الجيش الإسرائيلي يواجه كارثة كبيرة.. ما هي؟
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
هزت حرب طوفان الأقصى أركان الدولة العبرية، وزعزعت ثقة الجيش الإسرئيلي بنفسه. ورغم توفر قدرات تدميرية هائلة لدى هذا الجيش، فإن طول ونتائج الحرب والمصاعب التي واجهها لحسمها سواء في قطاع غزة، أو في لبنان، دفعت قيادته لمحاولة استخلاص العبر، وتجسيدها على الأرض.
وبديهي أنّ الأمر يتعلق بنظرية وأدوات القتال بعد اختبارها ميدانيًا.
وبحسب "معاريف" فإن الحرب بينت أنه لا بديل أبدًا عن القوات البرية في ميدان القتال، حيث إن الجندي والدبابة هما مركز الحسم في كل دفاع وهجوم. كما بينت حاجة الجيش إلى عمادَيه النظامي والاحتياطي، حيث لا يمكن أن تبقى إسرائيل أمنيًا من دون قواتها الاحتياطية.
وبديهي أن هذا يعني اختفاء نظرية "جيش صغير وذكي" من المشهد الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول. ولذلك رأت "معاريف" أن الجيش الإسرائيلي يعيش حاليًا سباقًا مع الزمن؛ لإعادة بناء قواته البرية، وهذا يتضمن زيادة كبيرة في حجم عدد من القطاعات البرية، وأولها سلاح المدرعات. والسؤال هو: هل سيزداد هذا السلاح، في قوامه النظامي، بنسبة الضعف أم دون ذلك؟
إعلانوعند الحديث عن سلاح المدرعات يتم التركيز على إنتاج المئات من دبابات ميركافا "سيمان 4" التي تنتج في إسرائيل، وتتضمن الكثير من المكونات المستوردة من أميركا، وألمانيا، وبريطانيا، وغيرها. وبسبب المصاعب التي تواجه صناعات السلاح في العالم جراء حرب أوكرانيا، والصراعات المتصاعدة في مناطق أخرى، يتعذر تحقيق ذلك بسرعة ما دفع إسرائيل إلى عدم تنفيذ قرار إخراج دبابات ميركافا "سيمان 3" من الخدمة.
وهذا يعني إصلاح تلك الدبابات التي كانت ستباع بعد ترميمها إلى دول فقيرة، أو ستباع كخردة أو الاستفادة منها كقطع غيار. ولكن رغم ذلك تحتاج إسرائيل إلى كميات هائلة من قطع الغيار المطلوبة لعملية الإصلاح هذه، ولعملية ترميم مئات من الدبابات والمدرعات التي إما أصيبت أو تضررت بسبب فرط استخدامها أثناء الحرب، وبالتالي تسريع شيخوختها.
وقبيل الحرب كان الجيش الإسرائيلي يتزود ببضع عشرات من الدبابات الحديثة سنويًا ضمن خطة لتحديث أسطوله المدرع. لكن الحرب لها متطلباتها، خصوصًا في ظل الخسائر الكبيرة في المدرعات. وعدم توفر الأموال يضعف من قدرات الجيش على تلبية احتياجاته من هذه المدرعات.
إذ بات مطلوبًا من الجيش الاستعداد لحرب طويلة من جهة، ومتعددة الجبهات من جهة أخرى. وكان الجيش قد اعترف في يوليو/ تموز الماضي بوجود عجز في عديد المدرعات الجاهزة للقتال؛ بسبب كثرة ما تضرر منها في الحرب. وهكذا فإنه إذا كان الجيش يكتفي في السابق باستيعاب بضع دبابات شهريًا، فإنه حاليًا بحاجة لوتيرة أسرع بكثير.
وإلى جانب سلاح المدرعات ظهرت الحاجة في الحرب إلى تجديد وتوسيع سلاح المدفعية الذي أثبت ضرورته. ورغم التحديث الواسع لأسلحة الجيش الإسرئيلي، فإن معظم مدفعيته يعود إنتاجها إلى الستينيات، فيما تطورت أجيال جديدة من المدافع.
