الاتفاقيات والمعاهدات اللبنانية السورية الى الواجهة وكلمة الفصل لاتفاقية ڤيينا
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
بين لبنان وسورية أكثر من 40 اتفاقية ومعاهدة معقودة بين البلدين الجارين أبرزها ثلاث: معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق الموقعة في دمشق بتاريخ 22/5/1991، اتفاقية الدفاع والأمن الموقعة في شتورا بتاريخ 1/9/1991، واتفاقية التعاون والتنسيق الاقتصادي الموقعة في بيروت بتاريخ 16/9/1993.
ومع سقوط نظام آل الأسد في 8 كانون الاول 2024، طفت تلك الاتفاقيات والمعاهدات اللبنانية وما اشتق عنها، على سطح السياسة اللبنانية، فتصاعدت أصوات المطالبين بإلغائها أو أقله إعادة النظر فيها لتعديلها.
وقال رئيس مؤسسة جوستيسيا الحقوقية المحامي بول مرقص في تصريح لـ«الأنباء الكويتية»: «المبدأ والأصل ألا يتم الرجوع عن المعاهدة إلا بموافقة جميع الأطراف. واستنادا إلى اتفاقية ڤيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، هناك شروط محددة يجب استيفاؤها لتتمكن الدولة من الانسحاب بشكل أحادي من اتفاقية ثنائية، وتوضح هذه الشروط في المادتين 54 و56 من الاتفاقية التي أصبحت سورية طرفا فيها منذ عام 1970.
وأضاف مرقص : «تشترط المادة 54 المتعلقة بانقضاء المعاهدة أو الانسحاب منها بموجب نصوصها أو برضا أطرافها، ضرورة اتباع نصوص المعاهدة أو توفر رضا جميع أطرافها بعد التشاور مع الدول المتعاقدة الأخرى. أما المادة 56 المختصة بالمعاهدات التي لا تتضمن نصوصا تنظم الانقضاء أو النقض أو الانسحاب، فتنص على عدم إمكانية النقض أو الانسحاب إلا إذا: أ ـ ثبت أن نية الأطراف قد اتجهت نحو إقرار إمكانية النقض أو الانسحاب.
ب ـ إذا كان حق النقض أو الانسحاب مفهوما ضمنا من طبيعة المعاهدة».
لكن في الحالة الراهنة لا يبدو أن هذه الشروط قد تم استيفاؤها بما يسمح للبنان بالانسحاب بشكل أحادي من المعاهدات المبرمة مع سورية.
بدوره، قال الخبير في القانون والدستور د. سعيد مالك في تصريح إلى «الأنباء الكويتية »: «من الثابت والأكيد أنه بعد سقوط نظام الأسد أصبح بإمكان الدولة اللبنانية إعادة النظر بالمعاهدات والاتفاقيات المبرمة والموقعة بينها وبين سورية إبان احتلال الأخيرة جارها الصغير. ومن الخطأ الاعتقاد بأنها أصبحت بحكم الملغاة نتيجة رحيل الأسد عن المشهدين السياسي المحلي والإقليمي، بل يمكن كخطوة أولى إعادة النظر بها بعد انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، وبعد اكتمال تكوين السلطة في سورية، على أن يصار بعد انجاز تلك الاستحقاقات إلى عقد اجتماعات من مستوى القمة بين الحكومتين اللبنانية والسورية، للبحث بكل هذه المعاهدات بما يؤدي إما إلى إلغائها أو تعديلها أو إبقائها كما هي بنسخاتها الراهنة».
وقال ردا على سؤال: «لا يحق للسلطة الجديدة في سورية الاعتراض على فكرة الإلغاء أو التعديل على قاعدة ما كتب قد كتب، إذ انه من حق كل دولة متعاقدة مع دولة ثانية ضمن إطار معاهدة أو اتفاقية، الطلب من نظيرتها في التعاقد، إعادة النظر بالاتفافية أو المعاهدة عملا بمصالحها الوطنية. وفي حال عدم الاتفاق لابد من اللجوء إلى اتفاقية ڤيينا للمعاهدات الدولية، والتي تنص صراحة على إلغاء كل الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة بالإكراه وتحت نير الاحتلال».
وتابع: «صحيح إن الحكم استمرارية، لكن إذا ثبت أن توقيع لبنان على الاتفاقيات والمعاهدات أتى بالإكراه وتحت وطأة الاحتلال، وانه قد شكلت ولاتزال تشكل ضررا على المصالح اللبنانية، فمن حق السلطات اللبنانية، لا بل من واجبها، العمل إما على إلغاء تلك الاتفاقيات والمعاهدات، وإما على تحسينها وبالتالي تعديلها، وإما اللجوء إلى اتفاقية ڤيينا للفصل في النزاع».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الاتفاقیات والمعاهدات اتفاقیة ڤیینا إعادة النظر
إقرأ أيضاً:
المغيّبون قسرا.. طفلة سورية تنكأ جرحا نازفا بملصق
حمص- في مفارقة تبعث على الدهشة، وفي حين لا يزال الناس يحتفلون بانتظار الثورة أمام ساحة الساعة الجديدة بمدينة حمص، تشق فتاة لم تتجاوز الـ10 سنوات طريقها بينهم لتثبت ملصقا ملونا استدعى انتباه المارّة.
مشهد يرجع بالزمن للوراء 11 عاما، وتحديدا يوم 23 يوليو/تموز 2013، ليلة اختطاف والدها وشقيقها من قبل جهة مجهولة، في وقت لم تحدد أي من مؤسسات النظام المخلوع مصيرهما.
