الثورة نت:
2025-01-04@14:31:58 GMT

جيل يُمحى .. تقرير يوثق إبادة الاحتلال لأطفال غزة

تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT

جيل يُمحى .. تقرير يوثق إبادة الاحتلال لأطفال غزة

الثورة /متابعات

سلط تقرير حقوقي أصدره المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الضوء على مأساة الأطفال الفلسطينيين نتيجة الإبادة الجماعية الإسرائيلية.

وجاء التقرير تحت عنوان ” جيل يمحى: أطفال غزة في أتون الإبادة الجماعية،”، وركز على جريمة الإبادة الجماعية الممنهجة والمقصودة التي ترتكبها إسرائيل بحق الأطفال في قطاع غزة، بما في ذلك القتل، الإيذاء الجسدي والنفسي الجسيم، وإخضاعهم لظروف معيشية تهدف إلى تدميرهم ماديًا ومعنويًا، مع التأكيد على غياب المساءلة الدولية ودور الدعم الغربي والتقاعس الدولي في استمرار هذه الجريمة بحقهم.

ووصف المحامي راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، جرائم الإبادة الجماعية بحق الأطفال قائلاً: “استهدفت هجمات الاحتلال القتل العمد للأطفال من خلال استهداف الأماكن السكنية ومراكز الإيواء، ما جعل الأطفال يشكلون النصيب الأكبر في القتل، حيث بلغ عددهم نحو 17 ألف طفل حتى الآن.

كما انتهجت قوات الاحتلال – وفق الصوراني- سياسة التجويع عبر منع الطعام والماء عنهم وعن أسرهم، مع تفاقم معاناتهم بشكل خاص لدى الأطفال والنساء الحوامل.

وأدى التدمير الواسع للمنازل إلى تهجير نحو مليوني شخص من قطاع غزة، مما جعلهم بلا مأوى في برد الشتاء وحرارة الصيف. كما تم تدمير المستشفيات ومنع العلاج والدواء والتطعيم، وتدمير المدارس ومنع التعليم. كل ذلك ضمن سياسة منهجية وتخطيط ممتد، مما يجعل إسرائيل وجيشها المحتل بلا شك الجيش الأكثر سقوطًا أخلاقيًا في العالم، والعدو الأول للأطفال على الصعيد الدولي، والدليل القاطع على ممارستها قولا وفعلا لجريمة الإبادة الجماعية، وفق الصوراني.

ويمثل أطفال قطاع غزة، بعد السابع من أكتوبر 2023، ضحايا مباشرين لجريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال بوحشية غير مسبوقة. فقتل الأطفال، وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي الجسيم بهم، وإخضاعهم لظروف معيشية قاسية تُدمِّر حياتهم، لا يمكن عدّه مجرد تبعات جانبية للهجمات العسكرية، بل هو جزء من استراتيجية ممنهجة تهدف إلى محو الهوية الفلسطينية والقضاء على الأجيال القادمة.

قتل الأطفال

ووفق التقرير؛ منذ السابع من أكتوبر 2023، أصبح أطفال غزة ضحايا مباشرين لجريمة الإبادة الجماعية، بدءًا بـفعل “القتل”، الذي تُنفّذه قوات الاحتلال الإسرائيلي بوحشية متعمدة وبنية واضحة لاستهدافهم كجزء من هذه الإبادة. فقد أكدت تصريحات القيادات الإسرائيلية هذا التوجه بوضوح، حيث أشار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى قصة التوراتية حول تدمير العمالقة على يد الإسرائيليين، في رسالة وجهها إلى الجنود والضباط الإسرائيليين قائلاً: “الآن اذهب، هاجم عماليق، وأحرم كل ما يخصه. لا تشفق على أحد، بل اقتل الرجال والنساء، الأطفال والرضع، الثيران والأغنام، الجمال والحمير.”.

ومنذ بداية الهجمات الإسرائيلية، استشهد أكثر من 17,000 طفل في قطاع غزة، بمعدل طفل كل عشر دقائق. وهذه الإحصائية لا تشمل الوفيات الناتجة عن الأمراض والجوع والأوبئة.

