كتب محمد قواص في "النهار": تغيّرت جداً موازين القوى، ولا يملك لبنان، رغم عناد بعض تياراته ومكابرتهم، أن لا يأخذ ذلك في الاعتبار. فقدت طهران بعد دمشق جدارة الإملاء على برلمان البلد ومشهده السياسي، كما فقدت العاصمتان وجاهة أن يأتي رئيس لبنان متّسقاً مع أجنداتهما. وإذا ما أظهر "الثنائي" معاندة، فإنها تبدو شكلية، تشتري الوقت، وربما الوهم، لاجترار زمن ولى.
ولئن تنكفئ طهران وترتبك بانتظار ما تحمله الإدارة الجديدة في واشنطن، فإن دمشق تعلن في حدثها الكبير واقعاً جديداً، على بيروت أن تتأمله بعناية وتستخلص دروسه وتداعياته على لبنان.
وجب على الرئيس الجديد للبنان أن يدرك أن الحدث السوري هو تحوّل إقليمي دولي جامح لا يبقى للبلد إلا الالتحاق به. تكفي مراقبة الاحتضان، في نسختيه، العاجلة والمتدرّجة، من قبل تركيا والعالم العربي وعواصم القرار الدولي، لاستنتاج أن العالم يتموضع من جديد على توقيت دمشق. تفقد طهران وموسكو، بنسب مختلفة، نفوذاً في الشرق الأوسط وإطلالة محتملة على البحر المتوسط. يتقدم العالم العربي لاحتلال حيّز واسع مما كان قبل أسابيع فقط داخل نفوذ إيران منذ عقود. تدق أوروبا والولايات المتحدة أبواب العاصمة السورية راسمة من هناك خرائط جديدة، وربما طويلة الأجل، لتوازنات الكوكب.
أمام لبنان فرصة تاريخية، وربما مجانية، لاستعادة وجهة فقدها في عهود الوصايات القهرية المباشرة. والحذر الحذر من الانزلاق مجدداً إلى ارتكاب خطيئة الجزع من ركوب التحوّلات الكبرى عبر الخضوع لصفقات لا تقرأ التاريخ، على منوال تخريجة "الاتفاق الرباعي" عام 2005. لا يمكن أن يرأس لبنان وجه مستفزّ للعالم العربي مستهتر بتبدل الأوزان في هذا العالم. ولا يمكن أولاً وأخيراً، أن يأتي رئيس يعاكس رياح سوريا الجديدة ولا يكترث بتغير البوصلة هناك، بما في ذلك وعد قائد الإدارة الجديدة هناك، أحمد الشرع، بأن "سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق وستحترم سيادته ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني".
كان مسعد بولس، الذي عيّنه الرئيس دونالد ترامب مستشاراً للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط، قد تحدّث عن الاستحقاق الرئاسي ناصحاً بالعمل عليه "بدقة من دون تسرّع بشكل غير مدروس". ذهب إلى نصيحة من ذهب: "من صبر أكثر من سنتين على الفراغ، يمكن أن يصبر شهرين أو ثلاثة ويعمل على الأمر بشكل متكامل ودقيق بعيداً عن التسرع". نصيحة تشبه الوعيد ضد من لا يقرأ الحسابات الجديدة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رئيس وزراء غرينلاند يتحدى ترامب.. "لا يمكن شراء الجزيرة"
شدد رئيس وزراء غرينلاند موتي بوروب إيجيدي، الأربعاء، على أن الجزيرة لا يمكن شراؤها، وذلك في تعليق على رسالة وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال فيها إن واشنطن تدعم حق الجزيرة في تقرير مصيرها.
وأفاد إيجيدي، بأن "مواطني الجزيرة ليسوا أمريكيين ولا دنماركيين، لأنهم غرينلانديون".
وكتب في منشور له بثه باللغتين الجرينلاندية والدنماركية على منصة فيسبوك، اليوم ، إن "الولايات المتحدة عليها أن تعي ذلك".
وأضاف أن "شعب غرينلاند هو الذي سيقرر مستقبلها".
وجاء منشور إيجيدي بعد ساعات من توجيه ترامب نداء مباشرا إلى سكان جرينلاند، في خطاب ألقاه أمام الكونجرس، أمس الثلاثاء، قبل أسبوع من توجه سكان الجزيرة إلى صناديق الانتخابات للمشاركة في الانتخابات البرلمانية.
وكان ترامب قد قال عن غرينلاند إن: "الولايات المتحدة ستستحوذ بطريقة أو بأخرى على المنطقة".
وأكد ترامب لسكان الإقليم الدنماركي المتمتع بحكم ذاتي أن الولايات المتحدة "ستحافظ على سلامتكم".
وقال ترامب في أول خطاب له أمام الكونغرس منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل 6 أسابيع "نحن بحاجة إلى (غرينلاند) حقا من أجل الأمن العالمي الدولي".
وأضاف قائلا: "وأعتقد أننا سنحصل عليها. بطريقة أو بأخرى، سنحصل عليها.. معا، سنأخذ غرينلاند إلى آفاق لم تتخيلها من قبل".
وتحدث الرئيس الأميركي لغرينلاند: "نرحب بك في أميركا إن أردت"، وأضاف موجها كلامه إلى سكان الجزيرة "ندعم حقكم في تقرير مصيركم".