وتنتج إسرائيل على نطاق ضيق مدافع حديثة، لكنها غير كافية، كما أن تسريع الإنتاج في الظروف الحالية بات أصعب؛ نظرًا لحملات المقاطعة التي تتعرض لها والتي تمنع وصول مكونات أساسية من الخارج.
إعلانوالأمر نفسه يسري أيضًا على إنتاج الذخائر، حيث عانى الجيش من نقص في الذخائر المستوردة من الخارج سواء أكانت قذائف ذكية أم غبية، وحتى المواد المتفجرة الخام. وأثناء الحرب جرى الضغط على عدة شركات إسرائيلية، أبرزها شركة "البيت" لفتح خطوط إنتاج لهذه الذخائر، وخصوصًا قذائف 120 ملم للمدافع والدبابات.
وكان المراسل العسكري لـ "معاريف" آفي أشكنازي، قد نشر في نهاية الشهر الماضي، أن بين دوافع قبول إسرائيل باتفاق وقف النار، الوضع الصعب للقوات الجوية الإسرائيلية. كما أن نتنياهو ذكر في تبريراته للقبول بالاتفاق "الحاجة إلى تجديد مخزون الأسلحة والمعدات".
وأشار المراسل العسكري للصحيفة، آفي أشكنازي، إلى أن "التحدي الأكبر الذي يواجه إسرائيل في اليوم التالي لوقف إطلاق النار ليس في لبنان، بل في الولايات المتحدة، وألمانيا. تحتاج إسرائيل إلى استخدام قدرات الجيش الإسرائيلي في عمليات الشراء الضخمة لأنظمة الأسلحة والطائرات المقاتلة والمروحيات والدبابات والمدافع والصواريخ، وأنواع مختلفة من الأسلحة".
وكتبت "معاريف" أن "الوضع الأكثر خطورة الذي يجد الجيش الإسرائيلي نفسه فيه، هو تشكيل المروحيات، مع التركيز على أسراب الأباتشي. وفي موضوع التسلح أيضًا، يقوم الجيش الإسرائيلي بمراقبة كمية القنابل جو- أرض بشكل مستمر. تراكمت لدى الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية آلاف ساعات الطيران لكل طائرة خلال الحرب، وهو ما يتجاوز نمط الحياة الذي تم التخطيط له مسبقًا – والذي تسبب في شيخوخة جميع الطائرات المقاتلة التابعة للقوة. وهذا سيجبر إسرائيل على المضي قدمًا في شراء أسراب جديدة، مع التركيز على طائرات إف- 15، وإف 35".
وأوضح أشكنازي أن "جميع طائرات القوة الجوية المقاتلة، قامت بآلاف ساعات الطيران في الحرب واستنزافها كبير. الوضع الأكثر تعقيدًا هو أسراب Falcon- F15 من الطراز الأقدم.
إعلانوخلال الحرب، قدمت الولايات المتحدة بعض الطائرات المستعملة للقوات الجوية. لكن هناك حاجة ملحة للمضي قدمًا في تسليم الطائرات التي تم طلبها في وقت متأخر؛ بسبب نزوة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي أصر على دراسة الحاجة إلى تجهيز الجيش بطائرات مقاتلة.
ومن جهة أخرى، نشرت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية جانبًا من مشاكل سلاح الجو، وخصوصًا منظومة الطائرات المروحية. وقد كشفت التحقيقات الأولية في الجيش، أنه في صبيحة 7 أكتوبر/ تشرين الأول، لم تكن هناك سوى طائرتين مروحيتين قتاليتين في حالة استعداد. إذ قلص الجيش في العقد الأخير من حجم منظومة المروحيات القتالية، ولم يعد يملك سوى سربين فقط من طائرات الأباتشي.
وتحدث مطلع من لجنة فحص حجم القوات عن أنه "علاوة على النقص في المروحيات القتالية هناك نقص في ذخائر مثل صواريخ "هيل فاير"، وأيضًا في أسراب الطائرات المقاتلة ومروحيات النقل. والسبب أن ميزانية سلاح الجو تقلل عن المطلوب بـ 20% ما يحول دون التوسع في شراء الطائرات".
كما أن إسرائيل تنوي زيادة حجم ما يسمى بمنظومة الحماية المناطقية، وتحويل كتائب كانت حتى الآن تتشكل من قوات احتياطية إلى كتائب نظامية. وإضافة لذلك إنشاء وتعزيز كتائب حماية مناطقية احتياطية ملحقة بالفرق العسكرية المناطقية، خصوصًا في الشمال.