وقد أكد توثيق المركز لفعل القتل في شهادات قتل الأطفال، والتي ذكر بعضها في التقرير، على الاستهداف الممنهج والواسع النطاق للأطفال.

فقد أبرز أن أشلاء الأطفال الممزقة تُجمع في أكياس، وتُحرق أجسادهم الحية بفعل النيران المتعمدة. ويلقى العديد منهم حتفهم أثناء نومهم في لحظات من الأمان الزائف، أو خلال محاولاتهم المحفوفة بالمخاطر للحصول على المساعدات الإنسانية، أو أثناء نزوحهم عبر الطريق الذي ادعى الجيش الإسرائيلي أنه آمن. كما يقتل الأطفال جراء استهداف المستشفيات، مما يؤدي إلى تعطيل أجهزة الأوكسجين بسبب انقطاع الكهرباء، فتتحول الحاضنات إلى مقابر صامتة لهم. هذه الشهادات ليست سوى نماذج من الجرائم المنهجية والواسعة النطاق التي يتعرض لها الأطفال في غزة، في ظل غياب أي تمييز بين المدنيين وتقاعس المجتمع الدولي عن محاسبة الجناة.

إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير

في سياق الفعل الثاني من أفعال جريمة الإبادة الجماعية، يتطلب قيام المسؤولية أن يكون الجاني قد تعمد إلحاق أذى جسدي أو عقلي بليغ بأحد أفراد المجموعة، بحيث يكون الضرر ناتجًا عن قصد واضح.

ويُعرَّف الأذى الجسدي البليغ، وفقًا للاجتهادات القضائية الدولية، بأنه يشمل الأذى الجسيم الذي يلحق بالصحة، مثل التشويه أو الإصابات الخطيرة التي تصيب الأعضاء، والتي تؤدي إلى تدمير أو عجز دائم، أو تُسبب تأثيرات بالغة على الحالة البدنية أو النفسية للضحية.

وقد وثّق المركز الحقوقي إصابات جسيمة ومروّعة تعرّض لها أطفال قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي والانفجارات الهائلة. شملت هذه الإصابات فقدان الأطراف، وتشوهات حادة في الوجه ناجمة عن إصابات مباشرة أو حروق بالغة.

كما سُجّلت إصابات في العمود الفقري أدت إلى الشلل الكامل أو العجز الحركي، بالإضافة إلى إصابات دماغية خطيرة أثّرت على القدرات الإدراكية والسلوكية للأطفال. وإلى جانب ذلك، عانى العديد من الأطفال من إصابات في العين تسببت في فقدان البصر كليًا أو جزئيًا، ما أدى إلى إعاقة قدرتهم على التعلم والمشاركة في الأنشطة اليومية.

هذه الإصابات والتشوهات المدمّرة لا تقتصر على الأذى الجسدي وحده، بل تمتد لتغرس آثارًا نفسية واجتماعية عميقة تعيق تعافي الأطفال وتحدّ من قدرتهم على العيش بكرامة وبشكل طبيعي. وتعد إصابات بتر الأطراف للأطفال الأعظم في أي صراع مسجل في الحروب الحديثة، حيث يترك أثرًا دائمًا لا يمكن تجاوزه على حياتهم اليومية ومستقبلهم.

هذه المعاناة تمتد طوال حياتهم، وتجعلهم يعيشون تحت وطأة تجربة مريرة لا تفارقهم، خاصة أولئك الذين باتوا يعانون من إعاقة دائمة تحرمهم من أبسط حقوقهم في حياة طبيعية ومستقرة.

اعتقالات تعسفية

ومن جانب آخر، وثّق المركز تعرض أطفال غزة لاعتقالات تعسفية يتعرضون خلالها لأساليب تعذيب قاسية وغير إنسانية. يبدأ التعذيب بترهيب الأطفال باستخدام الكلاب البوليسية، وتكبيلهم، وعصب أعينهم لساعات طويلة، قبل نقلهم إلى مراكز احتجاز تفتقر لأبسط مقومات الكرامة. هناك، يواجهون تعذيبًا جسديًا ونفسيًا، يشمل الضرب الوحشي، وإطفاء السجائر على أجسادهم، والإجبار على الوقوف في أوضاع مؤلمة مع الحرمان من النوم والطعام. تترك هذه التجارب آثارًا نفسية طويلة الأمد، بما في ذلك القلق، والاكتئاب، واضطرابات ما بعد الصدمة، مما يعيق فرصهم في بناء مستقبل مستقر.