ولدت حلا دون أن تتمكن من رؤية والدها وسام خالد الأحدب (51 عاما) وشقيقها محمود (20 عاما)، وهي اليوم تصرُّ على أن والدها تم تحريره من سجن ما، في يوم ما، وأنه لسبب ما -وفقا لتقديراتها- فقد ذاكرته وضل طريقه لمنزله.
وتقول للجزيرة نت إنه من الوارد أن يفقد الأب والأخ ذاكرتيهما معا، أو أنهما يوشكان على نيل حريتهما في سجن لم تفتح أقفاله بعد. وتضيف "أريد أن أعرف ما إذا كانوا أحياء، لا بد أن يكون أحد ما قد التقى بهما"، قبل أن تمضي إلى شارع آخر لتعليق الملصق.
الطفلة حلا لم تفقد الأمل في رؤية والدها وشقيقها محمود المغيبيْن قسرا (الجزيرة) بأي ذنب خطفا؟تقول عُلا الأحدب والدة الطفلة للجزيرة نت إنها باتت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالإجابات عن أسئلة طفلتها الحتمية، وتضيف أنها لم تتردد، منذ مطلع يناير/كانون الثاني الفائت، في السفر إلى العاصمة دمشق لتبحث مع ابنتها في سجلات المعتقلين وقوائم المستشفيات عن أثر يقودها لمعرفة مصير طفلها وزوجها.
إعلانوعند سؤالها عن دوافع اختطاف زوجها وابنها، شددت الأحدب على أن زوجها لم يرتكب أي جرم، لكنها أشارت إلى أن فترة اختفائهما تزامنت مع موجة اختطافات واسعة النطاق في مناطق ريف حمص الشمالي والغربي، نجت منها قلة قليلة فقط.
وعلى امتداد 11 عاما من البحث دون جدوى، تقول "تعرضت للابتزاز بعد أكثر من عامين مقابل معلومات تفضي إلى مصيرهما، وتلقيت تهديدا بأننا سنفقدهما للأبد".
لكنها تعيش على أمل الكشف عن مصير زوجها وطفلها، "لا سيما وأن الأشخاص الذين هددوا أسرتي يعتقدون أنهم أفلتوا من العدالة".
احتفالات بسقوط نظام الأسد في ساحة الساعة الأبرز بمدينة حمص السورية (الجزيرة) ليسا الوحيدينومنذ إعلان تحرر سوريا من حكم الأسد قبل أكثر من 50 يوما، وإطلاق سراح المعتقلين من السجون والأفرع الأمنية، تضاءلت آمال مئات العائلات التي تنتظر الكشف عن مصير أبنائها المغيبين قسرا، لا سيما المخطوفين من قبل مليشيات غير نظامية أو جماعات مسلحة محلية عرفها السوريون تحت اسم اللجان الشعبية.
ووفقا لشهادات متطابقة من ناجين، قابلتهم الجزيرة نت على امتداد الأسابيع الخمس الماضية، فإن المختطِفين كانوا ينفذون جرائمهم باستخدام مركبات مدنية على مرأى من نقاط وحواجز تفتيش القوات الحكومية التي انتشرت بكثافة على المداخل الشمالية لمدينة حمص.
محمد علي (39 عاما) اختطف في طريقه إلى عمله نهاية 2014 على أيدي مليشيات محلية غير نظامية في منطقة مجهولة بحمص، وانتهى بإطلاق سراحه خلال عملية تبادل أسرى مع فصائل الجيش الحر.
وذكر علي في شهادته أنه احتجز في منزل مشدد الحراسة لمدة 10 أيام قبل إطلاق سراحه مع 13 آخرين مقابل مقاتلين اثنين أجانب، لم يتسن للجزيرة نت التحقق من جنسيتهم.
الأمر ذاته تكرر مع مهدي آغا (52 عاما) الذي قضى 8 أشهر في سجن غير رسمي خلال زيارته لشقيقته قبل أن يطلق سراحه لقاء فدية مالية تقدر بـ10 آلاف دولار.
إعلانوكما هو الحال مع عائلة وسام ومحمود، لم يتسن لعائلات مهدي آغا ومحمد علي وآخرين الإبلاغ عن مفقوديهم أو توثيق حالات الإخفاء القسري لأسباب تتعلق بغياب الأدوات والرعب من التواصل مع جهات مستقلة تضمن حمايتهم كشهود.
ومما يجعل قضية المغيبين قسرا متفاقمة على نحو كارثي، قال 4 من بين 5 أشخاص التقت بهم الجزيرة نت، إنهم لم يلجؤوا لجهات حقوقية لعدم معرفتهم بوجودها أصلا.
جرحٌ نازفوأكد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني للجزيرة نت أن "قضية حلا تشكل جرحا نازفا في القضية السورية رفقة 112 ألف مختف قسريا بعد إفراغ السجون منذ 8 ديسمبر/كانون الأول 2024".
وقال عبد الغني إن "الشبكة تبذل أقصى الجهود للكشف الكامل عن مصير المختفين قسرا ومحاسبة الجناة من خلال فتح تحقيقات مستقلة تكشف ملابسات اختفائهم وتحديد المسؤولين عن هذه الجرائم".
تبقى قضية المغيبين قسرا خارج أطر المؤسسات الأمنية والعسكرية واحدة من أكثر القضايا الشائكة التي تواجه سوريا اليوم، وبينما تواصل حلا الصغيرة بحثها عن والدها وشقيقها، تطرح السؤال الأكبر: ما الذي فعله أخي ليواجه هذا المصير؟