ويقول الجيش إنه أيضًا بحاجة إلى تعزيز منظومات جمع المعلومات الاستخبارية الحدودية، وزيادة حجم وعدد مجندات الرصد. وحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن من بين العبر المستخلصة في الحرب، وجوب زيادة سلاح الهندسة القتالية بنسبة عالية.
في كل حال دخل الجيش الإسرائيلي فعلًا في حالة تكثيف المشتريات لتلبية احتياجاته. وأعلنت وزارة الحرب الإسرائيلية أنه خلال عام من الحرب، زادت بشكل كبير من طلبياتها من 86 شركة إسرائيلية جديدة، ما بلغ خمسة أضعاف ما كان قبل الحرب.
إعلانوعلى كل حال من الواضح، وفق خبراء الاقتصاد الإسرائيليين، أن عبء الحرب وتكاليفها يقدران بمئات مليارات الشواقل (ما لا يقل عن 100 مليار دولار)، وأن هذا قد يعيد إسرائيل إلى زمن "العقد الضائع" الذي أعقب حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973. ويوضحون أنه في مواجهة المخاطر وحاجة الجيش إلى إعادة بناء قوته، ينبغي على حكومة نتنياهو اتخاذ القرار الصائب بخصوص الميزانية العامة، وحصة الجيش والأمن منها.
ومعروف أن ميزانية الجيش كانت تزيد عن 30 مليار دولار، وأنه سيضاف إليها متطلبات تعويض الخسائر في المعدات وإعادة ملء المخازن من الذخائر، وتلبية متطلبات توسيع القوة وتجديدها. ويذكر هنا أن أميركا تدفع لإسرائيل بموجب اتفاق المعونة العسكرية القائم حاليًا 3.3 مليارات دولار سنويًا، إضافة إلى 500 مليون لدعم مشاريع تطوير وإنتاج أسلحة محددة.
وهذا يدل على أن الجيش الإسرائيلي مقبل على مصاعب تمويلية كبيرة تتعلق ليس فقط بشراء معدات وذخائر، وإنما كذلك برواتب وتعويضات وتكاليف القوة البشرية المراد زيادتها بأعداد كبيرة.
وعلى سبيل المثال، أعلنت وزارة المالية أنها بصدد إعداد برنامج لتقليص رواتب جنود الخدمة النظامية. وبالنظر إلى أن الجيش كان على الدوام ينافس القطاع الخاص لإبقاء الكفاءات في صفوفه، فإنه بحاجة إلى زيادة الرواتب والعلاوات لضمان ذلك.
وأشارت وسائل إعلامية إلى أن آخر زيادة في رواتب القوات النظامية، تمت مؤخرًا، وأن وزارة المالية تعتبر هذه زيادة ليست صائبة، وتعمل على إيقافها. ويشكل هذا البند جانبًا فقط من الصراع الأبدي بين الجيش ووزارة المالية، وهذه المرة على ميزانية العام 2025. ونظرًا لأن مشروع الميزانية العامة يتحدث عن تقليص رواتب القطاع العام بما لا يقل عن 2.5% في 2025، و1.2% في العام 2026، فإن وزارة المالية تطالب بسريان ذلك على رواتب الجيش.
وفي الخلاصة، هناك إجماع في إسرائيل حول وجوب الاستعداد في المستقبل لحروب طويلة. فهذه هي دروس الحرب التي بينت خطأ تقليص حجم الجيش البري بشكل كبير، ما أدى إلى بروز المصاعب في القدرة على الحسم. وحسب الجنرال رون طال: "لقد ظنوا أن بالوسع كسب الحروب من الجو. لقد انهارت هذه النظرية".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
إعلان aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الطائرات المقاتلة الجیش الإسرائیلی وزارة المالیة إسرائیل إلى فی الحرب
إقرأ أيضاً:
الكشف عن الأهوال التي يتعرض لها الفلسطينيين في غزة
ألقت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، الضوء على الأهوال التي يتعرض لها الفلسطينيون فى قطاع غزة على أيدى الاحتلال الإسرائيلي، وقالت إن منظمات حقوق الإنسان تصف الوضع فى القطاع بأنه يزداد يأسا.