وأوضح التقرير أن الأذى النفسي الجسيم، لا يتطلب بالضرورة حدوث اعتداء جسدي، وهو يتجاوز الأعراض الضعيفة، ويتطلب تأثيرًا طويل الأمد على قدرة الفرد على العيش بشكل طبيعي. ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن هذا الضرر ليس شرطًا أن يكون دائمًا أو غير قابل للعلاج.

ووثّق المركز شهادات مؤلمة تكشف حجم الأذى النفسي الجسيم الذي يُلحقه الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر بالأطفال. وتشمل هذه الشهادات معايشتهم لمشاهد العنف والدمار المروّعة الناتجة عن الهجمات العسكرية، وفقدان الأهل والأحباء في ظروف مأساوية تفطر القلوب، فضلاً عن التهجير القسري المتكرر في أوضاع لا تراعي أدنى مقومات الكرامة الإنسانية. هذه التجارب المروّعة تترك ندوبًا نفسية عميقة ويحد من عيشهم بشكل طبيعي.

إخضاعهم لظروف معيشية مدمرة

الفعل الثالث من أفعال الإبادة الجماعية يتمثل في فرض ظروف معيشية تهدف إلى التدمير التدريجي لجماعة معينة جسديًا، دون القتل الفوري. وقد ارتكبت دولة إسرائيل هذا الفعل من أفعال الإبادة الجماعية بشكل متعمد، حيث أخضعت سكان قطاع غزة، بما في ذلك الأطفال، لظروف مروعة تهدف إلى تدميرهم ماديًا بشكل كامل.

وصرح العديد من المسؤولين الإسرائيليين بنواياهم الواضحة في هذا السياق، منهم وزير الجيش الإسرائيلي، في حينه، يوآف غالانت الذي صرح قائلاً: “قطاع غزة لن يعود كما كان أبدًا، سنقضي على كل شيء وسيتغير الوضع 180 درجة إلى الوراء.” وتؤكد هذه التصريحات وغيرها بوضوح على نية المسؤولين الإسرائيليين تدمير جماعة سكان قطاع غزة بأكملها، بما في ذلك الأطفال الأبرياء.

وفرضت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر، على سكان قطاع غزة ظروفًا معيشية قاسية تهدف إلى إلحاق دمار تدريجي بالسكان، ما يعادل الموت البطيء.

التجويع

تجلت هذه السياسات الممنهجة -حسب التقرير – في استخدام التجويع كسلاح حرب، وحرمان أطفال غزة من العلاج الطبي الضروري والمساعدة الإنسانية الكافية.

كما تعمدت إسرائيل نشر الأوبئة والأمراض المعدية نتيجة انهيار البنية التحتية الصحية، مع فرض التهجير القسري للسكان تحت ظروف إنسانية مروعة شملت انعدام الغذاء والرعاية الطبية والمأوى. علاوة على ذلك، حُرم أطفال غزة من حقهم الأساسي في التعليم، مما يعمّق الأثر المدمر على حاضر ومستقبل الأجيال القادمة في القطاع.

ووفق التقرير؛ يُعد الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل أو المرضعات الأكثر عرضة لخطر سوء التغذية، بسبب حاجتهم المتزايدة للعناصر الغذائية في فترات نموهم الحساسة. حتى إذا نجا الطفل من سوء التغذية الحاد، فإن التأثيرات الصحية تكون طويلة الأمد، حيث يعاني من تقزم وتأخر في النمو العقلي والجسدي، بينما يؤدي سوء التغذية الحاد إلى الهزال، مما يعرض حياته للخطر. وتزيد احتمالات وفاة الأطفال الذين يعانون من التقزم والهزال، حيث تكون أجسامهم أضعف في مواجهة الأمراض.

ومنذ بدء سياسة التجويع الممنهجة التي تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة، فقدت حياة 27 طفلاً، علماً بأن العديد من هذه الحالات لا تُوثق في المستشفيات.

