشعب الأمريكي. وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس رداً على مطالب متكررة من أوكرانيا بالحصول على أسلحة: "أنا لست أمازون". وبعد اتهامات وارسو تبدو كييف في وضع حساس.
ولا تستطيع أوكرانيا الضعيفة اقتصادياً - والتي تعتمد على المساعدات الخارجية - أن تُظهر بطريقة عملية الكثير من الامتنان. لذلك رفع زيلينسكي القضية إلى مستوى استراتيجي: يجب أن تكون الشعوب الأخرى ممتنة لإنقاذ أوكرانيا لها من روسيا. وقال زيلينسكي لسفراء أوكرانيا: "القوة العسكرية الروسية، التي أوقفها الأوكرانيون، لن تقتل بعد الآن في أوروبا أو آسيا أو في قارات أخرى من العالم".
وفي عام 2022 - وبدافع من الامتنان لاستقبال لاجئين أوكرانيين في بولندا - عاملت أوكرانيا المواطنين البولنديين على قدم المساواة مع مواطنيها لفترة أولية تبلغ مدتها 18 شهراً، حيث سُمح للجيران البولنديين بالعيش والعمل والاستثمار في أوكرانيا دون أي رسميات، إلى جانب تلقي العلاج الطبي مجاناً.
وعملياً نجحت العلاقة بين البولنديين والأوكرانيين في هذه الحرب، لأنهم تجاهلوا فصولًا في تاريخهم الطويل الذي كثيراً ما اتسم بالطابع الدموي. وكإشارة على المصالحة، أحيا زيلينسكي ودودا ذكرى ضحايا التطهير العرقي الذي وقع عام 1943 في مدينة لوتسك شمالي أوكرانيا في يوليو (تموز) الماضي. وفي منطقة فولينيا البولندية قتل جيش التمرد الأوكراني (يو بي إيه) عشرات الآلاف من البولنديين تحت أعين الاحتلال النازي في ذلك الحين. ولا يزال أفراد جيش التمرد الأوكراني يعتبرون أبطالاً في أوكرانيا حتى اليوم.
وفي بولندا، لم يقبل رئيس حزب القانون والعدالة ياروسلاف كازينسكي إشارة الرئيسين للمصالحة، وقال إن أوكرانيا ترفض البحث عن قبور بولندية. ويعتمد الرجل القوي في السياسة البولندية خلال الحملة الانتخابية على قضايا تاريخية، ويرى بولندا محاطة بالأعداء. قال كازينسكي: "لا يمكن لدولة أن توافق على التهوين من قتل شعبها.. من الصعب التفوق على الألمان في هذا الصدد، لكن للأسف تمكن الأوكرانيون من فعل ذلك".
وفي المقابل، أبدى ساسة آخرون من حزب القانون والعدالة نبرة سلمية بعد هذه الخلافات، حيث قال خبير شؤون السياسة الخارجية في الحزب، رادوسلاف فوجيل، إن "بولندا لن تفعل أي شيء يضر بنفسها"، وأضاف مؤكداً "سنساعد أوكرانيا لأن ذلك يصب في مصلحتنا".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية بولندا روسيا
إقرأ أيضاً:
الدفاع الروسية: أوكرانيا هاجمت أراضينا مجددًا بصواريخ أتاكمز أمريكية الصنع
(CNN)-- قالت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، إن أوكرانيا نفذت ضربتين حديثتين على منشآت روسية في منطقة كورسك باستخدام صواريخ أتاكمز أمريكية الصنع بعيدة المدى.
وبحسب وزارة الدفاع الروسي، استهدفت الصواريخ طويلة المدى موقع فرقة صواريخ مضادة للطائرات من طراز S-400 الروسية، بالقرب من قرية لوتاريفكا، السبت، شمال غرب كورسك. وكانت كييف شنّت توغلا في منطقة كورسك الروسية في أغسطس/آب، مما فاجأ موسكو وحتى حلفائها.
وفقًا للوزارة الروسية، فإن الضربة، التي شملت خمسة صواريخ "أتاكمز"، أصاب صاروخان منهم الهدف، مما أدى إلى تضرر نظام رادار وأوقع ضحايا بين الأفراد.
وأضافت وزارة الدفاع الروسية أن هجومًا ثانيًا بصواريخ "أتاكمز" استهدف مطارًا روسيًا. وصل أحد الصواريخ إلى الهدف، مما أسفر عن إصابة جنديين وإلحاق أضرار محدودة بالبنية التحتية.
وزعمت وزارة الدفاع الروسية أنه "خلال مسح للمواقع التي تعرضت للهجوم، تم التأكد بشكل موثوق من أن القوات المسلحة الأوكرانية هاجمت باستخدام صواريخ أتاكمز أمريكية الصنع".
والأسبوع الماضي، ضربت أوكرانيا ترسانة أسلحة روسية بصواريخ أتاكمز أمريكية الصنع أطلقتها عبر الحدود لأول مرة، بحسب مسؤولين أمريكيين.
وجاء هذا الهجوم بعد يومين فقط من منح إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن الضوء الأخضر لكييف لاستخدام الأسلحة الأمريكية بعيدة المدى ضد أهداف داخل روسيا.
وقال الجيش الأوكراني الأسبوع الماضي إنه استهدف بنجاح منظومة صواريخ روسية مضادة للطائرات من طراز "إس-400"، لكنه لم يحدد نوع الصاروخ المستخدم في الهجوم. ولم تعلق السلطات الأوكرانية بعد على الهجوم الثاني.