وقالت الصحيفة، إنه منذ شنت إسرائيل غزوها لغزة حولت عمليات القصف العسكري المدن إلى أرض قاحلة مليئة بالأنقاض، ونزح 90% من سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.1 مليون نسمة مرة واحدة على الأقل.
واشارت الصحيفة إلى أن الوضع الإنساني المتدهور على نحو متزايد أثار موجة من الإدانة اللاذعة من جانب الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية.
ونقلت الصحيفة عن فادية ناصر، وهي أرملة لجأت إلى دير البلح في وسط غزة قولها إنها لم تقتات على شيء سوى شطيرة صغيرة من الأعشاب في وجبة الإفطار وطماطم تتقاسمها مع ابنتها في وجبة الغداء على مدى الأسابيع القليلة الماضية.
وعلى بعد أحد عشر ميلاً في مخيم في جنوب غزة، يقول سعيد لولو، الذي اعتاد إدارة كشك قهوة صغير في مدينة غزة، إنه يعاني من آلام بسبب مرض الكلى ولكنه لا يستطيع الوصول إلى المياه النظيفة التي يقول الأطباء إنه يجب أن يشربها لمنع حالته من التدهور.
وتقول الصحيفة إن الحرب في غزة تحرم الأطفال من آبائهم والآباء من أطفالهم، وتقوض النظام الطبيعى للأمور وتدمر الوحدة الأساسية للحياة فى غزة، كما تتسبب الحرب فى أعداد هائلة من الأيتام فى حالة من الفوضى، لا تستطيع أى وكالة أو جماعة إغاثة إحصاءها.
ونقلت الصحيفة عن عاملين في المجال الطبي قولهم إن الأطفال يُترَكون يتجولون في ممرات المستشفيات ويدافعون عن أنفسهم بعد أن يتم نقلهم إلى هناك وهم ملطخون بالدماء وحيدين، “طفل جريح، لا أسرة على قيد الحياة”، كما تصفهم بعض المستشفيات.
وباستخدام طريقة إحصائية مستمدة من تحليل حروب أخرى، يقدر خبراء الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن 19 ألف طفل يعيشون الآن بعيدا عن والديهم، سواء مع أقاربهم أو مع مقدمي الرعاية الآخرين أو بمفردهم. لكن الرقم الحقيقي ربما يكون أعلى.
ويقول جوناثان كريكس، المتحدث باسم اليونيسف إن الحروب الأخرى لم تشهد هذا القدر من القصف وهذا القدر من النزوح في مثل هذا المكان الصغير والمزدحم، مع وجود نسبة عالية من الأطفال.
ورصدت الصحيفة تأثير حرب غزة على الآلاف من الأطفال الفلسطينيين الذين أصبحوا أيتاما بعد أن فقدوا آبائهم جراء العدوان الإسرائيلى المستمر منذ أكثر من عام على القطاع، وأشارت إلى تدخل أقارب هؤلاء الأطفال وموظفى المستشفيات والمتطوعين لرعايتهم، حيث تعرض بعضهم لإصابات بجروج وصدمات نفسية وتطاردهم ذكريات والديهم.
إهلاك اجيال
وقالت الواشنطن بوست إنه تم منع أكثر من 10 آلاف مريض يحتاجون إلى إجلاء طبي عاجل من مغادرة غزة منذ بداية الحرب، وكذلك صرّحت وزارة الصحة الفلسطينية إن ما يقرب من 1000 مسعف استشهدوا في غزة في العام الماضي فيما وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه خسارة لا يمكن تعويضها وضربة قوية للنظام الصحي.
وخلص التقرير إلى أن الهجمات على المرافق الطبية في غزة، خاصة تلك المخصصة لرعاية الأطفال وحديثي الولادة، أدت إلى معاناة لا تُحصى للمرضى الأطفال، بما في ذلك الأطفال حديثي الولادة.
وبمواصلتها لهذه الهجمات، انتهكت إسرائيل حق الأطفال في الحياة، وحرمتهم من الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وفرضت عمداً ظروفاً معيشية يقصد بها إهلاك أجيال من الأطفال الفلسطينيين.