ومنذ منتصف يناير 2024، فحص أكثر من 319 ألف طفل في غزة، وشخصت حالة حوالي 22 ألف حالة سوء تغذية حادة، والعشرات منهم يواجهون مضاعفات طبية تهدد حياتهم ومن جانب آخر، رافق تدمير قوات الاحتلال للمرافق الصحية في غزة سياسة تهدف إلى منع سفر المرضى والجرحى لتلقي العلاج، بما في ذلك الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية مستمرة مثل مرضى السرطان والفشل الكلوي وذوي الإعاقة. كما ارتفع عدد الجرحى بشكل كبير، مما دفع الأطباء إلى فرز الحالات الطارئة بسبب الضغط على النظام الصحي ونقص الموارد، تاركين العديد من الأطفال في مواجهة موت بطيء.

وشدد المركز الحقوقي على أن التهجير القسري – بحد ذاته – لا يُعد إبادة جماعية، لكنه يصبح كذلك عندما يُرافقه حرمان الأفراد من الغذاء والرعاية والمأوى، ما يؤدي إلى تدميرهم جسديًا.

وبين أنه في غزة، أجبرت العمليات العسكرية 1.9 مليون شخص، نصفهم أطفال، على النزوح القسري دون توفير أي ملاذ آمن. حتى المناطق التي زعم الجيش الإسرائيلي أنها “آمنة” تحولت إلى أهداف للقصف، ما جعل غزة بأكملها بلا مأوى يحمي سكانها.

وتعيش العائلات في ظروف مأساوية، سواء في العراء، أو مبانٍ مهجورة، أو خيام مؤقتة، أو مراكز إيواء مكتظة، حيث تفتقر جميعها إلى مقومات الحياة الأساسية مثل الطعام والمياه النظيفة. ويفاقم هذا الوضع النقص الحاد في النظافة وأدوات التعقيم، مما أدى إلى تفشي الأمراض وسط انعدام شبه كامل للرعاية الطبية، خصوصًا للأطفال. إلى جانب ذلك، يعاني الأطفال من قسوة الطقس، إذ يُجبرون على تحمل حرارة الصيف وبرودة الشتاء، ويضطرون لجمع الحطب أو البحث عن مياه غير صالحة للاستخدام تحت تهديد القصف. هذه الظروف تجسد التدمير البطيء كجزء من سياسة الإبادة الجماعية التي تستهدف سكان غزة.

الحرمان من التعليم

وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية على غزة منذ أكثر من عام، مستهدفة المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المؤسسات التعليمية، بشكل منهجي.

تسبب هذا الاستهداف في حرمان مئات الآلاف من الطلاب من حقهم الأساسي في التعليم، مع تدمير المدارس وقتل آلاف الطلاب والمعلمين، مما يهدد مستقبل جيل كامل ويخلّف أثرًا مدمرًا طويل الأمد على حقوق الأطفال في التعليم والتعبير.

وحتى 9 نوفمبر 2024، استشهد 12,700 طالب و750 معلمًا وموظفًا تربويًا، فيما تعرضت 92.9٪ من المدارس لأضرار، و84.6٪ منها تحتاج إلى إعادة بناء أو إصلاحات كبيرة. أُغلقت المدارس أمام 625 ألف طالب، مما حرم 39 ألفًا من إجراء امتحانات التوجيهي، وحال دون بدء 45 ألف طفل في عمر السادسة عامهم الدراسي الأول.

وحذر خبراء أمميون من أن تدمير البنية التعليمية في غزة يشكل تهديدًا مباشرًا للمعرفة والهوية الفلسطينية، مع انعدام كامل للأمان. حتى مع وقف إطلاق النار وإعادة البناء الفورية، يُتوقع أن يخسر الطلاب عامين دراسيين، وقد تصل الخسائر إلى خمس سنوات إذا استمر الصراع حتى 2026 .

ورغم محاولات إطلاق التعليم الافتراضي، تواجه هذه المبادرات تحديات كبرى بسبب النزوح المستمر، وانعدام الأمان، ونقص الكهرباء والإنترنت، والجوع المتفشي. بالإضافة إلى ذلك، يعاني مليون طفل من آثار نفسية واجتماعية خطيرة، مثل الصدمات، وفقدان الأحبة، والقلق المزمن، مما يهدد تطورهم وسلوكهم، ويزيد من خطر التسرب الدراسي، والعمل القسري، والزواج المبكر.

 

*المركز الإعلامي الفلسطيني

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة قوات الاحتلال ظروف معیشیة الأطفال فی الجماعیة ا بما فی ذلک العدید من أطفال غزة إلى تدمیر قطاع غزة تهدف إلى ق المرکز فی غزة جسدی ا

إقرأ أيضاً:

تقرير حقوقي: الاحتلال على وشك القضاء على المرافق الصحية في قطاع غزة

وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا رسائل إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إضافة إلى عدد من حكومات الدول المختلفة طالبت فيها بتحرك عاجل لوقف استهداف القطاع الصحي في غزة، والتحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق العاملين في المجال الصحي والمرافق الطبية، في أعقاب استهداف الاحتلال لمستشفى كمال عدوان في شمال القطاع وارتكاب واحدة من أبشع المجازر منذ بداية الحرب الحالية.

وأوضحت المنظمة، في بيان لها اليوم أرسلت نسخة منه لـ "عربي21"، أن الهجوم الإسرائيلي على مستشفى كمال عدوان، الذي يمثل شريان الحياة الأخير في شمال غزة، أجبر المرضى على إخلاء المستشفى تحت ظروف غير إنسانية، فضلًا عن اعتقال الطواقم الطبية، وعلى رأسهم مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية الذي تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله من قبل جنود الاحتلال وفقًا لشهادات شهود عيان، حيث تم جلده بسلك كهربائي، وإجباره مع آخرين من الطاقم الطبي على خلع ملابسهم أثناء التحقيق الميداني في منطقة الفاخورة.

وحذرت المنظمة من أن يلقى الدكتور حسام أبو صفية، وبقية الأطباء المعتقلين، ذات المصير الذي واجهه الدكتور عدنان البرش، الذي قُتل في مايو/أيار 2024 نتيجة التعذيب الشديد داخل سجن عوفر الإسرائيلي، بعد أكثر من أربعة أشهر من اعتقاله مع مجموعة من الأطباء أثناء عملهم في مستشفى العودة شمال غزة.

وأكدت المنظمة أن ما حدث في مستشفى كمال عدوان يُشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر استهداف المرافق الطبية والعاملين فيها، مشددة على أن هذه الأفعال هي جرائم حرب دون أي مجال للشك تستوجب فتح تحقيقات عاجلة ومحاسبة المتورطين فيها.

وأوضحت المنظمة في رسائلها حجم الدمار الذي حل بالقطاع الصحي في غزة والاستهداف المتعمد للمرافق الصحية والطواقم الطبية منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي تسبب في تدمير أو تعطيل 21 مستشفى و86 مرفقًا صحيًا، وقتل أكثر من 1062 من العاملين في المجال الصحي، بمن فيهم 135 عالمًا وأكاديميًا في المجال الطبي، وذلك وفقًا لتقارير صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنظمة الصحة العالمية، ووزارة الصحة في غزة.

وطالبت المنظمة في رسائلها بالتحرك العاجل لضمان الإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور حسام أبو صفية وجميع المعتقلين من الطواقم الطبية، وضمان تسهيل إيصال الإمدادات الطبية والوقود وضمان وصول الفرق الطبية الطارئة دون أي عوائق.

وشددت المنظمة على ضرورة فتح تحقيق دولي مستقل في الجرائم الممنهجة التي يتعرض لها القطاع الصحي في غزة ومحاسبة المسؤولين عنها، وإرسال مراقبين دوليين إلى قطاع غزة لتوثيق هذه الجرائم التي تطال المرافق الصحية وحمايتها من أي اعتداءات مستقبلية.

كما أكدت المنظمة على أن استمرار الإبادة الجماعية التي طالت المرافق الصحية في قطاع غزة يعكس حملة للقضاء على النظام الصحي بأسره، وحرمان السكان من حقهم الأساسي في تلقي العلاج، مشددة على أن أي تقاعس دولي عن التحرك في هذا الوقت الحرج سيسهم في اكتمال الابادة كما يخطط لها الاحتلال، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف جاد وعاجل لوقف هذه الإبادة غير المسبوقة في التاريخ الحديث.

وكانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، قد أكدت أول أمس الثلاثاء، أن التدمير الإسرائيلي "المتعمد" للمرافق الصحية في قطاع غزة "يرقى إلى شكل من أشكال العقاب الجماعي، ويشكل جريمة حرب".

جاء ذلك في تقرير للمفوضية أوضحت فيه أن "نمط الاعتداءات الإسرائيلية المميتة على مستشفيات غزة ومحيطها، دفع بنظام الرعاية الصحية إلى شفير الانهيار التام، وأثر بشكل كارثي على قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى الرعاية الصحية والطبية"، وفق ما ذكره موقع "أخبار الأمم المتحدة".

وأفاد التقرير بأن "الاعتداءات التي تم توثيقها بين 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و30 يونيو/ حزيران 2024، تثير مخاوف جدية بشأن امتثال إسرائيل للقانون الدولي".

وفي التقرير، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن "القصف المتواصل والوضع الإنساني المتردي في غزة لم يكونا كافيين، حيث أمسى الملاذ الوحيد الذي يجدر أن يشعر فيه الفلسطينيون بالأمان (المستشفيات)، مصيدة للموت".

وأكد أن "حماية المستشفيات أثناء الحرب أمر بالغ الأهمية، وعلى جميع الأطراف أن تحترم هذا المبدأ في جميع الأوقات".

وقالت المفوضية في التقرير إن "الدمار المروع الذي أحدثته الهجمات العسكرية الإسرائيلية على مستشفى كمال عدوان الجمعة الماضي، يعكس نمط الهجمات الموثقة في التقرير".

وأوضح التقرير أن الموظفين والمرضى في المستشفى "أُجبروا على الفرار أو تعرضوا للاعتقال، مع وجود العديد من التقارير التي تتحدث عن تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة. كما تم اعتقال مدير المستشفى والذي لا يزال مصيره ومكانه غير معلومين".

ودعا تورك إلى إطلاق فوري لسراح جميع أفراد الطواقم الطبية المعتقلين تعسفيا، وفق الموقع.

ومنذ بدء الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، يستهدف الجيش الإسرائيلي القطاع الصحي في القطاع ويقصف ويحاصر المستشفيات وينذر بإخلائها، ويمنع دخول المستلزمات الطبية خاصة في مناطق شمال القطاع التي اجتاحها مجددا في 5 أكتوبر الماضي.

وكان آخر الاعتداءات الإسرائيلية على المنظومة الصحية في غزة الجمعة، اقتحام مستشفى كمال عدوان شمال القطاع، وإضرام النار فيه وإخراجه عن الخدمة، واعتقال أكثر من 350 شخصاً كانوا بداخله، بينهم الكادر الطبي وجرحى ومرضى، والمدير حسام أبو صفية.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت نحو 154 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

إقرأ أيضا: ارتفاع حالات الانتحار في جيش الاحتلال بسبب حرب غزة.. هذه حصيلة خسائره (أرقام)

مقالات مشابهة

  • نائبة بالشيوخ الكولمبي: إسرائيل تواصل حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة
  • «خبير»: مصر تحركت لوقف جرائم الاحتلال منذ اليوم الأول من العدوان على غزة
  • وقفة احتجاجية في تعز تنديدا بجرائم الإبادة الجماعية في غزة
  • هل أصبح الصمت العالمي والعجز العربي شريكين في معاناة غزة؟
  • “حماس”: قدمنا كل المرونة للوصول لاتفاقات وطنية لإنقاذ غزة من الإبادة الجماعية
  • حماس: تخاذل المجتمع الدولي وإخفاق أخلاقي.. لن يغفره التاريخ
  • تقرير حقوقي: الاحتلال على وشك القضاء على المرافق الصحية في قطاع غزة
  • الوطني الفلسطيني: استهداف النازحين في مواصي خان يونس إمعان بجريمة الإبادة الجماعية
  • خلال 2024.. تقرير يوثق 98 انتهاكا ضد الحريات الإعلامية في اليمن